الأخبار

أوز ميدوم

125

 

قبل نهاية مارس الماضى، خرج علينا فرانشيسكو تيراديرتى، رئيس بعثة الآثار الإيطالية العاملة بمقبرة حاروا بالبر الغربى للأقصر، بتصريح صادم.. مدعياً أنه توصل إلى كشف أثرى جديد. أما الكشف، فهو أن لوحة أوز ميدوم الشهيرة بالمتحف المصرى بالتحرير ليست أصلية، أى لم يرسمها الفراعنة، وإنما قام برسمها عالم الآثار الإيطالى لويجى فاسيلى الذى كان أيضاً رساماً ماهراً. وحسب كلام فرانشيسكو العجيب، فإن لويجى فاسيلى بعد أن رسم لوحة أوز ميدوم قام بوضعها فى متحف بولاق مدعياً أنها لوحة أصلية عثر عليها فى مقبرة نفرماعت وزوجته إياتت، بالقرب من هرم الملك سنفرو فى ميدوم، وهذا الكشف كان فى عام ١٨٧١م.

هذا هو الخبر أو الكشف المزعوم الذى نشره فرانشيسكو الذى من المفترض أنه عالم آثار يعمل فى مصر منذ زمن طويل، وكان يجب عليه أن يقدم ما عنده أولاً لوزارة الآثار، وتتم مناقشته علمياً لإبداء الرأى قبل أن نشكك فى أثرية من أجمل أعمال الفن المصرى القديم.

نأتى لموضوع لوحة أوز ميدوم، التى كانت ضمن منظر لصيد الطيور فى أحراش الدلتا، والذى كان موضوعا تقليديا يصور على جدران المقابر فى الدولة القديمة وفى المجموعات الهرمية الملكية حتى عصر الملك ساحورع، ثانى ملوك الأسرة الخامسة. وأنواع الإوز الموجودة على لوحة ميدوم عثر عليها فى مناظر صيد أخرى بسقارة وفى جنوب أبوصير وبالجيزة أيضاً. أما عن الألوان التى يقول فرانشيسكو إنها لم تكن موجودة، فلو كلف نفسة بزيارة مقابر كار-عبر، قار، فتتكى، جنوب أبوصير، فسيجد كل الألوان المستعملة فى إوز ميدوم موجودة ومستخدمة، ومنها اللون البيج.

وبالطبع فإن فكرة الموضوع المرسوم على اللوحة مصرية أصيلة، بها طابع السيمترية والازدواجية المعروفة بالفن المصرى، وكذلك فإن الحشائش التى يأكلها الإوز يمكن رؤيتها على جدران المقابر فى الدولة القديمة.

ولا يعقل أن يقوم لويجى فاسيلى بتزييف لوحة فى الوقت الذى كانت فيه روائع الفن المصرى تكتشف على يد مارييت، مثل شيخ البلد وتمثالى رع حتب ونفرت، وكذلك كشف تماثيل خفرع بمعبد واديه على يد هولشر. لم يكن متحف بولاق فى حاجة إلى لوحة مزيفة ليضمها إلى مقتنيات المتحف، وكيف يستطيع إخفاء لوحة مزيفة فى زمن أوجست مارييت وفلندرز بيترى وبيير فاندييه وماسبيرو وغيرهم من علماء المصريات، الذين قاموا بضم اللوحة إلى كتبهم عن الفن المصرى وروائعه.

لقد أحزننى رد وزارة الآثار على لسان القائم بأعمال رئيس قطاع المتاحف بأن هذه اللوحة لم تخرج من المتحف المصرى فى معارض خارجية!! حيث لم يقل الباحث الإيطالى فرانشيسكو إن لوحة أوز ميدوم الأصلية سرقت، وإن الموجودة مزيفة! على العكس هو يشكك فى أثرية لوحة أوز ميدوم. والغريب أن من تتفاخر بأنها حامية حمى آثار مصر أشادت بفرانشيسكو، ووصفت ما يقوله بالبحث العلمى الرائع!! وبالطبع هى لا تعلم معنى البحث العلمى. ننتظر ردا قويا من وزارة الآثار يحمى آثارنا من حملات التشكيك.

 

 

المصرى اليوم

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى