الأخبار

٣٠ يونيو.. رغم أنفهم

160

 

 

قبل عام من الآن كان الغدُ مقفولا مبهماً. وعيون المصريين خاوية من الفرح تنظر للمجهول بخوف وقلق. مصرُ تُسرق وهويتنا تذوب وخيرات مصر تُبدد ومعجمنا يتبدل وطفت على صفحة الوطن طبقةٌ من المرتزقة منحوا أنفسهم الحق فى تكفير الناس وسبّهم وتأديبهم وإهدار دمهم والخوض فى أعراضهم! وكنا ننتظر أن توقفهم الدولةُ، لكن الدولة نفسها كانت مسروقة، سرقها حاكم خائن بدلاً من أن يضبط موازين التكفيريين ويضعهم فى حجمهم ويكفّ سياطهم عن الناس، ويهذّب معاجمهم البذيئة، خفض لهم جناح الذلّ من الضعف، ومن الطمع فى مساندته ضد الشعب الذى رفضه ورفض جماعته الإرهابية، بل غالى فى منحهم الجبروت وأطلق سراح سفاحين قتلة عليهم أحكام إعدام، بل جلب إرهابيين عتاة فى الذبح والقتل ليدخلوا هذا البلد الآمن ليروّعوا الشعب بعدما جهزهم بالسلاح الآثم لكى يقتلوا من يعارض حكمه.

قبيل ٣٠ يونيو ٢٠١٣، كان مرسى، عروس الماريونيت فى يد المرشد محمد بديع، على وشك تشكيل جيش ملاكى على نهج «الحرس الثورى» الخومينى الذى علّق الثوار على المشانق بمجرد نجاح الثورة الإيرانية التى قامت بها الإنتلجينسيا الإيرانية من علماء وشعراء وفنانين ومثقفين، تم التخلص منهم فور سرقة ثورتهم على يد التيار الإسلامى الخومينى، تماماً كما سرق الإخوان وطوائف الإسلام السياسى ثورتنا التى أسقطت نظام مبارك فى يناير ٢٠١١.

فى ٣٠ يونيو ٢٠١٤، احتفلنا بمرور عام على «ثورة استعادة الثورة»، لكن يد الإرهاب الأسود أبت إلا أن نصحو على تفجيرات فى محيط قصر الاتحادية أودت بحياة شهيدين وعشرة مصابين، حتى كتابة هذا المقال، أدعو الله ألا يزداد العدد يوم نشره صباح الخميس.

كعادتهم، يقتلون كل فرحة تزور قلوب المصريين بما يحملون من منطق الخبث والدناءة التى تعشش فى قلوبهم منذ علّمهم عرّابهم الأول «حسن البنا» فنون تصفية كل من يحب الوطن وكل من يتمرد على منطقهم الفاشى الدموى. ولم ينج منهم حتى من لبس عباءتهم وتأخون مثلهم ثم قدّر له القدرُ أن يفكر ويتساءل ويقول: «لماذا؟!» مثلما فجروا السيد فايز الإخوانى فى خمسينات القرن الماضى بعلبة من حلوى المولد المفخخة لأنه تجاسر وناقش مرشد الجماعة آنذاك، فكان جزاؤه القتل مع أفراد أسرته المنكوبة.

لم يدفعهم هذا الشهر الكريم الذى نزل فيه القرآن هدى للناس ورحمة إلى أن يحقنوا الدماء، أو يجمدوا إرهابهم حتى انتهائه! أبوا إلا أن يحرموا أسراً من أبنائها بعد قول المؤذن «الله أكبر» إيذاناً بيوم صوم وعبادة وتطهّر. ثم يزعمون إيماناً وإسلاماً وتُقًى! لكننا نرميهم بما رماهم به عرّابهم البنا حين قال: «ليسوا إخواناً وليسوا مسلمين»، هو عرابهم الذى لم يسيروا فى جنازته، ولم يزوروه فى قبره بعدما سرقوا عرش مصر، ومرّت ذكراه دون أن ينتبهوا لأن ما يشغلهم هو السلطة ودحر المعارضين.

مكتوب علينا أن ندفع ثمن خطأ من وثق بهم يوماً ومنحهم صوته ليسرقوا الوطن. وليس سوى الله فقط يعلم إلى أى مدى ستطول هذه الفاتورة الباهظة ومتى نتمم دفعها حتى يصفو لنا وجه مصر نقياً من بشاعتهم وإرهابهم.

لكن هذا لن يمنعنا من أن نحتفل بأعياد الثورة الثانية، ونفرح بكوننا شعباً عظيماً قال للظلام: «لا!» قويةً مدوية أمام الدنيا. ولن يمنعنا من استكمال خارطة الطريق الثلاثية التى حققنا منها خطوتين، بكتابة دستور آدمى محترم، وانتخاب رئيس نراهن عليه أن ينقذ معنا وطناً كاد أن يؤول للسقوط على يد جماعة الإرهاب والدم، والأهم من جماعات الذبح والظلم والظلام. كل ٣٠ يونيو وأنت طيب يا شعب مصر، رغم أنفهم.

الوطن

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى