الأخبار

بروفايل| «فيروز»

 

68

 

وكأنه قادم من السماء، وكأنها حين تغنى تنقلك للجنة، وكأنه صوت الملائكة، أو لحن سماوى يجمع بين العذوبة والحلاوة، يأخذك إلى عوالمه اللانهائية، يطمئنك حين تشعر بالهلع، يطلق حماستك للوطن، يطوف بك الدنيا وأنت لم تبرح مكانك.. نهاد رزق وديع حداد -أو فيروز- صوت لبنان، وكل العرب.

رغم سنوات عمرها التى تُدخلها عامها الثمانين، فإن فيروز لا تزال تغنى، رفعتها حنجرتها الذهبية إلى جوار عمالقة الغناء والموسيقى فى العالم، فَتيّة رائعة ومغردة، تطلق العنان لصوتها فإذا بالطلقات تدوى، والبارود يشتعل، والحب يفرد أشرعته البيضاء لتغمر الكون كله.

ولدت فيروز فى حارة زقاق البلاط فى مدينة بيروت بلبنان لعائلة فقيرة الحال. والدها وديع حداد سريانى الأصل كان قد نزح مع عائلته من مدينة ماردين الواقعة فى تركيا حالياً، ووالدتها مارونية تدعى ليزا البستانى.

أحبت «فيروز»، الطفلة الأولى لأسرتها، الغناء منذ صغرها، غير أن الأسرة لم تكن تستطيع شراء راديو؛ فكانت الطفلة تجلس إلى شباك البيت لتسمع صوته السحرى قادماً من بعيد حاملاً أصوات أم كلثوم ومحمد عبدالوهاب وأسمهان وليلى مراد.. وفى حفلة المدرسة التى أقيمت عام 1946 أعلن أستاذها محمد فليفل عن اكتشافه لصوتها، رفض الأب المحافظ فكرة الأستاذ فليفل بأن تغنى ابنته أمام العامة، لكن الأخير نجح فى إقناعه بعد أن أكد له أنها لن تغنى سوى الأغانى الوطنية، فوافق الأب لتبدأ دراستها فى المعهد الوطنى للموسيقى.

انضمت فيروز إلى فرقة الإذاعة الوطنية اللبنانية بعد دخولها المعهد بشهور قليلة وألف لها حليم الرومى أولى أغانيها وكانت انطلاقتها عندما تعرف إليها عاصى الرحبانى فتزوجها، وراح يؤلف لها الألحان والأغانى لتبدأ مرحلة جديدة من تاريخها الفنى. ومع «عاصى» وشقيقه «منصور» اللذين عرفهما الوسط الفنى بـ«الأخوين رحبانى» قدمت فيروز مئات الأغانى التى أحدثت ثورة فى الموسيقى العربية وذلك لتميزها بقصر المدة وقوة المعنى على عكس الأغانى العربية السائدة فى ذلك الحين، فغنت للحب والأطفال وللقدس وللحزن والفرح والوطن والأم.

نجاح بعد نجاح، حققت به فيروز شهرة عريضة بطول الوطن العربى وعرضه، صارت أيقونة الحالمين، ورمزاً للإصرار على النجاح من لبنان حيث تعيش، لتصبح الصوت العربى الوحيد الذى صنع نجاحه المدوى بعيداً عن عاصمة النجوم وصانعة مجدهم (القاهرة)، تلك المدينة التى أحبتها فيروز فبادلتها حباً بمجد وشهرة ولو عن بُعد.

الوطن

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى