الأخبار

دماء “الدواسة” كشفت لغز مقتل مقاول على يد شريكيه

 

79

فى صيف عام 1982، كان المستشار معتز مصطفى خفاجى، رئيس محكمة جنايات الجيزة، وكيلاً لنيابة المعادى، حين تلقى قسم شرطة المعادى بلاغاً بتغيب مقاول عن منزله منذ عدة أيام، المستشار خفاجى لا يزال يتذكر تفاصيل الواقعة التى مر عليها 33 عاماً، واكتشف لغز اختفاء المجنى عليه من خلال نقاط دماء فى سيارة بعد 5 أيام من ارتكاب الواقعة.

يقول المستشار خفاجى: أُحيل للنيابة بلاغ من قسم شرطة المعادى يفيد بتغيب مقاول عن منزله، وبدأت وحدة المباحث فى القسم بإعداد خطة بحث وفحص علاقات المجنى عليه، وتعاملاته المادية، واتضح أن لديه شريكين آخرين يعملان معه إلا أنه هو الأفضل بينهم والأكثر ثراءً وحصولاً على مناقصات عقارية، ودلت التحريات على وجود خلافات بين المجنى عليه والشريكين الآخرين.

اللواءان إسماعيل الشاعر وفاروق لاشين، رئيس المباحث ومعاونه آنذاك، تمكنا من ضبط المتهمين بعدما حصلا على إذن منى بذلك بناء على معلومات وردت إليهما مفادها أن المجنى عليه شوهد برفقتهما قبل اختفائه مباشرة وكانوا يستقلون سيارة جيب، وباشرت التحقيق معهما، وفى البداية أنكرا الاتهامات الموجهة إليهما بالوقوف وراء اختفاء شريكهما المجنى عليه.

ويضيف «توجهت إلى السيارة آنفة البيان، وبدأت فى المعاينة، واتضح لى أن مقصورة السيارة ليس بها آثار عنف أو مقاومة، كما أن السيارة يتم غسلها باستمرار، رغم أن المتهمين أقرا أنهما يستخدمانها لمباشرة أعمال ما فى مناطق جبلية، وهو ما زاد الشك نحوهما، وأيقنت أن هناك حلقة مفقودة، وبدأت فى فحص السيارة جيداً، وأمرت القوة المرافقة لى برفع «دواسات» السيارة من أسفل المقاعد بحذر ولا حظت أكثر من بقعة داكنة، وبعد تدقيق النظر اعتقدت أنها نقاط دم، وأمرت بندب المعمل الجنائى لفحص السيارة ورفع البصمات منها، وأخذ مسحة من البقع التى لاحظتها أسفل إحدى الدواسات، والتى جاء التقرير النهائى ليفيد أنها دماء آدمية.

واجهت المتهمين بالأدلة الجديدة الدامغة، التى تكشفت من تنظيف السيارة وتعطيرها، وتقرير المعمل الجنائى الذى أثبت أن البقع هى دماء آدمية، ولم يجدا بداً سوى الاعتراف تفصيلياً بارتكاب الواقعة لغيرتهما منه ولكثرة حصوله على مناقصات دونهما.

أجبرنا الجناة على نقل الجثة بعد تحللها لرفض الحراس الاقتراب منها
اعترف المتهمان أمامى أنهما استدرجا المجنى عليه، من منزله بحجة الاتفاق فيما بينهم على تصفية الخلافات، وطى صفحتها إلى الأبد، واستقل ثلاثتهم السيارة الجيب، واتجهوا قاصدين طريق مدينة البدرشين، وفجأة توقفوا على جانب الطريق، وانهال المتهمان على المجنى عليه بالضرب، وعاجلاه بضربات متتالية بواسطة أدوات حادة كانت بحوزتهما حتى تأكدا أنه فارق الحياة، وأضاف المتهمان فى التحقيقات التى باشرتها أنهما استكملا السير حتى دخلا مدينة البدرشين، وأنزلا الجثة من السيارة وألقياها فى ترعة كبيرة بعد ربطها بحجر ليضمنا عدم طفوها على سطح الماء مرة أخرى، ثم انصرفا عائدين إلى المعادى، وتوجها بالسيارة إلى إحدى محطات الوقود، وقام عامل المحطة بغسيل السيارة وتنظيفها وتلميع هيكلها الخارجى، وتكرر غسيل السيارة أكثر من مرة.

ويكمل المستشار خفاجى «وسط حراسة أمنية مشددة، انتقلنا إلى مكان إلقاء الجثة بعد إقرار المتهمين به، وكان بمنطقة البدرشين، الساعة 2 من صباح أحد الأيام، الطريق ترابى وغير ممهد والأشجار الكثيفة تغطيه، وأمرت باستدعاء قوة من الإنقاذ النهرى، وبدأ الغطاسون فى مباشرة عملهم، حتى تمكنوا من استخراج الجثة، بعد أيام من بقائها فى الماء، وكان منظرها بشعاً جداً وعاينتها وأمرت بتشريحها، وأمرت بإحضار المتهمين لتمثيل الجريمة، وبعد تنفيذها، رفض عمال المشرحة حمل الجثة نظراً لبشاعتها، كما تراجع عدد من أفراد الشرطة بعدما طلبت منهم مساعدة عمال المشرحة فى رفع الجثة، وأمرت المتهمين برفع الجثة ووضعها داخل عربة المشرحة، وفى ختام التحقيقات أصدرت أمراً بإحالتهما إلى محكمة الجنايات التى عاقبتهما بالسجن المؤبد.

 

 

 

 

 

الوطن

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى