الأخبار

مناهج التعليم تصنع متطرفين صغارا

42

 

 

الدكتور محمد عفيفى، مؤرّخ يقول إن علينا معرفة التاريخ، لا تقديسه، أو الوقوف أمامه بلا حراك، وإنما علينا تخطيه للوصول لغيره، حارب الإرهاب بطريقته، مؤمنًا إن الدولة من تحدد استراتيجية كل شىء، فيما تقف إلى جوارها كل المؤسسات الأخرى.

فى صالون “مبتدا”، كشف الدكتور محمد عفيفى، العديد من الخطط والخبايا التى تعرقل عمل المجلس الأعلى للثقافة. وبدأ بالحديث عن دعوات المثقفين لهيكلة المجلس الأعلى للثقافة، وكيف يرى الدكتور محمد عفيفى الأمر.

وقال عفيفى: المجلس الأعلى للثقافة من المفترض أنه برلمان المثقفين، ومن الممكن أن يلعب هذا الدور، وبدأ المجلس على سبيل المثال فى ذلك خلال فترة رئاستى.

وتابع: فى تلك الفترة قال أعضاء المجلس إن وزارة الثقافة مسؤولة عن التصدى للإرهاب، فهذا دورها، ولكن مع ذلك فلا يمكن أن نغفل دور التعليم، ولا يمكن فصله عن الثقافة، لنصل إلى نقطة التطوير التى نرغب بها من المجتمع، فعلى المجلس أن يناقش استراتيجية التعليم، ليستطيع التغيير.

واسترسل: أخذنا خطوة مع الدكتور محمود أبو النصر، وناقشنا المناهج من خلال أخطاء طبيعة الشخصية وتربية المواطن والمواطنة، وتدعيم مفاهيم وقيم الديمقراطية التى تخفيها ببعض الملامح، فجميعها ضد الديمقراطية بامتياز، فالمناهج من شأنها تخرج لنا متطرفا صغيرا.

كيف يصبح المجلس برلمان المثقفين؟

تعاونَّا مع وزارة الشباب، من خلال الدكتور خالد عبد العزيز، الذى وضعنا على أرض الواقع محددًا لنا عدد المعوقات الخارجية، فعلى سبيل المثال عدد النوادى ومراكز الشباب الفعلية التى يمكن التعامل معها.

وهناك مشاكل فى التنويع داخل المجلس، مرتبطة بالقانون، فأنت لا تستطيع التغيير بين أعضاء المجلس أو ضخ دماء جديدة لأن القانون يحكمك، بالإضافة إلى مشكلة أخرى، أن هناك قطاعات شبابية بعيدة عن المجلس، وحاولنا أن نحل الأمر بضمهم للمجلس من خلال صالون الشباب، فهذا هو الهدف من المجلس الأعلى للثقافة، ولا يمكن أن يكون المجلس منقسما لثقافة عليا وثقافة دنيا، ودور المجلس أن يحارب هذا الفكر، وبفضل الصحفى الشاب محمد عبد الرحمن، 90% من الجمهور شباب من سن 15 إلى 29 يتفاعلون مع تلك الندوات المقامة بالصالون.

ماذا تقول لمن يرى أن الندوات والمؤتمرات ليست مهمة المجلس؟

هذا جزء من شغل المجلس، بالإضافة إلى رسم السياسات والاستراتيجيات، ومن حقه أيضا محاسبة الوزير وسحب الثقة منه أدبيًا، ومعنى تلك الدعوات أننا لسنا فى حاجة إلى ماتشات كرة، أو أى أنشطة أخرى.

كيف ينخرط المثقفون فى المجتمع الصعيدى ويساعدون فى حل مشاكل الإرهاب؟

هل تتصور أنه بنزول المثقفين الصعيد، ستحل مشاكل الإرهاب، بالتأكيد لا، فهذا متوقف على سياسة الدولة جميعها وليس المثقفين وحدهم، علينا أن نعى أننا نقرأ التاريخ للمرور من فوقه، لا التوقف بداخله. ونحن نجلد هيئة قصور الثقافة، لكن الدنيا اتغيرت، فأنت الآن تقرأ الكتب على الآيباد، ولست فى الحاجة للذهاب إلى مكتبة عامة، وحتى الندوات لم يعد لها نفس الجمهور فى ظل وجود الفضائيات، وبرامج التوك شو.

ماذا عن أزمة المسرح والسينما المستقلين؟

هناك جماعات المسرح المستقل والسينما المستقلة، وهما جزء من مهمتى، وعلىّ دعمهما، لكن لا يمكن تقديم الدعم الكافى، فالدولة لا توفّر ذلك لى.

وكان علينا أن نفض اشتباك المسرح المستقل والسينما المستقلة مع وزارة الثقافة، ومسألة الدعم فى بداية الأمر. والديمقراطية عدوة التطرف والإرهاب، فإن صنعتها تخلصت من الإرهاب، وهى فى حاجة لمشروع متكامل، وقصور الثقافة ليست فى حاجة إلى كل ذلك. ونحن فى حاجة إلى رؤية عامة، تثير مع رؤية الدولة واتجاهها فى محاربة الإرهاب، من خلال محاور كتير: منها التنمية الاقتصادية، وحاجات المجتمع، فعلينا أن نواجه الأمور بشكل صريح لنضع خطة جيدة.

حدثنا عن تشكيل أعضاء المجلس الأعلى للصحافة، والموظفين الذين يهيمنون عليه، وفكرة توجيه الجوائز.

هناك أكتر من مشروع قدّم لتطوير المجلس الأعلى للثقافة، وعلىّ أن أشيد بالجهود السابقة، فلا توجد مشكلة بالمشاريع، ولكن علينا أن نحدد حاجات المجتمع والدولة أولا من مجلس الثقافة، وعلى أساسه يتم تقديم المشروع إلى مجلس النواب، ولكن نفترض أن مجلس النواب عدل به وأخرج مشروعا مشوها، ولذ لك المجلس المقبل مهم جدًا، حتى يوافق على تعديلات القانون، بما يخدم المجلس ولا يضرّه.

كيف تنظر إلى التنسيق بين مؤسسات وزارة الثقافة المختلفة؟

خلال الفترة التى توليت فيها المسؤولية، كان هناك تنافس فى النشر بين الهيئات الثقافية، ما أدى للتضارب، لكن للأمانة كان هناك مشروع لجنة مركزية عليا للنشر، تحت قيادة كان يرأسها رئيس المجلس الأعلى للثقافة وترأسها رئيس هئية الكتاب، وكان هناك تناسق بين هذه الهيئات لوجود التآلف والتفاهم بينهم، وتوحدهم فى فريق عمل حاول حل الأزمة، لكن عند تسلمى المسؤولية، كان هناك 1200 مخطوطة لم تنشر بعد، فالمجلس لا يملك الآلية لذلك، حيث تملكها المطابع الأميرية ومطابع الهيئة العامة للكتاب والتى تخرج وحدها 450 كتابا.

ولنحل هذه الأزمة كمجلس أعلى للثقافة، علينا أن نتحول إلى هيئة نشر، لنتخلص من القديم ونستطيع استقبال كتب جديدة. ووقتها، حدّدنا الاختصاصات، فقلنا إن الهيئة العامة للكتاب الجهة الأولى المختصة بالنشر، لأن لديها مطابع ومخازن ومراكز توزيع، والمركز القومى للترجمة الجهة الأولى المختصة بالترجمة، وهناك طبعًا استثناءات، لكن لتوزيع الأدوار، فالهيئة العامة لقصور الثقافة هى المعنية بأدباء الأقاليم، المجلس الأعلى للثقافة، مختص بأعمال اللجان مثل الدراسات والأبحاث العلمية والندوات الدولية ومشروع الكتاب الأول، فيما يهتم المركز القومى للمسرح بالتراث.

وطبعا بعض الأصوات اعترضت على الأمر، لأن إعادة التوزيع ستؤدى إلى مشاكل داخلية وتعارض مصالح بعض الناس، لكن السياسة الصحيحة ليست لها علاقة بالمصالح، فنحن نحتاج إلى عمليات جراحية قاسية، لرسم السياسات التى تعيد الهيكلة، وتعيد هيبة الثقافة.

كيف ترى مشاكل المشروع القومى للترجمة؟

المجلس القومى للترجمة معذور فى جزء، إن أردت أن تخرج ترجمة دقيقة، فعليك أن تدفع جيدًا للمترجم المحترف، والمصحح، وحقوق الملكية الفكرية، ولكن هناك حقوق الدعم، فيمكن أن نلجأ إليها.

والحل كان تخفيض الكتاب 50% للطلاب، وبعد سنة أو سنتين يطبع عن طريق الهيئة العامة لقصور الثقافة، بحسب قيمة الكتاب وأهميته، وحتى لا ينهار المركز أيضًا. وهى جميعها مشاريع مكتوبة.

وهذا لا يمنع أن هناك مشاكل أخرى فى التوزيع، حلّها شركة قابضة بالتوزيع للتملّص من اللوائح المالية بالدولة، والتى تعرقل العديد من المشاكل، بالإضافة إلى كشك اقرأ الذى يتم تطبيقه بكل جامعة، فبعض الجامعات قالت عليكم تأجير المكان، وهذا مكان حكومى وهو أرض دولة، لكن البعض الآخر قال إننا سنوفّر لكم المكان والموظفين، وبدأ مشروع اقرأ بالفعل فى جامعة أو اثنتين منذ بداية العام الدراسى حينها، لكن لا تزال لدينا مشاكل توزيع، بالإضافة إلى المشكلة الكبرى: كيف ستقنع الناس بشراء كتاب؟ فما قيمة الثقافة والتعليم فى البلد؟ وهو سؤال مهم للغاية، وفى الستينيات كنا نتفاخر بقراءة الكتب نتيجة التعليم، لكن الآن الأمر مستحيل، لأن قيمة التعليم قلّت، لذا عليك أن ترجع قيمة المثقف والمتعلم كدولة، لتعود قيمة الكتاب.

 

أين وزارة الثقافة من الآيباد؟

على الوزارة أن تهتم بذلك، لكن عليها أولا تعديل اللوائح المالية، لتناسب النشر الإلكترونى، وكذلك اللوائح القانونية، هذا هو التحدى الواجب على وزارة الثقافة أن تخوضه، معتمدة على خبرات من خارج الحكومة لتستطيع تربية كوادر.

ماذا أنجزت وزارة الثقافة فيما يخص تجديد الخطاب الدينى؟

الرئيس السيسى أكد أهمية ذلك أكثر من مرة، لكن الأمر لا يقف عند حد الأزهر والأوقاف والتعليم والمثقفين، وله أكثر من محور: الإعلام والتنمية الاقتصادية والتعليم والمثقفين، وغيرها. فهو مشروع مجتمع بأكمله، وتوجه عام.

وكنا ننتظر أكثر من هذا من وزارة الثقافة، والإعلام والتعليم أهم شيئين، ويمكن أن تصنع بهما الكثير.

حيث يمكن عرض الندوات فى التليفزيون لشعبيته الهائلة، المهم تحديد الجمهور المستهدف، وطريقة الحديث إليه، والدخول له من الباب الذى يهمه، ومطلوب خلق حالة ثقافية، جدل ثقافى، يغيّر من الواقع، ومرة أخرى هذا جهد دولة بأكملها بجميع عناصرها. وعليك فى البداية دعم وزارة الثقافة، وانا سأدعم بدورى الهيئات المستقلة.

ما المشاريع التى تعمل عليها الآن؟

تاريخ شبرا، فأنا شبراوى، وأهميته دراسة تطور تاريخ مصر عبر تاريخ حى، ومن خلال دراسة الحى ستكتشف علاجات لمشاكل آنية، ولماذا لا توجد طائفية مثلا فى شبرا، لأنها هذه أخلاق المهاجرين، ولذلك اسم الكتاب شبرا.. إسكندرية صغيرة فى القاهرة، فمعظم الفنانين خرجوا من شبرا، جمال حمدان وصلاح جاهين وهنرى بركات وخيرى بشارة والأيوبى، وآل العدل، وبليغ حمدى، وصلاح عرام.

وبدأت السينمات بشبرا فى القرن العشرين، وبالتالى أصبحت دولة صغيرة ذات تركيبة مميزة، وكانت مدارسها وعمائرها نموذجا، وكان يكتب فى مجلة شبرا، طالب يهودى إلى جانب آخرين، مسلم ومسيحى.

ماذا تقرأ الآن؟

رواية باب الخروج، وأستخدمها مصدرا للتاريخ، مثلها مثل السينما، مثلا فيلم لعبة الست لنجيب الريحانى، يمثل الطبقة الوسطى الصغيرة، قدم عام 46، وقدم شخصية اليهودى الطيب، ولعب دوره سليمان بك نجيب، وهو الخائف من الألمان، لكنه لم يخش المسلم الفقير، وهو من سيدير المحل وسينجح، وفى نفس الوقت من ساعد فى ثورة 52.

وفيلم غزل البنات، فيلم مسخرة، لكنه مهم جدًا، فثورة يوليو لم تلغ الألقاب فجأة ولكن الأمر جاء تدريجيًا، فمشهد أستاذ حمام عندما أراد تعليم ابنة الباشا، وتحير فى معرفة الباشا الحقيقى، نقد مجتمعى على أعلى مستوى.

ماذا عن المقارنة بين قناة السويس القديمة والحديثة؟

يمكنك استشفاف محطات مهمة فى التاريخ الحديث من قناة السويس، فافتتاحها جاء فى 5 أغسطس لمحو ذكرى نكسة يونيو، وقناة السويس فى أصلها كانت مشروعا استثماريا.

وفى الماضى، عندما صنعت بورسعيد وبورفؤاد، وكانت مدنا جديدة للاستثمار، إضافة لترعة الإسماعيلية، ما خلق الحياة فى المنطقة الصحراوية. وفى العشرينيات كنا نقول إن أردت أن ترى شخصا ولا تستطيع الوصول إليه، فعليك الانتظار فى لندن أو بورسعيد.

 

مبتدا

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى