الأخبار

الغُبار يغطى شركة النصر لصناعة الفحم والكوك

12

لافتة فى آخر منطقة التبين بحلوان، مسجل عليها شركة النصر لصناعة الفحم والكوك، المجاورة تماماً لمصنع الحديد والصلب، غيوم دخان المصانع تحجب ضوء الشمس، تم تأسيس شركة الفحم منذ عام 1960 فى عهد الرئيس جمال عبدالناصر بالتعاون مع الاتحاد السوفيتى، وعلى خلفية خطة الرئيس عبدالفتاح السيسى لإعادة تطوير تلك المصانع مرة أخرى بالتعاون مع روسيا. كانت زيارتنا للمصنع لمعرفة احتياجاته من أجل التطوير.

شركة الفحم تنقسم إلى ثلاثة مصانع، أحدها لإنتاج الكوك والأقسام الكيماوية، والثانى لتقطير القطران، والثالث لإنتاج النترات، ووحدة متعددة الأغراض. حيث يعتبر فحم الكوك من الاحتياجات الأساسية لصناعة الحديد والصلب.

وفى مكتب مدير أمن عام الشركة، للحصول على تصريح دخول المصنع، وذلك بناء على خطاب رسمى من الجريدة، انتظرت أكثر من ساعة ونصف، ومدير الأمن محمود الدسوقى يجرى مكالمات هاتفية لرؤساء مختلف القطاعات، كلهم رفضوا الإدلاء بأى تصريحات، وخاصة رئيس قطاع المشروعات والتطوير، وهو من المفترض المعنى بقرار التطوير، رفض الحديث، حتى اتصل رئيس مجلس الإدارة محمد موسى الطنطاوى، من مكتبه فى شارع شريف، وفقاً لتصريحات العمال أنه بعد حادثة طرده من قبل العمال لم يعد يتجرأ على دخول الشركة، جاءت مكالمته مصرحاً للأمن بمنعنا من الدخول أو التصوير، أو إجراء أى حوارات مع العاملين.

فى حين تجمع عدد كبير من العمال باليومية، أمام إحدى البوابات الخاصة بالشركة، ظهروا بملابس ممزقة، وملامح يغطيها تراب الفحم والقطران، وأحذية مثبت بنعلها قطع خشبية، موضحين أنهم عمال باليومية غير مثبتين بعقود مع الشركة، قائلين إن الشركة تعتمد عليهم فى الأعمال الأشد خطورة، وتدفع أجوراً زهيدة للمقاول، الذى يلعب دور الوسيط، مؤكدين أن يوميتهم لا تتجاوز 25 جنيهاً، ولم يتم تعيينهم بالرغم من وجودهم بالشركة لعدة سنوات، وأنهم لا يتلقون أى خدمات صحية على الإطلاق، ومن مهام عمال اليومية الصعود فوق البطاريات التى تحتوى عدد 50 فرناً على درجة حرارة 380 درجة مئوية، ليتأكدوا من أعمال الصيانة وأن الفحم يتم تداوله فى مسارات سليمة ليخرج فى صورة فحم الكوك، وبأن المواسير التى تنقل مشتقات عملية الحرق من غاز وغيرها تعمل بطريقة سليمة أيضاً.

اجتمع عمال اليومية على مطلب واحد، وهو عدم ذكر أسمائهم، لأنهم تلقوا تهديدات من أمن الشركة بقرار من رئيس مجلس الإدارة، أنهم فور تحدثهم مع الصحافة سيتم طردهم من العمل.

يتحدث العامل باليومية بغضب عن يومه قائلاً «إحنا بيجيبونا للشغلانات البشعة علشان الشركة متتكلفش تمن علاجنا، بنتحرق وبنقع ورئتنا اتدمرت».

أوضح حسن عبدالرازق، العامل بتجهيز الفحم للبطارية، 52 سنة، متحدثاً عن طبيعة عمله الصعبة التى تتطلب تكسير كتل الفحم الضخمة من جبل الفحم الذى يتم نقله بالقطار المقبل من الإسكندرية، «أنا شغلى من أصعب الوظايف اللى ممكن حد يتخيلها؛ بنستنشق تراب الفحم طول ما إحنا شغالين». فاتحاً كفيه مشيراً إلى آثار لعدد كبير من الجروح نتيجة تكسير الفحم، ورفعه بالأداة المعروفة بالكريك. مشيراً مرة أخرى إلى ملابسه، موضحاً أن الملابس التى تم توزيعها على العاملين لا تناسب بالمرة طبيعة العمل، من برودة الجو مساء، وعدم توفير أى كمامات للعاملين بالفحم والكيماويات على حد قوله، وأنه اضطر إلى شراء حذاء مخصص لطبيعة العمل الصعبة.

أوضح أيمن صبحى، 35 سنة، مشرف صيانة حرارية للبطاريات، أن من مهام عمله هو عمل صيانة بشكل مستمر للأفران بداخل البطاريات، وذلك بغرض الحفاظ عليها بقدر المستطاع، وأن هناك بطارية مهدمة بالكامل على الأرض، ومتوقفة عن العمل، فى حين أن العاملين يجتهدون للحفاظ على صيانة البطاريات الثلاث المتبقية بشكل مستمر. وأن الأجهزة المستخدمة لعمل تلك الصيانة تم استيرادها من أوكرانيا. وعن الملابس التى يرتديها «أيمن» أثناء دخوله الفرن لعمل الصيانة، يقول إنه لم يتوفر له أى ملابس مخصصة لطبيعة عمله، ولا أحذية تتسم بقدر كبير من الأمان.

كما أوضح ياسر عيسى، 42 سنة، أخصائى أول كيماويات فى شركة النصر، أنه تم استيراد أول بطارية من روسيا عام 1964 ليبدأ الإنتاج. وتحتوى البطارية على عدد كبير من الأفران، التى يتم بها حرق الفحم، وآخر بطارية تم شراؤها كانت فى عام 1992، ومنذ ذلك الحين لم يتم استيراد أى بطاريات جديدة، مع تهالك البطاريات الأربع القديمة، وذلك أدى إلى ضعف الإنتاج بشكل مباشر. موضحاً أنه فى قطاع الكيماويات الذى يعمل فيه، لم يكن هناك أى إجراءات للأمن الصناعى وحماية العاملين، ولم يتم توزيع أى كمامات عليهم أثناء العمل، أو وجود إشراف أو مراقبة على السلامة المهنية للعاملين. وأكمل ضاحكاً «لو جت الشركة الروسية هتعتبر المصنع ده متحف، لأن الأجهزة كلها بدائية جداً ومحدش طورها».

كما أشار ياسر عيسى إلى المواسير العملاقة التى تربط شركة النصر لصناعة الفحم، بشركة الحديد والصلب، موضحاً أن تلك المواسير العملاقة يتم بها نقل إنتاج المصنع من فحم الكوك لمصنع الحديد والصلب، كما يتم نقل مشتقات عملية الحرق التى ينتج عنها الغاز أيضاً عبر مواسير إلى مصنع الحديد والصلب.

 

تحدث سيد هلال، العامل بالكهرباء فى قطاع الكيماويات، أن شركة الفحم تعانى من تدهور الموارد البشرية، حيث تقلصت العمالة من 10 آلاف موظف منذ عدة سنوات إلى 2400 موظف حالياً، بالإضافة لحوالى 150 عاملاً بأجر يومى، وأن الشركة فى كثير من الأحيان تمد عقودها مع عاملين تجاوزت أعمارهم الـ60 عاماً، وأنها ترفض تعيين شباب أو تدريبهم، مما أدى إلى انخفاض الإنتاج إلى الربع تقريباً.

أحمد قاسم، عامل بشركة الفحم، أوضح أنه ذهب مع وفد من العمال إلى رئيس الوزراء إبراهيم محلب، أثناء زيارته لمصنع الحديد والصلب، وعرضوا عليه مطالبهم ومشاكلهم من انهيار المعدات والأجهزة، وبعد عرض جميع مطالبهم على رئيس الوزراء الذى طمأنهم بعدم وجود أى ملاحقات أمنية لهم، وطالبهم بأن يتحدثوا بصراحة تامة، اكتشف الوفد بأكمله فى اليوم التالى أن رئيس مجلس الإدارة محمد موسى الطنطاوى، قام بتحويلهم لمساءلات إدارية، كما تلقوا جزاءات، وتم نقلهم من القطاعات التى كانوا يعملون بها إلى قطاعات أخرى، وأوضحوا أن الشركة قائمة بمجهود ذاتى للعمال، لأن رئيس مجلس الإدارة غير موجودة بشكل كبير.

مطالب عمال شركة النصر لصناعة الكوك، عبروا عنها من خلال اتحاد خاص بهم وهو اتحاد شباب الكوك، الذى يضم أكثر من 1000 عامل، ليوحدوا مطالبهم ويدافعوا عنها بشكل أساسى، حيث أكد الاتحاد أن شركة النصر لصناعة الفحم، من الشركات التى تحقق الأرباح، ومع ذلك تم حرمانهم من الكثير من حقوقهم مثل الحوافز والمرتبات التى تليق بالأعمال الشاقة، وتوفير لوازم أمن صناعى وغيرها. موضحين أنهم اضطروا إلى القيام بخمسة اعتصامات خلال عام واحد ولم ينصت إلى مطالبهم أحد

الوطن

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى