الأخبار

اقتصاديون: سياسة “التعويم المدار للجنيه” خاطئة.. وتكبد الاقتصاد مليارات الجنيهات7

 

إبراهيم العزب

لاحديث يعلو في الشارع الاقتصادي حول قيمة الجنيه في الفترة الأخيرة، لتظل العملة المحلية حائرة بين الدعم تارة، والتخفيض تارة أخرى، أو تركها لقوى العرض والطلب، في ظل تدهور الأوضاع الاقتصادية، وزيادة عجز الموازنة وارتفاع أعباء خدمة الديون .

وتقول بسنت فهمي، الخبيرة المصرفية: إن البنك المركزي قام بدعم الجنيه بشكل مبالغ فيه في أعقاب ثورة 25 يناير، مما كبد الاقتصاد المصري مليارات الجنيهات، متسائلة: كيف تمر البلاد بثورة شعبية وجميع وسائل الإنتاج الحكومية والاستثمارية متعطلة، بينما يظل سعر الجنيه أمام العملات الأجنبية مستقًرا؟!.

وأضافت أن تصريحات مسئولي السياستين النقدية والمالية عن ترك العملة الوطنية، وفقًا لقوي العرض والطلب أمر مبالغ فيه لأن ظروف الاقتصاد الوطني معروفة للجميع بالداخل والخارج، خصوصًا أن دعم الجنيه يزيد من حصة الواردات علي حساب الصادرات، والعكس صحيح حال تخفيض سعره حيث تزداد الصادرات.

وأوضحت أنها تتبني فكرة تخفيض الجنيه، حتي ولو تم ذلك التوجيه بأوامر من صندوق النقد الدولي، لأن التخفيض يجذب الاستثمارات الأجنبية وحركة السياحة، ويحافظ علي رصيد مصر من الاحتياطات الدولية من العملات الأجنبية، إلا أنها طالبت بحزمة من الإجراءات التي يجب تطبيقها وجني ثمارها قبل التنفيذ، وهي تحقيق الاكتفاء الذاتي من المحاصيل الزراعية الاساسية كالقمح والذرة وقصب السكر ووضع برنامج وطني للنهضة الصناعية وتشجيع المنتج الوطني وإعادة الآمن إلي الشارع المصري والاهتمام بنظافته لجذب السائحين.

وأضافت أن اتجاه الحكومة إلي زيادة مواردها السيادية بالتوسع في فرض الضرائب يعني “تطفيش” الاستثمارات ومزيد من البطالة، موضحة أن دعم الجنيه يعني تقويض الاقتصاد المصري وهدمه، كما أن تجربة استنزاف الاحتياطي في الدفاع عن العملة “فاشلة” فالأهم منها تطوير الصادرات، وزيادة القيمة المضافة للسلع الوطنية المصنعة.

أما الدكتور علي لطفي، أستاذ الاقتصاد ورئيس الوزراء الأسبق، فيري أن أدوات السياسة النقدية متعددة بيد البنك المركزي حيث يحرص علي الابقاء علي سعر الفائدة علي الجنيه المصري ثابتة بهدف تشجيع الاستثمارات والحفاظ علي الاحتياطات الدولية من العملات وإن كانت زيادة سعر الفائدة يجعل عملية الدولرة مستحيلة لأنها تساعد علي جذب المدخرات وتخفيض الضغط علي الجنيه المصري لكن البنوك العامة تسعي لزيادتها لسد الطلب عليها.

ويري أن دعم الجنيه يكلف الدولة كثيرًا في وقت تحاول أن تتخلص من سياسية الدعم العشوائية، لذلك فالأفضل وفقا للنظريات الاقتصادية وخبراء العالم الاقتصاديين هو ترك العملة وفقًا لقوى السوق، إلا أنه استدرك قائلاً: مع الاقتصاد المصري الذي يعاني من هزال شديد نتيجة عجز الموازنة العامة بلغ حتي الآن 150 مليار جنيه و11 مليار دولار عجزًا بميزان المدفوعات و25 مليارًا عجزًا في الميزان التجاري، وارتفاع في نسبة البطالة بلغ 13% وانخفاض في معدلات الاحتياطي من العملات إلى 15.5 مليار دولار، فليس أمامنا سوي تنشيط الاقتصاد بزيادة الانتاجية الزراعية والصناعية وتحقيق الآمن والاستقرار السياسي لجذب الاستثمارات والسائحين.

ويؤكد الدكتور سعيد توفيق، أستاذ الاستثمار والتمويل بتجارة عين شمس، أن الحكومة المصرية تتبع سياسة “التعويم المدار للجنيه”، وهي سياسة خاطئة لأنها ساعدت علي التخفيض الشديد للاحتياطات الدولية من العملات الأجنبية.

ولفت إلى أن الطلب علي الجنيه شبه منعد لتدهور السياحة والصادرات، والحل الوحيد لزيادة قيمة الجنيه هو رفع سعر السندات الحكومية مما يترتب عليه زيادة سعر الفائدة عليها وتخفيضها علي الدولار لأدنى المستويات العالمية عندئذ تتجه أنظار المودعين إلي التكالب علي فتح الايداعات بالجنيه وزيادة المدخرات بالعملة المحلية فتتصاعد معدلات الاستثمار والنمو الاقتصادي وعندئذ تنظر الحكومة في أمر تحرير سعر الصرف للجنيه أمام العملات الأجنبية.

وحذر مسئولي السياستين النقدية والمالية من التفكير في تحرير سعر الصرف حاليًا حتي لا تتكرر تجربة دول الاتحاد الاوروبي الفاشلة التي اصابت اقتصاديات معظم اعضاءه، داعيًا إلى الاهتمام بموارد النقد القادمة من تحويلات المصريين العاملين في الخارج من خلال انشاء وزارة خاصة بهم لرعايتهم وحل مشاكلهم واجراء توسعات وتطويرات علي قناة السويس لزيادة ايرادتها من خلال وتشغيلها بكفاءة عالية والتدريب التحويلي للعمالة علي المهن التي تحتاجها السوقين العالمية والمحلية بمجال تكنولوجيا المعلومات والعلوم التقنية وتنفيذ المشروع القومي لتنمية وتعمير سيناء واستغلال ثرواتها، وكل ذلك من شأنه أن يدعم قوة الجنيه ونتركه لقوي السوق.

بوابة الأهرام

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى