الأخبار

زوج مخلوع «باكياً»

107

بخطى ثقيلة وجسد نحيل يقاوم السقوط، وقف “حسنى” الرجل الستيني بملابسه المتواضعة ونظارته الطبية الكبيرة ذات اللون الاسود القاتم، أمام أعضاء أحد مكاتب تسوية المنازعات الاسرية بمحكمة الاسرة بزنانيرى، يمسك بأيد مرتعشة “كيس بلاستيك” شفافا مربوطا بإحكام، يكاد يتشقق من كثرة ما به من أدوية، لعلاج “السكر والضغط”.

بدأ الموظف بهيئة النقل العام، غارقا فى الأحزان، محاصرا بآلام الذكريات التى تعصف بذهنه، كلما خط اعتاب المحكمة بقدميه المتعبتين من البحث عن باب رزق يساعده على تحمل نفقات شقيقته المطلقة وصغارها، ووالده المريض، وصبيانه الثلاثة، أو من حضور جلسة نفقة صغير، أو أجر مسكن، أو غيرها من الدعاوى القضائية التى ترفعها زوجته الأربعينية – حسب روايته- ضده، وكانت خلعته بعد 22 عاما من الزواج بحجة إنه “العجز الجنسى”.

يلتقط الزوج الستينى “حسني”، كرسيا خشبيا أمام منضدة مستديرة، تتناثر عليها مستندات، بحجرة مكتب التسوية ذات السقف العالي والحوائط المطلية بعناية، ويبدأ سرد تفاصيل مأساته بصوت وهن لا يخلو من البكاء: “لم يخطر ببالى يوما أن يهدم البيت الذى حاربت 22 عاما ليسقر ويستمر، وضحيت بصحتى وراحتى ليبقى مفتوحا، اجمع فيه اولادى الثلاثة وأحميهم من أهل السوء، لم تخرج شكوى من فمى، كنت أحبس ألمى وتعبى من عناء العمل بأكثر من مكان، حتى لا يشعر أحد، في الصباح أعمل موظفا بهيئة النقل العام، وفي الليل سائق تاكسي”.

ويكمل: “حتى زوجتى التى خانت عشرتى وخلعتنى بعد كل هذة السنوات بحجة اننى لم اعد قادرا على اشباع رغباتها واطفاء نيران شوقها، وقفت أمام هيئة المحكمة قائلة بصوت مدوى: (ده مبيعرفش، وانا بشر ولي احتياجات كأى أنثى ومازال العمر أمامى)، لا اتذكر اننى جرحتها يوما أو قصرت فى اداء مهامى الزوجية كما تدعى، أورفضت لها طلبا رغم ضيق حالي، كنت احثها دوما على ادخار راتبها من عملها موظفة بالشئون القانونية بإحدى الشركات”، ثم دخل في نوبة بكاء افقدته القدرة على الكلام للحظات.

يجمع الرجل الستينى شتاته، ويكمل روايته لأعضاء مكتب تسوية المنازعات: “حتى الان لا اجد سببا لما فعلته زوجتى معى، لكنها طوال عمرها كده، تغتر بجمالها وأنوثتها، يا ليتنى مت قبل أن اتهم بالعجز زورا وبهتانا، وافضح فى ساحات المحاكم، وافترق عن اصغر ابنائى “12 عاما”، وللاسف كله بالقانون فهو لا يزال فى حضانة أمه، لا أعرف هل القانون وضع لكى تستقر الامور وتستقيم أم لتهدم البيوت ويشرد الاطفال؟، هل فى القانون ما يعوضنى عن فراق ابنى؟، لماذا لا يوجد نص يحاسب المرأة التى تسيء استغلال قانون الخلع؟”.

يخلع “حسني” نظارته ويمسح بمنديله عدساتها السميكة المبللة بدموعه ويختتم حديثه: “بعد الخلع منذ 4 أشهر تقريبا، بت ارسل الى ابنى الصغير 250 جنيها بشكل ودى، لكنه لم يعجبها، ومنذ فترة طلبت طليقتي 100 جنيه زيادة لكنى رفضت، فالأعباء ثقيلة عليّ، لا ننى انفق على والدى المريض وشقيقتى المطلقة وصغارها، علاوة على مصروفات جامعة الولدين، وأنا مرتبى لا يتجاوز 1200 جنيه، وفوجئت بها ترفع دعوى نفقة صغير،وما دامت طرقت أبواب المحاكم فلتكملها للنهاية وتفعل ما تريد، من تهدم حياتها وبيتها.. تفعل أى شىء” بحسب الزوج الستيني.

 

صدي البلد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى