الأخبار

التعذيب في أمريكا..

132

 

دائمًا ما تندد واشنطن بجرائم حقوق الإنسان في الدول، تدين الاعتقالات والقتل، تخرج بعقوبات على دول لا تحترم المواثيق والمعاهدات الدولية، ولكن الإدانة هذه المرة في عقر دارها، ومن أكبر هيئاتها السيادية، حيث جاء تقرير الكونجرس الأمريكي، حول استخدام شبكة الاستخبارات الأمريكية “CIA”، التعذيب بطرق غير عادية لنزع الاعترافات من المتهمين، ليكشف انتهاكات حقوق الإنسان في أمريكا، وجرائم التعذيب.

ليست فضيحة الـ”CIA” وحدها، والمستمرة في المعتقلات الأمريكية منذ عام 2001، هي الجريمة الأولى، كما أن الأمر لم يقتصر على فضيحة سجن أبوغريب عام 2004، والتي اغتصب فيها الجنود الأمريكان المعتقلات العراقيات، وأبقوا المعتقلين عرايا عدة أيام، بل سكبوا المياه الباردة والساخنة على المعتقلين بعد تعريتهم، وأجبروهم على ممارسة أفعال مخلة بالآداب وتصويرهم، واستخدموا الكلاب لترويعهم، فالتاريخ يفضح ممارسات تعذيب عدة، بل أيضًا برامج ومخططات لتلك الممارسات.

وبالرجوع لعام 1946، وهو تاريخ تأسيس المدرسة العسكرية الأمريكية في بنما، وبداخلها تدرَّب ضباط أمريكا اللاتينية، وصدر من هذه المدرسة أول كتب توصي باستخدام التعذيب، والإعدامات بدون محاكمة واستخدام كل أساليب العنف بهدف الحصول على المعلومات، وظلَّت المدرسة تدرِّب وتعلِّم الضباط كل أنواع وطرق التعذيب في الخمسينيات والستينيات، ودربت ما يقرب من 60 ألف ضابط.

عام 1963، كان مرحلة أخرى، لاستراتيجيات التعذيب الأمريكية، حيث طبع أبرز كتاب تعذيب تحت اسم “كوبارك” لتعليم فنون التعذيب، ويشرح الأساليب والطرق التي يجب اتباعها لانتزاع المعلومات من السجناء، ومزوَّد برسوم وتفاصيل عن كيفية التعذيب، وتم تدريسه لضباط الاستخبارات والسجون، وبعد 20 عامًا، أصدرت المخابرات الأمريكية، كتابًا آخر تحت اسم “التدريب لاستغلال القدرات البشرية”.

وفي 20 سبتمبر 1996، رفعت وزارة الدفاع الأمريكية، السرية عن 7 مجلدات منهجية كانت تدرس في مؤسسة العالم الغربي الأمنية، ما بين العامين 1987م – 1991م، وتوجد في المجلدات المذكورة تفاصيل دقيقة عن استعمال أساليب “عنيفة” لغرض الاستجواب وانتزاع المعلومات.

وفي عصر “بوش الابن” والحرب التي ادعى أنها “ضد الإرهاب”، ومن نتائجها غزو العراق وأفغانستان، كان التعذيب معتمدًا، بحسب تقرير لجنة مستقلة، كان البنتاجون شكَّلها عام 2004 للتحقيق في أوضاع المعتقلات الأمريكية، وجاء فيه أن المعتقلين عددهم حوالي 50 ألف معتقل في أفغانستان والعراق فقط تعرضوا للتعذيب والإهانة.

“هيومن رايتس ووتش” كشفت في تقرير لها عام 2005، عن أدلة على وجود أماكن أخرى، أساءت فيها الولايات المتحدة للسجناء المسلمين وعذَّبتهم، ليس في “أبو غريب” فقط بل في أماكن أخرى في أفغانستان والعراق، إضافة إلى جوانتانامو و”أماكن سرية” أخرى حول العالم، وصفتها بأنها خرق لمعاهدة جنيف وللقوانين المناهضة للتعذيب.

محمد زارع، رئيس المنظمة العربية للإصلاح الجنائي، قال لـ”الوطن”، إنه من المؤكد أن هناك انتهاكات تمارس طول الوقت على الأراضي الأمريكية، أو في مناطق أخرى حول العالم بما يعرف بالتعذيب بالوكالة، وهناك تقارير حقوقية دولية وصحفي، صدرت في العشر سنوات الأخيرة، تؤكد تلك الوقائع، ولكن الجديد في تقرير التعذيب، الصادر عن الكونجرس، أن هناك اعترافًا رسميًا بوجود تلك الانتهاكات.

الوطن

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى