الأخبار

بالوثائق: العلاقة بين جمال عبدالناصر وعبدالرحمن البنا

65

 

 

فى الحلقة «الأولى» من الوثائق المجهولة لجماعة الإخوان الإرهابية، نشرنا مراسلات وخطابات بين حسن البنا مؤسس جماعة الإخوان وشقيقه عبدالرحمن مؤسس جمعية الحضارة، تكشف استيلاء الشقيق الأكبر على جمعية الحضارة التى أسسها شقيقه، ودمج أعضاءها وأنشطتها فى الإخوان التى لم يكن بها أعضاء أو نشاط خارج الإسماعيلية، وننشر اليوم وثائق مثيرة تكشف علاقة «عبدالرحمن» بالرئيس الأسبق الراحل جمال عبدالناصر. عندما نجحت ثورة 23 يوليو كان من أعمالها الأولى القبض على قتلة حسن البنا وإيداعهم السجن الحربى، ثم قدموا لمحاكمة قضت على رئيس الوزارة حينذاك إبراهيم عبدالهادى بالإعدام خفف بعد ذلك للمؤبد، وكانت تلك الواقعة هى السبب فى انتقال وفد من أسرة «البنا» يضم والده وبقية أبنائه لشكر الرئيس محمد نجيب والبكباشى عبدالناصر، وكانت تلك هى المرة الأولى التى التقى فيها عبدالرحمن البنا بعبدالناصر، وكان هذا اللقاء سبباً فى بداية تقارب، وتزامن هذا مع انتخاب المستشار حسن الهضيبى لمقعد مرشد الجماعة الذى لم يكن محل ترحيب فى الدوائر المؤيدة لحسن البنا.

وكان بعض الذين أيدوا الهضيبى يتصورون أنه الشخصية المطلوبة لكى يجنى الإخوان ثمرة كفاحهم الطويل أمام الأحزاب وبالذات «الوفد»، ليكون الهضيبى بداية لسياسة جديدة تجمع بين الإخوان والملك العدو التقليدى لحزب الوفد، ويأتى عليهم الدور لتولى السلطة، وقد كانوا حينذاك أكبر هيئة شعبية واكتسبوا تأييد الشعب لما تعرضوا له من اضطهاد فى سجون إبراهيم عبدالهادى الذى أقاله الملك، وما ساعد على ترسيخ هذا التصور أن الملك فاروق طلب مقابلة «الهضيبى»، الذى قال للصحفيين بعد خروجه «زيارة كريمة لملك كريم».

عبدالرحمن البنا: ذهبت لـ«عبدالناصر» لأسلم نفسى وقلت: «جئتك بروح حسن البنا».. فقال: «قررنا الحل كارهين»

ونشرت جريدة «الجمهور المصرى» فى 22 سبتمبر 1952 تحقيقاً واسعاً على صفحة كاملة تتصدرها المانشيتات التى تقول (الوسيط الملكى الذى رشح الهضيبى مرشداً عاماً، الهضيبى ما زال يرفض إذاعة أسرار مقابلته للملك السابق) ويدور التحقيق حول وجود وسيط ملكى حل للملك فاروق مشكلته مع الإخوان، فقد كان يخشى الجماعة ويراها أقوى أعدائه، فقدم له هذا الوسيط الحل وهو أن يتوصل إلى تعيين مستشار يحمل لقب بك واتجاهاته مأمونة ويمكن أن يكتسب ثقة الإخوان وكان هذا المستشار هو حسن الهضيبى. ويقول كاتب التحقيق إن المندوب الملكى استطاع أن يؤثر فى دوائر الإخوان بعد أن ادعى الهضيبى أنه هو الذى كان يرعى أسر الإخوان فى المعتقل، وأنه بنفوذه واتصالاته سيحقق للدعوة الانتصار، وعندما حاولت أن أحصل على رأى الأستاذ جمال البنا فيما طالعت قال لى (ان التحقيق فى الحقيقة كان جزءاً من التلفيق الصحفى الماهر، ولكنه مع هذا قد لا يكون عارياً عن الصحة أو أن تتوفر فيه بعض العناصر دون الأخرى، ومن المفارقات أن الفريق الذى كان يقدم هذه التصورات لم يكن بعيداً عن مجموعة صلاح شادى التى كانت تتعاون مع «عبدالناصر» لتحقيق انقلاب يطيح بالملكية ويقوض كل آمال الهضيبى، وهو ما حدث بالفعل فقد نجحت حركة الضباط الأحرار وانقلبت الصورة كلياً وما كان كسباً أصبح عبئاً).

شرحت لسيادته الأضرار الواقعة على الإخوان فقال: الإخوان هم الذين يجرّون الأضرار بأعمالهم

ومن المؤكد أن الكثير من الإخوان من ذوى الصلة الوثيقة بحسن البنا لم يتقبلوا الهضيبى، خاصة أنه كان من الشخصيات الانطوائية المغلقة التى لا تكشف إلا القليل ولا تحاول أن تكسب فهم وتأييد محدثها، وكان هذا نقيضاً لما عرف عن حسن البنا من انبساط، وكان الموقف على أشده بالنسبة لعبدالرحمن البنا، الذى أعجب بعبدالناصر وثورته الناجحة على «فاروق» قدر ما كان يعزف عن الهضيبى، وأوجد هذا نوعاً من الجفاء بينهما على أن أحداً منهما لم ينل من الثانى أو يقصر فى حقه، بل كان عبدالرحمن يؤدى للهضيبى ما كان يعجز عنه، كما أن الهضيبى لم ينل من عبدالرحمن بالاسم، ولكن الأخير مع التزامه بما تفرضه الدعوة من ولاء وضبط، فإنه فتح بينه وبين عبدالناصر باباً خاصاً لم يكن هو الطريق الذى أمر به الهضيبى، وقد فعل هذا لا لمصلحة شخصية ولكنه أراد أن يفعل للدعوة أميناً لها والحيلولة دون أن تحتدم العداوة بينهما، وإن كانت الدعوة ستدخل فيه وليس فيه مصلحة شخصية فهو أرفع من أن يستخدم هذه العلاقة لمصلحته، ولكنه وجد أن فى هذا أماناً للدعوة وله أيضاً إذا طرأت أزمة أو احتدم صراع وهذا هو ما حدث.

منافسة «الباقورى وعبدالرحمن وعشماوى وعابدين» على منصب المرشد تنتهى باختيار «الهضيبى» كحل وسط

وبالفعل لقد شعر «الهضيبى» بأنه فى مثل قوة «عبدالناصر»، بل وأقوى منه، لأن انتصار عبدالناصر لم يأت نتيجة لكفاح طويل عنيف، وإنما كان ثمرة لمغامرة ناجحة، على أن هذه الحقيقـة لم يكن لها قيمة أمام الواقع، والواقع أنه سيد البلاد وأن القوة العسكرية والسياسية تخضع له وكان ضباط الإخوان وأعضاؤهم مثل حسن العشماوى وصلاح شادى، يتبادلون الأحاديث مع «جمال» بالاسم وكواحد منهم، وظنوا أن هذا يمكن أن يستمر بعد نجاح الثورة، ولقد طلب عبدالناصر فى الأيام الأولى للثورة دعم الإخوان ومشاركتهم، واعتبر رفضهم نوعاً من العقوق والخروج على آداب الدعوة، هذه الحقيقة هى التى توضح لنا موقف عبدالرحمن فى خروجه عن خطة الهضيبى فى مقاطعة الحركة ولماذا أباح لنفسه أن يجرى هذه المقابلات التى كانت تمثل له الخط السليم الواجب، وأن واجب الدعوة كان يفرض عليه انتهاجه حتى إن لم يصارح بذلك الجهة المعارضة (وهى جماعته التى اعتبرته مرتداً على أفكارها ومارقاً عنها) ولأن هذا قد يفسد علاقته مع السلطة، وعلاقته بعبدالناصر تسببت فى أن يخطب فى الإذاعة حديث الصباح، وأن يكتب فى «الجمهورية» بصفة يومية، وأيده عبدالناصر فى ترشيحاته لمجلس الأمة عن دائرة الخليفة بحيث انتخب نائباً لها، ولكن قال لى جمال البنا (إن هذا كله ما كان يعد شيئاً مذكوراً أمام ما تصور عبدالرحمن أن تصل إليه علاقته بعبدالناصر من خير للدعوة أو للإسلام، ووصل الأمر بجريدة الجمهورية أن تخطره بأنها أوقفت التعامل بالقطعة الذى كان متبعاً معه فانتهت العلاقة بينهما)، والسطور التالية تحمل تفريغاً لوثائق تنشر لأول مرة حملت نصوص بيانات ببعض الاتصالات التى سجلها عبدالرحمن البنا بخط يده فى دفتره بينه وبين الرئيس جمال عبدالناصر.

العلاقة بين جمال عبدالناصر وعبدالرحمن البنا

العلاقة بين جمال عبدالناصر وعبدالرحمن البنا

العلاقة بين جمال عبدالناصر وعبدالرحمن البنا

 

الوطن

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى