الأخبار

الاحتفاء بـ 25 يناير.. لماذا؟

 

176

 

 

اقتربنا من مضى أربعة أعوام على انطلاق ثورة «اللوتس» بروافدها الفكرية والطبقية المتعددة مطالبة بالتغير وبالقطيعة مع نظام مبارك «كفاية»، وبرؤيتها لدولة عصرية مدنية ديمقراطية «وثيقة مستقبل مصر»، وبإعلاء قيمها فى الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية والخبز واستقلال الجامعات والقضاء، وباحترام وسائلها السلمية عبر أصواتها الاحتجاجية والانتخابية «صوتى مطلبى»، ولقد تحولت تلك الثورة إلى ملحمة عبر إصرار الضمير الجمعى لروافدها على الاستمرار، رغما عن الإخفاقات، حتى يتم إصلاح وبناء الدولة. ويتصاعد الحنين لاسترجاع الشعور بالفخر، من جهة للانتصار على رأس منظومة الاستبداد الذى ظل يعيث فسادا 30 سنة بمساندة عناصر محلية وإقليمية وعالمية، ثم عمل على توريث الحكم، ومن جهة أخرى للانتماء إلى مصر فجر الضمير، التى أبهرت العالم مجددا، بسعيها للإنضمام لمسيرة العالم الحر عبر السلوكيات والقيم الحضارية لشعبها فى ميادين التحرير.

وكلما اقترب هذا اليوم من كل سنة أتوجه بالشكر والعرفان والدعوة بالشفاء والرحمة لمصابى وشهداء تلك الملحمة وبالصبر لعائلاتهم، فضلا على الشخصيات التى لبت نداء خالقها بعد أن عملت لانطلاقها واستمرارها «عزيز صدقى، محمود محفوظ، عبدالفتاح القصاص، عبدالحميد الغزالى، اسامة انور عكاشة، سعد هجرس، نانسى أنسى، حامد عمار، معين مختار ،انور عبدالملك، عبدالوهاب المسيرى، أحمد سيف الإسلام..إلخ». واتألم لمعاناة رفقاء الثورة وبالأخص سجناء الرأى والقوانين المقيدة للحريات، لعدم تحقيق مطالبها فى «استخدام أصواتها الاحتجاجية»، وبسبب التشويه المتعمد لأعظم مشهد فى التاريخ المصرى، ثم لأحكام البراءة للرئيس الأسبق وعصابته ومظاهر عودتها المستفزة لمقاعدهم. ويغمرنى الأسى لكون فئات متعددة من شعبنا قد تضررت وتتحسر على ما قبل 25 يناير، ولكون اعداد متزايدة من الشباب المناضل شديدى الحماس للقيام باى شئ لخدمة بلدهم، وهم يتخذون خطوات إيجابية للرحيل عن البلاد.

ثم أتساءل: لماذا على أن أحتفى؟

أحتفى لاعتزازى باستمرار تلك الملحمة فى العبور من اليأس إلى البأس، وإنجازاتها المبهرة وخاصة التغير فى وعى الشعب (بحقوق وواجبات ملكية الوطن لكل الناس والعدالة للجميع، وبتحديات التحول الديمقراطى، وبآفاق عصر المعرفة) الأمر الذى لمسته فى حوارات عقدتها مؤخرا مؤسسة قضايا المرأة حول مخططها الاستراتيجى، وأحتفى أيضا لأذكر نفسى وأخواتى وإخوتى فى الانسانية والوطن لأهم «السلبيات والمراجعات» خلال مراحل رحلة البحث عن المستقبل منذ يوليو 52 وحتى تاريخه، فضلا على أهم إنجازات الملحمة الثورية، فى إطار متغيرات عالمية ومخططات صهيونية وقوى رجعية، لاستخلاص العبر للاستفادة منها فى الجهود الحالية لاستكمال خريطة الطريق وإصلاح وبناء الدولة.

• مرحلة ناصر: رؤى ومشروع لتحرير مصر (عسكريا واقتصاديا) وتحقيق التنمية بالاشتراكية فى إطار التعامل مع دوائر الأمن القومى وعدم الانحياز، وعالم القطبين وعصر الصناعة.

• سلبيات: الإخفاق فى بناء حكم مدنى وديمقراطى للجمهورية الأولى، إهدار الحريات، تأميم المجتمع المدنى والقطاع الخاص ،التعامل مع المسيحيين من خلال الكنيسة، امتداد الفصل بين المصريين فى التعليم الاساسى «دينى/مدنى»الى الجامعى، مذبحة القضاء، انفصال السودان، انفصال سوريا 1962 وسيطرة المشير عامر والعسكريين على المؤسسات المدنية، حرب اليمن، الهزيمة العسكرية فى67.

• المراجعات النقدية: الاعتراف بالمسئولية عن الهزيمة، اعلان 30 مارس لتصحيح العلاقة بين «المجتمع والسلطة»، الحريات الفكرية، محاكمة القيادات الأمنية والعسكرية، إبعاد القوات المسلحة عن السلطة المدنية، تجهيز الدولة للعبور بالمعرفة والموارد المجتمعية والمسؤولية الجماعية.

• مرحلة السادات: رؤى ومشروع لتحرير سيناء وتحقيق التنمية بالليبرالية فى إطار مصر أولا وعالم القطب الواحد وبزوغ عصر المعلومات.

• سلبيات: استخدام مظاهر الدين والأمن والطائفية والقبلية لأسباب سياسية، إطلاق الرأسمالية المتوحشة، ارسال الشباب إلى افغانستان ثم إلى السجون والتعذيب ثم الارهاب، تبعات إتفاقية السلام مع إسرائيل (محليا وإقليميا)، تغييرات دستورية لاستمرار «الرئيس» لفترات مفتوحة، معارضة القوات المسلحة التحول للحكم المدنى (منصور حسن).

• مرحلة مبارك: متابعة مشروع سلفه بدون مراجعة فكرية ولا استجابة للمتغيرات المعرفية والجيوسياسية

• سلبيات:

• إرساء دولة الفساد، انهيار الثقافة والخدمات ورأس المال الاجتماعى، تهريب الآثار، البذخ والفقر، القضية السكانية، برنامج الخصخصة، تهميش سيناء ودول وادى النيل، محاولة التوريث لحاكم مدنى (على غير رغبة القوات المسلحة)عبر: استخدام الدستور /الأمن /النيابة /القضاء والإنتخابات/ الاعلام / رجال الاعمال /الصفقات /الفتنة الطائفية /السلفية الوهابية / سفك دماء المواطنين والثوار.

• مرحلة 25 – 30 يناير: نحو التحول الديمقراطى والتخلص من دولة الفساد ومنع شبح الإقتتال على الهوية.

• إنجازات:

• الوعى بحقوق وواجبات ملكية الوطن «لكل الناس»و «العدالة للجميع».

• استخدام الأصوات الإحتجاجية والانتخابية فى «إسقاط/إنتخاب»(الرئيس الأسبق/المجلس العسكرى/الرئيس السابق/الرئيس الحالى)

• إعداد وإقرار أول دستور 2014 يوازن بين السلطات ويعلى من حقوق الانسان والمواطنة، ويقنن استقلالية القوات المسلحة عن السلطات المنتخبة بمادة مؤقتة لدورتين رئاسيتين (8 سنوات).

• سلبيات: التخبط والتعثر فى التحول الديمقراطى /الصراع على الهوية / حل مجلس الشعب/ فشل مرسى «المدنى/الإسلامى»، تدهور الأمن والاقتصاد، عدم تبنى رؤية / مشروع لإصلاح مؤسسات الدولة الخربة وخاصة «العدالة والتعليم»، سياسات (امتصاص حماس الثوار ثم تفريق تجمعاتهم ثم تشويههم وإجهاضهم)، اعلام تعميق التعصب والانقسام وإشاعة البذاءات / الشذوذ /الجن/التكفير/ /التخوين/ الالحاد، عدم القصاص لمظالم قبل وبعد 25 يناير، أسلوب وتبعات تنفيذ المطالبة بإقصاء الرئيس السابق، وسائل التصدى للإرهاب، الاستعانة بقيادات توحى بإعادة الحياة لما قبل 25، قوانين تنظيم الاصوات الاحتجاجية والإنتخابية، النخب والقوى السياسية والثورة المضادة.

وأنهى:

نحتفى بالإنجازات والإصرار على الاستمرار لتحقيق المطالب فى اطار الدستور، عبر التوافق والإرادة والفعل.

الشروق

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى