الأخبار

نصائح إسرائيلية لـ«أوباما» فى «معركة داعش»

45

 

 

لم يكن باراك أوباما حتى فى كوابيسه يرى نفسه فى وضع يحارب فيه تنظيماً مثل «داعش» الإرهابى، لكن الظروف لم تترك له خياراً آخر، إذ يوشك «أوباما» أن يسجل باسمه، فى غير مصلحته، حرباً جُر إليها مرغماً، خرج بها عن سياساته المعهودة عندما عارض الحرب فى العراق، وخطب فى ميادين شيكاغو، زاعماً أنه هو نفسه لا يعارض الحروب من حيث المبدأ، بل يعارض فقط الحروب غير العادلة، وكان آنذاك ضمن الـ20 بالمائة الذين عارضوا الحرب، وبعد بضع سنين وجد «أوباما» نفسه مضطراً لقيادة الجيش الأمريكى إلى العراق مرة أخرى، وإلى سوريا أيضاً لكن بصورة أقل، ولم يدع له رجال «داعش» خياراً. هذا ملخص ما كتبه إبراهام بن تسفى فى جريدة «هآرتس»، فى محاولة يائسة لإنصاف «أوباما» وتقدير موقفه، إلا أن الإدارة الإسرائيلية وعلى رأسها بنيامين نتنياهو كان لها موقف آخر من الرئيس الأمريكى.

ورغم التزاوج الرسمى بين أمريكا وإسرائيل فى حربهما على «داعش»، فإن هناك خلافات سياسية نشأت الأسابيع القليلة الماضية بين إدارتى «أوباما» و«نتنياهو» تتعلق بالسياسة الأمريكية تجاه «داعش» التى تنتقدها إسرائيل فى الجلسات السرية وتفخر بها فى العلن، وحسب وجهة النظر الإسرائيلية، فإن أمريكا هى المسئول عما وصل له «داعش» من قوة ونفوذ بسبب سياستها المائعة خلال الفترة الماضية فى الشرق الأوسط، بعد أن فتح «نتنياهو» النار أكثر من مرة على «أوباما»، وكان طبيعياً جداً أن يخرج الكتاب والساسة الإسرائيليون ليقدموا نصائحهم لـ«أوباما» ويملون عليه «روشتة» الحرب على «داعش».

وكتب المحلل الإسرائيلى دان مرغليت بعض النصائح لـ«أوباما» فى حربه على «داعش»، قائلاً: «المشكلة التى تواجه الحكومات منذ عام هى: هل تستعمل القوة العسكرية لإحراز هدف خارج حدود سيادتها؟ لكن المشكلة مع (داعش) أكثر تعقيداً، لأنه ليس الحديث عن عدو يواجه وجهاً لوجه كنظام صدام حسين، بل عن جهة إرهابية تنتشر فى الشرق الأوسط، ومصادر قوتها البشرية فى جزء منها مواطنون من دول ديمقراطية هاجروا إليها من المراكز الإسلامية وأفرطوا فى تمييزهم بدل الاندماج فيها»، وأضاف «دان» أن الدول التى تتردد فى استخدام القوة العسكرية البرية ضد «داعش» ليس أمامها خيار سوى أن تهاجم من الجو على الدوام وبقوة كبيرة وتسعى إلى ما يسمى «قصف السجادة»، ويعنى ذلك التعامى عن قوانين الحرب الدولية الحديثة، ويجب على «أوباما» الذى يريد القصف من الجو فقط وقليل من عمليات قوات الصاعقة تغيير خطة اللعبة.

وأضاف «مرغليت» أن على «أوباما» أيضاً أن يتصل ببشار الأسد، «الشيطان الأصغر»، حسب الصحيفة، موضحاً أنه «لقصر نظر أوباما لم يعمل فى القضاء عليه حينما كان المتمردون علمانيين محتملين، ولم يحرص على القضاء على مخزونه من السلاح الكيميائى قضاءً مبرماً، ولا يستطيع التحالف أن يقصر قتاله للمتطرفين على العراق فقط، ويجب عليه أن يتحول إلى سوريا أيضاً».

أما المحلل الاستراتيجى حاييم آسا فكتب نصائحه لأمريكا فى جريدة «إسرائيل اليوم»، قائلاً: «الهجمات المحلية هى مفتاح السر فى الحرب على (داعش)، فأكد أن على أمريكا تنفيذ عمليات هجومية متوازية على عدد من مراكز قوة (داعش)، مثل الموصل فى العراق ودرعا فى سوريا، فالهزائم العسكرية المحلية ستنتج موجة معاكسة للتجدّد فى (التنظيم) وسيكون فيها ما يلقى بالشك على قدرته على الانتصار على الغرب، وهو ما سيؤدى إلى تقليص الرغبة فى التجنيد لصفوفه، لأن الإيمان بالانتصار هو حجر الأساس فى إرادة الفرد للتضحية بحياته، فكثير من المعارك المحلية المتوازية، التى يكون لكل واحدة منها تفوق للائتلاف الغربى تكون إلى جانب القوات الإسلامية السنية (سوية العقل). مثل هذا الأمر سيزيد خنق الوعى ضد (داعش)»، وأضاف أن الهجمات الجوية لا تكفى، فالمواجهات الموازية يجب أن تتم على الأرض، حيث تكون العناصر الجوية مساعدة لها فى الاستخبارات.

وأضاف «آسا» أنه يجب على «أوباما» الاتصال بقادة الدول العربية فى التحالف ليكثفوا من خطب رجال الدين السنة أسوياء العقل مما يضعف «الصورة الأخلاقية» لـ«داعش»، وبالتالى يقلل من الرغبة فى الانضمام إليها. أما المحلل العسكرى «أفرايم كام» فأكد أن خطة «أوباما» لمحاربة «داعش» بدأت تلوح فى الأفق، بعد أن كان يتصرّف دون استراتيجية واضحة، وأوضح أن خطته التى تنقسم إلى 3 مراحل، تشمل هجمات جوية وتحسين قدرات الجيش العراقى والقضاء على مواقع عسكرية، بها بعض الثغرات التى تحول دون تنفيذها على أرض الواقع.

الكاتب عاموس غلبوع، لم يُدن سياسة «أوباما» فقط تجاه «داعش» بل أدان سياسة أمريكا فى مجملها خلال السنوات العشر الأخيرة، والتى أدت فى وجهة نظره إلى ظهور «داعش» فكتب فى مقاله: «وجود (التنظيم) هو نتاج سياقين مركزيين اجتازتهما المنطقة فى العقد الأخير: الأول، السياسة الأمريكية التى بدأت باحتلال العراق فى 2003 فى عهد بوش واستمرت بالجلاء من العراق فى 2011 فى عهد (أوباما)، الثانى، الهزة السياسية والاجتماعية والدينية التى يجتازها العالم العربى منذ 2011، ونتيجة لهذين السياقين انهارت الأنظمة المركزية القوية، الطاغية، فى العراق وسوريا، ويجسد (داعش) كل البركان الذى انفجر فى المنطقة بغيابهما، انفجار يتحدى ثقافة الغرب وكل النظام السياسى للمنطقة». أما الكاتب «غى بخور» ففتح النار على أمريكا بجرأة فى جريدة «يديعوت أحرونوت»، مؤكداً أن أمريكا أهدرت وقتاً طويلاً فى حل الصراع الإسرائيلى – الفلسطينى وتجاهلت صراعات حقيقية فى المنطقة لها أهمية أكبر، وقال: «(كيرى) كان وما زال يعتقد أن إسرائيل هى نقطة (أرخميدس)، التى إن تمسك بها حل مشكلات الشرق الأوسط كلها، وهذا التصور استمر عشرات السنين ويحاول (كيرى) الآن بناء حلف يحارب (داعش)، فما الذى تستطيع إسرائيل أن تساعد به: هل نحن سنيون أم شيعة؟ وهل قد نكون جزءاً من الصراع بين القومية العربية والإسلام المتطرّف؟ فصلتنا بهذا الصراع الداعشى ضعيفة للغاية، وفى الوقت الذى أضاع فيه (كيرى) 13 رحلة فى إسرائيل؛ قوى (داعش)، ومعه التحريض الإسلامى على إنشاء خلافة إسلامية تطمح للوصول إلى غرب أوروبا والولايات المتحدة أيضاً، وكان يجب على (أوباما وكيرى) تخصيص هذا الوقت للمشكلات الحقيقية لا للمشكلات الوهمية فى فلسطين وإسرائيل».

الوطن

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى