الأخبار

تاريخ القمم العربية من «أنشاص» إلى «شرم الشيخ»

 

136

 

أتي انعقاد القمة العربية في دورتها السادسة والعشرين والتي بدأت بشرم الشيخ في 23 من مارس الحالي، وتعقد اجتماعاتها الرئيسية السبت والأحد، برئاسة مصر وقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي، لتدشن عقدا جديدا في عمر الجامعة العربية التي تحتفل هذا العام بعيدها السبعين.

انطلاقة جديدة لجامعة الدول العربية وأيضا من أرض الكنانة مصر، وكما كانت قمة أنشاص فاتحة العمل العربي المشترك في إطاره المؤسسي على مستوى القادة في أول قمة عربية تنعقد في عام 1946 بعد تأسيس الجامعة العربية، تحتضن مدينة السلام شرم الشيخ الدورة السادسة والعشرين العادية للأمة العربية، والتي ستشهد انطلاق حقبة جديدة من العمل المشترك يركز بشكل خاص على الأمن القومي للمنطقة في مواجهة التحديات الحالية وعلى رأسها تفشي ظاهرة الإرهاب.

القمة تأتي أيضا أهميتها من كونها الأولى التي تستضيفها مصر بعد ثورتي 25 يناير و30 يونيو، وهي أول قمة يحضرها ويترأسها الرئيس السيسي.

ومن أنشاص إلى شرم الشيخ مرورا بعواصم ومدن عربية عدة، كانت مصر من أكثر البلدان العربية التي استضافت القمم العادية وغير العادية، فضلا عن احتضان القاهرة مقر جامعة الدول العربية.

تاريخ طويل من عمر القمم العربية، كان أولها في 28 مايو 1946، بدعوة من الملك فاروق في قصر أنشاص، بمشاركة الدول السبع المؤسسة للجامعة العربية وهي: (مصر، وشرق الأردن، والسعودية، واليمن، والعراق، ولبنان، وسوريا).

ولم يصدر عن مؤتمر القمة بيان ختامي، وإنما مجموعة من القرارات أهمها مساعدة الشعوب العربية المستعمرة على نيل استقلالها، وقضية فلسطين قلب القضايا القومية، باعتبارها قطر لا ينفصل عن باقي الأقطار العربية، وضرورة الوقوف أمام الصهيونية باعتبارها خطر لا يداهم فلسطين وحسب وإنما جميع البلاد العربية والإسلامية، والدعوة إلى وقف الهجرة اليهودية تاما، ومنع تسرب الأراضي العربية إلى أيدي الصهاينة، والعمل على تحقيق استقلال فلسطين، واعتبار أية سياسة عدوانية موجهة ضد فلسطين تأخذ بها حكومتا أمريكا وبريطانيا هي سياسة عدوانية تجاه كل دول الجامعة العربية، والدفاع عن كيان فلسطين في حالة الاعتداء عليه، ومساعدة عرب فلسطين بالمال وبكل الوسائل الممكنة، وضرورة حصول طرابلس الغرب على الاستقلال، والعمل على إنهاض الشعوب العربية وترقية مستواها الثقافي والمادي، لتمكنها من مواجة أي اعتداء صهيوني داهم.

اللقاء الثاني على مستوى القادة العرب انعقد ببيروت 1965، بدعوة من الرئيس اللبناني كميل شمعون، إثر الاعتداء الثلاثي على مصر وقطاع غزة، وشارك في القمة تسعة رؤساء عرب، وصدر عنها بيان ختامي أجمع فيه القادة على مناصرة مصر ضد العدوان الثلاثي، وفي حالة عدم امتثال الدول المعتدية لقرارات الأمم المتحدة وامتنعت عن سحب قواتها، فإن الدول العربية المجتمعة ستلجأ إلى حق الدفاع المشروع عن النفس، واعتبار سيادة مصر هي أساس حل قضية السويس، وتأييد نضال الشعب الجزائري من أجل الاستقلال.

أما مؤتمر القاهرة الأول، فقد عقد في 13 يناير 1964 بمقر الجامعة العربية بناء على اقتراح الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، وقد صدر عنه بيان ختامي تضمن أهمية الإجماع على إنهاء الخلافات، وتصفية الجو العربي، وتحقيق المصالح العربية العادلة المشتركة، ودعوة دول العالم وشعوبها إلى الوقوف إلى جانب الأمة العربية في دفع العدوان الإسرائيلي، كما تضمن مجموعة من القرارات أهمها قيام إسرائيل خطر أساسي يجب دفعة سياسيا واقتصاديا وإعلاميا، وإنشاء قيادة عربية موحدة لجيوش الدول العربية.

وعقدت قمة الإسكندرية في 5 سبتمبر 1964 بقصر المنتزه، بحضور أربعة عشر قائدا عربيا، وصدر عنها بيان ختامي تضمن مجموعة من القرارات أهمها خطة العمل العربي الجماعي في تحرير فلسطين عاجلا أو آجلا، والبدء بتنفيذ مشروعات استغلال مياه نهر الأردن وحمايتها عسكريا، والترحيب بمنظمة التحرير الفلسطينية، ودعم قرارها بإنشاء جيش التحرير الفلسطيني، ومواجهة القوى المناوئة للعرب في مقدمتها بريطانيا، لاستعمارها بعض المناطق العربية واستغلال ثرواتها، وتقرر مكافحة الاستعمار البريطاني في جنوب شبه جزيرة العرب، ومضاعفة التعاون وزيادة الدعم الاقتصادي لدول المغرب العربي، والإيمان بالتضامن الإفريقي – الآسيوي، والاستبشار بنمو الوحدة الإفريقية، وإنشاء مجلس عربي مشترك لاستخدام الطاقة الذرية للأغراض السلمية، والتوجيه بوضع خطة إعلامية عربية، وتصفية القواعد الاستعمارية التي تهدد أمن المنطقة العربية وسلامتها، وخاصة في قبرص وعدن.

كما عقد في 13 سبتمبر 1965 في الدار البيضاء مؤتمر القمة بدعوة من الملك الحسن الثاني وشارك فيه 12 دولة عربية بالاضافة إلى منظمة التحرير الفلسطينية، وصدر عن القمة بيان ختامي فيه مجموعة من القرارات أهمها الموافقة على نص ميثاق التضامن العربي وتوقيعه من قبل ملوك ورؤساء الدول العربية المجتمعين، ومؤازرة الدول العربية، ومساندة الجنوب المحتل والخليج العربي، والمطالبة بتصفية القواعد الأجنبية وتأييد نزع السلاح ومنع انتشار الأسلحة النووية، ودعم منظمة التحرير الفلسطينية وجيش التحرير، ودراسة مطلب إنشاء المجلس الوطني الفلسطيني، وإقرار الخطة العربية الموحدة للدفاع عن قضية فلسطين في الأمم المتحدة والمحافل الدولية، ومواصلة استثمار مياه نهر الأردن وروافده طبقا للخطة المرسومة، والتخلي عن سياسة القوة وحل المشاكل الدولية بالطرق السلمية.

أما مؤتمر قمة الخرطوم فقد انعقد في 29 أغسطس 1967، بعد الهزيمة العربية في حرب يونيو، وحضرت جميع الدول العربية باستثناء سوريا التي دعت إلى حرب تحرير شعبية ضد إسرائيل، وصدر عنها مجموعة من القرارات أهمها اللاءات العربية الثلاث (لا للاعتراف، لا للتفاوض، لا للصلح)، وتأكيد وحدة الصف العربي، والالتزام بميثاق التضامن العربي، والتعاون العربي في إزالة آثار العدوان عن الأراضي الفلسطينية، والعمل على انسحاب القوات الإسرائيلية من الأراضي العربية، واستئناف ضخ البترول إلى الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وألمانيا الغربية، وإقرار مشروع إنشاء صندوق الإنماء الاقتصادي العربي، وسرعة تصفية القواعد الأجنبية في البلاد العربية.

وجاء فى العام التالي، المؤتمر الذي عقد في 21 ديسمبر 1969، وشاركت فيه أربع عشرة دولة عربية، بهدف وضع استراتيجية عربية لمواجهة إسرائيل، ولكن قادة الدول العربية افترقوا قبل أن يصدر عنهم أي قرار أو بيان ختامي.

وفي عام 1970، احتضنت القاهرة مؤتمر القمة غير العادي في 23 سبتمبر 1970، على إثر الاشتباكات العنيفة في الأردن بين الأردنيين والفلسطينيين، وقاطعته سوريا والعراق، والجزائر، والمغرب. وصدر عنه بيان ختامي، وأهم قراراته الإنهاء الفوري لجميع العمليات العسكرية من جانب القوات المسلحة الأردنية وقوات المقاومة الفلسطينية، والسحب السريع لكلا القوتين من عمان، وإرجاعها إلى قواعدها الطبيعية والمناسبة، وإطلاق المعتقلين من كلا الجانبين، وتكوين لجنة عليا لمتابعة تطبيق هذا الاتفاق، وانتهت مشاورات المؤتمر إلى مصالحة كل من ياسر عرفات رئيس منظمة التحرير الفلسطينية الراحل والعاهل الأردني آنذاك الملك حسين.

أما مؤتمر قمة الجزائر الذي التئم في 26 نوفمبر 1973، وحضرته ست عشرة دولة عربية بمبادرة من سوريا ومصر بعد حرب أكتوبر، وقاطعته العراق وليبيا، وصدر عنه بيان ختامي ومجموعة من القرارات، أهمها إقرار شرطين للسلام مع إسرائيل، الأول: انسحاب إسرائيل من جميع الأراضي العربية المحتلة وفي مقدمتها القدس، والثاني: استعادة الشعب الفلسطيني لحقوقه الوطنية الثابتة، وتقديم جميع أنواع الدعم المالي والعسكري للجبهتين السورية والمصرية من أجل استمرار نضالهما ضد العدو الإسرائيلي، واستمرار استخدام سلاح النفط العربي ورفع حظر تصدير النفط للدول التي تلتزم بتأييدها للقضية العربية العادلة، وتوجيه تحية تقدير للدول الإفريقية التي اتخذت قرارات بقطع علاقاتها مع إسرائيل، وإعادة تعمير ما دمرته الحرب من أجل رفع الروح النضالية عند الشعوب العربية، وانضمام الجمهورية الموريتانية إلى الجامعة العربية.

وشاركت في مؤتمر الرباط الذي عقد 26 أكتوبر 1974 في المغرب، جميع الدول العربية ومن بينها الصومال التي تشارك لأول مرة في مؤتمر قمة عربي. ومن قراراته التحرير الكامل لجميع الأراضي العربية المحتلة في عدوان يونيو 1967، وتحرير مدينة القدس وعدم التنازل عن ذلك، وتعزيز القوى الذاتية للدول العربية عسكريا، واقتصاديا، وسياسيا، وتجنب المعارك والخلافات الهامشية، واعتماد منظمة التحرير الفلسطينية ممثلا شرعيا ووحديا للشعب الفلسطيني، وتوثيق الصلة والتعاون مع المنظمات والمحافل الدولية، وتقدير الاحتياجات السنوية لدعم دول المواجهة عسكريا، وإنشاء صندوق خاص للإعلام العربي، وتوحيد الموقف العربي من قضية الصحراء العربية، وتقديم معونات للصومال وموريتانيا، والموافقة على تلبية دعوة الرئيس الصومالي آنذاك محمد سياد بري في استضافة القمة العربية المقبلة في العاصمة الصومالية مقديشو.

أما مؤتمر الرياض فقد عقد في 16 أكتوبر 1976، بمبادة من السعودية والكويت، لبحث الأزمة في لبنان ودراسة سبل حلها. وهو مؤتمر طارئ ضم ست دول عربية فقط هي: السعودية، ومصر، وسوريا، والكويت، ولبنان، ومنظمة التحرير الفلسطينية. ولم يصدر عنه بيان ختامي، ومن قراراته وقف إطلاق النار والاقتتال نهائيا في الأراضي اللبنانية والتزام جميع الأطراف بذلك، وتعزيز قوات الأمن العربية الحالية لتصبح قوات ردع داخل لبنان، وإعادة الحياة الطبيعية إلى لبنان، والتعهد العربي، وتأكيد منظمة التحرير الفلسطينية على احترام سيادة لبنان ووحدته، وتوجيه الحملات الإعلامية بما يكرس وقف القتال وتحقيق السلام وتنمية روح التعاون والإخاء بين جميع الأطراف. والعمل على توحيد الإعلام الرسمي.

وعاد مؤتمر القمة العربية مرة أخرى إلى القاهرة في 25 أكتوبر 1976، وحضرته أربع عشرة دولة لاستكمال بحث الأزمة اللبنانية التي بدأت في المؤتمر السداسي في الرياض، وصدر عنه بيان ختامي وردت فيه مجموعة من القرارات أهمها مساهمة الدول العربية كل حسب إمكانياتها في إعادة إعمار لبنان، وتعهد متبادل في عدم التدخل في الشؤون الداخلية لأي بلد عربي، وإنشاء صندوق لتمويل قوات الأمن العربية في لبنان، ومناشدة دول العالم إدانة العدوان الإسرائيلي.

يأتي بعد ذلك مؤتمر بغداد 1978 الذي شهد مقاطعة مصر عربيا، وذلك إثر توقيع مصر اتفاقيات كامب ديفيد للسلام مع إسرائيل، وشارك فيه عشر دول مع منظمة التحرير الفلسطينية، ولم يصدر عن المؤتمر بيان ختامي. أما أهم قراراته عدم موافقة المؤتمر على اتفاقيتي كامب ديفيد، توحيد الجهود العربية من أجل معالجة الخلل الاستراتيجي العربي، ودعوة مصر إلى العودة عن اتفاقيتي كامب ديفيد، ودعم الجبهة الشمالية والشرقية ومنظمة التحرير الفلسطينية ماديا، ونقل مقر الجامعة العربية وتعليق عضوية مصر.

كما انعقد في تونس 20 نوفمبر 1979، مؤتمر القمة التالي بدعوة من الرئيس التونسي الأسبق الحبيب بورقيبة، وصدر عنه بيان ختامي فيه مجموعة من القرارات، منها الصراع مع إسرائيل طويل الأمد، وهو عسكري وسياسي واقتصادي وحضاري، وتجديد الإدانة العربية لاتفاقيتي كامب ديفيد، والتصدي لمؤامرة الحكم الذاتي، وتوسيع نطاق التضامن العالمي مع نضال الشعب الفلسطسني من أجل إفشال مخططات الاحتلال الصهيوني وهزيمته، والتصدي لنقل العاصمة الإسرائيلية إلى القدس، وإدانة سياسة الولايات المتحدة الأمريكية، واعتبارها تؤثر سلبا على العلاقات والمصالح بين الدول العربية والولايات المتحدة، إدانة العدوان الإسرائيلي على الجنوب اللبناني، والتأكيد على سيادة لبنان واستقلاله ووحدته الوطنية.

وعقد مؤتمر عمان في الأردن في 25 نوفمبر 1980، بحضور خمس عشرة دولة عربية، وصدر عن المؤتمر بيان ختامي تضمن مجموعة من القرارات أهمها: عزم القادة العرب على إسقاط اتفاقيتي كامب ديفيد للسلام مع إسرائيل، والتأكيد أن قرار مجلس الأمن رقم 242 لا يتفق مع الحقوق العربية، ولا يشكل أساسا صالحا لحل أزمة القضية الفلسطينية، والدعوة إلى وقف إطلاق النار بين العراق وإيران، وتأييد حقوق العراق المشروعة في أرضه ومياهه، وإدانة الاعتداء الإسرائيلي على لبنان، ودعم وحدة وسلامة أراضي لبنان، وإدانة استمرار حكومة واشنطن في تأييد إسرائيل وإلصاق صفة الإرهاب بمنظمة التحرير الفلسطينية.

وشاركت في مؤتمر فاس الذي عقد في 25 نوفمبر 1981 جميع الدول العربية باستثناء مصر، وانتهت أعمال المؤتمر بعد خمس ساعات، عندما رفضت سوريا مسبقا خطة الملك فهد لحل أزمة الشرق الأوسط.

وتقرر إرجاء أعمال المؤتمر إلى وقت لاحق في فاس أيضا، حيث عقد في في 6 سبتمبر 1982، شاركت فيه تسع عشرة دولة وتغيبت ليبيا ومصر. واعترفت فيه الدول العربية ضمنيا بوجود إسرائيل، وصدر عنه بيان ختامي تضمن مجموعة من القرارات أهمها إقرار مشروع السلام العربي مع إسرائيل.

وعقد مؤتمر قمة في الدار البيضاء بالمغرب في 20 أغسطس 1985، بناء على دعوة من الملك الحسن الثاني العاهل المغربي. وصدر عن المؤتمر بيان ختامي تضمن مجموعة من القرارات أهمها تأليف لجنتين لتنقية الأجواء العربية وحل الخلافات بين الأشقاء العرب، والاستنكار والأسف الشديد لإصرار إيران على مواصلة الحرب، وإعلان المؤتمر تعبئة جميع الجهود لوضع حد سريع للقتال، والتنديد بالإرهاب بجميع أشكاله وأنواعه ومصادره، وفي مقدمته الإرهاب الإسرائيلي داخل في فلسطين، والمطالبة برفع الحصار الذي تفرضه ميليشيات حركة أمل الشيعية على المخيمات الفلسطينية.

وعقد مؤتمر عمان في 8 نوفمبر 1987، بمشاركة عشرين دولة عربية ومنظمة التحرير الفلسطينية، صدر عنه بيان ختامي ومجموعة من القرارات أهمها إدانة إيران لإحتلالها جزءا من الأراضي العراقية والتضامن مع العراق، وتضامن المؤتمر مع السعودية والكويت والتنديد بالأحداث التي اقترفها الإيرانيون في المسجد الحرام بمكة المكرمة، والتمسك باسترجاع كل الأراضي العربية المحتلة والقدس الشريف كأساس للسلام، وضرورة بناء القوة الذاتية للعرب، وإدانة الإرهاب الدولي، والعلاقات الدبلوماسية بين أي دولة عضو في الجامعة العربية وبين مصر عمل من أعمال السيادة تقررها كل دولة بموجب دستورها وقانونها.

وشهد مؤتمر الدار البيضاء 1989 استعادة مصر وضعها على الصعيد العربي وعضويتها في الجامعة العربية، وتغيب لبنان الذي كانت تتنازع السلطة فيه حكومتان، ولم يصدر عنه بيان ختامي.

وأصدر مجموعة من القرارات، من بينها تقديم الدعم والمساعدة المعنوية والمادية للانتفاضة الفلسطينية، وتأييد عقد المؤتمر الدولي للسلام في الشرق الأوسط، وتاييد قيام دولة فلسطين المستقلة والعمل لتوسيع الاعتراف بها.

كما عقد مؤتمر قمة بغداد في 28 مايو 1990 بدعوة من الرئيس العراقي الراحل صدام حسين في بغداد، وغابت عنه لبنان وسوريا، وبحث كموضوع رئيسي التهديدات التي يتعرض لها الأمن القومي العربي واتخاذ التدابير اللازمة حيالها.

وإثر الغزو العراقي للكويت، احتضنت القاهرة في 15 أغسطس 1990 قمة عربية، وتغيبت عنها تونس التي كانت تدعو إلى تأجيلها، ولم يحضرها من قادة الدول الخليجية إلا أمير البحرين، ومثل الكويت ولي عهدها سعد العبد الله الصباح. وأهم القرارات التي اتخذها المؤتمر هي إدانة العدوان العراقي على دولة الكويت، وعدم الاعتراف بقرار العراق ضم الكويت إليه، ومطالبة العراق بسحب قواته فورا إلى مواقعها الطبيعية بناء على طلب من الرياض، وتقرر إرسال قوة عربية مشتركة إلى الخليج.

وبعد انقطاع دام حوالي ست سنوات، عقد مؤتمر القاهرة الطارئ في 21يونيو 1996، بدعوة من مصر وحضرته كل الدول العربية باستثناء العراق. وصدر عنه بيان ختامي تضمن مجموعة من القرارات، من بينها الموافقة المبدئية على إنشاء محكمة العدل العربية، وميثاق الشرق للأمن والتعاون العربي، وآلية جامعة الدول العربية للوقاية من النزاعات وإدارتها وتسويتها، والإسراع في إقامة منظمة التجارة الحرة العربية الكبرى، التأكيد من جديد على شروط السلام الشامل مع إسرائيل وهي الانسحاب الكامل من الأراضي الفلسطينية بما فيها القدس، ومن الجولان والجنوب اللبناني، والتوقف عن النشاط الاستيطاني، التضامن العربي مع دولتي البحرين والإمارات ضد التهديد الإيراني، والحفاظ على وحدة وسلامة العراق، ودعوته إلى تنفيذ قرارات مجلس الأمن.

وعقد مؤتمر القاهرة في 21 أكتوبر 2000، إثر أحداث العنف التي تفجرت ضد الفلسطينيين بعد أن دخل شارون الحرم القدسي، وسمي بمؤتمر قمة الأقصى، وحضره جميع الدول العربية باستثناء ليبيا التي مثلها وفد دبلوماسي انسحب في اليوم الثاني من القمة. وقد تضمن البيان الختامي الذي أصدره المؤتمر عدة قرارات أهمها إنشاء صندوق باسم انتفاضة القدس برأس مال 200 مليون دولار أمريكي لدعم أسر الشهداء، وتأهيل الجرحى والمصابين، وإنشاء صندوق باسم صندوق الأقصى برأس مال 800 مليون دولار لدعم الاقتصاد الفلسطيني، والسماح باستيراد السلع الفلسطينية بدون قيود كمية أو نوعية.

أما مؤتمر عمان 2001، فقد اتخذت فيه القمة 14 قراراً في مقدمتها تعهد القادة العرب بدعم صمود الشعب الفلسطيني مالياً وسياسياً وتحذير إسرائيل من مخاطر تنصلها من الأسس التب قامت عليها منذ مؤتمر مدريد 1991.

وطغت على أعمال مؤتمر بيروت 2002، الحالة في الأراضي الفلسطينية حيث زاد التوتر في الأراضي المحتلة مع اجتياح غزة ومذبحة مخيم جنين وحصار الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات في قره، وأكدت القمة كالعادة دعمها صمود ونضال الشعب الفلسطينى .

وفي القاهرة أيضا عقد مؤتمر القمة 2003 في ظل ظروف بالغة السوء، حيث كان قد تم غزو العراق من قبل القوات الأمريكية والبريطانية. وشدد البيان الختامي على ضرورة احترام سيادة شعب العراق على أراضيه، وخرج العرب من الاجتماع ليسوا بأفضل حالا مما دخلوا إن لم يكن أسوء حيث تبادل الزعيم الليبي القذافي الاتهامات في جلسة على الهواء مع ولي العهد السعودي. وأحدثت المبادرة الاماراتية التي اقترحت تنحي صدام حسين من السلطة ردود فعل مختلفة بين القادة العرب وكانت سبباً بعد ذلك في أزمة عميقة بين الإمارات وأمين عام الجامعة آنذاك عمرو موسى.

أما مؤتمر تونس، الذي كان من المفترض أن يعقد يومي 29 و30 مارس 2004 وألغي قبل انعقاده بيوم، وسط إحباط الشارع العربي الذي لم يفهم حتى عدم القدرة على مناقشة التحديات على عظمها.

ومؤتمر القمة الـ17 فقد انعقد في الجزائر عام 2005، وواكب الذكرى الستين لتأسيس الجامعة العربية. وركز المشاركون خلالها على تمسك العرب بالسلام كخيار استراتيجي، في ضوء توقع إقرار ما رفعه لهم وزراء خارجيتهم بشأن «تفعيل مبادرة السلام العربية» التي أقرتها قمة بيروت. كما تناول القادة مواضيع مختلفة أبرزها فلسطين والعراق والإصلاح.

وفي العام التالي، احتضنت الخرطوم أعمال القمة التي عقدت في مارس 2006، وتبنت بيانا لجعل الشرق الأوسط منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل، ورفضت خطة إيهود أولمرت رسم الحدود مع الأراضي الفلسطينية من جانب واحد. كما عبرت عن دعمها للسودان في قضية دارفور وقدمت دعما ماليا لقوات الاتحاد الأفريقي في دارفور.

وقررت القمة العربية التي عقدت بالرياض في مارس 2007 مجددا تفعيل مبادرة السلام العربية بعد خمس سنوات من إطلاقها، ودعت إسرائيل إلى القبول بها. وأكدت دعمها حكومة الوحدة الفلسطينية التي شكلت قبل أيام بمشاركة فتح وحماس.

وفي مارس 2008، كانت العاصمة السورية دمشق على موعد مع استضافة القمة التي غاب عنها حوالي نصف القادة العرب وهي القمة التي دعت إلى انتخاب رئيس توافقي في لبنان، وأكدت تمسكها بمبادرة السلام العربية ورفضها تقسيم العراق، داعية الحكومة إلى حل الميليشيات وبناء الجيش.

واستضافت الدوحة في مارس 2009، أعمال القمة العربية الدورية، حيث أكد إعلان قمة الدوحة رفض الدول الأعضاء قرار المحكمة الجنائية التي أصدرت مذكرة توقيف في حق الرئيس السوداني عمر البشير. وفي موضوع السلام العربي الإسرائيلي، أكد القادة العرب “ضرورة تحديد إطار زمني محدد لقيام إسرائيل بالوفاء بالتزاماتها تجاه عملية السلام”. وشهدت القمة مصالحة بين العاهل السعودي الراحل الملك عبد الله والزعيم الليبي الراحل معمر القذافي اللذين سادت بينهما خصومة منذ عدة سنوات، خصوصا منذ قمة شرم الشيخ عام 2003.

وفي العام التالي، استضافت مدينة سرت الليبية القمة العربية الدورية في 2010، والتي كانت آخر قمة قبل انطلاق شرارة الثورات في عدد من الدول العربية ومن بينها مصر.

وانعقدت القمة العربية في دورتها الثالثة والعشرين في عام 2012 ببغداد، حيث أكدت دعم ومساندة الدور التاريخي لجلالة الملك عبد الله الثاني الراحل في حماية المقدسات الدينية في القدس. وشدد إعلان بغداد على الالتزام بالتضامن العربي، والتمسك بالقيم والتقاليد العربية النبيلة، والحفاظ على سلامة الدول العربية كافة واحترام سيادتها وحقها المشروع في الدفاع عن استقلالها الوطني ومواردها وبناء قدراتها، وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، والتشديد على تسوية الخلافات العربية بالحوار الهادف والبناء وبالوسائل السلمية والعمل على تعزيز العلاقات العربية – العربية وتوثيق عُراها ووشائجها، والحفاظ على المصالح القومية العليا للأمة العربية.

واستضافت الدوحة، القمة العربية فى دورتها الرابعة والعشرين في 21 مارس عام 2013، والتئمت الدورة الخامسة والعشرين في العاصمة الكويت العام الماضي.
الشروق

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى