الأخبار

غزوة باريس ..وأنبياء مصر

164

لم يكن عمر بن الخطاب مفيدا للإسلام بفضل قوته ومهارته فى المعارك فحسب ..بل كان درسه الأهم والأعظم يكمن فى شجاعته على إعمال العقل فالعدل يسبق النص ويعطله لو اصطدم به ..هل كان بين السلف من هو أعظم من عمر ؟ لا أظن ..فحاكم المسلمين الذى خلف رسول الله قرر تعطيل حد السرقة فى عام المجاعة.

فى لقاء مغلق بعد ثورة يونيو ..وقرار الجيش الدفاع عن إراده الشعب ..وإصرار النخبة السياسية على عزل مرسى عكس ما كان يدعو إليه وزير الدفاع آنذاك بضرورة إجبار الرئيس المهزوز على إجراء انتخابات رئاسية مبكرة ..كانت كاترين آشتون موفده الغرب تخوض محاولات مستميته لإعاده الإخوان إلى الواجهه بكل السبل ..وكانت تسمع تحذيرات وزير الدفاع وقتها عن خطورة الإرهاب الذى يضرب المنطقة وأن أوربا لديها أكثر من 2000 إرهابى يقاتلون فى صفوف القاعدة وغيرها فى العراق وسوريا وسيأتى يوما يعودون فيه إليكم فى أوربا ..لم تهتم سيده أوربا الأولى فى ذلك الوقت وتصورت أن وزير الدفاع يستخدم فزاعة الإرهاب لتخفيف الدعم الأوربى والأمريكى للإخوان “مفرخة كل جماعات العنف “.

قبل أسابيع قليلة من أحداث 11 سبتمبر، حملت السجلات الرسمية للدولة المصرية واقعة شهيرة ..كان بطلها مسئول مكافحة التطرف الدينى فى وزارة الداخلية ..الرجل أرسل تحذيرًا عبر مسئول فى مكتب التحقيقات الفيدرالى قبل أسابيع من غزوة نيويورك ..بأن هناك إعداد لعملية إرهابية كبرى باستخدام الطائرات على الأراضى الأمريكية ..وبنفس الإستخفاف إستقبل الأمريكان تحذير اللواء الأشهر فى ملفات مكافحة الإرهاب ..وبعد الغزوة وصل الى القاهرة فريق أمنى أمريكى صخم ،لمقابلة اللواء الذى استخفوا بتحذيره ..وقبل اللقاء كان الأمريكان قد شحنوا إلى القاهرة سيارة مصفحة هى الأكثر تعقيدا فى العالم تستطيع تحمل الهجمات وأيضا تقوم بالإعاقة والشوشرة ..وفى اللقاء الشهير قدم المسئول الأمريكى السيارة كنوع من الحماية والإعتذار للرجل ..وطبعا ضاق العادلى وزير الداخلية بالرجل ..ورفض اللواء استلام السيارة وفهم الأمريكان سبب رفض الهدية ..فأرسلوا سيارتين إضافيتن واحده لحبيب العادلى وأخرى للرئاسة ..وعلى طريقة الإدارة المتبعة فى ذلك الوقت صدر قرار بإبعاد الرجل عن منصبه ..وتلقى اللواء خبر نقله فى حركة يوليو التالى لشرطة الكهرباء وهو فى سيارته متوجهها إلى عمله ..فأصيب بما يمكن وصفه بإنفجار فى المخ .

الدماء التى تنزف فى باريس هذه الأيام هى الشرارة الأولى لحرب دينية متوقعة ستشهد معاركها مدن أوربا مالم تتحرك مصر وأروبا ..هى حرب دينية يشعل شرارتها المتطرفون ..فالهجوم على مجلة شارلى إبدو ليس انتقاما من إساءة للرسول ..فالنبى الكريم لم يثأر من يهودى اعتاد وضع القاذورات أمام بيته كل صباح ..لكن ما يحدث هو نبت لبذور غرسها الإخوانى سيد قطب فى تربة من الجهل ظلت تنمو على مدى نصف قرن ..وعندما اصطدم عبد الناصر وهو الذى كان ضمن صفوف الإخوان بالجماعة التى تآمرت مع الإنجليز ضد مشروع التحرر الوطنى ..وجد الإخوان ملاذا آمنا لإرهابهم فى أوربا بدعوى الحرية وأيضا لإستخدامهم ضد أى طموح للدولة المصرية .

فى باريس وقبل أيام بدأ الترويج لرواية بعنوان الخضوع تتحدث عن وصول مسلم لحكم فرنسا فى عام 2022 ..وتلخص الرواية فكرة تحالف الأحزاب الفرنسية ضد زعيمة الجبهة الوطنية مارى لوبان التى تتبنى سياسات معادية للأجانب فى فرنسا ..ويلتف هذا التحالف حول بطل الرواية محمد بن عباس الذى يفوز بحكم فرنسا ..الرواية تروج للتطرف فى قالب أدبى ..مشهد الذبح على الهواء مباشرة من مجرمى داعش وقبله جرائم الإخوان ضد الشعب المصرى وخصوصا عملية حرق 68 كنيسة فى يوم واحد ..وجرائم القاعدة وخليفتها داعش لا يعمق فقط الهوه بين المسلمين والمسيحين واليهود فى العالم ..بل يشوه بشكل لايمكن معالجته بصورة الإسلام والمسلمين فى العالم .

كلمة إخوان لم ترد فى القرآن إلا مرادفة لكلمة الشياطين ..وهو إسقاط حق على جماعة غضبت من زيارة الأمل التى قام بها الرئيس إلى الكائدرائية لتهنئة المسيحيين بعيدهم ..غضبوا بشده وراحو من عاصمة الإخوان الأوربية يروجون لفيديو للشيخ الشعراوى ينتقد محاولات إرضاء اليهود والنصارى ..وهو تدليس إعتاده الإخوان للتعميه على القطيع الذى يسير خلفهم ..أو أولئك السلفيون الجهلة الذى لايربطهم بالإسلام إلا الذقون الطويلة ، وحركة بيجيدا فى ألمانيا التى تعادى المسلمين بدأت تنتشر بشكل يستدعى الإنتباه والدراسة .

أخيرا غزوة باريس تفضح على قارعة الطريق أولئك الإخوان الذى زلزلوا أركان الإسلام خلال عام واحد حكموا فيه مصر ..ولم يكن الدين بالنسبة لهم إلا “مطية” يركبونها ليخدعوا البسطاء وصولا للسلطة .

رد فعل ساسة فرنسا والمعارضة ..كان متحضرا إلى أقصى درجة ..فها هو الرئيس السابق الذى خسر الإنتخابات يتوجه الى قصر الإليزيه من جديد داعيا للوحدة ..هاهى زعيمة اليمين المتطرف تتوقف عن توجيه انتقادات للمهاجرين والمسلمين .

هاهى النخبة الفرنسية لم تبدى أى اعتراضات على إنتشار الجيش الفرنسى فى الشوارع ومحطات المترو وحول المنشآت الفرنسية لمعاونة الشرطة.. لدينا 88 ألف جندى فرنسى انتشروا خلال ساعات ..لم يصرخ أديب فرنسى قائلا فلتذهب الدولة إلى الجحيم دفاعا عن الحرية التى انتهكت من وجهه نظر ثلة من المصريين ..فكيف ينتشر الجيش فى الشوارع  ! .. وكيف تلقى الشرطة الفرنسية القبض على أسرة إرهابى سفاح ..ولماذا تقتل القوات الخاصة الفرنسية من يحمل السلاحولا تحاكمه محاكمة عادلة ؟ ..وكيف لبلد الحريات الأولى فى العالم تقبل بإعتقال 21 شخصا من أصدقاء وأقارب الإرهابيين ؟ ..أيها الإنتهازيون لاتتدثروا بثياب الأنبياء.

اونا

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى