الأخبار

دعوة البغدادي لحمل السلاح “حرام شرعا”

 

119

أكد مرصد الفتاوى التكفيرية التابع لدار الإفتاء، أن اقتحام البلدان والاستيلاء عليها وقتل أهلها ونهب أموالهم، يعتبر من قبيل “الإفساد فى الأرض” المحرم شرعًا، والذى يستحق فاعله أقصى العقوبة لأنه إفساد منظَّمٌ يتحرك صاحبه ضد المجتمع، وفقًا لقوله تعالى: ﴿إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِى الأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أو يُصَلَّبُوا أو تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلاَفٍ أو يُنْفَوْا مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْى فِى الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِى الآَخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾ .

وشدد المرصد، فى رده على دعوة “أبو بكر البغدادى”، زعيم تنظيم “داعش” الإرهابى للانضمام إليه والهجرة إلى “الدولة الإسلامية” أو حمل السلاح والقتال أينما كانوا فى أنحاء العالم، أنها دعوة لإثارة الفتن والاضطرابات والقلاقل باستحلال الدماء والأموال بين أبناء المجتمع الواحد تحت دعاوى مختلفة مؤكدًا أن إعلان حركة أو تنظيم بعينه، ممن يَدَّعون إسلامية الحكم، للخلافة إعلان باطل شرعًا، لا يترتب عليه أى آثار شرعية؛ بل يترتب عليه آثار خطيرة ومفاسد جمة يُبتلى بها الإسلام والمسلمون فى كافة أنحاء المعمورة.

وأضاف المرصد، أن الشرع حرم سفك الدماء، ورهَّب ترهيبًا شديدًا من إراقته أو المساس به بلا حق؛ قال تعالى: ﴿وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا﴾ وروى النسائى فى سننه عن عبد الله بن عمرو رضى الله عنهما أن النبى صلى الله عليه وآله وسلم قال: “لزوال الدنيا أهون عند الله من قتل رجل مسلم”.

واشار المرصد أن الله حرم قتل النفس مطلَقًا بغير حق فقال عز وجل: ﴿وَلاَ تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِى حَرَّمَ اللهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ﴾ [الأنعام: 151]، بل جعل الله تعالى قتل النفس -مسلمة أو غير مسلمة- بغير حق قتلاً للناس جميعًا، فقال سبحانه: ﴿مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِى إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أو فَسَادٍ فِى الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا﴾.

وبشأن ادعاء “البغدادى”، بأن القتال معه وتحت رايته هو عين الجهاد، أكد المرصد أن الجهاد حق وفريضة محكمة لا يملك أحد تعطيله ولا منعه، ولكنه إذا تفلت من الضوابط الشرعية ولم تطبق فيه الأركان والشروط والقيود والضوابط المعتبرة خرج عن نطاق الجهاد المشروع؛ فتارة يصير إفسادًا فى الأرض، وتارةً يصير غدرًا وخيانة، فليس كل قتال جهادًا، ولا كلُّ قتل فى الحرب يكون مشروعًا كما يدَّعون.

وأكد أن الجهاد قد شُرع لرفع العدوان ودفع الطغيان، فالمسلم مأمور شرعًا ألا يعتدى على أحد من الخلق، والله تعالى وصف نبيه صلى الله عليه وآله وسلم بأنه رحمة لكل الخلق فقال سبحانه: {وما أَرسَلناكَ إلاّ رَحمةً للعالَمِينَ} (الأنبياء: 107)، وهو من فروض الكفايات، ولابد أن يكون تحت راية ويعود أمر تنظيمه إلى ولاة الأمور ومؤسسات الدولة المختصة الذين ولّاهم الله تعالى أمر البلاد والعباد وجعلهم أقدر من غيرهم على معرفة مآلات هذه القرارات المصيرية.

وحذر من التعاطى أو التجاوب مع الدعوات الهدامة والقاتلة من حمل السلاح والتجرؤ على إراقة الدماء، والتى لا يجنى من ورائها المسلمون سوى مزيد من الفوضى والدمار والخراب وضياع الحقوق، وتشريد الآمنين، والتى عانى منها المسلمون ردحًا من الزمن، وذاق ويلاتها ومرارتها عقود طويلة، والشريعة المطهرة مدارها على جلب المصالح وتكميلها ودرء المفاسد وتعطيلها، إلا أن تلك التنظيمات تصر على جلب المفاسد وإزالة المصالح وتدميرها.

وشدد على أن الدول التى يسكنها غالبية مسلمة ويستطيعون القيام بشعائرهم الدينية ويظهرون أحكام دينهم دون أن يمنعهم مانع من ذلك، فهى بلاد مسلمة، والقول بأن “داعش” يدافع عن المسلمين هو مجرد دعوى كاذبة، بل هم يقتلون المسلمين ويشردونهم بأضعاف ما يفعل غير المسلمين بهم.

الوطن

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى