الأخبار

لماذا سجلت البورصة رابع أكبر خسارة في تاريخها ؟

 

60

 

حققت مؤشرات البورصة المصرية انخفاضًا حادًا خلال تعاملات جلسة اليوم الأحد ووصل المؤشر الرئيسي لها إلى أدنى مستوى منذ أكثر من شهر ونصف بخسارة 5.23 بالمئة، كما حققت رأس المال السوقي رابع أكبر خسارة في تاريخه، وأكبر خسارة في عام 2014 بقيمة تراجع 21.3 مليار جنيه.

وحاول مصراوي التوصل إلى أسباب التراجع المفاجئ من خلال عدة خبراء بسوق المال.

النفط وأسباب أخرى

وأكد وائل النحاس الخبير المالي أن الهبوط الحاد التي شهدته البورصة المصرية اليوم جاء تزامنًا مع نزول البورصات الخليجية بسبب انخفاض أسعار النفط والطاقة خلال الفترة الماضية، ويعد هذا الهبوط وليد أحداث متلاحقة منذ فترة لوجود بعض الوعكات الاقتصادية في منطقة الخليج العربي.

وأضاف النحاس خلال اتصال هاتفي مع مصراوي أن الارتفاع الذي شهدته البورصة على مدار الأسبوعين الماضيين كان ترتيبًا لتخارج المؤسسات الكبرى وليس ارتفاعًا حقيقيًا،
نتيجة لما حدث الفترة الماضية من التدهور الاقتصادي رغم مجهودات الحكومة.

وأشار إلى أن انخفاض سعر الجنيه أمام الدولار في السوق السوداء، وارتفاع العجز في الميزان التجاري خلال أغسطس 2014 بنسبة 82 بالمئة، وعدم الوصول لحل نهائي في ضريبة البورصة، وانخفاض الاحتياطي النقدي، من أهم الأسباب التي دفعت البورصة لهذا الهبوط الحاد بعد تماسكها طوال الفترة الماضية، وهي نفسها من أهم الأسباب التي تدفع المستثمر إلى التخارج.

وحذر النحاس من وجود مخطط يدفع بمصر إلى الهاوية خاصة بعد الاستقالات الجماعية التي شهده القطاع المصرفي منذ أيام، وما شهدته البورصة اليوم.

أسعار النفط

وفي سياق متصل، أوضح إيهاب سعيد الخبير المالي أن البورصة المصرية واصلت التماسك على مدار فترة طويلة برغم ما شهدته من أحداث عنيفة، ولكنه في النهاية كانت ولابد أن تتأثر بالأسواق العربية في النهاية.

ونوه سعيد خلال اتصال مع مصراوي إلى أن هذا الانخفاض كان متوقعًا بعد الهبوط المفاجئ في أسعار النفط الخليجي، واتجاه البورصة سلبًا بنفس اتجاه البورصات الخليجية، خاصة وأنها مدعمة بحوالي 90 بالمئة من الخليج، كما حدث في عامي 2006، و2008.
وتوقع سعيد استمرار البورصة في هذا الاتجاه غدًا حتى الوصول إلى مستوي دعم 8500 نقطة.

”بيع هلعي”

ومن ناحيته، قال محسن عادل المحلل المالي إن ما حصل كان أقرب إلى مفهوم ”البيع الهلعي” وهو نموذجًا لنظرية ”القطيع” البيع من دون وعي والبيع المرتبك والإفراط بالتشاؤم خاصة وأن حجم مبيعات العرب والأجانب حتى الآن لا يبرر على الإطلاق ما يحدث في السوق من تراجعات حادة، بالإضافة إلى أن مصر ستستفيد اقتصاديًا وبشدة من تراجعات أسعار النفط خلافًا للوضع في أسواق الخليج.

وأضاف خلال بيان أرسله إلى مصراوي أن المشكلة الأساسية الملاحظة من خلال المتداولين هي ظهور تحليلات مفرطة بالتشاؤم تستخدم مصطلحات بعيدة عن معناها المهني مثل ”انهيار السوق” وتبنيها على مستوى المجموعات الأمر الذي يخلق رد فعل سلبيًا مبالغًا فيه.

ودعا عادل إلى عدم تناقل التحليلات غير المنطقية والتحليلات المبالغ فيها، غير المبنية على أسس اقتصادية أو مالية صحيحة، لأنها بكل تأكيد لا تنسجم مع المعطيات الأساسية للأسواق والاقتصاد، مشيرًا إلى أن بعض التحليلات تتوقع تراجع الأسعار لمستويات أقل بكثير لبعض الأسهم من دون أي مبرر اقتصادي حقيقي.

وأكد أن ما حصل هو درس للأفراد لإعادة هيكلة محافظهم والتمسك بالأسهم ذات الأساسيات القوية، والتي في حال انخفاضها يكون انخفاضها محدوداً وتصلح للاستثمار طويل الأمد.

وأوضح عادل أن الثقافة الاستثمارية، خاصة لدى الأفراد المتعاملين في أسواق المال، محدودة ويجب أن يكون هناك إدراك أساسي بأن الاستثمار في الأسهم يجب أن يكون استثماراً طويل الأمد، وليس من أجل المضاربة أو المقامرة، وإذا كانت هناك مضاربة فيجب أن تكون محدودة.

ولفت إلى أن هناك عدم توازن بين الادخار والاستثمار وعدم توازن في المحافظ الاستثمارية، من ناحية المخاطر، من حيث عدد الأسهم ومن حيث انتقاء الأسهم، ومن حيث القطاعات وغيرها.

وقال عادل إن اللائمة لا تلقى على طرف معين، بل هي مسؤولية جميع الأطراف فجميعها مسؤولة عن رفع مستوى الثقافة الاستثمارية لحماية الاقتصاد من أي ضرر ناتج عن ”الجهل” أو محدودية الثقافة الاستثمارية، خاصة بعد أن أصبحت البورصة مدرجة على مؤشرات عالمية وجاذبة لمحافظ استثمارية أجنبية، وهي محافظ لها حساباتها ولها مصالحها وهي مهنية كذلك.

وأضاف أن ما حدث في السوق هو خوف غير منطقي، لكن التصحيح كان متوقعاً، ”نحن أصبحنا جزءاً من الأسواق العالمية ونتأثر بالمستثمرين الأجانب والعرب”.

وأوضح عادل أن المحافظ الاستثمارية الأجنبية و العربية لها حساباتها، حيث أنها كانت قد بدأت تعيد بناء مراكزها الاستثمارية لأنه كانت هناك عملية تصحيح بالأسواق العالمية، والتحسن في أمريكا دفع تلك المحافظ الاستثمارية إلى مخاوف نتيجة توقعات برفع أسعار الفائدة على الدولار الأمريكي، وبالتالي بدأت المحافظ تبيع بشكل مقدماً.

وأكد أن العلاقة مع الأسواق العالمية نفسية أكثر منها مادية، لكن التغييرات في الاقتصاد الكلي تؤدي إلى إعادة تسعير للمحافظ وكذلك المتعاملون في أسواق المال يأخذون بعين الاعتبار الانخفاض في إيرادات النفط والتوقعات بانخفاض العائدات للدول النفطية.

وأشار عادل إلى أن أسواق المال المحلية يكتنفها ضعف رغم التطورات والقوانين، فهي ما زالت ضعيفة من ناحية العمق الاستثماري، وبحاجة إلى نضج استثماري، وتابع ”لا توجد أدوات استثمارية كافية في أسواق المال للتخفيف من وطأة عمليات البيع غير المبررة وتحمي توازن السوق، وتساعد على أن تكون حركة السوق تدريجية”.

ونبه إلى أن هناك العديد من المتعاملين في السوق المحلية، ”يركبون الموجة”، دون وعي كامل لدى بعض المستثمرين الأفراد خاصة، ولكن الاستثمارات المؤسسية تعتبر على درجة من الوعي ولكن لا يلام المستثمرون، لأن هناك عملية ربط مع التطورات في الأسواق العالمية.

وقال عادل إن المشكلة أن بعض المحافظ الاستثمارية المحلية تقوم بالمضاربة، وليس الاستثمار طويل الأجل، وهذه نقطة سلبية، لدى هذه المحافظ التي يجب أن يكون استثماراها طويل الأجل، مبينًا أن البعض يعتقد أن الارتفاع كان كبيراً ويتجاوز النمو الحقيقي للشركات، ضمن ظروف عالمية سلبية.

وأضاف أن البورصة المصرية كانت ترتفع في حين أن الاقتصاد العالمي ما زال يعاني من المشاكل، خاصة أن قيم الأصول في أمريكا متضخمة أكبر من قيمتها الحقيقية، خاصة في أسعار الأسهم، وهذا تبعته أسواق الخليج، ولما بدأت عمليات التصحيح في الولايات المتحدة وتبعتها أوروبا وآسيا كان لابد من عمليات تصحيح في أسواق المنطقة، لكن الانخفاض الكبير في السوق الأمريكية خلق ذعرًا في السوق المحلية.

وتابع: ”في كل الأحوال تعتبر عمليات التصحيح مسألة صحية للأسواق، وهذا يدفع المستثمرين لإعادة النظر في أسهمهم”.

وقال عادل: ”بشكل عام التصحيح السعري للأسهم، يؤسس لمرحلة جديدة وإعادة بناء مركز استثمارية للمتعاملين ولكن بحذر، وبعد التصحيح يبدأ المستثمرون التفكير جدياً في شراء الأسهم الجيدة والصلبة وعمليات بناء المراكز الاستثمارية الجديدة ترتكز إلى معايير مستويات العوائد وليس على معيار الأسهم المطلوبة للمضاربة”.

 

مصراوى

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى