منوعات

محمد الباز يكتب: خطة السيسي لإنقاذ المؤسسات الأمنية

 

 

 البلتاجى طلب لقاءً مع مدير المخابرات لعرض خطة هيكلة الجهاز وحين ذهب وجد السيسى فى انتظاره وحذره من المساس بأى جهاز سيادى

– الشاطر حاول إعادة الحديث عن مشروع البلتاجى لهيكلة المخابرات فقال له السيسى: «اقتراب الإخوان من المخابرات مستحيل»

– السيسى واجه مع اللواء محمد إبراهيم مخطط «أخونة الداخلية» بعد الإطاحة بأحمد جمال الدين من قبل الجماعة

التعبير الأدق عن الرئيس عبدالفتاح السيسى هو المواطن المطلوب رقم واحد فى مصر، فما فعله منذ ٣٠ يونيو ٢٠١٣ وحتى الآن، يجعله منتهى أمل كثيرين، من يحبونه يريدونه ليكمل طريقه معهم، ومن يكرهونه يطلبون رأسه، فحلمهم الأكبر هو إزاحته عن طريقهم، حتى يدخلوا المدينة مرة أخرى آمنين.
هذه كتابة بالنسبة لى حرة تمامًا، قد يكون عبدالفتاح السيسى هو عمودها الفقرى، لكنك ستكتشف أننا نكتب عن مصر فى أصعب سنواتها وأكثرها إرهاقًا، يمكن أن تجد نفسك فيها، فجميعنا كنا أبطال هذه السنوات.. لكنه كان وحده، وبكلمة القدر، الذى قاد الجميع إلى أرض لم يكن ليتوقعها أحد.
هذه الحلقات يُمكن أن تجعلك تفهم السيسى أكثر، هنا تختلط المعلومات بالوقائع، والتحليل بالرأى، قد تقابلك أشياء تسمع عنها للمرة الأولى.. لا تنزعج ونحن نكتب من تحت جلد الرئيس، فهذه كتابة ليست من أجل الرئيس، ولكنها من أجل التاريخ.
يخطئ من يعتقد أن حدود مصر فى هذا الشريط المتاخم لدول تجاورها فقط.
المعنى بهذا الشكل ضيق.. لا يدرك من يردده ضرورة أن يطمئن مَنْ يقف على الحدود، يحميها ويمنع عنها الاقتحام أو التعدى أو التجاوز، على استقرار كل مؤسسة وميدان وشارع فى مصر.
يقدِّم من يقف على الحدود نفسه طواعية للموت طالبًا الشهادة من أجل أن تكون الجبهة الداخلية آمنة، مستقرة، هادئة، مؤمنة أيضًا بما يفعله، ولذلك فإن حدود مصر بالنسبة للجيش المصرى هى كل شارع وكل حارة وكل مقهى وكل مكتب يجلس فيه الموظفون، وكل موقع يتحرك على أرضه العمال، كل صحيفة وكل قناة تليفزيونية، كل أرض زراعية وكل مصنع، كل مؤسسة وكل وزارة.. ومن حقه أن يتأكد أن مَنْ خلفه يقفون على قلب رجل واحد.
من هذه المساحة تحرك وزير الدفاع عبدالفتاح السيسى أكثر من مرة ليقطع الطريق على الإخوان، عندما رأى أنهم يخططون لتفكيك مؤسسات الدولة المصرية أكثر من مرة، وعندما حاولوا أن يفرضوا سيطرتهم على الأجهزة الأمنية، فقد كانوا يعرفون أن كلمة السر فى السيطرة على مصر كلها كامنة داخل هذه المؤسسات.
كان الرئيس الإخوانى متعجلًا جدًا، نشر رجال جماعته ليعبثوا كما يشاءون فى شئون الأجهزة الأمنية، وتخيل أن الجماعة كانت تجهز عصام العريان لرئاسة المخابرات العامة، وتجهز محمد البلتاجى للإشراف العام على الأجهزة الأمنية فى مصر.
هنا تظهر بعض الروايات التى لا يمكن للتاريخ أن يتجاهلها، والتى يتم يتداولها فى الوسطين الصحفى والسياسى.
الرواية الأولى تقول إن محمد البلتاجى، الذى كلفته الجماعة بإعداد دراسة لهيكلة الأجهزة الأمنية جميعها، طلب لقاءً عاجلًا مع مدير المخابرات العامة، اللواء رأفت شحاتة، ولما سألوه عن سبب اللقاء، قال لهم إن لديه خطة كاملة لإعادة هيكلة الجهاز، أعطوه موعدًا، ولما ذهب وجد أن الفريق أول عبدالفتاح السيسى، وزير الدفاع، فى انتظاره وإلى جوار اللواء شحاتة.
لم يمنح السيسى البلتاجى فرصة للحديث، أسمعه ما لم يكن يتخيله أو يتصوره، طلب القيادى الإخوانى أن يقول ما لديه، ثم يحكموا عليه بعد ذلك، إلا أن السيسى قال له: أنت بلا صفة.. بأى حق يمكن أن نسمع لك، ليس من حقك أبدًا أن تقترب من أى جهاز أمنى سيادى وتتحدث فى شئونه.
ما فشل فيه البلتاجى حاول أن يفعله خيرت الشاطر، كان معتقدًا أنه يملك كاريزما وقوة تمنحانه مساحة التصرف كما يشاء دون أن يعترض طريقه أحد، طلب هو الآخر موعدًا مع مدير المخابرات العامة، ليعيد ما كان يحمله معه البلتاجى ولم يحصل على فرصة لمجرد الحديث، وللمرة الثانية كان السيسى فى انتظار خيرت الشاطر، وكان الحديث أكثر من واضح، قال له وزير الدفاع: ما تقومون به عبث مرفوض تمامًا، المخابرات العامة جهاز سيادى، وأى اقتراب منها من قبل جماعة الإخوان هو المستحيل بعينه.
يمكنك أن تتعامل مع هذه الروايات على أنها حكايات لتزجية الوقت، أو أنها من قبيل إضافة ملامح لشخصية رجل الدولة، التى أحاول رسم صورته هنا، بما قاله وما فعله، لكن لا يمكن أن تنكر ما جرى من تحرش جماعة الإخوان المسلمين بجهاز المخابرات العامة، وهو ما يشير إلى أنها تحركت نحوها أكثر من مرة بالفعل.
فى مارس ٢٠١٣ كان أبوالعلا ماضى، رئيس حزب الوسط، يتحدث فى واحدة من فعاليات حزبه، وفجأة روى للمجتمعين حوله ما رواه له محمد مرسى، فقد أبلغه أن المخابرات العامة أنشأت منذ سنوات تنظيمًا مكونًا من ٣٠٠ ألف عنصر ممن يعرفون بالبلطجية، بينهم ٨٠ ألفًا فى القاهرة وحدها.
وحتى يدلل أبوالعلا ماضى على صحة ما يقوله، أو دقة ما أبلغه به الرئيس الإخوانى، قال إن هذا التنظيم ظهر فى الاشتباكات التى دارت بمحيط قصر الاتحادية وبحوزته الأسلحة البيضاء والنارية، وإن هذا التنظيم تم تسليمه كاملًا إلى المباحث الجنائية، ومن بعدها إلى أمن الدولة.
كلام أبوالعلا أثار حالة مركبة من التعجب والصخب والغضب.
التعجب كان من الذين يستمعون إليه فى ندوته، ولذلك قال لهم إن هذه الأرقام التى يرددها حقيقية وإنه يحفظها لأنها صادرة عن رئيس الجمهورية.
والصخب كان من الذين حاولوا استغلال التصريح الذى تم استغلال أبوالعلا ماضى لترويجه مدفوعًا فى ذلك من الرئيس الإخوانى، وتردد أن هذا التحرش السياسى الواضح بالجهاز هدفه خلخلته وتشويه صورته لدى الرأى العام تمهيدًا لإعادة هيكلته، فقد كانت الجماعة فيما يبدو قررت ذلك، وكانت ترغب فى الحصول على دعم شعبى، واعتقدت أن هذا الكلام الهزلى الذى بلا دليل يمكن أن يثير الرأى العام على جهاز مخابراته.
أما الغضب فكان من الرأى العام الذى كان يتابع الموقف بقلق، ويعرف أن الجماعة ماضية إلى أخونة مؤسسات الدولة، دون أن يعرف أن هناك من يقف فى طريقها كحجر عثرة، يحول بينها وبين ما تريد.
كان السيسى يعرف ما تخطط له الجماعة جيدًا، فكان يظهر فى الوقت المناسب دون إبطاء، ولأن الجماعة كانت تعرف أنه لن يسمح بالمرور، فقد تربصت بكل ما يفعله ومبكرًا جدًا.
القاهرة فى نوفمبر ٢٠١٢.
عبدالفتاح السيسى، وزير الدفاع، يعقد اجتماعًا مع اللواء أحمد جمال، وزير الداخلية، على خلفية حادثتين خطيرتين.
الحادثة الأولى وقعت فى أول نوفمبر، قام خلالها عدد من ضباط وجنود الجيش بمحاصرة قسم ثان القاهرة الجديدة، بعد أن تعرض أحد أكمنة الشرطة لأحد ضباط القوات المسلحة، الذى أبلغ وحدته بأمر الاعتداء عليه، فتمت محاصرة القسم.
سجلت كاميرات المحمول العابرة محاصرة القسم، وقامت لجان الإخوان الإلكترونية بالترويج لها على أوسع نطاق، وكان هدفها الأساسى هو إحداث فجوة عميقة بين الجيش والشرطة، وهو ما بدا واضحًا من التعليقات التى حرص الإخوان على زرع الفتنة من خلالها.
الحادثة الثانية جرت وقائعها فى مدينة الإسكندرية، فى نفس الشهر، كانت شائعة قد انتشرت بقوة عن احتجاز قسم شرطة لضابط من القوات البحرية، فسارع زملاؤه باقتحام القسم وتفتيشه ولم يعثروا على أى أثر لزميلهم، ورغم أن هناك تأكيدات أن لجان الإخوان هى التى وقفت وراء صناعة الشائعة وترويجها بكثافة عبر منصات التواصل الاجتماعى المختلفة، إلا أن الحادثة نفسها تركت أثرًا غير مريح لدى الطرفين.
كان لا بد من استيعاب الأزمة وما خلفته وراءها من آثار، فاتفق السيسى وأحمد جمال الدين على لقاء ودى لإنهاء المشكلة وتصفية الأجواء، والتأكيد على أن الجيش والشرطة يد واحدة، ولا يستطيع أحد أن يفرق بينهما.
استضافت القرية الأوليمبية بدار الدفاع الجوى الاجتماع، وحضره عدد من قيادات الجيش والشرطة وما يزيد على ألف من الضباط والجنود.
وضع السيسى فى كلمته التى ألقاها فى الاجتماع ما يشبه خارطة الطريق للعلاقة بين الجيش والشرطة، قال بوضوح: علينا أن نعرف أن ما يراد بمصر لن يتحقق إلا لو استطاع الأعداء هزيمتنا، نحن الجيش والشرطة.
فصل السيسى ما أجمله فى هذه الجملة بقوله: أعرف أن هناك مخططات لإيذاء الجيش على حدة، وأخرى لإيذاء الشرطة على حدة، والجيش والشرطة معًا، ولا بد أن يكون الحرص على البلد أكبر منا جميعًا.
ثم كانت الوصية الجامعة لما يريده قائد الجيش، قال موجهًا كلامه للجميع: أنتم تحملتم من أجل بلدكم الكثير، ويجب أن ننظر إلى مصر أولًا قبل أى شىء، لأننا لو انكسرنا لن تقوم لمصر قائمة.
تجاوب اللواء أحمد جمال الدين مع ما قاله السيسى، وقال للموجودين: لن نسمح بأى محاولات للوقيعة بين الجيش والشرطة، البلد مستهدف، وهناك من يريد إحداث الشقاق بين أهل البيت الواحد، ويعمل جاهدًا على تحقيق ذلك، إلا أنهم لن يفلحوا فى ذلك على الإطلاق.
كان السيسى يعرف جيدًا الأعداء الذين يقصدهم، لم يكونوا من خارج مصر فقط، بل من داخلها، وهذا هو الأخطر، وكان اللواء أحمد جمال الدين واعيًا لأقصى درجة وهو يتحدث عن محاولات زرع الفتنة والشقاق بين الجيش والشرطة، بل ويعرف من يقومون بها، ولذلك كانت كلمته واضحة لهم بأنهم لن يستطيعوا أن يخترقوا السد المنيع الذى يربط بين الجيش والشرطة.
لم تستسلم الجماعة لما تحمله رسائل وزيرى الدفاع والداخلية، تحركت قيادات الجماعة حاملة لمرسى تقارير أعدها جهاز المخابرات الإخوانى الذى كان يشرف عليه ويديره خيرت الشاطر، قالوا له: إن هذا الاجتماع لا يمكن أن يكون بريئًا، فما جرى ليس إلا تحالفًا واضحًا بين الجيش والشرطة ضد الرئيس شخصيًا، والدليل على ذلك أنه عُقد دون دعوة الرئيس أو الحرص على حضوره، ثم إن أحدًا من الوزيرين لم يأت على ذكر الرئيس بكلمة واحدة، وكأنه ليس موجودًا فى البلد من الأساس.
أدرك مرسى- رغم أن التقارير التى وصلته عن اجتماع ولقاءات السيسى وجمال الدين لم تكن دقيقة، بل كانت مضللة بشكل كامل- أنه من الضرورى أن يتخلص مما رأى أنه تحالف يمكن أن يحول بينه وبين ما يريد.
كان مرسى يتحين الفرصة للتخلص من الرجلين، لم يستطع فى أى وقت التخلص من وزير الدفاع، فقد كانت القوات المسلحة تقف أمامه بقوة، ولا تترك شاردة أو واردة أو شائعة تنال من الجيش أو وزير الدفاع إلا وترد عليها، بل وتحذر من خطر اللعب بالجيش أو اللعب معه.
لكن الفرصة جاءت سانحة لمرسى للتخلص من اللواء أحمد جمال الدين بعد أحداث الاتحادية، طلب من جمال الدين أن تتدخل قوات الشرطة للتعامل مع المعتصمين أمام قصر الاتحادية، هؤلاء الذين جاءوا محتجين على الإعلان الدستورى الذى منح مرسى نفسه بمقتضاه صلاحيات مطلقة، لكن وزير الداخلية رفض التعليمات الشفهية، وطلب من مرسى قرارًا مكتوبًا بالتعامل مع المتظاهرين، وهو ما رفضه الرئيس الإخوانى، وتعامل مع الأمر على أن وزير الداخلية لا يريد أن يتدخل لحماية الرئيس.
لم تترك جماعة الإخوان أحمد جمال الدين، تتبعته واتهمته بأنه ترك مقرات حزب الحرية والعدالة ومقر مكتب الإرشاد فى المقطم دون حماية كافية، وهو ما أدى إلى الاعتداء عليها من قبل متظاهرين، كانت الجماعة تنظر إليهم على أنهم مخربون.
رحل أحمد جمال الدين وجاء محمد إبراهيم، الذى تعرف عليه مرسى فى جولته الانتخابية فى أسيوطـ وكان إبراهيم مديرًا لأمن المحافظة وقتها.
اعتقد مرسى أن محمد إبراهيم سيكون أكثر تعاونًا معه من أحمد جمال الدين، لكن جرى ما لم يكن فى حسبان أحد.
وقف محمد إبراهيم حجر عثرة أمام الجميع، فوجئ مرسى بأنه لا يتجاوب مع مطالب الإخوان، فقد منحوا لمحمد البلتاجى حق أن يتدخل فى شئون الوزارة، وهو ما كشفه الصحفى الأمريكى إريك ترايجر، الذى كتب ذلك فى مارس ٢٠١٣ عبر حسابه الشخصى بتويتر، عبر عدة تغريدات فاضحة.
جاء فى تغريدات ترايجر أن محمد البلتاجى هو المسئول عن إعادة هيكلة وزارة الداخلية، وذلك من خلال السماح بضم عناصر إخوانية لها.
نفى البلتاجى ما قاله ترايجر، بل كذبه، مدعيًا أنه لم يقل له شيئًا كما يزعم، لكن المفاجأة أن إريك كان يمتلك تسجيلًا صوتيًا للبلتاجى، وهو يتحدث عن تصوره لمستقبله السياسى بعد أن وصلت جماعته إلى الحكم فى مصر، حيث قال له إنه يرى نفسه مسئولًا أكثر عن هيكلة الأجهزة الأمنية، خاصة أن له خبرة كبيرة بشئون هذه المؤسسات.
لم يلتفت محمد إبراهيم إلى ما تريده الجماعة وتخطط له، فكان طبيعيًا أن تتحرك الجماعة ضده بعنف، وفى كل مرة كان لا يستجيب، كانوا يؤلبون عليه رجال الشرطة، فزرعوا فى طريقه العديد من المظاهرات والاعتصامات التى قام بها الأمناء والضباط الملتحون.
عند هذه النقطة الساخنة ظهر عبدالفتاح السيسى، الذى أجرى اتصالًا مطولًا مع محمد إبراهيم، وتم الاتفاق فيها على منع مخطط أخونة وزارة الداخلية بأى طريقة، وهو ما تجاوب معه محمد إبراهيم، الذى كان قد بدأ فى إعادة عناصر أمن الدولة الذين خرجوا من الجهاز بعد تفكيكه.
كان عدد كبير من قيادات الجهاز الأكفاء قد خرجوا منه فى مارس ٢٠١١، وسافروا إلى الخارج للعمل، لكن بمجرد اتصال محمد إبراهيم بهم، عادوا مرة أخرى، فقد شعروا بأن مهمتهم الأساسية هنا فى مصر، وليست فى مكان آخر.
كان هذا القرار مثيرًا لأعصاب جماعة الإخوان، أما ما كان أكثر إثارة لأعصابهم، فقد كان قرار محمد إبراهيم بإعادة إدارة متابعة النشاط الدينى إلى جهاز الأمن الوطنى، وهى الإدارة التى كانت مهمتها متابعة نشاط الإخوان والسلفيين ومن ينتمون إلى الجماعات التكفيرية التى تطلق على نفسها اسم الجماعات الجهادية.
جرت مواجهة ساخنة بين مرسى ومحمد إبراهيم، رفض الرئيس الإخوانى عودة عناصر أمن الدولة، واحتج على عودة إدارة متابعة النشاط الدينى، وحذر وزير الداخلية من أن الإخوة لن يصمتوا.
كانت الخطة جاهزة ومعدة، وذهب السلفيون الجهاديون بقيادة حسام أبوالبخارى لحصار مقر جهاز الأمن الوطنى فى مدينة نصر، فتم التعامل معهم وفروا كالفئران المذعورة.
كانت لدى الإخوان خطة بديلة، فقد دفعوا بعناصر من الجماعة الإسلامية الموالية لهم، بأن يدعوا لتشكيل ما أطلقوا عليه الشرطة المجتمعية، وعزز النائب العام الذى عينه الإخوان، طلعت إبراهيم، ذلك عندما أمر بتفعيل المادة ٧٣ من قانون الإجراءات الجنائية الخاصة بالضبطية الجنائية للمواطنين.
هنا تدخل السيسى بشكل مباشر، تحدث مع محمد مرسى وقال له بوضوح، إن هذا القرار والحديث عن شرطة مجتمعية يمكن أن يقود المجتمع إلى ما يشبه الحرب الأهلية، وهو ما لن يسمح به الجيش أبدًا، لأن هذا يعرض الأمن القومى للبلاد للخطر.
كان مرسى داعمًا لقرار النائب العام ومتحمسًا له، خاصة أن محمد البلتاجى كان قد بدأ التنسيق مع الجماعة الإسلامية فى تأسيس الشرطة المجتمعية، وكانت تقوم على اقتراح بتأسيس معهد تدريب، يتلقى فيه خريجو الجامعات تدريبًا ٦ أشهر على أعمال الشرطة، وكان المقصود فى الغالب بخريجى الجامعات فى هذا السياق من ينتمون إلى الإخوان والتيارات الإسلامية فقط.
لكن أمام تصميم السيسى على رفض ما تقترحه الجماعة الإسلامية وما قرره النائب العام اضطر مرسى إلى أن يطلب من طلعت إبراهيم أن يجمد قراره، وكان طبيعيًا للنائب العام الذى جاء به الإخوان إلى مكتبه فى منتصف الليل أن يستجيب.
لقد كان السيسى واعيًا من اللحظة الأولى بما تريده الجماعة، ولذلك لم يتردد لحظة فى إفشال محاولاتها لأخونة المؤسسات الأمنية التى هى قوة مصر الصلبة، وكان هذا طبيعيًا من قائد يعرف معنى أن تكون هناك دولة، وعلى الجميع أن يحافظ عليها.

 

 

 

الدستور

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى