الأخبار

الحرب فى بر مصر

184 فى الكتب القديمة وحواديت الأقدمين توصف مصر بأنها بر مصر، قد يتبادر إلى ذهنك أن هذا الوصف استخدمه فقط ركاب السفن الكبيرة الباحثة عن بر آمن. الواقع أنه الوصف الذى استخدمه كل المسافرين فى البر والبحر، فكلمة البر فى التراث الشعبى تعنى الوصول إلى مكان آمن.. ولذلك ستجد المصطلح الشعبى يقول: «مش عارف أرسى على بر»، أو «إرسى لك على بر.. ماذا قررت؟»، غير أن مصر هذه الأيام لم تعد براً فقط، بل أصبحت بحراً أيضا، أحداث جديدة فى معارك الحرب التى تخوضها مصر ضد الإرهاب بدأت تتجاوز البر لتصل إلى البحر. بالأمس فى البحر الأبيض المتوسط أمام مدينة دمياط، وهى بلدتى، هاجمت مجموعة من الزوارق زورقا تابعا للبحرية المصرية، حتى كتابة هذه السطور لم تتوافر بعد معلومات عن طبيعة المعركة التى اشتركت فيها قطع من البحرية المصرية والطائرات، التى استشهد فيها عدد من جنود البحرية وفقد عدد آخر، وانتهت بأن تم القبض على ٣٠ إرهابيا، وهو العدد الذى يشير بوضوح إلى كثافة القوة الإرهابية المهاجمة.   للوهلة الأولى بعد سماع الخبر، أحسست بقدر من الارتياح، فحتى بغير معرفة التفاصيل ستجد كفاءة عالية فى أهم عناصر الحرب، وهو سرعة الاتصال وكفاءة الاستجابة. أتعشم بأنه الآن فقط يبدأ المصريون فى التأكد أنهم فى حالة حرب فعلا فى البر والجو والبحر.   أنتقل الآن من البحر إلى البر، فى إحدى المظاهرات العشوائية فى القاهرة، والتى قوامها العشرات، يقترب ٥ ملثمين من أحد ضباط الشرطة يحاولون خطف سلاحه، ولكنه يتمكن من إخراجه ويضرب طلقة فى الهواء لتفرقة الحشد حوله، غير أنهم تمكنوا من خطف سلاحه، ثم اعتدوا عليه، ضربوه بوحشية ومنعوا الناس بالقوة من حمله لإسعافه، ثم أشعلوا النار فى «موتوسيكل» الشرطة الخاص به. ما هو الجديد أو المهم فى هذه الواقعة؟.. لماذا أوردتها وليس فيها جديد يستحق أن نتوقف عنده؟   الجديد هو أن ضابط الشرطة لا يعرف حتى الآن، وربما رؤساؤه أيضا، أنه فى حالة حرب، وأن الشارع الذى يمشى فيه الآن لم يعد شارعاً، هو جزء من ساحة القتال. حكاية إطلاق النار فى الهواء إجراء ينتمى لعصور ما قبل الحرب، أما الآن فأنت تشهر مسدسك فى حالة واحدة، هى أن تطلقه لتقتل. فى اللحظة التى يعتدى فيها شخص ملثم أو سافر الوجه عليك أو على سيارتك أو دراجتك فمعنى ذلك أنه أعطاك تصريحا بقتله. حتى الآن، عدد كبير من الناس، وبعضهم فى مناصب حساسة، لا يصدقون أننا فى حالة حرب.   أمر آخر وليس أخيرا.. كل المصانع الكبيرة تغلق أبوابها لفترة معينة لعمل صيانة لها، أنا أقترح أن تغلق المحطات التليفزيونية بلاتوهاتها وكاميراتها لمدة شهر واحد لعمل صيانة لمعداتها وللبشر العاملين فيها.. لابد من طريقة لإيقاف تيار العبط والبلاهة الذى يرى أن العالم كله، خاصة أمريكا وبلاد الغرب، يتآمر علينا.. إن العمل بشكل دائم على تزييف وعى الناس أمر شديد الخطورة، خاصة فى حالة الحرب. أما السادة أصحاب مراكز الدراسات السياسية والاستراتيجية والبطيخية فيجب إغلاق مراكزهم أو معظمها، وإعادة أصحابها إلى مقاعد الدراسة الابتدائية.  

 الأقباط متحدون 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى