الأخبار

ماذا بعد براءة مبارك؟

109رغم وضوح الرؤية لدى المحكمة الجنائية للمطالب المشروعة للمتظاهرين من الشعب المصري فجر الثورة الشعبية الاولى في يناير 2011 والتي نادت بالعيش والحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الانسانية لما اعترى النظام الحاكم من وهن في السنوات الاخيرة ومسالك بطء القرار، الا انها رأت في الوقت نفسه انه ما كان يتناسب ان تقام محاكمة جنائية لرئيس الجمهورية الاسبق عملا بقوة قانون العقوبات، واستبدال الافعال الخاطئة في نطاق المسؤولية السياسية للجرائم المشار اليها في منطق الاتهام.
ومع ما قضت به محكمة جنايات القاهرة امس ببراءة الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك في وقائع اعادة محاكمته مع نجليه علاء وجمال، ووزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي و6 من كبار مساعديه ومعاونيه، في وقائع التحريض على قتل المتظاهرين، خلال ثورة 25 يناير 2011.وما قضت به بعدم جواز نظر الدعوى الجنائية ضد مبارك في قضية قتل المتظاهرين، كما برأت وزير الداخلية الأسبق العادلي ومساعديه في قضية قتل المتظاهرين.
وكذا تبرئتها لمبارك في قضية فساد تتصل بتصدير الغاز لاسرائيل وبانقضاء الدعوى الجنائية ضده ونجليه علاء وجمال في قضية ثالثة تتعلق بقبول عطايا من رجل أعمال مقابل استغلال نفوذه.
الا ان الامر لم ينته بعد، فهناك مرحلة وجولة اخرى هي محكمة النقض، ومن المؤكد ان النيابة العامة كجهة ممثلة للشعب هي التي ستقوم بالطعن بالنقض ويكون ذلك خلال 60 يوما امام محكمة النقض، وغالبا قضية من هذا النوع لا تنهيها الا محكمة النقض.. وطبقا لتحليلات رجال القانون.. فاذا ارتأت محكمة النقض ان الحكم صحيح قضت برفضه واصبح الحكم نهائيا وباتا بالبراءة اما اذا ارتأت ان هناك خطأ في توقيت القانون او قصور في التسجيل او فساد في الاستدلال او اخلال بحق الدفاع او اي سبب من اسباب الطعن فتطرحه النيابة العامة فتقوم بنقض الحكم وتعيد المحاكمة ولكن لا تعيدها الى محكمة الجنايات مرة اخرى وانما تنظر امام محكمة النقض لتكون المحطة الاخيرة التي تصدر حكمها اما بالبراء او الإدانة ويكون حكمها غير قابل لأي وجه من اوجه الطعن بل حكم لا رجعة فيه.
اما مرحلة ما بعد البراءة فان السيناريو المتوقع والذي اشار اليه بعض المحللين السياسيين واساتذة القانون فيتمثل في التالي، أولا:مبارك لة تاريخ عسكري مشرف ولا يحق لأحد ان يطمس حقه فيه فهو قائد القوات الجوية في حرب رمضان سنة 1973 ومن يحاول اخفاء ذلك أو طمسه فهو ساذج لان التاريخ لا يزيف، ومنذ أحداث يناير 2011 لم يذكر اسم مبارك في احتفالات أكتوبر نهائيا، نعم هناك أخطاء في فترة حكم مبارك كرئيس ولكن فيما يخص تاريخه العسكري فلا، والمؤسسة العسكرية هنا لا يوجه لها اللوم في عدم تكريمه او ذكر اسمه، لانه كان يتم محاكمته ولا يجوز تكريم متهم يحاكم أو صدر ضده حكم مخل بالشرف، اما ما ستشهده الأيام القادمة فسيكون على العكس من ذلك، حيث سيتم رد اعتباره ووجود اسمه في احتفالات النصر.. وسيعود الى منزله مكرما.
وسيكون حكم محكمة الجنايات أمس، كما يرى بعض المحللين، سيكون بداية كشف حقائق كثيرة ظلت دفينة لسنوات منذ أحداث يناير 2011، ومن المتوقع ان يتم الافصاح عنها تدريجيا وسيحاكم من قام بالفعل بقتل الشباب الثوري الذي غرر به ولم يرتكب أي جريمة سوى انه نادى بحقه في حياة كريمة ومعيشة أفضل.
وستتكشف الحقائق قريبا وستظهر على الساحة القضية رقم 250 لسنة 2011 التي ستسحب اللقب من قضية مبارك، لتكون هي «قضية القرن» لأنها ستعيد كتابة التاريخ المصري وستضم أسماء العديد من الشخصيات الاعلامية والثورية والحقوقية.. وكل من لعب دورا ضد الدولة موجود داخل القضية رقم 250 لسنة 2011، حيث تحوي الكثير من المفاجآت والتسجيلات والشيكات والملفات ولا يوجد أحد ساهم في تدمير البلاد خلال احداث يناير الا وستشمل القضية اسمه!
بالفعل ستكون قضية القرن التي سنعرف من خلالها من خان مصر ومن تآمر على البلاد والعباد؟ ومن قبض ثمن خيانته؟ ومن هي الجمعيات المشبوهة التي كانت تحصل على الدعم من الخارج؟.وستكون قضية وطن تضم أسماء من كل الفئات في مصر، وستكون قضية كشف الحقائق، والتي ستنتج عنها احكام بالإدانة واتهام بالخيانة العظمى والعمالة لهدم نظام الحكم وتحقيق اهداف المؤامرة الكبرى على مصر، والتي ستغير مجرى الأحداث وتصحح العديد من المسارات بالتبعية لما سيتوصل اليه القضاء المصري من أحكام وسيلغى بموجبها العديد من القرارات التي صدرت خلال السنوات الثلاث استنادا الى مقولة «ما بني على باطل فهو باطل».

 

 ALWATAN              

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى