الأخبار

أنا «معلم» كمان فى الطبخ ..انتظرونى

65

«حسن شحاتة يا معلم خلي الكورة تتكلم» .. هتاف لم يكن يردده عشاقه من فراغ،  فعندما كانت تهتز المدرجات بهذا الهتاف كان الفتى النحيف ذو الشارب الكثيف الذي يحمل القميص رقم «14» في نادي الزمالك يسحر المشجعين وهو يجري في المستطيل الأخضر يميناً ويساراً  ويحرز الأهداف واحدا تلو الآخر ليستمر الهتاف ويعلو في سماء ميت عقبة بل وفي سماء مصر كلها، ليصبح هتاف جماهير الزمالك في حب شحاتة، هو نفسه هتاف مصر كلها حينما حصد ثلاثيته التاريخية في أهم البطولات الأفريقية أعوام 2006و2008و2010والتي بسببها كانت نتيجة هذا الاستفتاء في مجلة نصف الدنيا، حيث كان الأهم تأثيرا وسعادة في 25سنة كورة.

 عن  سنوات الفرحة والانتصارات, وحول أقوى جيل في تاريخ الكرة المصرية تمت صناعته على يد هذا الكابتن,  حاورنا المعلم في تلك السطور..

– بما أننا نتحدث عن 25 سنة كورة من جيل التسعينيات إلى الآن.. ما هى التغييرات التى طرأت على الجمهور واللعبة باعتبارك كنت دوما فى قلب الحدث؟

كله اتغير.. ومش للأحسن للأسف.. ففى اللعبة نجد الجيل الأفضل على الإطلاق اعتزل اللعب منذ فترة ، فجيلى من «الستينيات» بطّل لعب، أو أغلبه كى أكون منصفا، أما الجمهور، فعلى أيامى وإلى وقت ليس بالبعيد كان الجمهور يحرك الحجر بهتافاته فى المدرجات، وللأسف غياب الجهمور الآن لن يظهر اللعيبة فى هيئتهم التى يجب أن يظهروا عليها، ولا فى مستواهم الحقيقي, غير أن سلوكيات تلك الجماهير الآن هى التى أودت بوجودهم فى الملاعب، فأضاعوا علينا متعة اللعب والحماس. فين الجمهور أيامنا لما كان يهز الملعب بأغانى زى «مدد مدد شدى حيلك يابلد».. ولا أبالغ إذا قلت إن  آخر جمهور شفته بمعنى كلمة جمهور كان قبل 2011. ومن بعد هذا التاريخ، لم يعد هناك استقرار «فى أى حاجة فى مصر».

.. لكنى مازلت مؤمنا بأن جمهور الكرة سيظل فى هيئته المبهجة إذا حلت عنهم «القلة المندسة» التى كانت وما زالت نيتها دوما إفساد الروح الحلوة .. وبالمناسبة المدرب الوطنى سيظل هو الأفضل فى تاريخ الكرة حسب تصورى , فمن مائة مدرب أجنبى، يكفى أنه أعلم بتقاليد بلدنا وأدرى بحال لاعبينا وقدراتهم.. ولاحظى أن أغلب بطولاتنا كانت تحت رايات مدربين وطنيين، بخلاف «مايكل سميث» فى عام 86  ,لذا فالمدرب الأجنبى أحد توابع تلك التغيرات التى طرأت على الكرة المصرية  فى العقود الأخيرة لذا أفضل عدم استمراها.

– من هو أحسن جيل فى الكرة المصرية فى نظرك؟

أنت تتحدثين عن فترة ميلاد مجلة نصف الدنيا وإلى الآن، أى فترة التسعينيات، لكنى وعن ثقة لا أجد جيلا أمتع من جيل الستينيات، كان جيلا عن حق مليئا بالمواهب، لكنه لم يحصد أى إنجازات، وكذلك جيل السبعينيات، فقد ضم نجوما ومواهب كانت حديث عُشاق الساحرة المستديرة، ولأن لكل شيء سببا، فبرغم تلك المواهب فى جيلى الستينيات والسبعينيات فهم للأسف لم يحصدوا أى إنجازات تُذكر لأنهم مروا بثلاث حروب هدت حيلهم، ولم تكن هناك أية إمكانات مادية لديهم ، حتى الملابس كانت تأتى إلينا منح وهدايا من دول شقيقة، فلا  كنا نخرج  لنلاعب فرقا دولية، ولا كان لدينا الإمكانات لنستقبل فرقا تلعب عندنا.

وفى تاريخى لم نواجه سوى ثلاثة منتخبات، كأس فلسطين فى تونس، ودورى الصفاقص فى السعودية، ودورة القنيطرة..  وحتى الثمانينيات وآخرها، بدأت المواهب فى الانقراض، فقد اعتزل جهابزة مثل الخطيب، وفاروق جعفر وثابت البطل وطه بصرى والخواجة ومصطفى عبده ومصطفى يونس وغيرهم، إلى أن جاء جيل التسعينيات وهو جيل الاحترافات والانتقالات، تحت قيادة الجوهرى، وفى جيلنا لم يكن مسموحا بأن ينتقل لاعب من فريقه لآخر، وكان هذا يخلق شيئا من الانتماء للنادى، أما جيل الإنجازات فهو جيل الألفينيات من 2004 وحتى 2011 وهذا آخر عهدى بالإنجازات الحقيقية.

– فى 25 سنة.. متى قرر حسن شحاته أن يتحدى نفسه والآخرين ويسير عكس التيار.. وماذا عن أهم تكريم فى حياتك؟

أصعب قرار فى حياتى كان ضم محمد ناجى «جدو» للمنتخب الوطنى فى البطولة الآخيرة بشكل رسمى وعلى حساب أحمد حسام «ميدو»، وقتها الجميع هاجمنى لعدم وجود بعض الأسماء الكبيرة على حساب وجود جدو؛ ولم أدخل فى تحد مع الجميع ولكن كنت أقوم باختيار العناصر التى تفيدنى فى البطولة كيفما يتفق مع وجهة نظرى، حتى وفق الله «جدو» فى كأس أمم2010   وأهدى البطولة للشعب المصرى بأهدافه الحاسمة وتحديدا فى المباراة النهائية أمام غانا، ليثبت للجميع أننى كنت محقا فى قرارى.  وأعتبر أن أهم لحظة فى حياتى، تكريمى من قبل الاتحاد الدولى «الفيفا» برئاسة جوزيف بلاتر فى البرازيل فلن أنسى هذا التكريم على مدار حياتى الكروية.

– من أهم لاعب أنجبته الكرة المصرية فى تصورك ؟

الكرة المصرية لم ولن تنجب لاعبا مثل محمود الخطيب فقد كان خطيرا للغاية داخل منطقة الجزاء، ولم يكن يستطيع أحد إيقافه، فهو يعرف جيدا طريق المرمى داخل الصندوق وكان يبهرنا بما لا يتوقعه أحد.. فمهما جاء من أجيال لن يكون هناك لاعب مثل الخطيب مرة أخرى..

– هل يصنع الإحباط بطلا؟

«مافيش إحباط يعمل بطل أبدا». بل يزيد الأمر سوءا خصوصا فى الكرة ولكن لماذا هذا السؤال الغريب ؟

–  لأنك بلا شك واجهت إحباطات كثيرة فى حياتك وصرت «معلم» الكرة المصرية، ألا تتفق معى فى هذا؟

معكِ حق، لكن دوما كان عندى أمل فى الله، أتخطى به كل المشكلات, وأراعى الله وضميرى فى كل خطوة ومشوار، لذا كان التوفيق حليفى رغم أى صعوبات، «وده اللى كان يجنن الناس منى ويقولك ده تلاقيه بيروح لمشايخ»..

– البعض فعلا ردد  هذا وقت حصولك على بطولات أفريقيا الثلاث رغم أنها فى تاريخنا الكروى.. فكيف كان ردك عليهم؟

بنبرة ضاحكة قال المعلم : «لو كنت بروح لشيوخ كان من باب أولى أطلب الوصول إلى كأس العالم خصوصا أن كأس العالم كان يفصل بينى وبينه مباراة وحيدة.

المثل يقول « كذب المنجمون ولو صدقوا»، لذلك لم أشغل بالى نهائيا بهذه الأقاويل التى ترفض الاعتراف بالنتائج والبطولات وتختلق أشياء لا أساس لها ولا منطق لوجودها.. وفى الوقت الذى انتشرت فيه تلك الأقاويل الهزلية، كان هناك فريق من المدربين فى الاتحاد الانجليزى يبحث كيف لفريق لا يوجد به لاعبون دوليون أو محترفون، ويحصد بطولة أفريقية ثلاث مرات متتالية، ويلعب بطريقة قديمة، أى أننا كنا علامة استفهام فى الغرب فى الوقت الذى كان يقول آخرون إننى أذهب لمشايخ.

-ما الذى كنت تتفاءل به قبل كل مباراة مهمة؟

فكرة التشاؤم من عدمه كانت تصاحبنى وقتما كنت لاعبا فقط، «لدرجة إنى لو شفت الإشارة خضرة فى طريقى للملعب، كنت أحس إن ربنا هايسهلها، لو حمرا ببقى قلقان»، لكن الآن فكرة الإفصاح عن تلك الاعتقادات أراها «حرام» ولم أعد أؤمن بها فى ماتشاتى نهائيا الآن خصوصا من الوقت الذى أصبحت فيه مدربا.  لكن التفاؤل لا يمكن الاستغناء عنه ما حييت. وأتفاءل بمكالمة حسن شحاتة الصغير حفيدى، و»هنا» أخته، وهى تقولى «بس هاتكسب ياجدو»».. فأطمن أن ربنا يخلينى أكسب».

– ما هوايات حسن شحاتة بعيدا عن الكرة ؟

«أنا حريف طاولة ، لكن بينى وبينك مش كتير بيغلبونى، ودايما بلعب مع أحمد سليمان وحسنين جمعة فى المعسكرات لكن لو كسبت على طول يبقى هالعب ليه، المتعة فى المكسب والخسارة».

– ماذا عن المطبخ فى حياتك؟

«لعبتى.. أو ممكن أقول أنا معلم كمان فى المطبخ»، وقريبا ستشاهدوننى للمرة الأولى أقدم برنامجا ، ليس للطبخ بالتأكيد، لكن ضمن فقراته أطبخ بنفسى لضيوفى فى الفن والرياضة.. سأتحدث فى الكورة والبلد وكل القضايا ولكن «فى قعدة صحوبية».

– طيب إيه آخر أكلة عملتها؟

«مراتى مش مخليانى أعمل حاجة ربنا يخليها ليا. كرهتنى فى وقفة المطبخ، من حلاوة نفسها فى الأكل.. بس عامة أنا أسطى ومعلم فى البرمة, أو زى مابتقولوا عليها الطواجن».

– هل بالضرورة أن تكون للزوجة خلفية رياضية مع رجل مهنته الكرة؟ وماذا عن عائلتك؟

ليس بالضرورة أبدا أن تكون «كروية»، لكن زوجتى مع ذلك تناقشنى فى قرراتى كثيرا وأعمل برأيها ورأى كريم وإسلام. ويكفى أنها تدعى لى قبل كل ماتش.. وفى حياتى العائلية أفصل دائما عن ظروف عملى عندما أحصل على إجازة للاستجمام ولا أرد وقتها على أى تليفونات. وذلك ليس إلا لأننى أعطى كل ذى حق حقه، وحقها عليّ أن أكون لها وللعيلة وحدهم يوم الإجازة.. «لكن بصراحة بقالى كتير ماسافرتش معاهم».

– ماذا عن آخر هدية فاجأتها بها؟

يقول ضاحكا بصوت عال: «مش هاقول عشان ما نتحسدش»

نصف الدنيا

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى