الأخبار

مكالمة بالصدفة مع «ريّس بدر الإسلام»

99

 

 

م يتخيل واحد من صيادى المركب المنكوب «بدر الإسلام» أن هدوء البحر فى تلك الليلة يخبئ الموت بين جنباته الرحيبة. متأكدون من خبرتهم أن سكون أمواجه خادع، وفيما كان المركب يتهادى فى منطقة جبل الزيت بجنوب سيناء فوجئ بوحش ينقض عليه ويقسمه نصفين فيما سقط البحارة ما بين غريق ومصاب ومتشبث بالحياة إلى حين، فيما لعب القدر دوراً فى إنقاذ 11 صياداً، كان الموت بانتظارهم، بسبب مكالمة بين ريّس المركب المنكوب وأحد صيادى المراكب الأخرى، وقت الاصطدام.

ووسط الحزن الذى لف مدينة المطرية، مسقط رأس المركب والصيادين، فى انتظار وصول الجثث إلى مثواها الأخير، قال صالح كشك (44 عاماً)، أحد الناجين من الحادث: «لو كنا اعتمدنا على البحرية والإنقاذ ما كناش عايشين دلوقتى ولا عرفتوا الرواية»، مطالباً بحقه وحق زملائه المفقودين والمقتولين، كما يقول، فى حادث مشين لا يعبر سوى عن «رخص المصرى»، فيما اتهم القوات البحرية والسلطات بالإهمال فى إنقاذ طاقم المركب بقوله «لو كان طراد تابع للبحرية طلع من منطقة الزيتية كان جالنا فى 5 دقايق، وبدل ما كان ينقذ 11 كان بقوا 20 ولا 30 صياد».

سيد الشاعر

ووفقاً لروايات الناجين، فإن سفينة الشحن الإيطالية خرجت عن مجالها الملاحى واقتربت من مركبهم وصدمته بعنف، ولم تصدر صافرة إنذارها إلا على بعد أمتار قليلة، رغم توهج 40 مصباحاً بالمركب ما يجعلها منارة، ترى بالعين المجردة من على بعد 6 كيلومترات، ويشير «كشك» إلى أن السفينة صدمت مركبهم مرتين الأولى حطمت مقدمة المركب، والثانية قلبته على الصيادين، الذين صاروا فى أسفلها، وتسببت فى حالات الوفيات والإصابات، فيما نجا مَن تمكن من الخروج من أسفلها والصعود عليها، إلى حين غرقت تدريجياً. وظل الباقون معلقين على صناديق الأسماك الخشبية والثلاجات، حتى تمكنوا من السباحة إلى أحد مراكب الصيد لانتشالهم.

ولعبت الصدفة دوراً فى إنقاذ 11 صياداً من الموت، ففى الوقت الذى كانت تقترب فيه سفينة الشحن من المركب، كان الريّس عبده أبوشلبى، يهاتف ريّس أحد المراكب الأخرى، ليتبادلا الحديث عن أجواء الصيد، وفجأة صرخ أبوشلبى «استر يا رب» وأغلق الهاتف، وانقطع الاتصال، انتشر الذعر بين بقية المراكب خوفاً مما حدث لـ«بدر الإسلام» وأضوائها التى انطفأت؛ فأسرعت إلى الموقع للمعاونة والإنقاذ.

يطالب سيد الشاعر، أحد الناجين من الحادث، الرئيس عبدالفتاح السيسى بالتحقيق مع قائد السفينة الإيطالية، ومعرفة المتهم ومعاقبته، مشيراً إلى أن الصيادين ليس لهم أى حقوق من الدولة، ولا حتى تأمين صحى، وأن أبسط ما يتمنونه حقهم من المهملين فى أرواحهم، سواء أكان أجنبياً أو مصرياً، قائلاً: «إحنا بنجيب رزق عيالنا من البحر ولا بناخد حاجة من الدولة ولا حاجة بتساعدنا. ولأننا غلابة محدش بيتكلم عنا، مالناش غير ربنا».

لبوطن

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى