الأخبار

الشروق تبحث عن إجابة السؤال الصعب:

7

 

مخاوف من ضغوط فرنسية عجلت بالإطاحة بمحمد النواوى وتأجيل الرخصة الرابعة
نائب رئيس فرانس تيليكوم زار القاهرة بعد إقالة النواوى وشكر حكومة محلب
مسئول فى المصرية للاتصالات: الحكومة تريد تحميل الشركة ثمن خفض أسعار الإنترنت دون المساس بأرباح الشركات الأجنبية
عائدات سوق الاتصالات المصرية تعادل قناة السويس ولا ينبغى تركها بأكملها للأجانب
مسئول فرنسى قال إننا نراهن على إقناع المسئولين المصريين ببيع المصرية للاتصالات لنا
حصول المصرية للاتصالات على الرخصة الرابعة للمحمول يحقق للدولة عائدات كبيرة
أسامة ياسين الرئيس التنفيذى للمصرية للاتصالات: نسعى لزيادة الموارد من خلال تخفيض سعر تأجير البنية الأساسية للشركات الخاصة
الشركة لم تحصل على رخصة كاملة للمحمول فكان الانتظار هو الخيار الأفضل
هناك مشكلة وأزمة خطيرة تواجه الشركة المصرية للاتصالات، منذ إطاحة وزير الاتصالات خالد نجم بالمهندس محمد النواوى العضو المنتدب والرئيس التنفيذى للشركة فى آخر مايو الماضى.
صار هناك فريقان ووجهتا نظر وكل طرف يؤكد أنه على صواب، بل وصل الأمر إلى القول بأن قرارات الوزير تهدد هذه الشركة الوطنية، وتنحاز إلى وجهة نظر الشركات الأجنبية الثلاث العاملة فى السوق المصرية.
قبل أن ندخل فى التفاصيل يهمنا أن نؤكد بوضوح أن القضية لا صلة لها بهذا الاسم أو ذاك، ما يشغلنا أولا وأخيرا هو التأكد من عدم وجود أخطار تهدد مصالح ومستقبل هذه الشركة الوطنية المملوكة بنسبة 80% للدولة وتعرضها للتقسيم والتفتيت لمصلحة شركات أجنبية، خصوصا بعد البيان المهم الذى أصدره مجموعة من المديرين التتفيذيين فى الشركة يحذرون فيه من هذه المخاطر.
وسعيا إلى الموضوعية استمعت إلى وجهات نظر الفريقين واتصلت وجلست إلى أكثر من مسئول.
وجهة النظر الرئيسية للفريق الأول الذى يمثله المهندس محمد النواوى هى ضرورة عدم وضع الشركة تحت رحمة الشركات الأجنبية الثلاث، وعدم تقسيمها، مع حصولها على الرخصة الرابعة الموحدة للمحمول وعدم تخفيض إيجار البنية التحتية المملوكة لها إلى الشركات الثلاث.
فى المقابل يقول الفريق الآخر إن النواوى عارض تخفيض سعر الإنترنت وهو قول غير صحيح والدليل أن أعضاء الإدارة التنفيذية فى الشركة المصرية للاتصالات هم الذين بادروا وطلبوا تخفيض الأسعار للجمهور فى نوفمبر ٢٠١٤ (ولم توافق الجهة الحكومية وقتئذ) ثم عززوا الطلب ذاته فى إبريل ٢٠١٥ بعد تولى خالد نجم مهام منصبه وزيرا للاتصالات فى مارس ٢٠١٥. وقد كان الهدف من هذه الخطوة إرضاء عملاء الشركة من المواطنين حتى لو كان ذلك على حساب هامش أرباح الشركة.
إذن الشركة المصرية للاتصالات لم تعارض فى أى وقت من الأوقات تخفيض أسعار الإنترنت، بل العكس هو الصحيح.
ومن الأشياء المريبة والغريبة من وجهة نظر الفريق الأول أن وزارة الاتصالات تطالب الشركة الوطنية بخفض أسعار البنية التحتية التى تقدمها لشركات المحمول الثلاث الأجنبية، وهو الأمر الذى اعترض عليه أكثر من مائة من أعضاء الإدارة العليا فى «المصرية للاتصالات» وتضامن معهم أكثر من ٥٠٠٠ موظف. ويقول هذا الفريق إن الإدارة التنفيذية رفضت تخفيض أسعار تأجير البنية الاساسية للشركات الأخرى (شركات المحمول الأجنبية العاملة فى مصر) لأن هامش أرباح هذه الشركات يسمح بتخفيض الأسعار لكنهم يريدون عدم تحمل أى شىء من تكلفة خفض الأسعار للمستهلك وأن تتحمل المصرية للاتصالات تكلفة خفض الأسعار من خلال تخفيض إيجار البنية الأساسية لهذه الشركات.
مسئول بالشركة قال لى وهو «يشد شعره» بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، إنه للمرة الأولى فى حياته يرى مطلبا غريبا مثل هذا، وهو أن نطالب شركة ما بتحمل ثمن تخفيض شركة منافسة أخرى الأسعار للمستهلكين. وعندما أبديت استغرابى قال إن الأمر يشبه ان تطلب الصحيفة «م» مثلا من الصحيفة «ش» أن تتحمل الأخيرة ثمن الورق الذى تطبع به الصحيفة الأولى، ثم تغضب الصحيفة الثانية لأن الأولى رفضت أن تتحمل ثمن ورق طباعة الصحيفة المنافسة مثلا.
ويشرح أصحاب وجهة النظر الأولى موقفهم فى هذه المسألة بالقول إن المصرية للاتصالات تقوم بتقديم البنية الأساسية بذات الأسعار لجميع الشركات بما فى ذلك تى إى داتا المملوكة لها، فإذا كانت تى إى داتا تستطيع تخفيض أسعار الإنترنت للجمهور، فلماذا لا تقوم باقى الشركات بخطوة مماثلة؟.
إن تخفيض أسعار الإنترنت مهم لا محالة، ولكن هناك لبسا متعمدا بينه وبين تخفيض أسعار البنية الأساسية، والتى تقوم المصرية للاتصالات بتقديمها بناء على طلب الشركات وكبديل عن قيام هذه الشركات باستثمار مليارات الدولارات لإنشاء بنية أساسية خاصة بها، و بناء عليه فإن تسعير تلك النوعية من الخدمات يكون مبنيا على التكلفة المخصصة بالكامل أو (Fully Allocated Cost) لهذه الخدمة مع ضمان تحقيق هامش ربح معقول. كما يتم تحديد تسعير خدمات الجملة بصفة عامة بما يعرف بتكلفة الفرصة البديلة، أى أنه إذا كانت إحدى الصحف لا تمتلك مطبعة فإنها تلجأ إلى شركة أخرى للطباعة لديها، وهذه الشركة عندما تحدد ثمن طباعة الصحيفة، لا تفعل ذلك على أساس تكاليف الطباعة فقط، وإنما على أساس تكلفة الفرصة البديلة أيضا أى تكلفة إنشاء الصحيفة مطبعة خاصة بها.. وهو المعمول به فى جميع النظريات الاقتصادية؟.
توجد عدة نظريات وقواعد اقتصادية يلزم الاعتداد بها فى الشئون العامة وبالأخص التجارية ومنها على سبيل المثال وليس الحصر نظرية العرض والطلب، أما القول بأننا «كلما قدمنا ميزة سعرية للعميل زادت الموارد» فهو كلام غير دقيق لأن الأصل أن تتبنى الأسواق نظرية العرض والطلب فى الأساس.. فهل من المتصور أنه يمكن لأحد القدرة على التحكم فى كمية طلب العميل لضمان زيادة الموارد بعد خفض الأسعار؟!.
كما يوجد فى خدمة تأجير البنية التحتية باعتبارها خدمة جملة نمو طبيعى نتيجة النمو الذى يحدث فى خدمات التجزئة، وتصل نسبة هذا النمو إلى 20 % وأكثر وذلك طبقا لمقتضيات السوق ودون التدخل بتخفيض أسعار تأجير البنية الأساسية.
إذن فالقول إن تخفيض أسعار البنية الأساسية يحقق مصلحة المصرية للاتصالات أمر غير صحيح ومخالف للواقع من وجهة نظر هذا الفريق .
القضية الأخرى الجوهرية هى أن هناك كيانا اقتصاديا كبيرا وناجحا اسمه المصرية للاتصالات، وهذا الكيان يمتلك كنزا يتمثل فى كفاءات وخبرات بشرية إضافة إلى المقار والمنشآت.
وهناك خمسون ألف موظف وألفا موقع منتشرة فى جميع أنحاء الجمهورية، والأهم هناك قوة بيعية كبيرة، وقيادة أفقية مسيطرة ووفقا للأرقام فإن هذا الكيان حقق نسبة نمو ٢٥٪ خلال عامين ونصف العام، منذ تولى المهندس النواوى مسئولية الشركة، والآن تأتى الوزارة وتريد أن تقسم هذا الكيان الناجح إلى قسمين.. فلماذا؟.
وتقول الأرقام التفصيلية إن إيرادات المصرية للاتصالات كانت كالتالى:
فى عام 2012 بلغت 10.032 مليار جنيه وفى عام 2013 بلغت 11.135 مليار (11% نمو عن 2012) وفى عام 2014 بلغت 12.175 مليار (9.3% نمو عن 2013).
قبل العامين والنصف السابقين كانت هناك مشكلات كثيرة داخل الشركة وفوضى وانفلات بدرجة غير مسبوقة، فلماذا الإصرار على تغيير مجلس الإدارة خصوصا أنه لم يكن متبقيا للنواوى فى رئاسة الشركة أكثر من ثلاثة أشهر تنتهى فى اغسطس المقبل؟!
القضية الثالثة والرئيسية هى الرخصة الرابعة للمحمول التى تريد الشركة الوطنية الحصول عليها منذ سنوات، لكن هناك عراقيل كثيرة يتم وضعها كل يوم أمام إنجاز هذا الهدف. الغريب أنه تم عمل ١٥٠٠ اختبار جاهزية للمصرية للاتصالات من أجل هذا الهدف، والمسئولون داخلها يقولون: «نزلونا السوق واختبرونا». ويرى فريق النواوى أن الحديث عن أن الترخيص المزمع منحه للشركة لا يتضمن ترددات غير دقيق، حيث إنه يتضمن أحقية المصرية للاتصالات فى الحصول على ترددات الجيل الرابع فور طرحها.
ويضيف أن الهدف من النص على العمل دون ترددات لحين طرح ترددات الجيل الرابع كان تفادى المزيد من التأخر فى دخول الشركة سوق المحمول، الذى يحقق إيرادات تقارب ايرادات قناة السويس، خاصة أن المصرية للاتصالات لم تكن تهدف لإنشاء شبكات جيل ثان أو ثالث، وبالتالى فإن من مصلحتها استخدام شبكات الجيل الثانى والثالث الموجودة حاليا والاكتفاء بإنشاء شبكة جيل رابع فور طرح تردداته.
يقول أصحاب هذا الفريق إن العودة إلى الماضى مهمة وهى تكشف عن أنه فى عام ١٩٩٦ أطلقت الشركة المصرية للاتصالات أول شبكة محمول فى مصر وفى عام ١٩٩٨ باعتها بـ٣١٠ ملايين جنيه لشركة موبينيل، وفى عام ٢٠٠٢ حصلت الشركة الوطنية على ترخيص باستخدام تردد جديد للمحمول جاهز للاستخدام عام ٢٠٠٣، لكن تم التنازل عن الحيز الترددى للشركتين الموجودتين موبينيل وفودافون.
الرخصة الأولى تمت فى عهد حكومة كمال الجنزورى الأولى، والرخصة الثانية تم التنازل عنها فى عهد حكومة أحمد نظيف، بمليارى جنيه.
ولأن هذا الوضع خطر اقتصاديا وأن المصرية للاتصالات فى حاجة لتكون لديها سيطرة تشغيلية على شبكة محمول فى مصر، فقد نزلت المصرية للاتصالات السوق، واشترت أسهما كثيرة قفزت بحصتها لتصل إلى 49.5% من اسهم فودافون، ولأن ذلك كان يعنى اقتراب المصرية للاتصالات من الفوز بحصة حاكمة فى فودافون، فقد تم إجبار الشركة الوطنية على بيع ٤.٥٪ من حصتها إلى فودافون البريطانية حتى تعود السيطرة مرة أخرى للشركة البريطانية.
والسؤال هو: هل الطريق للقمة يبدأ بالتنازل للشركات الأجنبية، وهل الاحتلال الحديث صار بالشركات والاحتكارات وليس بالجيوش العسكرية؟.
نظرية المؤامرة يبدو أنها ليست مقصورة فقط على المخططات السياسية والعسكرية، لكنها موجودة بقوة أيضا فى المجال الاقتصادى، وربما صارت هى الأساس فى الاقتصاد، خصوصا فى ظل الحروب الطاحنة بين الشركات الكبرى فى العالم وبالأخص بين أمريكا والصين.
مراقب مهم لما يحدث قال إنه وعقب يوم واحد من الإطاحة بمحمد النواوى فى ٢٧ مايو الماضى زار القاهرة المسيو مارك رينارد نائب رئيس شركة فرانس تيلكوم المالكة بالكامل الآن لشركة موبينيل، والتقى مع بعض المسئولين المصريين ومنهم المهندس إبراهيم محلب رئيس الوزراء لمدة يومين فى ٢٩ و٣٠ مايو وأصدر بيانين الأول شكر فيه الحكومة المصرية لأنها أجلت رخصة المحمول الرابعة وسخر قائلا: «انهم فى فرنسا اكتفوا بثلاثة». وفى البيان الثانى قال إننا سعداء بوجود مجلس إدارة جديد للشركة المصرية للاتصالات، ونحاول أن نتكلم معهم لنعرف كيف نساعد الشركة المصرية للاتصالات!.
ولكى نفهم الصورة أكثر فإن العودة إلى الماضى مفيدة من وجهة نظر هذا الفريق، وتقول الوقائع ان مسئولا مصريا تحدث مع مسئولى فرانس تليكوم عام ٢٠١٣، وقال لهم إن الحكومة المصرية مهتمة بشراء أى حصص ترغب الشركة الفرنسية فى بيعها فى موبينيل، فضحك الفرنسيون وقالوا: لن نبيع، بل نحن نرغب فى شراء المصرية للاتصالات بأكملها، وسوف ترى، فقال له المسئول المصرى، أظن أن هذا الكلام صعب التحقق بل مستحيل، فرد عليه المسئول الفرنسى: ليس صعبا، وسنحاول أن نقنع به المسئولين المصريين».
نفس هذا المسئول المصرى يضيف أنه التقى أحد كبار المسئولين الإيطاليين الذى كان على علم بأن الشركة المصرية تسعى إما لشراء حصص أغلبية فى شركات قائمة أو تسعى لتأسيس شركة محمول جديدة باسمها. المسئول الإيطالى قال للمصرى: انس هذا الكلام، أجدادنا قالوا لنا من يدخل مصر ويؤسس شركة فيها، فلن يتركها أبدا، المكاسب هنا جيدة جدا واحنا قاعدين عندكم!».
المسئول المصرى كتب كل ما سمعه من الفرنسيين، وسلمه لكبار المسئولين وقتها، لكن دهشته زادت لأن المسيو رينارد قال نفس الكلام وبلغة واضحة عندما زار القاهرة لاحقا.
فى تقدير أصحاب وجهة النظر الأولى أن هناك «لخبطة» كبيرة داخل الحكومة ووزارة الاتصالات فالمؤكد أن مصر فى أشد الحاجة إلى الاستثمار الأجنبى، لكن المؤكد أيضا ألا يتم ذلك بأى طريقة وعلى حساب الاقتصاد القومى وعلى سبيل المثال فهناك استثمار أجنبى مفيد جدا مثل مصنع سامسونج فى بنى سويف، لأنه فى الصعيد ويوفر فرص عمل حقيقية وإضافة فعلية للإنتاج، لكن ما هو العائد من وراء المزايا التى تحصل عليها شركات المحمول الأجنبية فى مصر؟!!.
الآن هم يضغطون علينا دائما ويرفضون تخفيض خدماتهم ويراكمون الأرباح ويحولونها إلى الخارج.
يضيف المصدر أن المصرية للاتصالات كانت تنوى إذا امتلكت الرخصة الرابعة أن تقدم العديد من الخدمات للجمهور المصرى مثل الخدمة الصوتية وتطبيقات الداتا والرسائل النصية مجانا خصوصا ونحن مقبلون أكثر على الأجهزة اللوحية.
يقول هذا المصدر إن هناك تشوها فى سوق الاتصالات المصرىة خصوصا فيما يتعلق بمؤشر التنافسية، هناك ثلاث شركات، ولكل واحدة حصة سوقية والمؤشر العالمى يقول إنه كلما اتجه هذا المؤشر إلى الصفر، فالمعنى أن هناك منافسة كاملة سليمة، أما لو اتجه إلى رقم «١» فإنه يعنى احتكارا كاملا. وتحليل السوق المصرية يقول إن هناك اتفاقا كاملا بين المتنافسين من أجل إحكام السيطرة على السوق، ولم نعد نرى أى جديد يتم تقديمه، بل ما يحدث عمليا هو احتكار و«حلب السوق»، لأن لا أحد يحاسبهم أو يقول لهم ماذا تفعلون؟،
ويسأل هذا المصدر: لمصلحة من يتم دائما تأجيل الرخصة الرابعة، التى يمكنها أن توفر الكثير من العملة الصعبة التى تخرج من مصر والأهم لا تترك السوق بالكامل لسيطرة الأجانب؟.
ويلفت المصدر إلى ما قاله مسئولون فرنسيون أثناء انعقاد المؤتمر الاقتصادى فى شرم الشيخ فى مارس الماضى، عن دور فرنسا فى تطوير مصر عبر حفر قناة السويس فى الماضى، ورد عليه مسئول مصرى وقتها قائلا إنه يفضل الحديث عن دور جمال عبدالناصر الذى أمم القناة واستردها وأعادها للمصريين الذين مات منهم مئات الآلاف لحفرها.
يضيف مصدر آخر من نفس الفريق أن هناك اعتقادا غريبا وخاطئا يرى أن السيطرة المباشرة للوزير على الشركة تصب فى صالح الحكومة والدولة، فى حين أن الطبيعى هى أن تكون الإدارة من خلال الجمعية العمومية، لتأكيد فكرة الحوكمة وأن يتم محاسبة الإدارة بناء على تقارير الأداء والأهداف الموضوعة وأهمها الأرباح وتعظيم ثروة المساهمين، يضيف أن الإدارة الحديثة تعتمد على النقاش الهادف والموضوعى وليس على نظرية: «تنفيذ الأوامر وشعار تمام يا فندم».
ويختم المصدر كلامه قائلا: إنه لم يكن يتصور أن يلجأ الوزير أو الإدارة الجديدة إلى دغدغة مشاعر الجمهور البسيط والإيحاء بأن المعارضين لسياسة الوزير يتقاضون ملايين الجنيهات ويخشون أن تضيع عليهم هذه المكاسب، مضيفا إذا كان ذلك صحيحا فلماذا تركتم هؤلاء يتقاضون هذه الملايين فى السنوات الماضية، وهل كانوا يستحقونها أم لا، والأهم ماذا عن الذين أيدوا الوزير ويتقاضون مكافأة كبرى أيضا، وهل لو وافقوا على وجهة نظر الوزير هل كان سيتحدث أحد عن الملايين الوهمية التى يتقاضونها؟!.
يضيف المصدر أنه للأسف ترك الوزير ومساعدوه جوهر القضية، وهو المصالح القومية لمصر، ولعبوا على الفروع والقضايا الصغيرة للإساءة إلى صورة من تصدوا لتركيع وتقسيم الشركة المصرية للاتصالات.
ما سبق هو وجهة النظر الأولى الخاصة بالفريق الذى يمثله المهندس محمد النواوى، أما وجهة النظر الأخرى فى القضية فيعبر عنها المهندس أسامة ياسين الرئيس التنفيذى والعضو المنتدب الجديد للشركة المصرية للاتصالات، بقوله إن هناك مجموعة من الحقائق الغائبة فى هذا النقاش وبالنسبة لقضية تخفيض أسعار الإنترنت، فلا خلاف عليها فيما يتعلق بالجمهور، أما بالنسبة لقضية تخفيض أسعار البنية التحتية للشركات الأجنبية، فالمسألة ببساطة أن هناك تشوهات سعرية مستمرة منذ عام ١٩٩٨، والقاعدة الاقتصادية تقول إنه كلما قدمنا ميزة سعرية للعميل زادت الموارد، والدليل على ذلك أن سعر دقيقة المحمول بدأ قبل سنوات بـ١٧٥ قرشا، وانخفض الآن إلى ١٤ قرشا، ومع ذلك فلاتزال مكاسب الشركات مستمرة.
يضيف ياسين فى تصريحات خاصة لـ«الشروق» أن هناك صفتين لشركة تى إى داتا، الأولى أنها شركة حكومية، والثانية أنها مملوكة للشركة التى تقدم خدمة البنية التحتية للشركات الأخرى، وبالتالى فلو أن المصرية للاتصالات خفضت السعر للشركة الحكومية فهى ملزمة بتحفيض السعر بنفس القدر للشركات الأخرى، وإلا واجهت مشكلات قانونية تتعلق بأنها أخلت بقواعد المنافسة، وأن مرفق تنظيم الاتصالات لم يكن ليسمح لنا بالإخلال بقواعد المنافسة.
يضيف ياسين أن الهدف الرئيسى هو توسيع دائرة الاستخدام فكلما خفضت الشركة السعر زادت مكاسبها كشركة حكومية ونحن من سيكسب فى النهاية، لأننا الشركة الوحيدة الموجودة بالسوق.
وفيما يتعلق بأسعار الإنترنت فجهاز تنظيم الاتصالات لم يكن متقبلا لفكرة أنك تنزل السوق بسعر خاص بمفردك، فى حين أن الآخرين غير قادرين على الحصول على نفس الميزة.
فى تقدير ياسين أيضا أن تخفيض أسعار الإنترنت والبنية التحتية سوف يرفع من معدلات الاستهلاك خصوصا فى الصعيد الذى لاتزال النسبة فيه منخفضة، وتصل أحيانا إلى ١٥٪ فقط، وبالتالى فالهدف هو زيادة الاشتراكات لتعظيم الموارد.
وفيما يتعلق بقضية الرخصة الرابعة للمحمول يقول ياسين إن هذه الرخصة كانت لمدة ست سنوات فقط وبلا ترددات، والأفضل أن نشارك فى رخصة طويلة متميزة، بدلا من تلك التى لا تحقق طموحاتنا كمصريين.
وعندما سألته عن أن هناك دراسات واختبارات تمت فى الماضى لكى تنزل الشركة إلى غمار سوق المحمول، لم ينف ياسين ذلك، لكنه قال إن الطريقة التى كانت معروضة بها تحتاج إلى دراسات واستكمال لأشياء مهمة، متمنيا أن تتم فى أقرب فرصة.
من خلال استماعى للعديد من وجهات النظر فى قضية المصرية للاتصالات وصلت إلى قناعة إلى أن العلاقة بين المسئولين فى وزارة الاتصالات سواء فى عهد عاطف حلمى أو خالد نجم مع المهندس محمد النواوى، وصلت إلى طريق مسدود وخلافات حادة ليست فقط متعلقة بطريقة الأداء، ولكن انقطعت حتى العلاقة الإنسانية، وفى ٢٧ أغسطس الماضى طلب عاطف حلمى من محمد النواوى أن يقدم استقالته، لكن النواوى طلب منه أن يصدر له قرار إقالة إذا أراد، وتجمد الأمر عند هذه اللحظة وخرج حلمى وجاء نجم وهو يتبنى كامل وجهة نظر عاطف حلمى ومعه بعض الأعضاء المؤثرين فى مجلس الوزراء.
مرة أخرى لا ينبغى أن تشغلنا الأسماء، ولا الانحياز إلى وجهة نظر معينة، كل ما نريده أن يطلب المهندس إبراهيم محلب والرئيس عبدالفتاح السيسى وسائر الأجهزة المختصة ملف القضية بالكامل ويطلعوا عليه، ويستمعوا إلى جميع أطراف القضية. نريد أن نتأكد فعلا أنه ومع التطورات الأخيرة لم يتم إلحاق الضرر بالاقتصاد المصرى، بل وبالأمن القومى الحقيقى فى أخطر حلقاته وهو الاتصالات، وألا يكون هناك من استفاد أو تربح بصورة مباشرة أو غير مباشرة من الخضوع للشركات الأجنبية سواء فيما يتعلق بتخفيض إيجار البنية التحتية أو التأجيل المتعمد والمريب للرخصة الرابعة للمحمول.
لا نريد أكثر من التأكد، حتى لا نندم أشد الندم فى قادم الأيام.

 

 

 

 

 

 

الشروق

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى