الأخبار

باسم يوسف يعود إلى الشاشة في مصر ويثير جدلا سياسيا

 

 

145

عد غياب استمر أربعة أشهر، أطلّ الإعلامي الساخر باسم يوسف من جديد ليثير بجرأته المعهودة جدلا سياسيا بين المصريين. وعلى الرغم من حظر التجوال، الذي يبدأ في السابعة مساء بتوقيت القاهرة، كانت المقاهي داخل الأحياء مكتظة بالمشاهدين الذين تجمعوا لمتابعة برنامجه «البرنامج»، بينما كان كثيرون يتساءلون: «هل سيجرؤ على انتقاد الجيش؟».
إلا أن يوسف الذي عُرف بإتقانه فن السخرية، وامتلاكه الموهبة، وتفننه في استخدامها بحيادية، من دون أن يضع نفسه في إطار محدد، أو تحت أي «اسم سياسي»، ظهر، أمس، برشاقة روحه، واقتنص التعابير والتصاوير التي صوّرت الواقع العربي والمصري، خصوصا بكل شفافية، لكنه، مع ذلك، أثار غضب الشارع المصري، لأنه تناول كبار المسؤولين، وعلى رأسهم قائد الجيش الفريق أول عبد الفتاح السيسي، كذلك زاد جرعة ما عدّه قطاع من المشاهدين «التلميحات اللفظية الإباحية» في البرنامج. وربما نسوا أن فن السخرية يطال جميع الأطراف السياسية، بأسلوب فكاهي يوظف المبالغة في تصوير الأحداث، فيضحك المشاهدين، ولا يسقط الأنظمة.
ومن ناحية أخرى، علق الإعلامي المصري البارز تامر أمين، في حديث لـ«الشرق الأوسط» قائلا: «توقيت العودة كان يمكن أن يكون أفضل».
وعلى أثر الحلقة، تقدم نشطاء يدعمون ترشح قائد الجيش للرئاسة، اليوم (السبت)، بأربعة بلاغات ضد المذيع باسم تتهمه بالإساءة إلى الجيش وإشاعة الفوضى في البلاد.
وقال المستشار أحمد الفضالي، أحد مقدمي البلاغات، إنه طالب النائب العام بالتحقيق مع يوسف، لأنه «أساء لمصر».
ومثلما هاجم «الإخوان» يوسف، واعتبروه خصما خطيرا بسبب انتقاداته اللاذعة لهم واستقطابه أعدادا كبيرة من الشعب المصري الرافض لحكمهم، أثار، أمس، غضب كثيرين من مؤيدي الفريق أول السيسي، الذين عدّوه داعيا للفتنة، ومهينا للرئيس وللجيش ولمصر. ولكن، أمس، لم يكن باسم طرفا مع أو ضد، بل عرض بطريقة ساخرة السجال بين أنصار مرسي ومؤيدي الجيش، حول ما إذا كانت الإطاحة بمرسي ثورة أم انقلابا، فقال وكأنه يتحدث بلسان جماعة الإخوان المسلمين: «عندما تحلم بالسلطة لمدة 80 عاما وتخسرها في لحظة، فإنه انقلاب»، ثم في المقابل يتقمص فورا بعد ذلك شخصية بعض النشطاء الذين يصفون ما حدث بأنه «انقلاب ناعم»، فيقول، ممسكا بزهرة حمراء في يده: «مرسي حبيبي لم تعد رئيسا، ليست هذه غلطتنا، بل غلطتك أنت».
ويسخر الإعلامي الشهير بعد ذلك من السلطات الجديدة، بدءا من الرئيس المؤقت عدلي منصور، الذي يبدو أن أحدا لا يتذكر اسمه، في حين يمجد كثيرون الفريق أول السيسي إلى درجة أن متجرا لبيع الحلويات صنع نوعا من الشوكولاته أطلق عليه «شوكولا السيسي».
ولكن الضحك على «هوس السيسي»، الذي أصاب بعض المصريين لم يعجب الجميع. خصوصا، كما يقول المسؤول السابق في المخابرات المصرية اللواء متقاعد سامح سيف اليزل، إن عشرات الجنود ورجال الشرطة قتلوا في هجمات تضاعفت أخيرا ضدهم. وعلى موقع «فيس بوك»، كتب سيف اليزل تعليقا على أولى حلقات باسم يوسف: «لقد هالني ما شاهدته وسمعته من إسفاف وتلميحات جنسية فاضحة وتعليقات لم يجانبها (يحالفها) التوفيق على قيادات القوات المسلحة، وصلت إلى حد الإساءة الواضحة. بل ما اعتبرته هجوما مباشرا على القائد العام للقوات المسلحة، مما يصب بكل تأكيد في صالح جماعة الإخوان المسلمين ومن يساندونهم، خاصة أن هذا البرنامج يحظى بنسبة مشاهدة عالية على المستويات المحلية والعربية بل، والدولية، لدى الجاليات المصرية والعربية المقيمة بالخارج ما يسيء إلى ثورة الثلاثين من يونيو والقوات المسلحة التي ساندتها».
وفي مقهى بحي المقطم، حيث كان مقر قيادة جماعة الإخوان المسلمين قبل الإطاحة بمرسي، قال رامي عادل وهو موظف في أحد البنوك: «يبدو أن باسم يوسف لا هدف له إلا السخرية من النظام القائم»، مضيفا أنه «لا يريد إلا الإضرار بصورة السيسي والجيش. هذا شيء فظيع».
وأضاف الإعلامي أمين قائلا: «أقدر المأزق الذي يواجهه باسم وطاقم برنامج (البرنامج)، لأن على المقدم أن يقيس مزاج الشارع في ضوء المرحلة التي يعيشها. وأعتقد أنه كان يجب على باسم أن يتأنى في وقت الظهور، لأننا نعيش مرحلة حساسة لا تترك حيزا للإعلام الساخر، والمشاهد المصري غير مستعد لها حاليا، إذ لا يريد من أحد أن يسخر من حلمه. ولكن في النهاية برنامج باسم مجرد حالة كوميدية ساخرة يجب أن نتقبله على هذه الصورة، وكما هي، من دون أي تهويل للأمر»، ويكمل أمين: «في رأيي أن المشكلة ستختفي في غضون ثلاث أو أربع حلقات، ولكن على باسم وفريق الإعداد أن يراعوا المرحلة السياسية والوضع الحساس الذي يعيشه الشارع المصري حاليا».
أما أحمد عبد العليم الذي كان يتابع «البرنامج» في المقهى نفسه فوجد أن الحلقة كانت «رائعة»، وأن باسم يوسف «نجح في تلخيص ما يحدث على الساحة السياسية المصرية بشكل موضوعي وشجاع». قال: «لقد انتقد الجميع حتى السيسي، ولا أحد يجرؤ على ذلك».
ومن جانبه، أبدى يوسف استغرابه من مهاجمة قطاعات من المصريين له، بعد أن كانت تصفّق لبرنامجه في عهد مرسي.
وكتب على حسابه على «تويتر» اليوم قائلا: «تقول الأسطورة إن الشعب المصري ابن نكتة ويتقبل السخرية. هذا صحيح لكن أضف للجملة (اللي على مزاجه فقط)»، أي فقط تلك التي تستهويه.

 

الشرق الاوسط

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى