الأخبار

دعوات خلع الحجاب

162

قال الدكتور شوقى علام، مفتى الجمهورية، إن واقعة الاعتداء اللفظى التى تعرض لها فى هولندا، خلال جولته الأوروبية الأسبوع الماضى، على يد سيدة تنتمى لتنظيم الإخوان، أكدت للأوروبيين أن أفعال تلك المنظمة الإرهابية الغوغائية تسىء للإسلام وتكشف عنف تلك الجماعات المعادية للبناء والداعية للعنف.

■ كيف تعاملت مع مسألة الهجوم والتطاول عليك فى هولندا بحجة تصديقكم على أحكام إعدام الإخوان؟

– أكرر دائماً أننا نؤدى مهمة ونراها عظيمة ونحن نمشى ونسير والأمور تستقر مهما فعل الفاعلون، فالدولة عازمة على المضى قدماً، ذلك الحادث العارض لم يؤثر على الزيارة والفعاليات واللقاءات التى قمنا بها مع المسئولين فى هولندا ثم فرنسا، ونحن بفضل الله استكملنا برنامجنا دون أى تأثر، والقيادات الدينية والسياسية فى أوروبا تفاعلت مع ما قدمناه، وتأكد لهم أن أفعال هذه المنظمة الإرهابية الغوغائية تسىء للإسلام.

■ كيف ترى الاعتراض الذى أبداه البعض على تصديقكم على أحكام الإعدام؟

– أحكام الإعدام هى جزء من التقاضى ولا ألتفت إلى الأسماء ولكن التركيز يكون على ما جاء فى الأوراق المقدمة من هيئة المحكمة، ورأينا مبنى على هذه الأوراق لا الأشخاص أياً من كانوا.

■ الكثيرون رأوا ما حدث أنه تطاول على الدولة المصرية وليس على شخصكم فقط، فما رأيكم؟

– بالنسبة لنا فهذا الأمر لن يثنينا عن رسالتنا فنحن نؤدى ما أمرنا الله به، وأما بالنسبة للدولة فهى ماضية فى طريقها فى البناء والعمل وتحقيق الإنجازات ومثل هذه الأفعال الغوغائية لن تؤثر فيها.

■ بعض المعلومات تفيد أن السيدة المتطاولة على فضيلتكم مرتبطة بتنظيم الإخوان وتمول من الجماعة الإرهابية؟

– لم أكن أعرف وقتها أنها من الإخوان، لكن السلوك والألفاظ التى تفوهت بها لا تليق وليست من الإسلام فى شىء، فالشرع الشريف يحثنا على التحلى بمكارم الأخلاق وسلوكها يعبر عن ضيق فى الأفق وحالة من اليأس وتحاول بثها للآخرين.

■ هل تفهم المسئولون فى هولندا حقيقة الوضع؟

– تفهموا الوضع تماماً ووصلت لهم الرسالة التى أردنا توصيلها من عنف تلك الجماعات التى تعادى البناء وتؤسس للفشل والعنف.

■ هل تلك الواقعة التى تعرضتم لها كان لها أى تأثير سلبى؟

– إطلاقاً بل ساهمت فى تفهم المسئولين هناك، والحمد لله برنامج الزيارة لم يتأثر بأى شىء واستكملنا برنامجنا وتوصيل رسائلنا دون الالتفات إلى ما حدث.

■ ما رسالتك لكل من يسعون للتطاول والنيل من رموز مصر خلال زياراتهم الخارجية؟

– أقول لهم إن كنتم بأفعالكم تلك التى لا يقرها شرع ولا عرف تظنون أن هذا سيفت من عضدنا فهذا أمر غير وارد، وإن كنتم تظنون أن هذا سيؤثر على مسيرات الإصلاح فى وطننا والتأثير أو التقليل من الإيجابيات فهذا أمر أيضاً غير وارد، لكن عليكم أن تعيدوا النظر فى الأمور وتحاولوا البناء والتفاعل والبعد عن التطرف والعنف والتحلى بمكارم الأخلاق التى حثنا عليها ديننا الحنيف.

■ هل ستؤثر تلك الحادثة على مواصلة رحلاتك الخارجية لتصحيح صورة الإسلام؟

– لن يؤثر أمر كان من كان على رسالتنا وأهدافنا التى نتبناها فى دار الإفتاء، فالمسئولية تجاه الدين والوطن تحتاج إلى الصبر وتحمل المعاناة من أجل توصيل الفكرة الصحيحة عن الدين الإسلامى حتى لو تعرضنا لمثل هذه الاعتداءات، وما حدث لن يؤثر على أداء المهمة التى كلفنا بها وهى نشر المفهوم الصحيح عن الإسلام والدين الوسطى، وعلى العكس فقد استكملنا جدولنا فى الزيارة سواء على مستوى المقابلات أو المحاضرات أو غيرها ونحن نؤكد أن أصحاب الغايات والأهداف النبيلة التى تسعى لخدمة الدين والوطن لا تلتفت لمثل هذه الأمور بل علينا أن نترفع عنها، ونواصل المضى إلى حيث أراد الله لنا أن نقوم به، فاذا ما انشغلنا عن دورنا بهذه الأمور السلبية فلن نحقق ما نصبو إليه من نجاح، وعلى عكس ما كانوا يريدون حققت الزيارتان ما كنا نصبو إليه وما أردنا أن نوصله من رسائل للغرب والحمد لله.

■ ما أبرز الموضوعات والقضايا التى تناولتها خلال رحلتك الأوروبية؟

– كان هناك مهمتان، نشر الفكر الصحيح، إضافة إلى توضيح العديد من المفاهيم التى يستغلها المتطرفون وأعداء الإسلام فى تشويه صورة الإسلام والمسلمين فى الخارج والعمل على تفكيك الأفكار المتطرفة والرد عليها بشكل علمى لتحصين الشباب من الوقوع فى براثن هذا الفكر المنحرف، وفكرة التجديد الصحيح للخطاب الدينى المبنى على احترام الثوابت، وثانيها إطلاع الغرب على كل مستوياته بالنتائج الإيجابية التى شهدتها مصر خلال المرحلة الماضية وحرص القيادة المصرية على الانفتاح الإيجابى على العالم وترحيب مصر قيادة وشعباً بالتعاون المثمر وتبادل الخبرات بما يحقق مصالح الشعوب ويضمن استقرارها.

■ البعض يرى أن ذلك الاستخدام الأمثل للقوة الناعمة؟

– لا بأس من الاستخدام الأمثل للقوة الناعمة لمصر فى الخارج، وتأكيد أن مصر حريصة على الانفتاح على العالم وتمد يدها للتعاون مع الدول الأوروبية بما يحقق المصلحة المشتركة ويعزز من السلم العالمى، كل هذا وفق استراتيجية دار الإفتاء المصرية التى أعلنا عنها فى بداية العام الحالى 2015.

■ لقد بدأتم رحلتكم بهولندا ثم أعقبها فرنسا، والتقيتم بوزيرى الداخلية والخارجية الهولنديين وأعضاء برلمانيين وسياسيين بارزين فما أبرز النقاط التى أثارت حفيظتهم تجاه الإسلام فكراً وأتباعاً؟

– على العكس لم يكن هناك أى تحفظ، بل كان هناك كثير من الترحاب والتطلع لمعرفة المزيد عن الإسلام السمح والمنهج الوسطى ودورنا وخطتنا فى تجديد الخطاب الدينى، وعليه فقد حظيت الزيارة باهتمام كبير من قبل المسئولين الأوروبيين وانعكس ذلك فى ترتيب اللقاءات الرفيعة التى اجتمعنا فيها بكبار رجال الدولة ورجال الدين والجاليات المسلمة وطلبة الجامعات، كنا نريد توصيل الرسالة لكافة شرائح المجتمع كما ذكرت لك، فخاطبنا كل الشرائح لكن من الممكن أن نقول إنه كانت هناك أمور تثير حفيظتهم وذلك للصورة المشوهة التى صدّرتها جماعات العنف بأسلوبها البعيد عن صحيح الدين.

■ ما تقييمك للدور الذى قمتم به خلال الجولة الأوروبية؟

– نجحنا بفضل الله فى إزالة هذا اللبس من خلال بيان أن الدين الإسلامى لم يكن يسعى للصدام مع الآخر أو إقامة الجسور بيننا وبين الآخرين، بل بالعكس أمرنا بالاندماج والتفاعل والتعاون على البر والتقوى وضرورة تلاحم القوى الدولية لكسب معركة التسامح حتى يكون هناك مستقبل أفضل لأولادنا وأحفادنا، كما أننا تطرقنا إلى أن المعركة ضد التطرف تحتاج إلى جهود حثيثة لكسبها وتتطلب التكاتف وعدم السماح للمتطرفين وأصحاب «الأجندات المتطرفة» والمشبوهة أن يختطفوا الحاضر والمستقبل فى مصر والعالم أجمع.

■ كيف وجدت نظرة الأوروبيين للأقليات المسلمة بالغرب؟

– النظرة السلبية للإسلام فى الغرب كان لها أثر كبير على الجاليات هناك وعلى حقوقهم وطريقة التعامل معهم، حيث تكونت هذه النظرة من خلال وسائل الإعلام الغربية التى تسعى لالتقاط لقطات مصورة ومشاهد فيديو لتصرفات مشينة لجماعات العنف والإرهاب أو بعض المسلمين والعرب من المقيمين بالغرب ومحاولة إضفاء طابع العمومية عليها كنظرة عامة للإسلام، ما ترتب عليه أوضاع ليست جيدة لمعظم الجاليات، ما أدى لعزلتها فى بعض الأحيان أو الصدام مع الآخر، بالإضافة إلى غياب الصوت الإسلامى فى الملتقيات والمؤتمرات الدولية وغيرها، الحكومية وغير الحكومية، فكان له انعكاسات سلبية على فهم الغرب لصورة الإسلام لذا فقد استشعرنا هذا الخطر وعملنا عليه من أجل أمرين، الأول هو إزالة هذه الصورة السلبية عن الإسلام وأن هذه الأفعال التى روجها الإعلام الغربى ما هى إلا سلوك شاذ لبعض المنتسبين إلى الإسلام ولا يعبرون عن الإسلام الصحيح، ومن ناحية كانت رسالتنا لهذه الجاليات أن يكونوا سفراء جيدين للإسلام وضرورة نشر ثقافة التعايش مع الآخر من خلال القواسم المشتركة الكثيرة التى تجمع بين أتباع الأديان، بما يشكل نسيجاً مجتمعياً وبناء حضارياً جاءت الأديان كلها بالدعوة إليه والحث عليه.

■ الصحافة الفرنسية اهتمت بأخبار زيارتك، فكيف وجدت شعور الفرنسيين تجاه الإسلام، خاصة أن أصداء حادثة مجلة شارلى إيبدو لا تزال تداعب خيال الفرنسيين؟

– الأمر الذى لفت انتباهى هو ضرورة الوجود، لأن الغياب عن هذه المجتمعات يعطى للآخرين الفرصة للإساءة للدين والأوطان سواء من الداخل أو الخارج ومن ثم فإن الوجود مهم للغاية، وهذا ما أكد صحة ما ذهبت إليه دار الإفتاء وهى أن تكون موجودة بقوة فى المحافل الدولية من خلال علمائها لبيان صحيح الدين، وخطر الإرهاب فى المنطقة والعالم وقضية الحوار والتعايش بين أتباع المذاهب والديانات المختلفة، من أجل ترسيخ مفاهيم السلام فى المجتمع الإنسانى التى دونها تنتشر الكراهية والعداء بين الناس.

■ هناك تعطش لدى تلك المجتمعات لمعرفة الإسلام؟

– طبعاً والزيارة لاقت ترحيباً من كل الأوساط فى فرنسا بدرجة كبيرة، حتى إنهم رفعوا مستوى التمثيل واللقاءات فى الزيارة واللقاءات الصحفية والإذاعية، وهذا يؤكد تعطش هذه المجتمعات إلى المنهج الوسطى للإسلام، فرسالة الإسلام جاءت عالمية لم تتوقف عند حدود مكة فقط بل شملت العالم كله، والإسلام من خلال هذه العالمية استطاع استيعاب الحضارات والأمم القديمة، بما تحويه من ثقافات متنوعة وأديان متعددة وأعراف مختلفة، والتى تأكدت فى آيات الذكر الحكيم، مثل قوله تعالى: «وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا»، وقال النبى صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ بَعَثَنِى رَحْمَةً لِلنَّاسِ كَافَّةً» هذه الرسالة أردنا توصيلها خاصة بعد الأحداث المتطرفة الأخيرة التى تنسب زوراً للإسلام.

■ المسلمون فى ألمانيا يواجهون تحديات واضحة فهل ستكون رحلة المفتى المقبلة إلى ألمانيا؟

– كما قلت من قبل إننا فى دار الإفتاء وضعنا فى بداية هذا العام استراتيجية تتبناها الدار فى عام 2015 للتواصل مع الغرب وليس الغرب وحده بل فى الخمس قارات من أجل التواصل مع الجاليات والأقليات المسلمة وأيضاً التواصل مع الآخر، ونحن نرصد كل القضايا المرتبطة بالشأن الدينى ونعمل عليها ونعرف مكامن الداء فى أى منها لنصل للعلاج المناسب الذى نرتحل من أجله لإزالة الداء بأنفسنا حتى نضمن شفاءه تماماً، وإن شاء الله تعالى فى الأيام المقبلة ستكون لنا جولة فى ألمانيا استكمالاً للجولات الأوروبية لتصحيح صورة الإسلام فى الغرب.

■ لاحظنا فى الفترة الماضية دعوات لخلع الحجاب وأخرى مشبوهة تقول إن ممارسة الجنس خارج نطاق الزواج حلال، ما موقف دار الإفتاء من هذه الأمور؟

– تلك دعوات شاذة وصادمة، ومهمة دار الإفتاء الأساسية هى بيان الحكم الشرعى للمسلمين فى كل ما يشغلهم فى أمور دنياهم ودينهم وهذا هو صميم عملنا بدار الإفتاء المصرية، وكوضع طبيعى انتشرت فى الآونة الأخيرة هذه الموجة من الأمور الشاذة والآراء الصادمة التى تطعن فى ثوابت الدين والصحابة، وبالتالى هبت الدار من واقع صميم عملها للرد على كل تلك الشبهات والافتراءات، وكان هذا النشاط واضحاً بشكل ملحوظ نتيجة الزخم الكبير حول هذه القضايا ونتيجة لانتشار الآراء المتشددة من قبل البعض، فالدار من خلال مرصد الفتاوى التكفيرية والشاذة تحصل على الكثير من هذه الفتاوى والآراء نتيجة الرصد اليومى وعلى مدار الساعة من قبل الباحثين والمتخصصين فى هذا المرصد، ومن ثم تقوم بالرد والتفاعل مع الأحداث ونشرها فى الإعلام لإعطاء الصورة الصحيحة، ومنع حدوث البلبلة والوقيعة بين الناس فى ظل ما تشهده البلاد من ظروف فى وقتنا الحالى، وهذا العمل سواء فى الماضى أو الحاضر أو المستقبل إن شاء الله هو نابع من صميم عمل دار الإفتاء المصرية ودورها فى نشر الوعى والدين الوسطى بين المسلمين.

346685_Large_20150506093418_12

 

enn

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى