الأخبار

مجدى الجلاد يعاير “المصرى اليوم”

 

139

المعطيات والحقائق: “الجلاد” هو الرابح الوحيد حاليا فى الإعلام المصرى

 

لماذا ابتعد رئيس تحرير “الوطن” عن دائرة النفاق الفج لـ”السيسى”.. وما هى خطته للتراجع إذا تغيرت الأوضاع فى البلاد؟

 

قبل أن يرحل مجدى الجلاد، بأقل من شهر، عن جريدة “المصرى اليوم”وفي ظل تردد معلومات حينها عن انتقاله وإعداده لمشروع صحيفة “الوطن” أقسم الجلاد فى صالة التحرير بـ”رحمة أمه” أنه لن يرحل منها، لأنه لو فعل سيكون مثل النبات الذى نزعوه من أرضه.

 

لكنه رحل، كما كان متوقعا، خاصة أنه قبل ذلك القسم بنحو سنة، كما اعترف بنفسه، كان يعاين المبنى الذى ستصدر منه جريدة “الوطن”،  استعدادا لانتقاله إليها، وبرر ذهابه مع مؤسس الجريدة الجديدة لمعاينة المبنى بأنه مجرد “مشوار مع واحد صديق”. وخلال كل تلك الفترة- كما قالت مصادر بـ”المصرى اليوم”- كان يفاوض إدارة الجريدة على مكافأة نهاية الخدمة المقررة له.

 

رحل وهو يؤكد، أنه لن يفرغ “المصرى اليوم” من كوادرها، لكن فى نفس يوم الرحيل، كان قسم كامل بالجريدة وهو التحقيات، يتقدم باستقالته، ليلحق بالجلاد فى الصحيفة الجديدة، وعلى مدى أسابيع كانت الاستقالات تتوالى تحت أغراءات الرواتب المضاعفة فى “الوطن”، إلى أن خرج نحو 30% من صحفيى المصرى اليوم، إلى شارع محيى الدين أبوالعز حيث مقر الصحيفة الجديدة.

 

ومع توالى، الكلام المعسول، عن “المصرى اليوم” الذى يخرج علنا من فم مجدى الجلاد، كان سرا  يكلف أحد مديرى التحرير فى صحيفته، بسب محمد سمير رئيس التحرير التنفيذى لـ”المصرى اليوم”،  فى مقال ودون أن يذكر اسمه، بالقول إن الجريدة أصبحت بلا قائد.

 

ولم ينس الجلاد، فى كل مناسبة، أن يلمح بأن”المصرى اليوم”، لم يعد لها البريق والقوة التى كانت عليها أثناء وجوده، وان المنافسة فى الصحافة المصرية هى بين “الوطن” و”الأهرام”!

 

واليوم الاثنين، نشرت “الوطن” تقريرا عن أزمة بين الصحف القومية و”المصرى اليوم” بسبب زيادة أسعار الصحف، وتضمن التقرير هجوما شديدا على الصحيفة ومؤسسها صلاح دياب، وتضمن ما يلى:” نشبت أزمة حادة بين المؤسسات الصحفية القومية والمجلس الأعلى للصحافة من جانب، وصحيفة «المصرى اليوم» الخاصة من جانب آخر، عقب تراجع المهندس صلاح دياب رئيس مجلس إدارة «المصرى اليوم» عن اتفاقه مع المؤسسات القومية على رفع سعر بيع الجريدة إلى جنيهين اعتباراً من منتصف مارس الحالى.

 

وكان «دياب» أبلغ مؤسسات «الأهرام» و«أخبار اليوم» و«دار التحرير – الجمهورية» بموافقته على رفع السعر، اتساقاً مع قرار المجلس الأعلى للصحافة، بعد الزيادة الكبيرة فى أسعار الورق ومستلزمات الطباعة وارتفاع سعر «الدولار» مقابل الجنيه وزيادة أسعار مشتقات الطاقة، غير أن «دياب» تراجع قبل تطبيق الزيادة بيوم واحد، بهدف إنقاذ صحيفته من التراجع الحاد والمتواصل فى التوزيع، ومحاولة جنى مكاسب من زيادة سعر بيع كافة الصحف الأخرى.

 

وأشارت مصادر مطلعة لـ«الوطن» إلى أن الأزمة بين الطرفين تصاعدت عقب سماح «المصرى اليوم» لأحد العاملين بإدارة التوزيع بها بنشر مقال هاجم فيه المؤسسات الصحفية القومية، واتهمها بـ«المضاربة والتجارة وجمع المال ومص دماء القارئ»، كما اتهم مجالس إدارات الصحف الأخرى بـ«ممارسة لعبة البيزنس»، مما أثار غضب المسئولين فى الصحف القومية والخاصة والمجلس الأعلى للصحافة الذى أصدر قرار زيادة سعر بيع الصحف.

 

وقال مسئول مجلس إدارة إحدى الصحف الكبرى إن «المصرى اليوم» ارتكبت خطأً فادحاً بنشر مقال لأحد العاملين بالتوزيع يهاجم فيه قرار المجلس الأعلى للصحافة والمؤسسات الصحفية العريقة التى تتحمل أعباءً ضخمة للحفاظ على صناعة الصحافة فى ظل الأزمة الاقتصادية الحادة، مشيراً إلى أن السماح للعاملين بإدارات التوزيع والطباعة بالتجريح فى قيادات الصحف والمجلس الأعلى للصحافة يعد إهداراً لكرامة المهنة، مضيفاً «إذا كان المقال المنشور يتهم الصحف القومية بالبيزنس ومص دماء المواطنين، فليقل لنا (المصرى اليوم) من هو مالكها ومؤسسها، وفى أى مجال يعمل، وما علاقته بـ(البيزنس)”.

 

ورغم الضرب من تحت الحزام فى آخر الفقرة السابقة، ضد صلاح دياب، لكن جاءت نهاية التقرير لتكشف عن شماتة مجدى الجلاد فى صحيفته السابقة، وأنها انهارت توزيعا بعد رحيله عنه، ولم يفلح تعيين 5 رؤساء تحرير غيره،  فى إنقاذها، إلى أن تمت الاستعانة بـأحد كوادر”الوطن” وهو مدير التحرير محمود مسلم لابعاد شبح الانهيار عنها.

 

ويعتبر الجلاد، أن محمود مسلم أحد اكتشافاته،  وأنه من أعطاه الفرصة فى المصرى اليوم، وبالتالى فإن أى نجاح يحققه، سيزهو به الجلاد على أنه من “صنع يديهط.

 

 وتضمنت الفقرة الأخيرة من التقرير أن المصرى اليوم” تعرضت لهبوط حاد فى أرقام التوزيع خلال الأعوام الثلاثة الأخيرة، ووصل توزيعها إلى 15? فقط مما كانت تحققه فى عام 2011  وبداية 2012، وهو ما دفع مجلس إدارتها إلى تغيير خمسة رؤساء تحرير متعاقبين، ومؤخراً قرر مجلس الإدارة الاستعانة بالزميل الكاتب الصحفى محمود مسلم «مدير تحرير (الوطن) وأحد مؤسسيها» لمحاولة إنقاذ «المصرى اليوم» من الانهيار بتعيينه رئيساً للتحرير”.

 

ورغم كل هذا فإن الحقائق تقول طبقا لرصد مهني ب”بوابة القاهرة” فإن مجدى الجلاد صاحب أهم تجربة صحفية ظهرت بمصر فى الثلاثين عاما الأخيرة. وتسلم رئاسة تحرير”المصرى اليوم” وهى توزع بضعة آلاف من النسخ، وتركها وهى الصحيفة الأعلى توزيعا والأقوى تأثيرا، وقدم فيها “توليفة” جديدة على الساحة الصحفية. ذاق النجاح المدوى فى سنوات قليلة. وفى صحيفته كان يمكن لأى كاتب انتقاد رأس الدولة فى الصحيفة أيام مبارك. لكنه لا يمكن أن يقترب من الوزراء رجال الأعمال.

 

وإذا كانت “عصا التوازن” التى اشتهر بحملها، حمته كثيرا من “السقوط”. لكنها أيضا حرمته من”الخلود”.أبعدته عن البقاء فى الذاكرة الشعبية نموذجا للصحفى المستقل الذى يعمل للمهنة والناس فقط. أضاع بيديه و”عصاه” فرص الترقى إلى سجلات العظماء. وهذه مجرد نماذج:

 

1-  مقالاته عن مبارك وعائلته شابها كثير من الغموض والارتباك. مرة مهاجما. وأخرى مادحا. مرة يلعن”التوريث” وبعدها “موافقة مشروطة”. بعض العارفين وكثير من المدعين قالوا إن حرب “الجلاد” مع الراحل عبدالله كمال رئيس تحرير “روز اليوسف” الأسبق، لم تكن لمصلحة الوطن والمهنة. بل كانت على من يجلس على حجر جمال مبارك!! وأن “النحيف” رأى أنه سيكون أخف على الحجر من”السمين”، وأنه ورقة مقبولة سيكون أكثر نفعا لـ”الوريث” من ورقة كمال”المحروقة”.

 

2-  صبيحة يوم 26 يناير2011 وضع الجلاد مانشيت “المصرى اليوم” من كلمة واحدة أحدثت زلزالا مدويا فى الشارع وأعمدة السلطة:”إنذار”. الكلمة – القنبلة وصفت بدقة ما حدث فى بداية الثورة يوم 25 يناير، ونذيرا بأن ما حدث مع زين العابدين بن على فى تونس قبلها بأيام مرشح للتكرار فى مصر.المانشيت تناقلته وكالات الأنباء بأيدى حشود المحتجين فى ميدان التحرير، ودشن الصحيفة لتكون لسان حال الثورة، ومجدى الجلاد إلى حاضن لصوت الشعب. لكن “العصا” الملعونة حرمته مما ينتظره من مكانة. فبعد الخطاب العاطفى لمبارك مساء أول فبراير، و”مصر بلد المحيا والممات”، شعر الجلاد أن الرئيس لن يسقط، وأنه استوعب”الإنذار”. لم يتمهل وخرج ليلتها فى مداخلا بالفضائيات يطلب من المتظاهرين مغادرة ميدان التحرير، بعدما تحقق ما يريدون، وأن الرئيس سيرحل عن السلطة بعد 6 شهور.لكن بوصلة الجلاد خابت. فاته أن الشارع يدرك أنها خدعة للسيطرة على الوضع، ثم الانتقام من الثوار. وصدق توقعهم فى اليوم مباشرة حيث موقعة”الجمل” المشهودة. وقتها نال الجلاد نصيبا كبيرا من الهجوم والتوبيخ والشتائم، فصمت وزادت الشكوك تجاهه.

 

وفى ظل الزفة الإعلامية التى بدأت منذ عزل الرئيس محمد مرسى، وتأليه السلطة الجديدة، يبدو أن مجدى الجلاد وقف خطوة وتراجع إلى الوراء خطوتين ليرى المشهد على حقيقته. فهو يعرف قدراته جيدا ويتحرك وفقها. إنه لا يستطيع أن يمسك “طبلة” أو”ربابة” ويعزف ويغنى فى حضرة السلطة سواء على الورق أو على الشاشة. لكنه يستطيع تسخير الجريدة كلها لخدمتها، لكن دون أن يتورط هو شخصيا بمقال بقلمه ينافق فيه أحد.

 

معروف عنه أنه ينظر لـ”بعيد”. يعمل حسابا للغد. لم يضع بيضه كله فى سلة واحدة. يدرك ان الرهان على السلطة- أى سلطة-  فقط هو رهان خاسر. ويعطى نفسه مساحه للتراجع إذا جدّ جديد. “عصا التوازان” وقفت فى صفه هذه المرة. حمته من لعب دور “ممتاز القط” مع مبارك. ورغم امتلاكه برنامجا ملاكى فى فضائية صاحب الجريدة، فإنه نأى بنفسه أن ينال لعنات نالها غريمه ابراهيم عيسى وصحبه من الذين أعلنوا أمام الحاكم “الانبطاح التام أو الموت الزؤام”. وبالقطع رفض أن ينزل إلى مستوى توفيق عكاشة وأحمد موسى.

 

كثيرون يرون أن مجدى الجلاد بذكائه ربما هو الرابح الوحيد حاليا فى مصر، وفق المعطيات التالية:

 

1-  جريدته تخدم على السلطة، وتغرد داخل المطبخ الحكومى، وبالتالى المكاسب مضمونة.

 

2-  الكتاب من أبناء الجريدة يوجههم بعصا هرمونية.. أحدهم مهادن. والآخر ينتقد بين الحين والآخر. وغيره يطلق له العنان لسبّ كل ألوان الطيف السياسي ممن يعارضون الحك، ويلعن وينهش فى كل رموز”25 يناير”. حيث يدرك الجلاد أن”30 يونيو” تسير على خطى”25 يناير” بأستيكة.

 

3- لم يتورط مجدى الجلاد بشخصه وقلمه فى النفاق الفج للسلطة أو. بل إنه وصف أداء كثير من زملائه الإعلاميين الذين التقوا الرئيس عبدالفتاح السيسى بـ”الفضيحة”، وبالتالى ستكون عنده فرصة للتراجع فى أى وقت، ويستطيع أن يستغل هذه النقطة لصالحه فى حالة تغير الأوضاع بالبلاد.
بوابة القاهرة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى