الأخبار

عاصفة الحزم أوقفت السيطرة الإيرانية على اليمن

98

قال نائب رئيس مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية وحيد عبد المجيد، إنه لولا تدخل السعودية في الوقت المناسب، لسقط اليمن في قبضة الحوثيين، مؤكدا أنهم لا يملكون قرارهم دون العودة إلى إيران، لكنه استدرك قائلا إن اليمن يعد ثانويا في المشروع الإيراني في المنطقة، بينما تمثل سوريا الساحة الرئيسية له.
القاهرة: قال نائب رئيس مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية وحيد عبد المجيد، في مقابلة مع “إيلاف” تنشر على حلقتين، إن الضربات الجوية للتحالف العربي تمكنت من وقف السيطرة الإيرانية على اليمن، مؤكدا سعي طهران لتحويل اليمن، لساحة حرب وإبقاء الوضع على ما هو عليه من أجل تحقيق المشروع الإيراني في المنطقة، وفي سبيل ذلك لا تسعى طهران لإيجاد حل سياسي للأزمة اليمنية.
وأضاف عبد المجيد أن الوضع في اليمن معقد، لارتباطه بالمشروع الإيراني في المنطقة، واستبعد في حواره مع “إيلاف”، من القاهرة، تحقيق اتفاق سياسي للأزمة اليمنية، في ظل عدم تحقيق هزيمة لجماعة الحوثي التي تتلقى تعليماتها من طهران، كما استبعد حصول اتفاق يقضي بتشكيل القوة العربية المشتركة.
الوقت المناسب
ما تقييمك للوضع في اليمن ومدى نجاح الضربات الجوية في الحد من قوة الحوثيين؟
الوضع في اليمن معقد، لكونه مرتبط بالمشروع الإيراني في المنطقة، وأذرع طهران المحلية (المتمثلة في الحوثيين وحزب الله اللبناني وعلي عبد الله صالح)، تمكنت من السيطرة على اليمن من خلال التفوق العددي على الأرض، ولولا تدخل المملكة العربية السعودية وقيادة التحالف العربي، في الوقت المناسب، لضرب جماعة الحوثيين، لوقع اليمن بكامله تحت سيطرتهم، وانتهت شرعية الرئيس هادي منصور، فعاصفة الحزم كانت ضرورية لوقف التفوق الحوثي في اليمن، والتصدي لأطماع إيران في المنطقة وتحديدا تجاه دول الخليج ، فالضربات الجوية نجحت في تحقيق أهدافها بالحد من قوة الحوثيين، وفي الوقت نفسه لم تلحق هزيمة بهم، وهذا أمر طبيعي من الناحية العسكرية فالضربات الجوية على مدار التاريخ لا تحسم حربا أو خلافا.
تابعون لإيران
وماذا عن الدور الإيراني في اليمن ودعم جماعة الحوثي؟
المشكلة أن الحوثيين ليس لهم قرار دون الرجوع لإيران صاحبة القرار الأول والأخير، وطهران تريد بقاء اليمن ساحة مفتوحة للحرب من أجل تحقيق نفوذها وتحكمها في المنطقة، وخاصة أنها تفقد نظام الرئيس السوري بشار الأسد، الذي بدأ بالتساقط والتراجع للمرة الأولى منذ عامين، في ظل فقدانه عددا من قواته وبعض المناطق الحيوية، وهو ما يثير مخاوف طهران كثيرا، فسقوط  بشار الأسد يمثل ضربة موجعة للمشروع الإيراني، فسوريا هي محور أساسي لتواجد يد إيران في المنطقة لتحقيق الحلم الإيراني، حيث تعتبر سوريا امتدادا لتواجدها في العراق، لذلك فهي تريد فتح اليمن ساحة حرب إلى أن تحسم بعض الصراعات في المنطقة وبصفة خاصة سوريا.
سوريا الساحة الرئيسية
هل معنى ذلك أن مواجهة المشروع الإيراني ليس في اليمن ؟
مواجهة المشروع الإيراني ليس في اليمن ولكنه في سوريا، خاصة مع التخاذل في دعم المعارضة السورية بحجة وجود إرهاب يساعد بشكل مباشر في دعم المشروع الإيراني، فاليمن ساحة ثانوية، أما الساحة الحقيقية والرئيسية فهي سوري،ا ومن لا يدرك هذا الأمر من الدول العربية فسوف يكون خادما في المستقبل لإيران. بشارالأسد هو الذراع الرئيسي لتحقيق المشروع الإيراني، وطهران تعتبر المناطق المتبقية تحت سيطرته مجرد محافظة رقم 35 تابعة لدولة ايران، وبشار مجرد راع لها، وقوات قاسم سليماني الإيرانية هي التي تدير المعارك في سوريا وما تبقى من الجيش السوري يتلقى تعليماته منه وليس من بشارالأسد، والجيش السوري محظور عليه دخول مناطق في سوريا دون الحصول على إذن مسبق من سليماني ونوابه، فالإيرانيون حاليا لا يثقون بالجيش السوري العلوي الموالي لبشار من كثرة الانشقاقات بداخله، ومن يعتقد أن حل الأزمة في سوريا مرتبط بوجود الأسد، يخدم المشروع الإيراني، ومن يساعد على ذلك، عليه أن يجهز نفسه ليعمل خادما للسادة الإيرانيين.
واجهة إيرانية
 ولكن هناك دولا عربية مازالت تراهن على بقاء نظام الأسد؟
أي طرف عربي يراهن على نظام الأسد ويعتقد بأنه مازال موجودا وهناك شيء ما يسمى ببشار، فتلك أنظمة سياسية لا تعرف شيئا عما يحدث في المنطقة. الأسد لم يعد له وجود، بل أصبح مجرد واجهة لقوات قاسم سليماني. ومن يراهن على بشار يعيش في الخيال.
تراجع لا انهيار
ولكن الواضح أن نظام الأسد مازال متماسكا ولن يسقط قريبا؟
النظام السوري في حالة تراجع كبير يحدث لأول مرة منذ عامين، ولكن الانهيار التام له يحتاج إلى وقت طويل، ويحتاج إلى إرادة ودعم حقيقي للقوات التي تحارب نظام الأسد، بدون مخاوف مبالغ فيها، وبدون وضع فزاعات بأن الإرهاب يتمدد في سوريا، لأن الإرهاب الحقيقي وموطنه متمثل في بشار، والوجود الإيراني على الأراضي السورية، وإذا قطعت اليد التي صنعت الإرهاب في سوريا فسوف يتلاشى تماما من المنطقة.
إرادة غائبة
هل تتطلب مساندة المعارضة السورية توجيه ضربة عربية لنظام الأسد على خلفية عاصفة الحزم؟
هذا الأمر مستبعد، فالمعارضة لا تحتاج لتدخل عسكري عربي، ولكنها تحتاج إلى إرادة عربية حقيقية لدعمها ودعم والمقاتلين. وأهم ما تحتاج إليه فرض حظر جوي على سوريا يمكنها من خلق منطقة آمنة وتحديدا مع الحدود التركية، وتتيح لها إنشاء قاعدة عسكرية للانطلاق منها ومواجهة الضربات الغاشمة الجوية التي توجهها إيران من خلال بشار، كما تحتاج المعارضة إلى إمدادها بالسلاح الثقيل، ولا تريد من يقاتل معها فهي قادرة على حسم الصراع لصالحها.
شروط الحل السياسي
هل تنجح جهود الوساطة العربية بايجاد حلول سياسية في اليمن؟
فتح مجال للحل السياسي الناجح في اليمن يتطلب إلحاق هزيمة قاسية بالحوثي، وإيران مهتمة بالإبقاء على الحرب والصراع، ولذلك لا أتوقع أن يقبل الحوثيون بحل سياسي في المدى القريب، لأن القرار في يد طهران وليس في اليمن.
ولكن عاصفة الحزم توقفت من أجل وضع حلول سياسية للأزمة
كان ضروري جدا الإعلان عن وقف الضربات تماشيا مع قرار مجلس الأمن رقم 2140، سعيا لإثبات دول التحالف العربي والمملكة العربية السعودية حرصها على الوصول لحل سياسي للأزمة، لذلك كان من الضروري وقف عاصفة الحزم، وبدء عملية إعادة الأمل، وهذا القرار لا يعني وقف العمل العسكري بالتزامن مع الحل السياسي، فالعمل العسكري مستمر وفقا للوقائع على الأرض، ومدى تقدم جماعة الحوثي وسيطرتهم على المناطق الحيوية، على أن يتوقف العمل العسكري تماما في حال استجابة الحوثيين لقرار مجلس الأمن وقد يستمر التدخل العسكري لفترة ليست بالقصيرة .
هل التدخل البري من قبل قوات التحالف مازال مطروحا؟
التدخل البري أمر وارد في مرحلة قد تكون تالية، ولكن العملية البرية تحتاج إلى إعداد وخطة ودراسة دقيقة لمسرح العمليات حتى لا تتحول إلى مغامرة أو استنزاف للقوات البرية وهي بكل الأحوال عملية صعبة وليست سهلة.
أميركا أيّدت العاصفة
حثت الإدارة الأميركية على ضرورة البحث عن حلول سياسية للأزمة اليمنية، فهل يعتبر ذلك تغيرا في الموقف بعد المساندة الكاملة للضربات العسكرية؟
الموقف الأميركي في اليمن تحديدا واضح للجميع، فالولايات المتحدة لم يكن أمامها سوى تأييد التدخل العسكري، لعلمها المسبق أن إيران كانت على وشك “ابتلاع” البلاد كاملة، كما كانت بحاجة لتوجيه رسالة طمأنة لجميع الأطراف القلقة، بعد توقيع اتفاق الحد من الانتشار النووي الإيراني، فالولايات المتحدة أرادت أن تقول بأنه لا داعي للتخوف من الاتفاق، بدليل أننا نؤيد الحرب في اليمن، وتأييد أميركا لهذه الحرب موجهة ضمنيا إلى إيران، ومازال الموقف الأميركي ثابتا، وكونها تلح للوصول لحلول سياسية فهذا الأمر يسعى إليه الجميع حتى دول التحالف العربي، ولكن المشكلة أن هذا الحل في يد طهران وأنصارها في اليمن.
استبعاد التدخل التركي
هناك من يتهم تركيا بالتراجع عن دعم عاصفة الحزم إرضاء لإيران بعد زيارة أردوغان لها مؤخرا فما تقييمك للموقف التركي؟
تركيا أيدت عاصفة الحزم من حيث المبدأ في البداية ، وزيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لطهران كانت سعيا لحل سياسي للأزمة، على اعتبار أن القرار بيد طهران من الأساس، والتدخل العسكري التركي في اليمن بجانب التحالف العربي في هذا التوقيت صعب، حيث أنها مقبلة على أكبر وأخطر انتخابات برلمانية تاريخية، قد تغير في المستقبل السياسي لتركيا لفترة طويلة، ولا يستطيع أردوغان اتخاذ قرار في هذا الوقت بالدخول في حرب اليمن، فمن الممكن أن تستخدمه المعارضة ضده، وقد تكون السلطة التركية راغبة في المشاركة، ولكنها بسبب التوازنات الداخلية اكتفت بالتأييد والبحث عن الحلول السياسية. الوضع نفسه بالنسبة لموقف باكستان والمتشابه إلى حد كبير مع الموقف التركي، فالحكومة هناك راغبة بالمشاركة في الحرب ولكنها مقيدة بتوازنات داخلية، تفرض عليها أن تكتفي بالتأييد السياسي، مع الاستعداد للدفاع عن السعودية في حالة تعرض حدودها لاعتداءات الحوثيين، بشرط عدم التدخل في معارك داخل الأراضي اليمنية كما يحدث الآن.
مصر والعاصفة
بمقياس معيار المكسب والخسارة هل يمكن تقييم الدور المصري في المشاركة في عاصفة الحزم؟
حساب المكاسب والخسائر يحتاج الى وقت، وهو غير ممكن الآن لكونه متوقف في النهاية على الطريقة التي تقيم بها دول الخليج، وخاصة السعودية والإمارات، الموقف المصري من حيث حجم ونوع المشاركة، وهل قدمت مصر ما كان مأمولا من جانب دول الخليج أم لا؟ حيث لم يظهر تأثير الدور المصري الواضح في الحرب، فهناك أصوات لشخصيات غير رسمية بدول الخليج، غير راضين عن الدور المصري وكتبوا مقالات في الصحف وعبر الفايسبوك أن مصر لم تقم بالدور المتوقع منها ومشاركتها رمزية وضعيفة للغاية.
وهل كان بإمكان مصر أن تلعب دورا أكبر؟
بالنسبة لمصر فهذه المشاركة هي أقصى ما تستطيع أن تقدمه في ظل الظروف الداخلية وحربها ضد الإرهاب، لكي لا تتورط في مستنقع جديد يدخلها في دوامة هي بغنى عنها حاليا، وهذا الأمر مقبول من الرئيس وما كان ينبغي أن يكون غير ذلك، ولكن المهم أن يكون الموقف المصري قاعدة عامة، برفض التدخل في مستنقعات خارجية على أن يكون ذلك في أضيق الحدود وعند الضرورة البحتة، على أن تقتصر المشاركة المصرية على القوات الجوية فقط .
القوة العربية نظرية
هل سيكتب النجاح للدعوة لتشكيل قوى عربية مشتركة ؟
القوة العربية المشتركة فكرة نظرية وطموحة جدا، ولكن من الناحية العملية لم تتم على أرض الواقع ولن يحدث اتفاق حولها، حيث إن تشكيلها يحتاج إلى توافق سياسي في الرأي بين الدول العربية من أجل التوافق العسكري، وهذا غير متوافر في ظل الخلافات بين هذه الدول حول قضايا هامة بالمنطقة مثل سوريا وليبيا، والبديل أمام العرب اتباع ما حدث في اليمن، ففي حال تعرض دولة لخطر تقوم الدول المتفق معها سياسيا بتقديم المساعدة لها مثلما حدث في عاصفة الحزم، وهذا لا يحتاج إلى توقيع اتفاقات بين الدول .
هل تسعى مصر إلى تشكيل القوى المشتركة لتوجيه ضربة عسكرية بمساعدة عربية داخل ليبيا؟
الوضع في ليبيا مختلف عن اليمن، فالصراع هناك يحتاج إلى حلول سياسية بعيدا عن أي تدخل عسكري خارجي، والذي سيسبب المزيد من التعقيدات الداخلية، ويطيل أمد ليبيا في الصراع بين الفصائل المتنازعة، والشريط الحدودي بين مصر وليبيا آمن إلى حد كبير، خاصة وأن الموجودين على الحدود المصرية من داخل ليبيا أطراف موالية لمصر، وإن فرض حدوث خطر يستدعي التدخل العسكري المصري سيكون ذلك في أضيق الحدود عبر توجيه ضربات جوية محدودة كما حدث من قبل، وهذا الأمر لا يتطلب مساندة عربية لمصر.

 

 

ايلاف

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى