الأخبار

قالها عمر سليمان..و تحققت !

164

فى التاسع عشر من شهر يوليو الحالى مرت الذكرى الثالثة لرحيل اللواء عمر سليمان نائب رئيس الجمهورية الأسبق ورئيس المخابرات العامة منذ عام 1993 وحتى 29 يناير 2011.

لقد ظلت وفاة اللواء عمر سليمان لغزاً محيراً لدى الكثير من المحللين والكتاب، بل وقطاعات عريضة من الشعب المصرى والعربى، وهو ما حدا بالبعض إلى ترديد شائعات عديدة وكاذبة حول مكان وطريقة وفاته، حتى وصلت هذه الشائعات إلى القول بأن الرجل لا يزال حياً، وأنه سيظهر فى اللحظة المناسبة. ومنذ فترة من الوقت، كنت قد التقيت كريمتى اللواء عمر سليمان رانيا وداليا فى منزل المهندس فرج أباظة زوج السيدة داليا وبحضور المهندس عبدالحميد نجل الشهيد أحمد حمدى وزوج السيدة رانيا. كنت فى هذا الوقت أعد كتاباً عن «الصندوق الأسود عمر سليمان»، وكنت أبحث وأدقق فى كل معلومة حول وفاته وبعض من الوقائع التى استقيتها منه خلال لقاءات متعددة فى عامى 2011 و2012. ونظراً لأهمية هذه الحوارات والأسرار التى حوتها استأذنت من أسرة الراحل العظيم فى نشرها، فكان هذا الحوار مع كريمتيه رانيا وداليا وبحضور المهندس عبدالحميد حمدى والمهندس فرج أباظة.. والذى يُنشَر بالتوازى مع صحيفة «الأسبوع». كانت تلك هى المرة الأولى التى ألتقى فيها كريمتى اللواء عمر سليمان وجهاً لوجه، له من البنات ثلاث هن: رانيا وداليا، وعبير التى تسكن فى لندن، طلبت اللقاء من المهندس عبدالحميد حمدى زوج السيدة رانيا، اتفقنا على أن نلتقى فى منزل المهندس فرج أباظة زوج السيدة داليا فى شقته بمنطقة الدقى. وفى السابعة من مساء اليوم المحدد، كان اللقاء الخماسى، قلت للحاضرين، إننى أعد كتاباً عن «الصندوق الأسود.. عمر سليمان» وأريد الاستفسار عن بعض الأمور.

سألت رانيا عن أسباب التدهور السريع في صحته فقالت: عندما كان والدى فى القاهرة تزايدت حدة المرض عليه خاصة بعد أن قام بترشيح نفسه للانتخابات الرئاسية استجابة لرغبة الكثيرين وخوفاً على مستقبل البلاد خاصة بعد أن قدم الإخوان خيرت الشاطر ومحمد مرسى للترشح فى الانتخابات فحسم أمره ورشح نفسه فى اللحظات الأخيرة، يومها قال والدى: «لن أدخل الانتخابات إلا بضمانة 100٪»، وبالفعل فى 48 ساعة تم جمع نحو أكثر من 47 ألف توكيل من العديد من المحافظات، ساعتها عندما علمت داليا بدخول والدى الانتخابات قلقت كثيراً، لأنها كانت تعرف أن الأمر ليس سهلاً، كما أن الحملة من الإخوان وبعض أنصارهم ضد والدى كانت عنيفة وظالمة، المهم فى الأمر حدث نقص فى التوكيلات وقد طلب والدى من المشير طنطاوى أن يطلب من اللجنة أن تمد ساعتين لحين وصول السيارة المقبلة أسيوط، إلا أن ذلك لم يحدث وعندما أعلنت اللجنة العليا للانتخابات خروج والدى من السباق الرئاسى، وعندما احتشد الناس رافضين، قال لهم: أنا متشكر جداً، وأرجو أن تعودوا إلى منازلكم، كل شىء قد انتهى وعسى أن تكرهوا شيئاً ويكون فيه خيراً كثيراً».

وفى اليوم التالى التقى والدى بحملته الانتخابية وأوصاهم وقال لهم: «احرصوا على مصر وحافظوا على البلد وهو كان يعرف منذ البداية أن النار ستفتح ضده من خصومه، ولكنه لم يخف أو يتراجع، بل كان مستعداً لكل شىء من أجل مصر».

وقالت: كان والدى يشعر بالخطر على مصر إذا تولى الإخوان حكم البلاد، وساعتها بدأت تتزايد حدة المرض، فقرر السفر إلى ألمانيا يوم 24 مايو وبصحبته د.علاء العزازى طبيبه الخاص، وعندما عاد من ألمانيا قرر السفر إلى أبوظبى فى 6 يونيو 2012، وذلك لاستكمال الكشوف الطبية فى مستشفى الشيخ زايد العسكرى، حيث اصطحب معه حفيده زياد عبدالحميد، ثم سرعان ما سافرت أنا وماما وداليا وزوجها المهندس فرج أباظة للحاق به يوم 21 يونيو.

وقالت رانيا: عندما بدأنا نسمع عن نتائج الانتخابات الرئاسية واحتمالية فوز محمد مرسى لم نصدق ذلك، وانهمرت الدموع من أعيننا، وقلنا لوالدى: كيف ذلك؟ إن كل الدلائل تقول إن أحمد شفيق هو الفائز وليس محمد مرسى، فقال لنا.. يجب أن تعرفوا أن الأمريكان يريدون الإخوان.

ساعتها سادت حالة من الوجوم، فبادرت داليا بالقول: «ولكن أحد الأشخاص المقربين من لجنة الانتخابات أبلغها أن أحمد شفيق هو الفائز، إلا أن والدها رد عليها بالقول: مهما حدث محمد مرسى هو الفائز».

قالت داليا: كان والدى يتحدث بلغة الواثق، ربما كان ذلك هو توقعه، أو معلوماته من خلال قراءة الأحداث، ولكن فى كل الأحوال كان الحديث مذهلاً لنا، وكان والدى خائفاً علينا وعلى مستقبل مصر فى ظل هذه الأجواء.

فى هذا الوقت قال لنا إنه لا بد من تقبل الأمر الواقع حالياً، وعليكم أن تكونوا على ثقة أن من جاءوا بالإخوان هم الذين سيسقطونهم فى يوم ما، لأن الإخوان لن يستطيعوا حكم مصر، لأن مواقفهم وأفكارهم تتصادم مع المصريين.

وتكمل رانيا الحديث بالقول: بعدها ساءت حالته النفسية، وظل فى المستشفى، ولم يخرج منه سوى يوم عيد ميلاده فى الثانى من يوليو، وفى هذا اليوم احتفلنا بعيد ميلاده فى الفندق الذى كنا نقيم فيه، وكانت نصيحة الأطباء هى ضرورة أن يسافر الوالد إلى ألمانيا لإجراء المزيد من الكشوفات.

وقالت داليا: «أنا ورانيا كنا بنتخانق» من منا تذهب معه إلى ألمانيا، واضطررنا لعمل قرعة، وأنا كسبت الرهان، وبقيت رانيا فى هذا الوقت لمتابعة الأولاد والأسرة، سافرنا أنا ووالدى على الطائرة الإماراتية المتجهة إلى ألمانيا، وعندما جاءت المضيفة بقائمة الطعام رفض والدى تناول أى شىء، وعندما وصلنا إلى ألمانيا كانت شقيقتى عبير فى انتظارنا، وأيضاً كان موجوداً د.حازم عبدالمحسن المشرف على علاج والدى، بقينا يومين فى ألمانيا، وقد أجرى والدى كشوفاً عديدة، وبعد الانتهاء من إجراء الفحوص، طلب الدكتور منه العودة إليه فى منتصف شهر سبتمبر لإجراء عملية جراحية فى القلب، وكان التشخيص الطبى للمرض فى هذا الوقت هو «ضعف فى عضلة القلب».

وفى ضوء ذلك قررنا السفر إلى بريطانيا، انتظرنا فى مطار ميونيخ لمدة 4 ساعات، وفكرنا فى العودة مرة أخرى إلى الفندق، إلا أن أبى صمم على الانتظار، وعندما وصلت الطائرة صعد السلم بصعوبة بالغة، وجلسنا ثلاث ساعات فى الطائرة حتى وصلنا إلى لندن، وبقينا هناك من 6 إلى 15 يوليو، وقد لاحظنا فى هذا الوقت تدهوراً سريعاً فى صحته، مما استدعى دخوله أحد مستشفيات لندن، كان والدى مهتماً بالجلوس مع شقيقتى عبير وأولادها أكبر وقت ممكن، لأنها كانت مقيمة فى لندن مع زوجها فى هذا الوقت السفير أيمن القفاص.

وقالت: عندما رأينا صحته تتدهور، كان القرار بالسفر إلى أمريكا للعلاج، أجرينا الاتصالات وتم الحجز فى مستشفى كليفلاند، وبدأنا نعد العدة للسفر، خاصة بعد أن رفض والدى دخول مستشفى لندن، رغم أن نتائج التحليلات لم تكن مطمئنة.

وقالت: لقد اتصل بى د.علاء العزازى وطلب منى عدم السفر لأن الرحلة طويلة وحذرنى من احتمال تعرض والدى لأزمة قلبية فى الجو، وعندما أبلغت والدى برأى د.علاء العزازى قال: «أنا حطلع الطيارة وأسافر أياً كانت النتيجة»، فقد كان يشعر فى هذا الوقت بضيق شديد فى التنفس، ولكن كان لديه إيمان قوى وحب للحياة، وكان لديه إيمان بأن كل شىء قضاء وقدر، وأتذكر يومها قال للدكتور علاء العزازى: «أنا عمرى لم أؤذ أحداً، وسأموت على السرير مثل أخى جمال أو سأموت شهيداً».

الوطن

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى