الأخبار

بدء العطلة الحكومية المتوقعة

74

 

تنعقد الاثنين المقبل جلسة الحوار الثالثة عشرة بين “حزب الله” و”تيار المستقبل”، في عين التينة، فهل يبقى هذا الحوار الطاولة الوحيدة التي تجمع المتخاصمين بعدما تعطٰل قطار مجلس النواب وتلحق به قاطرة الحكومة؟

معلوم ان ابرز ما يحمله “تيار المستقبل” الى هذا الحوار تطوّران طرأا منذ جلسة الحوار الاخيرة في أيار الماضي، وهما تعطيل جلسات الحكومة وانخراط “حزب الله” في الحرب في جرود عرسال. ومعلوم ايضاً ان هواجس “المستقبل” لن تقتصر على مطلب تحييد عرسال وجرودها وتركها للجيش ليأخذ فيها الاجراءات المناسبة وفق ما فوضه مجلس الوزراء، بل سيطرح ما وصفه بـ”التجييش الطائفي والمذهبي” الذي سبق ورافق معركة الجرود ويهدّد بتداعيات قد تمتدٰ حرائقها ابعد من عرسال ومحيطها الى مناطق اخرى في البقاع والجنوب والشمال. واذا كانت الذريعة ان “ابو مالك التلّي” قائد “جبهة النصرة” هو حيناً في جرود عرسال وحيناً يدخل ويخرج منها، فسؤالهم ايضاً سيكون للحزب عن الذريعة لوجوده في القلمون ويبرود ورنكوس وغيرها؟
وفي الشأن الحكومي، سيسأل “المستقبل” عن تفاهم اعتقد انه قائم وراسخ بحماية الحكومة وبعدم تعطيلها، فيما يتبين له ان الحزب قد اختار وقبل العودة الى طاولة الحوار الذهاب للوقوف الى جانب حليفه العماد ميشال عون في شرطه البت بالتعيينات الأمنية قبل الدخول على اي بند او جدول اعمال آخر، متجاوزاً بذلك أحد ابرز أعمدة حوارهما الثنائي.
ومن وجهة نظر “المستقبل” أن البلد لم يعد يحتمل سياسة المغامرة ولا اي تعطيل إضافي، لا من اجل فرض ترشيح عون للرئاسة ولا من اجل إيصال صهره الى قيادة الجيش. فهناك استحقاقات مالية واقتصادية لا تحتمل التأجيل، ومنها ما يتوجب على الدولة اللبنانية للخارج، ومنها ما هو داخلي كرواتب الموظفين في القطاع العام، وتعويضات للمزارعين وغيرهم. ويعلم “المستقبل” ان لا العماد عون ولا “حزب الله” يريدان مقاطعة الجلسات، بل التحكّم بالجلسات وبجدول أعمالها، وهذا ما هو مرفوض من وجهة نظره ورئيس الحكومة لأن في ذلك ما يعتبر مساً بصلاحيات رئيس الحكومة، وهذا ما سيقال وسيحذر منه في جلسة حوار الاثنين.
في المقلب الآخر، “حزب الله” لم يقل مرة انه مع تعطيل الحكومة، ولكنه أكد مراراً انه متضامن مع العماد عون في مطلبه اجراء التعيين في المراكز الأمنية، ولذلك سيقول إن من يعطٰل هو من لا يريد التعيين.، فهو مع مناقشة الموضوع في مجلس الوزراء، خصوصاً ان التذرع بعدم القدرة على اجراء التعيينات في غياب رئيس للجمهورية لم يعد مفيداً بعدما أصدرت الحكومة مجموعة تعيينات مهمة. وبالتالي لا يمكن “حزب الله” ان يتخلّى عن العماد عون وألا يسمع هواجسه عندما يشعر بأنه يلغى من الفريق الآخر وتحديداً “المستقبل” الذي يراه يستولي على كل ما يريد في البلد، فيما يهمش الموقع المسيحي، ويشعره بالإلغاء وان الحكومة تسير على حسابه. وفي ظل ما يشهده الوجود المسيحي في الشرق، فإن “حزب الله” وكفريق إسلامي لا يمكنه ان يتعاطى مع حليفه المسيحي على انه هامشي، عندما تكون لديه مطالب لا تعطى له لا في استعادة الجنسية ولا في رئاسة الجمهورية ولا في قيادة الجيش، فيما الطرف الآخر يأخذ ما له دون مشاركة مع احد ويشارك في ما لغيره.
ولاحظ المتابعون ان لا مشكلة في ترشيح العميد شامل روكز لقيادة الجيش، سوى انه صهر الجنرال، مع اقرار الجميع وحتى خصوم عون، بكفايته وجدارته، ولا مشكلة في ترشيح العماد عون للرئاسة سوى انه حليف لـ”حزب الله”. فهل يمكن الحزب ان يتخلى عن عون ام يتمسك به، وهو يعرف انه يحارب من اجله؟!
وفي موضوع عرسال وجرودها، يستند الحزب في موقفه الى ما قاله وزير الداخلية نهاد المشنوق عن انها محتلّة، ويتمسك بتكليف الجيش الصادر عن مجلس الوزراء ويطالب بتطبيق قرارات الحكومة. اما الشعار الذي يرفعه “المستقبل” بأن “عرسال محاصرة الآن” فمن وجهة نظر الحزب ان هذه الصرخة كان يجب ان تطلق عندما أعلن وزير “المستقبل” انها محتلة، وعندما تبيّن انها اسيرة المجموعات المسلّحة من “داعش” و”النصرة”، وليس بعدما تذرع المستقبل نفسه بأن الجيش يقوم بإجراءاته فيما هو الذي يمنعه منها.
“حزب الله” كما “المستقبل” ومعهما “راعي الحوار” الرئيس نبيه بري، كلهم يؤكدون استمرار الحوار حتى وان كان الخلاف كبيراً بين الطرفين، فحول هذه الطاولة ما زالوا يجلسون معاً ويتواصلون ويتحاورون، فكيف اذا تعطلت الحكومة. الحزب حسم أمره الى جانب العماد عون حتى وان دخلت الحكومة فعلاً في عطلة حتى أيلول، وهو الاتجاه الأرجح ويفضّله على اي تطورات دراماتيكية يمكن ان تطرأ وقد تدفع الجميع للعودة الى الطاولة الحكومية.

 

النهار

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى