الأخبار

الببلاوي: مصر تحتاج لتنوع مصادر التمويل..

8

 

أكد الدكتور حازم الببلاوى، المدير التنفيذى لصندوق النقد الدولى، أن مصر مازالت تحتاج إلى تعدد وتنوع مصادر التمويل، كما تحتاج إلى قرض الصندوق، ليس لقيمته ولكن للنتائج التى ستبنى عليه.

وأشار الببلاوى، فى حواره لـ«المصرى اليوم»، إلى أن مفاوضات مصر مع الصندوق توقفت فى 2013، ولا يوجد طلب لمصر حاليا فى الصندوق، وأشاد بنتائج مؤتمر شرم الشيخ الاقتصادى، وشدد على أهمية رفع الدعم تدريجيا، لتقليل عجز الموازنة، لافتا إلى أن حكومته هى التى أصدرت قرارات رفع الدعم، ولكن تم تأجيل التنفيذ لما بعد انتخاب رئيس جديد يتمتع بشعبية كبيرة، وأكد أن المساعدات الخليجية لمصر ستستمر لضمان استقرارها لمركزية مصر فى المنطقة، واعتبر المساعى الصينية لتأسيس صندوق نقد موازٍ تحقق «التوازن» فى النظام المالى العالمى.. وإلى نص الحوار:

■ إلى أين وصل طلب مصر الحصول على قرض من صندوق النقد الدولى؟

– مصر لم تطلب قرضا من صندوق النقد الدولى منذ 2011، وحاليا لا يوجد طلب من الحكومة المصرية، لكن لا أستبعد أن تتقدم مصر بطلب إلى الصندوق للحصول على قرض بسبب احتياجات التمويل، خاصة أن الحصول على القرض يعطى انطباعا لعدد كبير من المستثمرين بأن الاقتصاد يسير وفق سياسة إصلاحية وأن الأوضاع تتحسن فى مصر.

وأؤكد أن كريستين لاجارد، مديرة الصندوق، شددت- خلال تواجدها فى مؤتمر شرم الشيخ ولقائها مع الرئيس عبدالفتاح السيسى- على أن الصندوق مستعد لمساعدة مصر فى أى وقت، وأعتقد أن المفاوضات مع مصر انتهت فى إبريل 2013، حيث انشغلت مصر فى أمور أخرى ولم تجدد طلب القرض.

■ كنت رئيسا لوزراء مصر وتعرف التفاصيل السياسية والاقتصادية.. هل تعتقد أن مصر استغنت عن قرض صندوق النقد بسبب المساعدات العربية بعد ثورة 30 يونيو؟

– مصر تحتاج لكل أنواع التمويل، وتشجيع الاستثمارات الأجنبية، والدعم من جميع مؤسسات التمويل العالمية، والاقتراض من السوق المحلية ومن صندوق النقد العربى لوضع برامج اقتصادية إصلاحية، وتحتاج التمويل من صندوق النقد الدولى، ليس بسبب قيمته وإنما للإصلاحات الاقتصادية التى ستصاحبه.

الاقتصاد المصرى من وجهة نظرى مثل جسم الإنسان لا يستطيع العيش على الفول فقط، وإنما لابد من اللحوم وغيرها من الأغذية، لا يوجد جسم يعيش على نوع واحد من الطعام.

والمساعدات العربية لها طابع معين، بعضها يدعم الاحتياطى، وآخر يذهب إلى الاستثمارات. وكلما زادت وتنوعت مصادر التمويل كلما زادت القدرة على اتخاذ السياسة المناسبة.

■ ما تقييمك لخطوات الإصلاح الاقتصادى فى مصر مؤخرا ومن بينها رفع الدعم؟

– لا شك أنها خطوة مهمة وجريئة وكان لابد اتخاذها، لكن الخطوة التى لا تقل أهمية عنها هى استكمال هذه الخطوات الإصلاحية الخاصة بالدعم، ففى مصر كان أصعب شىء هو البدء فى إصلاح منظومة الدعم، ولابد أن نصل بمعدلات الدعم إلى الأوضاع الطبيعية.

■ وما هى الأوضاع الطبيعية أو العالمية من وجهة نظرك فيما يتعلق بإصلاحات الدعم؟

– لا توجد دولة فى العالم بلا منظومة دعم، لكن الدعم فى مصر جاوز الحدود المعقولة والطبيعية وينبغى عودته إلى الحدود الطبيعية، فالدعم فى ميزانية مصر يمثل 25% وهناك 25% أخرى من الميزانية مرتبطة بالدعم، لأنه يمثل خدمة الدين الذى تراكم بسبب العجز المستمر نتيجة الدعم، وبالتالى 50% من الموازنة تذهب للدعم، وتراجع الدعم يتبعه نقص الدين العام وتكلفته، وهذا التراجع سيؤدى إلى وفورات لن تذهب أدراج الرياح، بل ستوجهها الدولة لإقامة مشروعات استثمارية ورعاية صحية وبنية أساسية، فتتحول من أموال تذهب فى الأكل والشرب تنساها الناس، إلى أشياء تتذكرها الناس.

وأعتقد أن الحدود الآمنة للدعم فى الموازنة ينبغى أن تتراجع إلى ما يتراوح بين 7% و8% فقط فى فترة زمنية غير بعيدة.

حازم الببلاوي يتحدث للمصري اليوم

■ ما رأيك فيما تردد عن أن مصر لن تستخدم مصطلح «دعم» خلال الـ5 سنوات المقبلة؟

– لا يوجد دولة فى العالم لا تقدم دعما، هناك دعم فى الحدود المقبولة عالميا، والعلاج لابد أخذ جرعاته بالتدريج، وأعتقد أن الناس فى مصر بعد الجولة الأولى «أول مراحل رفع الدعم» بدأوا يشعرون بأن الحكومة جادة، لذا سيتعودون على مسألة رفع الدعم، وأتوقع أن تصبح الخدمات التى تقدمها الدولة أفضل، لذا سيصبح المواطن أكثر استعدادا لقبول المزيد من رفع الدعم المبالغ فيه، ولن نصل إلى «زيرو دعم».

■ إذا كنت توافق على قرارات الحكومة الحالية المتعلقة برفع الدعم.. فلماذا لم تجرؤ حكومتك على اتخاذها؟

– ليس صحيحا أن حكومتى لم تكن لديها الجرأة على اتخاذ قرارات تقليص الدعم، فالقرار تم اتخاذه فى ظل حكومتى، لكننا اتفقنا على عدم تنفيذه إلا بعد انتخاب رئيس جمهورية جديد، لأن قرارات الدعم صعبة سياسياً، أما فى ظل رئيس جاء بإجماع شعبى فلن تكون القرارات صعبة سياسيا، لذا من غير المستغرب اتخاذ قرارات الدعم بعد أسابيع قليلة من تكليف الحكومة الجديدة، ورأت حكومتى أن قرارا خطيرا مثل رفع الدعم من شأنه أن يؤثر فى الحياة اليومية لعدد كبير من المواطنين، ولن تستطيع أى حكومة اتخاذه إلا إذا كانت تتمتع بدعم شعبى كبير، لذا نصحت بأن يتم اتخاذ القرار خلال الأسابيع الأولى من حكم الرئيس المنتخب الجديد.

■ إلى أى مدى يمكن أن يؤثر عدم الاستقرار فى المنطقة سلباً على مصر؟

– أمر بديهى، فالقنابل تحيط بنا من كل جانب، وهذه البلاد حولنا تعانى من صراعات، وفيها عمالة مصرية، وكانت بيننا علاقات اقتصادية وتحويلات، وبالتالى فإن عدم استقرار هذه الدول سيؤدى إلى عدم استقرار مصر.

■ وهل تؤثر هذه الأحداث سلباً على حزمة المساعدات العربية التى تم التعهد بها خلال مؤتمر شرم الشيخ؟

– دول الخليج تعطى لمصر الجزء الأكبر من التمويل الخارجى، لأن هذه الدول تعتبر استقرار مصر جزءا أساسيا من استقرار المنطقة، لذا فإن دول الخليج ستعمل جاهدة على عدم تأثر مصر سلبا بالأحداث الجارية حولها، كما ستعمل على حماية استثماراتها فى مصر.

■ ما توقعاتك للاقتصاد المصرى بعد قمة شرم الشيخ.. وهل تغيرت نظرة العالم لمصر بعد المؤتمر؟

– الدول العربية تعهدت بـ12.5 مليار دولار، وهذه مساعدات حكومية، بالإضافة إلى الشركات العالمية التى وقعت مذكرات تفاهم للاستثمار وعدد كبير من المستثمرين فى العالم، مؤتمر شرم الشيخ أبرز اهتمام العالم بمصر.

■ ما تقييمك لقيام موديز برفع التصنيف الائتمانى للاقتصاد المحلى لأول مرة منذ 2012؟

– ظاهرة تؤكد أن الاقتصاد المصرى أصبح مبشرا، وبالتالى زيادة ثقة المستثمر، وأول نجاح بعد مؤتمر قمة شرم الشيخ، ومؤسسات التصنيف تستشعر الثقة لدى المستثمرين، وبالتالى تصدر التصنيف.

■ هل يؤثر التوجه الصينى لتأسيس صندوق نقد موازٍ، بالتعاون مع دول أوروبية وعربية، بالسلب على صندوق النقد الدولى؟

– الصين تريد من هذه الخطوة تغيير الاقتصاد العالمى، فإنجلترا سيطرت على الاقتصاد العالمى حتى نهاية الحرب العالمية الثانية، وبعد الحرب بدأ العالم يتخلص من العملات الاستعمارية والتوجه نحو الدولار، وأصبح الاقتصاد الأمريكى أقوى اقتصاديات العالم وسيظل، ولكنه لم يعد الأوحد، وبدأت الصين تظهر كمارد كبير، فالصين أعتقد أنها تضع قدمها على ضرورة توازن النظام المالى العالمى بما يتيح صعود قوة مالية أخرى بخلاف أمريكا، خاصة أن الصين أكبر مدخر فى العالم، كما أنها تتمتع بأضخم احتياطيات فى العالم، وبالتالى المستثمر الأكبر فى العالم وتساعدها عدد من الدول الأوروبية.

وأعتقد أن احتمالات نجاح المشروع الصينى كبيرة، وستعمل الصين على تأسيس درجة أكبر من التوازن المالى عما نحن عليه الآن.

 

 

 

 

 

 

 

المصرى اليوم

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى