الأخبار

أخطر فصول كتاب مصطفى بكرى الجديد

 

 

35

 

ابتداءً من هذا العدد، تنشر «الأسبوع» و«الوطن» فصولاً منتقاة من كتاب سوف يصدر قريباً بعنوان «لغز المشير» للزميل الكاتب الصحفى مصطفى بكرى. وتتناول هذه الحلقات أدق تفاصيل المرحلة الانتقالية وحقائق الأحداث التى شهدتها، وأسراراً تنشر للمرة الأولى عن مواقف ظلت طى الكتمان طوال المرحلة الماضية.ويركز الكتاب على وقائع المرحلة الانتقالية التى تولى فيها المشير حسين طنطاوى، إدارة شئون البلد، بوصفه رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة. وفى هذا الفصل، يتناول «المؤلف» تفاصيل الحوار الذى جرى بينه وبين المشير حسين طنطاوى يوم التاسع عشر من أبريل 2011، أى بعد اندلاع ثورة 25 يناير بأسابيع قليلة. ويؤكد المشير طنطاوى خلال هذا اللقاء الذى سجّل المؤلف تفاصيله كاملة، موقف الجيش من التطورات التى شهدتها البلاد فى هذه الفترة، وتصوراته للفترة المستقبلية.

كان المشير على علم بأبعاد المخطط الذى استهدف نشر الفوضى وإسقاط الدولة، إلا أنه كان على ثقة من أن المتآمرين من الداخل والخارج لن يتمكنوا من تحقيق أهدافهم، طالما ظل الجيش المصرى قوياً وموحّداً.. وإلى التفاصيل.

لم تكن تلك هى المرة الأولى، كنت ألتقيه بين الحين والآخر فى البرلمان أو العزاءات أو الأفراح، أو بعض اللقاءات الخاصة، وجه أسمر، مغموس بتراب هذا الوطن، وقلب صافٍ ومفتوح، وإنسانية بلا حدود.

كان الموعد الثانية عشرة من ظهر الثلاثاء التاسع عشر من أبريل عام 2011، لم يكن هناك ترتيب خاص، وإنما هى الصدفة وحدها، التى كانت وراء لقائى مع المشير محمد حسين طنطاوى فى هذا الوقت.

فى العاشرة من صباح اليوم ذاته، كنت ضمن وفد من أبناء منطقة حلوان، نلتقى اللواء حسن الروينى قائد المنطقة العسكرية المركزية، كنت قد تحدثت معه فى اليوم السابق، وأبلغته غضب أبناء حلوان من قرار رئيس الوزراء إلغاء محافظة حلوان، وإعادة تبعيتها مرة أخرى إلى محافظة القاهرة.

استقبلنا اللواء حسن الروينى بترحاب شديد، شرحنا له خطورة القرار، وطلبنا إعادة محافظة حلوان مرة أخرى، وأثناء الحوار الذى استمر لما يقرب من الساعتين، جاء اتصال هاتفى مهم للواء حسن الروينى، غادر المكتب الذى استقبلنا فيه، ثم عاد إلينا بعد قليل.

وبعد انتهاء حوارنا معه، طلب منى اللواء حسن الروينى الانتظار بعض الوقت، وأبلغنى أن المشير طنطاوى، عندما علم أننى موجود، طلب أن يرانى فى مكتبه بمبنى وزارة الدفاع القريب من مقر المنطقة المركزية.

فى هذا الوقت كانت مدينة قنا فى جنوب الصعيد قد شهدت توتراً كبيراً بعد الإعلان عن تعيين محافظ قبطى هو اللواء عماد ميخائيل، خلفاً للواء مجدى أيوب، مما اعتبره البعض ترسيخاً واستمراراً لسياسة تعيين محافظ قبطى للمرة الثانية على التوالى بالمحافظة.

فى هذا الوقت، اشتعلت الأزمة فى مدينة قنا، وبدأ بعض خطباء المساجد يصعّدون حدة انتقادهم للقرار الذى أصدره المشير طنطاوى، بوصفه رئيس المجلس العسكرى فى 14 أبريل 2011، فى إطار حركة المحافظين التى شملت تعيين 18 محافظاً.

بدأت الأحداث بمظاهرة محدودة فى ميدان الساعة يوم صدور القرار، إلا أن حركة الاحتجاجات قد تزايدت حتى وصلت إلى ذروتها يوم الجمعة 15 أبريل.

وفى هذا اليوم، احتشد نحو ثلاثين ألفاً من أبناء قنا، وبدأوا اعتصاماً مفتوحاً أمام مبنى ديوان المحافظة، وقرّروا منع أى موظف من الدخول إلى المبنى، ثم سرعان ما تصاعدت الأحداث بالتهديد بقطع طريق السكة الحديد (القاهرة – أسوان).

وعندما أدى المحافظ «القبطى» اليمين الدستورية أمام المشير طنطاوى فى اليوم التالى، اعتبر أهالى قنا أن ما جرى هو استخفاف بهم ورفض لمطلبهم، فقاموا على الفور بقطع الطرق السريعة بين القاهرة وأسوان، حيث جرى قطع طريق السكة الحديد، ثم الطريق الغربى، وطريق قنا – البحر الأحمر.

وقد قام وفد يمثّل وزير الداخلية اللواء منصور العيسوى، ووزير التنمية المحلية اللواء محسن النعمانى، والتقيا مع زعماء القبائل وعدد من الشخصيات العامة فى قنا، إلا أنهما فشلا فى فض الاعتصام أو إقناع المحتجين بفتح الطرق التى تم قطعها.

وقد أجرى اللواء حسن الروينى اتصالات عديدة، بعد أن علم بتدهور الموقف والاستمرار فى قطع الطريق وشل جميع مظاهر الحياة فى منطقة جنوب الصعيد.

وقُبيل أن نمضى إلى مكتب المشير طنطاوى أبلغنى اللواء الروينى أن المشير طنطاوى قرر إيفاد وفد شعبى إلى أهالى قنا للتفاوض معهم، لإنهاء الاعتصام وفتح الطرق المغلقة، وسألنى إذا كنت أقبل أن أكون عضواً فى هذا الوفد؟!

وعندما سألته على الفور: ومَن سيكون ضمن أعضاء الوفد؟!

– قال لى الروينى: أنت والشيخ محمد حسان وصفوت حجازى.

توقفت لبعض الوقت، وسألته: ولماذا صفوت حجازى، تحديداً؟!

– قال اللواء الروينى: يبدو أن له أنصاراً هناك، كما أن الشيخ حسان أوصى بأن يرافقه فى هذه الزيارة.

أبديت موافقتى على المشاركة ضمن الوفد، فأنا أنتمى إلى هذه المحافظة، ومهتم بما يجرى فيها، ولدى معرفة عميقة بالرموز القبلية والعائلية.

■ ■

مضينا فى سيارة عسكرية من مبنى المنطقة المركزية إلى وزارة الدفاع، ثم صعدت أنا واللواء حسن الروينى إلى صالون الاستقبال الرئيسى فى مبنى الوزارة.

دقائق معدودة، وجاء المشير طنطاوى، كان جسده نحيلاً للغاية، ووجهه يبدو شاحباً، والإرهاق والتعب باديان عليه، وكأنه يحمل هموم الدنيا على ظهره.

تعانقنا، وبادرنى بالسؤال: أنت فين؟!

– قلت له: موجود يا فندم.. تحت أمرك.

– قال: موجود فين؟ انتو سايبينى لوحدى.

– قلت له: إزاى يا فندم.. الناس كلها معاك، وبنقول لك كان الله فى عونك.

تدخّل اللواء حسن الروينى فى الحديث، وقال:

– على فكرة يا فندم، خلاص أنا أبلغت الشيخ محمد حسان وصفوت حجازى ومعاهم مصطفى بكرى حيسافروا عصر اليوم إلى قنا علشان موضوع الاعتصام وقطع الطرق.

– قال المشير طنطاوى: وليه بس صفوت حجازى، أنا لا أحب هذا الشخص!!

– قال اللواء الروينى: الشيخ حسان تمسك بيه، وخلاص أهوه حيروح وكل شىء ينتهى.

– نظر إلىّ المشير وقال: لازم تروح معاهم، دول أهلك وناسك، وحاولوا تهَدُّوهم، البلد مش مستحملة، وقطع الطرق ده أسلوب مرفوض، حياة الناس متعطلة، وأنا مش عاوز ألجأ لأى أساليب، لأن دول أهلنا برضه.

استأذن اللواء حسن الروينى فى الانصراف من الغرفة، وتركنى وجهاً لوجه مع المشير طنطاوى فى لقاء استمر لأكثر من الساعة.

– قلت للمشير طنطاوى: خلى بالك من صحتك يا فندم، أنا شايفك فقدت الكثير من وزنك.

– قال المشير: أنا ماباروحش بيتى إلا فيما ندر، أحوال البلد صعبة، وكل أعضاء المجلس الأعلى شبه مقيمين فى المبنى، أنا ماباعرفش أنام، مسئولية البلد مش هينة، البلد فى حالة انفلات، ودورنا نحمى الناس والمنشآت ونحافظ على مصر، المؤامرة كبيرة علينا.

– قلت له: ولكن الخطر الرئيسى تراجع يا فندم.

– قال: اتراجع إزاى، الأوضاع خطر للغاية، المتآمرين مش عاوزين يسيبوا البلد فى حالها، إحنا عارفين المخطط كويس، علشان كده إحنا لن نعطيهم الفرصة أبداً لتنفيذ مخططهم.

– قلت له: الشعب المصرى عنده ثقة كبيرة فى سيادتك وفى الجيش المصرى.

– قال: إحنا اولاد الشعب، الجيش دول همه مين، دول اولاد الشعب، اولاد العمال والفلاحين، أبناء كل المصريين، الجيش ده هو مصر، علشان كده إحنا عمرنا ما حنسمح لأى حد يهدد البلد دى.. ولازم كل المخلصين يقفوا مع البلد.

– قلت له: اطمئن يا سيادة المشير، كل الشرفاء مع مصر ومع الجيش، أنتم الأمل، والمنقذ من المؤامرة.

– قال: أريدك إلى جوارى، عاوزك مستشار سياسى جنبى.

– قلت له: أنا تحت أمرك يا فندم، ممكن أحضر إليك فى أى وقت، ولكن دون مكتب أو تسمية، اطلبنى وقتما تشاء، وسوف تجدنى إلى جوارك.

صمت المشير، وقال: خلاص أنا حخلى اللواء الروينى صلة الوصل بيننا وأتمنى أن أراك بين الحين والآخر.

– قلت: وأنا تحت أمرك فى أى وقت.

– قال المشير طنطاوى: أنت تعرف أننا لم نكن راغبين فى السلطة، ولم نسعَ إليها أبداً، ولكن القدر الذى أوجدنا فى هذه الظروف، البلد مثل كرة اللهب، كان لا بد للجيش أن يتلقاها ويسعى إلى تبريدها لتعود الأمور إلى نصابها الصحيح، إحنا عارفين من البداية أن المشاكل كبيرة، وأن الأوضاع صعبة، ولكن ثقتنا فى الشعب المصرى ووعيه أكبر من كل شىء، ولذلك لن نفقد الأمل أبداً، فقط علينا بالصبر، وكل شىء حيبقى كويس إن شاء الله.

– قلت له: ولكن الشعب يثق فيكم وفى وعودكم وقدرتكم على إنقاذ البلاد مما يحاك لها من مخططات.

قال: حجم المؤامرة على مصر أكبر مما نتصوّر، ومع ذلك سوف نتعامل مع الأحداث بكل هدوء، هم يريدون جرنا إلى الصدام مع الشعب، ولكن هؤلاء أبناؤنا ولازم نستحملهم، وقد أعطيت تعليماتى لكل القادة والضباط والجنود بأن يكتموا غيظهم، وألا يستجيبوا للاستفزازات، لأن هذا ما يريده البعض ضد مصر.

■ ■

ملاحظة: (تأكدت صحة هذا الكلام من خلال المواقف العملية وأيضاً عندما قال الرئيس السيسى: «إن المشير طنطاوى، إنسان وطنى عظيم، وحمل ما تنوء عن حمله الجبال» لم يكن يبالغ، بل كان يؤكد على حقيقة كان قريباً منها، بل أكثر الناس قرباً خلال سنوات عديدة اقترب فيها من المشير طنطاوى وتحديداً خلال الفترة الانتقالية، أثناء وبعد ثورة الخامس والعشرين من يناير).

وعندما قال الفريق صدقى صبحى، فى 16 ديسمبر 2012، وكان رئيساً لأركان حرب القوات المسلحة فى هذا الوقت، إن المشير طنطاوى طلب منه أثناء ثورة 25 يناير 2011، عدم إطلاق الجيش أى طلقة رصاص واحدة ضد المتظاهرين «كان يؤكد أيضاً على ذات الحقيقة».

لقد قال الفريق صبحى صدقى فى هذا الوقت «حينما كنت قائداً للجيش الثالث الميدانى، تلقيت حينها تعليمات من المشير تقول «خلى بالك أوعى طلقة تطلع فى صدر مواطن علشان التاريخ هيكتب أنه فى يوم 28 يناير 2011، قتل الجيش المصرى الشعب المصرى».

وقال «حينما تعرضت القوات المسلحة للإيذاء والإهانة فى بعض الأحيان، كان التنبيه من سيادة المشير بعدم رفع السلاح فى وجه أحد».

نظر الفريق إلى القادة والضباط والجنود وقال لهم «أنا هنا أؤدى التحية العسكرية لهذا الرجل الآن، لأنه فى الحقيقة لن يعطيه حقه إلا المولى عز وجل، لأنه قام بدور عظيم لصالح هذا البلد والشعب، ولنا أن نقدر هذا الدور العظيم».

صفق الحاضرون بشدة، فقد كانت الكلمات تعكس مشاعر حقيقية تجاه ما قدم هذا الرجل لوطنه وشعبه وأمته.

■ ■

أعود مرة أخرى إلى اللقاء مع المشير طنطاوى، لقد قلت له: «إن حديثك عن المخططات والمؤامرات ضد مصر يؤكد الواقع، ولكن ثق أن الشعب يثق فيكم وفى وعودكم وقدرتكم، على إنقاذ البلاد مما يحاك لها».

– قال: منذ اليوم الأول لتسلمنا السلطة أخذنا على أنفسنا عهداً بحماية البلاد من خطر الفوضى وإعادة الأمن والاستقرار إليها، وإجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية فى أسرع وقت ممكن، نحن كما قلت لك لا نرغب فى السلطة ونريد أن نسلمها إلى رئيس مدنى منتخب على وجه السرعة.

– قلت له: ولماذا تحدده بأن يكون رئيساً مدنياً؟ لماذا لا ترشح نفسك أنت أو غيرك من أعضاء المجلس العسكرى؟!

– رد المشير سريعاً وقال: لا.. لا.. دى أمانة حنسلمها للرئيس المنتخب من الشعب، ليس فى نيتى ولا فى نية أحد من أعضاء المجلس العسكرى أن يرشح نفسه فى الانتخابات، الشعب سيختار رئيساً مدنياً بإرادته، وأنا أعلنت ذلك أكثر من مرة، وسأنفذ الوعد بإذن الله، وبعدها نعود جميعاً إلى ثكناتنا.

– قلت له: ولكن ماذا إذا طالب الناس بترشحك للانتخابات الرئاسية؟

– قال: سأرفض، أنا مش عاوز، ولا أرغب فى ذلك، نحن تسلمنا الأمانة من الرئيس السابق وعلينا أن نسلمها للشعب.

– قلت له: ولكن هل حقاً الجيش أرغم الرئيس السابق على التنحى عن السلطة؟

– قال: أبداً، احنا وقفنا مع الشعب ومطالبه المشروعة، ورفضنا استخدام العنف أو القوة، وهذه عقيدة ثابتة لدى القوات المسلحة، ثم ترك السلطة بإرادته عندما أدرك أن البلاد يمكن أن تمضى إلى المجهول، ثم نظر المشير إلىَّ نظرة لا تخلو من معنى وقال:

– على فكرة دول كانوا شاحنينه ضدك وبيحرضوه عليك، أنا تابعت المشادة اللى حصلت بينك وبينه فى معرض الكتاب العام الماضى.

– قلت له: وأيضاً كانوا بيحرضوه عليك وعلى الجيش خاصة بعد موقفك فى مجلس الوزراء الذى رفضت فيه بيع بنك القاهرة.

– قال المشير: انت عملت لى مشكلة كبيرة معاه بعد الأخبار اللى انت نشرتها.

■ ■

تذكرت فى هذا الوقت ما نشرته فى صحيفة «الأسبوع» فى عام 2007، عندما قيل لى: إن المشير طنطاوى احتد على الدكتور أحمد نظيف وعدد من وزراء المجموعة الاقتصادية عندما اعترض على محاولة الحكومة بيع بنك القاهرة، ووصل الأمر إلى حد اتهام البعض منهم بخيانة مصر والتفريط فى مقدراتها لصالح الأجانب.

ساعتها حمل مانشيت صحيفة «الأسبوع» عنواناً يقول: «وزير سيادى يتهم حكومة نظيف ببيع مصر للأجانب».

ويومها قامت الدنيا ولم تقعد وثار أحمد نظيف واشتكى للرئيس، وطلب من وزير الداخلية حبيب العادلى معرفة المصدر الذى أمدنى بوقائع ما حدث فى جلسة مجلس الوزراء.

كان الرئيس مبارك يتابع تفاصيل ما جرى فى اجتماع الحكومة، بعد أن أبلغه بها أحمد نظيف رئيس الوزراء فى هذا الوقت، وغضب غضباً شديداً، وخلال افتتاح الرئيس مبارك لفندق «الفورسيزون جراند بلازا» بالإسكندرية فى 3 يوليو 2007، قال للمشير طنطاوى أمام الحاضرين: بلاش تتدخل فى الاقتصاد يا حسين، لقد عرفت بما حدث داخل مجلس الوزراء فى صفقة بيع بنك القاهرة، وأنا أنصح أن تترك الاقتصاد لأصحابه من الاقتصاديين.

أدرك المشير معنى الرسالة، وثبت له يقيناً أن مبارك منحاز إلى توجه المجموعة الاقتصادية التى كان يرى المشير أنها تشكل خطراً على البلاد وأمنها القومى.

■ ■

قلت للمشير طنطاوى خلال اللقاء: أنا عرفت أن الرئيس كان غضبان، ولكن موقفك سيسجله التاريخ بأحرف من نور، لأنك تصديت لبيع بنك القاهرة وبنوك ومصانع وشركات عديدة.

لم يعلق المشير على ما قلت، انتقل على الفور إلى موضوع آخر، سألنى عن الانتخابات البرلمانية وعما إذا كنت متفائلاً.

– قلت له: الانتخابات ستكون ساخنة جداً.

– قال: متخافش.. الجيش سيؤمن كل شىء.

– قلت: هناك أحزاب عديدة ستدخل الانتخابات.

– قال: فى اعتقادك الإخوان ياخدوا كام فى هذه الانتخابات؟

– قلت: أظن أن الإخوان لن يحصلوا على أكثر من 20 أو 25 ٪.

فى هذا الوقت كان اللواء حسن الروينى قد عاد إلى جلسة اللقاء مع المشير، واستمع إلى ما قلته عن احتمالية حصول الإخوان على نسبة من 20 إلى 25 ٪ من مقاعد البرلمان المقبل، نظر المشير إلى اللواء حسن الروينى وقال له:

اسمع يا حسن، مصطفى قال نفس النسبة اللى أنا متوقعها للإخوان فى مجلس الشعب، أنا عندى ثقة أن الشعب المصرى واع وسيختار من يحرص على مصالحه أياً كانوا.

ساعتها قال اللواء حسن الروينى، أنا بختلف يا فندم اسمح لى، الإخوان لديهم أساليب عديدة وطرق ملتوية وهيخدعوا الناس بكلامهم المعسول وأحاديثهم عن الدين، أنا مش مطمئن يا فندم.

– قال المشير: فى كل الأحوال، احنا حنعمل انتخابات نزيهة والشعب يتحمل مسئوليته فى الاختيار، هذا حق الشعب ولن نصادر حقه أبداً.

– قلت للمشير: واضح أن هناك إصراراً على تسليم البلاد سريعاً إلى السلطة المدنية التى سيجرى انتخابها.

– قال: عندما تسلمنا السلطة من الرئيس السابق تعهدنا فيما بيننا على تسليمها فى فترة لا تزيد على ستة أشهر، ولكن كما شاهدت، الأحزاب وشباب الثورة طالبوا بفسحة من الوقت، حتى يتمكنوا من تنظيم صفوفهم، وأنا شخصياً أتمنى أن تكون هذه القوى ممثلة فى البرلمان المقبل، وقال: «نحن سيكون موقفنا على الحياد ولن نتدخل ضد أحد أو لصالح أحد ولن نسمح أبداً بتزوير الانتخابات».

– واستكمل المشير حديثه بالقول: نحن على ثقة أن مصر ستعبر هذه الأزمة رغم أننا نعرف أنهم لن يتركونا فى حالنا، كثير من الحقائق غائبة عن الناس، وأنا سبق أن حذرت أكثر من مرة من أن البلد مستهدف، ولكن للأسف، هناك من يصور الأمور على غير حقيقتها، ومع ذلك أقول لك إن الجيش مستعد لتحمل دفع الضريبة كاملة، لقد رفضنا توجيه طلقة رصاص واحدة إلى الشعب أثناء ثورة 25 يناير، وسيبقى موقفنا ثابتاً برغم كل محاولات الاستفزاز والتحريض، لكن لازم الجميع يتأكد أن جيش مصر لا يمكن أن يرفع السلاح فى وجه شعب مصر، وهذا موقفنا وسيظل كذلك لحين تسليم السلطة والانسحاب إلى ثكناتنا العسكرية.

فى هذه اللحظة كان الحوار قد وصل إلى منتهاه، ساعات قليلة وسوف نغادر إلى قنا، ودعت السيد المشير، ومضيت مع اللواء حسن الروينى إلى خارج غرفة الصالون، بينما مضى المشير إلى مكتبه ليواصل عمله.

بعد ذلك بقليل كنت أغادر على الطائرة المتجهة إلى الأقصر، جنباً إلى جنب مع الشيخ محمد حسان والدكتور صفوت حجازى، كما رافقنا فى هذا الوقت اللواء على القرشى أحد كبار قادة المنطقة العسكرية المركزية متجهين إلى قنا، حيث كان فى استقبالنا هناك اللواء محسن الشاذلى، قائد المنطقة الجنوبية، واللواء محمد إبراهيم، مدير أمن قنا، الذى عين بعد ذلك وزيراً للداخلية.

 

 

الوطن

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى