الأخبار

حين تطبق الشرطة «عدالة الشارع»

113

 

 

 

*حقوقيون: «الشرطة النسائية فكرة جيدة وتنفيذ سيء».. وفتيات: «الأمان هو كل ما نتمناه»
*المتحدث الرسمي لـ«شفت تحرش»: إرهاب للجماهير دون التفرقة بين «متحرش» وغيره
*مركز القاهرة للتنمية: حوادث التحرش هذا العيد «أقل عددا وأكثر عنفا»

الإجراءات الأمنية المشددة لمواجهة «التحرش» باتت من الطقوس الأساسية في الاستعداد المناسبات التي تشهد فيها شوارع العاصمة زحاما استثنائيا، ومع حلول عيد الفطر المبارك، شهدت شوارع القاهرة تواجدا مكثفا لعناصر من الشرطة النسائية، التي لاحقتها عدسات المصورين لتوثيق طرق تعاملهن مع المتحرشين، بالصور والفيديو معا، وهي الطرق التي أثارت جدلا واسعا بين مؤيد ومعارض.

أظهرت مقاطع الفيديو تعامل بعض أفراد الشرطة النسائية مع المضبوطين بـ«التحرش» بقوة وحسم، وصلا للصفع واستخدام الصاعق الكهربي، وكان المقطع الأكثر انتشارا وإثارة للجدل هو الذي يُظهر إحدى ضابطات الشرطة النسائية خلال تعاملها مع «متحرش» بالصفع عدة مرات وتعنيفه داخل استراحة دار سينما بوسط البلد، ما أثار حالة من الجدل، حيث رأى البعض أن العنف ضد حقوق الانسان وغير قانوني، فيما سخر آخرون من المعترضين على التعامل بعنف مع المتحرش واصفين إياهم بالمبالغين في المثالية، مؤكدين أن الضرر الذي يتسبب فيه المتحرش لا بد أن يرد إليه بنفس القدر من الأذى والإهانة.

لا يوجد حل آخر

«أصل ما فيش حل تاني!» تقول إسراء، فتاة عشرينية لـ«الشروق»، معلقة على تعامل الشرطة العنيف مع المتحرش: «تعرضت للتحرش من قبل وحررت محضرا، وقتها رفضت تعامل الضابط العنيف مع المتحرش، وهددته بالشهادة مع المتحرش في حالة لجوئه للقضاء ضد الضابط»، وتضيف إسراء: «لكن بعد ما تعرضت له من أذى نفسي وحوادث متكررة، قررت الموافقة على العنف ضد المتحرش في حالة وقوع حوادث لاحقة، لأن “مش هايفهم الأذى إلا لو اتأذى باللي يفهمه”».

إرهاب للجماهير دون التفرقة بين «متحرش» وغيره

فتحي فريد، مؤسس والمتحدث الرسمي باسم مبادرة «شفت تحرش»، قال لـ«الشروق»: «فيما يتعلق بالتعامل مع المتحرشين، فهي بالنسبة للبعض موضوع نسبي، لكن ما رأيناه في العيد حالة من استعمال مفرط للقوة غير مبرر وغير ضروري من الأساس، مجرد إرهاب للجماهير، من يرتكب جريمة علينا القبض عليه وتقديمه للمحاكمة»، وأضاف فتحي: «لكن بعض المقاطع المصورة حملت مشاهد مثل استخدام جهاز الصعق الكهربائي على طول الخط دون التفرقة بين مذنب “متحرش” وغيره»، مشيرا إلى أن استخدامه كما يظهر في بعض المشاهد في أماكن تجمعات ذكور ليس به إناث «مجرد خلق حالة ادعاء بالعمل و”شو إعلامي” لا تمت لما يحدث على الأرض بصلة، ولا علاقة له بمنع الجريمة بشكل حقيقي، العنف المفرط لن يساعد على التقدم خطوة للأمام».

وفي سياق متصل، أضاف «فريد»: «شفت تحرش غير معنية بشخص المتحرش، لكنها معنية بمنع الجريمة من الأساس عن طريق الفصل بين الطرفين من خلال “ساتر بشري” فاصل، عن طريق متطوعة تختص في التعامل مع الإناث في حالة حاجتهن لتحرير محضر على سبيل المثال والإدلاء بشهادتنا، أو احتاجت أن يصحبها أحد لمكان آمن أو أي دعم آخر، عدا ذلك فنحن لسنا معنيين بالتعامل مع الجرائم أو إيقاف أي مواطن في الشارع».

أما «انتصار السعيد» مدير مركز القاهرة للتنمية وحقوق الانسان فتقول: «أرى أن الموضوع ينقسم لشقين، بالتأكيد أنا مع القبض على المتحرش وتطبيق القانون عليه، لكن الإشكالية أن أحد المقاطع المصورة تظهر فيه فرد الشرطة تتعامل مع المتحرش بالضرب، وهو بالطبع أمر مرفوض»، وتابعت: «أنا مع تواجد الشرطة النسائية المتخصصة في مواجهة التحرش جدا، وأتمنى زيادة عددهم وتمددهم لأماكن أكثر بعيدا عن وسط البلد وبعض المناطق الراقية، فوجودهم حماية للبنات، وردع للمتحرشين».

ورأت «السعيد» أن هناك شيء إيجابي فيما ظهر في أحد مقاطع الفيديو، «هو محاولة أحد المتحرشين إخفاء وجهه بيديه، الذي يدل على شعوره بالخزي والعار لما فعله، وهذا هو المطلوب، لكن الجزء المظلم من الأمر هو التعامل بعنف مع المتحرش»، وتستكمل «السعيد»: «على الشرطة العمل على “المنع” أو الفصل حتى لا يحدث التحرش من الأساس، وفي حالة وجود حالات تحرش فالتعامل معها بشكل رادع واجب، لكن بشكل أكثر آدمية وفي إطار القوانين».

مؤسسات تأهيلية لا عقابية

رشا سلطان، فتاة مصرية تعرضت للتحرش أكثر من مرة، وقامت بتحرير محاضر ضد متحرشين 3 مرات سابقة، فروت لـ«الشروق» ما عانت منه في أيام العيد من تحرشات لفظية أجبرتها على التعامل مع المتحرشين، الذين تصفهم بـ«العيال» لأنها أعمارهم -كما خمنت- لا تتجاوز السادسة عشر، وقالت إنها اضطرت لحماية فتيات في سن صغيرة من تحرشات لفظية وجسدية تعرضن لها من صبية في الشارع.

لكنها، وبعد عدد من التجارب، رأت أن «التعامل العنيف مع المتحرشين بالإضافة إلى أنه ضد القانون وحقوق الإنسان، هو أيضا غير منطقي، لأنه لا يولد إلا عنفا، لأن الشاب الذي يتعرض لعنف في الشارع من ضابط شرطة “رجل كان أو أنثى”، أو داخل قسم الشرطة بشكل مؤقت ثم يطلق سراحه، سيعود مرة أخرى للتحرش بشكل أعنف، كرد فعل لما تعرض له من قبل»، والحل الوحيد المنطقي، بحسب رشا، هو المؤسسات التأهيلية وليست «العقابية».

وبالنسبة لتخصيص شرطة نسائية لمواجهة التحرش، ترى رشا سلطان أن الموضوع ليس له علاقة بالنساء أو الرجال، «كل ما أريده هو السير بأمان في شوارع بلدي، سواء وفره لي أفراد الشرطة الذكور أو الإناث، أو حتى المؤسسات المجتمعية المستقلة، التي أرى أنها كانت ناجحة جدا في الأعياد السابقة مقارنة بالعيد الأخير»، وتضيف رشا: «ولو كان تحديد شرطة “نسائية” لمواجهة المتحرشين من منطلق “كسر عين” المتحرش، فتلك حلقة مفرغة من العنصرية لن تؤدي إلى شيء سوى المزيد من التحرش والعنف».

حوادث التحرش أقل عددا وأكثر عنفا

مركز القاهرة للتنمية، أصدر تقريرا مجمعا يرصد فيه حوادث التحرش على مدار أيام العيد الثلاثة، ذكر فيه أن المركز يرى أن نسب التحرش في هذا العيد أقل كثيرا من الأعياد السابقة، «إلا أنه لوحظ وجود حدة وعنف أكثر من قبل المتحرشين، لدرجة إقدام المتحرش على ضرب الفتيات ومن يتصدر للدفاع عنهن، وأن أعمار المتحرشين تتراوح بين 12 لـ18 عاما»، ويؤكد المركز أن انتشار عناصر الشرطة في أماكن التجمعات «دور السينما والحدائق العامة والمتنزهات» كان له أثرا إيجابيا في التعامل مع تلك الظاهرة، لما يمثله من تهديد وردع للمتحرشين وتحذير من وقوعهم تحت طائلة القانون، كذلك في طمأنة الفتيات عن حقوقهن في وجود شوارع آمنة، ولذا فإن المركز يطالب بنشر وحدة مكافحة العنف ضد النساء في جميع أقسام الشرطة المنتشرة على مستوي الجمهورية، وأن تتواجد في الميادين والشوارع طوال العام، وليس فقط في أيام الأعياد، بحسب المركز.

 

الشروق

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى