الأخبار

في ذكرى مجزرة بحر البقر.. “التلاميذ في الجنة”

177

يوم عادي يمر به التلاميذ في مدرسة بحر البقر الإبتدائية المشتركة، يهرول الأطفال إلى مقاعدهم في فصولهم، لتبدأ الحصة الأولى، بعد أن انتهى طابور الصباح اليومي، أصوات طائرات “الفانتوم” أزعجت التلاميذ، فمنعتهم من ترديد الدروس وراء مدرسيهم، والاحتلال الإسرائيلي عقد نيته مسبقًا على ارتكاب مجزرة جديدة في حق الإنسانية وقتها.

“الدرس انتهى لِمُّوا الكراريس، بالدم اللي على ورقهم سال، في قصر الأمم المتحدة، في مسابقة لرسوم الأطفال”، بهذه الجملة وثّق الشاعر الراحل صلاح جاهين، ما حدث في صباح يوم الأربعاء الموافق 8 أبريل سنة 1970، عندما انتهى مشهد تحليق طائرات “الفانتوم” الإسرائيلية في السماء المصرية، بمجزرة راح ضحيتها 30 طفلًا وأصيب فيها 50 آخرين، ليلم الأطفال “الكراريس” استعدادًا للحصة الثانية في الجنة.

تقع مدرسة بحر البقر الإبتدائية المشتركة بمدينة الحسينية في محافظة الشرقية، وكانت تتكون من طابق واحد فقط يضم ثلاثة فصول تحوي 150 طفلًا، قبل أن تتحول إلى كوم من الأطلال، أسفله 30 جثة من تلاميذ المدرسة، بعدما قصفت خمس طائرات “فانتوم” تابعة للجيش الإسرائيلي، المدرسة في تمام الساعة التاسعة والربع من صباح 8 أبريل 1970 ضمن تصعيد الغارات الإسرائيلية على مصر للقبول بإنهاء حرب الاستنزاف وقبول مبادرة “روجرز”، وكعادتها أكدت إسرائيل أنها قصفت أهدافًا عسكرية وليس مدرسة، لأن القصف جاء متزامنًا مع مساعٍ دولية لوقف حرب الاستنزاف.

“يقتل القتيل ويمشي في جنازته”.. ينطبق هذا المثل الشعبي على رد الفعل الأمريكي تجاه مجزرة بحر البقر، فرغم أن طائرات “الفانتوم” التي استخدمتها إسرائيل في العملية أمريكية الصنع، إلا أن وزارة خارجية أمريكا وصفت الهجوم الإسرائيلي على مدرسة “بحر البقر” بـ”الأنباء المفزعة”، وأضافت: “إذا تأكدت هذه الأنباء فإن هذا الحادث الأليم يعتبر عاقبة محزنة يؤسف لها من عواقب عدم الالتزام بقرارات مجلس الأمن الخاصة بوقف إطلاق النار”.

وشجع الموقف الأمريكي المتراخي، إسرائيل للتبجح والاعتراف بالمجزرة، على لسان وزير دفاعها موشي ديان، والذي أدعى فيه أن المدرسة التى ضربتها الطائرات الإسرائيلية “هدف حربي”، وأضاف: “تلاميذ المدرسة الإبتدائية كانوا يرتدون الزي الكاكي اللون، وكانوا يتلقون التدريب العسكري”.

دفعت الدولة وقت المجزرة 100 جنيه للشهيد و10 جنيهات للمصاب، وخلدت ذكراهم بعد عشرات السنين بـ”لم الكراريس” وجمع بعض متعلقات الأطفال من “مرايل” و”أقلام” و”كتب” و”أحذية” وما تبقى من ملفات، فضلًا عن بقايا لأجزاء من القنابل التي قصفت المدرسة، والتي تم وضعها جميعًا في متحف عبارة عن حجرة أو فصل من إجمالي 17 فصلًا تضمها جدران مدرسة “بحر البقر الإبتدائية”، تعلو حجرة المتحف عبارة مكتوبة بخط اليد “متحف شهداء بحر البقر”.

الوطن

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى