الأخبار

مشكلتنا في محاربة الفساد أننا نترك «الحيتان الكبيرة»

56

 

 

قال المستشار هشام جنينة، رئيس الجهاز المركزى للمحاسبات، إن الجهاز قدم أكثر من 60 تقريراً يتضمن تقويم أداء مؤسسات الدولة، والمخالفات المالية والإدارية التى تم رصدها فى وزارات الصحة، والتعليم، والتعليم العالى، والبحث العلمى، والنقل الجوى، والكهرباء، والزراعة، والإسكان والمجتمعات العمرانية، والسياحة، والتليفزيون.

رئيس «المحاسبات»: قدمنا 60 تقريراً لـ«السيسى» عن مخالفات الحكومة

وأوضح «جنينة» فى حوار لـ«الوطن»، أن الفساد أخطر من الإرهاب، مضيفاً أن المشكلة تكمن فى البدء بمواجهة فساد الصغار تاركين «الحيتان الكبيرة»، موضحاً أن الفساد قائم ولن ينتهى فى يوم وليلة، مشيراً إلى أنه لا توجد مؤسسة فى الدولة لم يطلها الفساد خلال الـ 10 سنوات الماضية التى سبقت 25 يناير.. وإلى نص الحوار:

■ كيف ترى حجم الفساد فى مصر؟

– الفساد أخطر من الإرهاب، وللأسف مشكلتنا أننا دائماً ما نبدأ بمواجهة فساد الصغار تاركين الحيتان ترتع فى مفاصل الدولة، فهو قائم ولن ينتهى فى يوم وليلة، والرقابة كانت فى السابق أضعف من أجهزة الدولة، والتواصل بين قيادات الجهاز المركزى للمحاسبات والأعضاء كان يُمثل مشكلة كبيرة يؤدى إلى ترك الفساد فى بعض المؤسسات لعدم وضوح الرؤية، الأمر الذى تم إصلاحه حالياً، ولا توجد مؤسسة فى مصر لم يطلها الفساد الممنهج خلال الـ10 سنوات الماضية، بما فيها الجهاز المركزى للمحاسبات، ولكن المواجهة من خلال تدوير أعضاء الجهاز من مؤسسة إلى أخرى كل 3 سنوات، والجهاز ليس ضد أى مسئول أو أى جهة، فهو يعمل على تحسين الأداء من خلال إلقاء الضوء على مناطق الخلل، والمؤسسات تقوم على خدمة المواطن وليس عليها التلون عند كل نظام، وهناك تحديات كثيرة تواجهها الجهات الرقابية نظراً لأن العديد من المسئولين لا يحبون الشفافية، وكشف قضايا الفساد خلال المرحلة الماضية كان نتاج التعاون بين كافة الأجهزة الرقابية، وسيؤدى للقضاء على الفساد، ووفر الجهاز جميع البيانات التى تحتاجها تلك الأجهزة لمساعدتها فى استكمال قضاياهم، من أجل ملاحقة الفساد بكافة أنواعه.

7 مليارات حصيلة مخالفات النقل الجوى.. و26 ملياراً للحزام الأخضر و18 ملياراً للتعديات على النيل.. و11 ملياراً خسائر «ماسبيرو»

■ كم تقريراً قدمها الجهاز لرئيس الجمهورية؟

– قدمنا ما لا يقل عن 60 تقريراً للرئيس عبدالفتاح السيسى، عن تقويم أداء الوزارات والهيئات الحكومية، منها تقرير يوضح إجمالى مستحقات الدولة والتى لم تحصّل بسبب الفساد، والتى بلغت ما يزيد على 600 مليار جنيه، لا تستفيد منها الدولة بسبب الفساد وضعف عمليات تحصيلها، والتغاضى عنها لوجود قصور فى قانون الحجز الإدارى، وغياب اللوائح والقوانين المالية فى الرقابة.

■ ما صورة المطالبة بتلك المبالغ؟

– هذه المبالغ تمثل ديوناً مستحقة للدولة لدى الجهات الحكومية والهيئات الاقتصادية والشركات والأفراد، من بينها ديون الهيئات الاقتصادية وتبلغ 324 مليار جنيه، وشركات قطاع الأعمال العام 143 ملياراً، والجهات الحكومية 173 ملياراً، و26 مليار جنيه لأراضى الحزام الأخضر، و18 ملياراً تعديات على نهر النيل.

■ وهل رصدتم مخالفات فى توزيع الأراضى التابعة لوزارة الزراعة؟

– رصدنا فساداً بنحو 86.8 مليار جنيه قيمة أراضى وضع اليد، والتى تقع خارج زمام المشروعات التى تنفذها هيئة التنمية الزراعية، ولم يتم تحصيلها.

■ وماذا عن مخالفات الطرق الصحراوية؟

– بالنسبة لطريقى القاهرة – الإسكندرية الصحراوى، والقاهرة – الإسماعيلية الصحراوى، تمثلت أغلب المخالفات فى تحويل تلك الأراضى من زراعى إلى سكنى، وتم بناء قصور وفيلات بيعت بملايين الجنيهات بالمخالفة لقرارات التخصيص الصادرة من وزارة الزراعة، وإجمالى تلك المخالفات يتخطى الـ300 مليار جنيه.

■ وماذا عن «الحزام الأخضر»؟

– إجمالى مخالفات أراضى الحزام الأخضر الذى يحيط بالمدن الجديدة بلغ 26 مليار جنيه، حيث تم تقدير سعر هذه الأفدنة من خلال لجنة تثمين أراضى الدولة بسعر الفدان 3 آلاف جنيه فى حين أن سعره الحالى بلغ 5 آلاف جنيه.

■ فى قطاع الصحة.. هل قدمتم تقارير فيما يخص تجاوزات فى الوزارة؟

– قدمنا تقارير كشفت إهدار 2 مليار جنيه فى الصحة، تمثلت مخالفاتها فى عدم إعداد أى دراسات فنية أو هندسية قبل إسناد أعمال إنشاء أو تجهيز أو تطوير المستشفيات، ما أدى إلى ضياع ملايين الجنيهات، منها مستشفيات شرم الشيخ والعلمين ومرسى مطروح ورشيد وقليوب المركزى وشبراخيت والحمام وكفر الزيات ورشيد العام، وتخصيص مبالغ بملايين الجنيهات لتطوير مستشفيات آيلة للسقوط واستخدام المنحة الأوروبية فى صرف مكافآت لكبار العاملين فى الوزارة، ما أدى لاستنفاد جانب من أموال المنحة فى غير الأغراض المخصصة لها، وكذلك رصدنا فى أحد التقارير فساد قطاع الأدوية.

■ وزارتا التعليم والتعليم العالى طالهما العديد من تقارير الجهاز.. فإلى ماذا انتهت؟

– قدمنا تقريراً تضمن مخالفات وزارة التربية والتعليم، بارتكاب مخالفات ضخمة فى طباعة الكتب المدرسية، والتى سيطرت عليها مافيا كبيرة، وكذلك سوء حالة المؤسسات التعليمية من مدارس وكليات وعدم صلاحية بعضها لأداء الخدمة نتيجة لوجود تصدعات وشروخ بالهيكل الخرسانى وعدم جدوى ترميمها، وتبين أن أكثر من نصف إجمالى عدد المدرسين بالابتدائى غير مؤهلين تأهيلاً تربوياً عالياً، وقدمنا تقريراً عن التعليم العالى كشف عدم تحديد استراتيجية طويلة المدى للبحث العلمى ترتبط بخطط التنمية ووجود بعض المخالفات المالية والإدارية تتعلق بصرف مكافآت من الصناديق والحسابات الخاصة فى غير الأغراض وسوء حالة المناهج التعليمية بالتعليم العام وعدم مواكبتها التطورات العالمية، وعدم ارتباط محتوى المناهج الجامعية مع سوق العمل ومتطلبات العصر.

رصدنا 300 مليار جنيه فساداً فى «الزراعة».. ومليارى جنيه لـ«الصحة» خُصص بعضها كمبالغ لمستشفيات «آيلة للسقوط»

■ هل رصدتم مخالفات فى قطاع النقل؟

– قدمنا تقريراً عن مخالفات النقل الجوى، حيث وصل مجمل الخسائر المحققة نحو 7 مليارات جنيه، وتحقيق معظم خطوط الشركة القابضة لمصر للطيران والقابضة للمطارات لخسائر تشغيل أسهمت 5 خطوط منها فى نسبة 64% من قيمتها، ودخول القطاع فى العديد من الاستثمارات التى حققت خسائر ضخمة، وتعرض بعض المطارات لانهيارات جزئية لعدم تحديد وتنفيذ المواصفات الفنية بدقة، وكذلك تقارير أخرى عن الكهرباء، والإسكان والمجتمعات العمرانية، والسياحة، واتحاد الإذاعة والتليفزيون «ماسبيرو» الذى وصلت خسائره إلى 11 مليار جنيه.

■ هل هناك خطوط حمراء كانت تواجه عمل الجهاز؟

– لأول مرة يتم فحص خروقات ومخالفات مالية لدى بعض المؤسسات والأجهزة السيادية، والتى لم يكن أحد يقترب منها، ولأول مرة يتم إخضاع كل الأنشطة التجارية والنوادى ودور القوات المسلحة لرقابة الجهاز المركزى للمحاسبات، وطلبت من الرئيس السيسى وقت أن كان وزيراً للدفاع، ووافق على الفور، إخضاع هذه الجهات لرقابة الجهاز، والحقيقة أن هذه الروح والاستجابة من الرئيس لا أجدها لدى بعض الأجهزة، هناك أيضاً جهات أخصها بالذكر لم يكن هناك أى فحص حقيقى لها أو رقابة عليها، وكان يقال عنها داخل الجهاز إنها خطوط حمراء، وهى «الداخلية» و«العدل» و«الرئاسة» و«مجلس الوزراء»، فأعمال الرقابة على هذه الجهات لم تكن تتم بالشكل الحقيقى.

■ كيف يمكن القضاء على الفساد فى مصر؟

– يتطلب الأمر تفعيل قوانين منع تضارب المصالح للموظفين الحكوميين، وميكنة إقرارات الذمة المالية وإتاحة البيانات والمعلومات عن أعمال الجهاز الإدارى للدولة، فيما لا يضر بالأمن القومى وسرية البيانات الشخصية للمواطنين، إضافة إلى إتاحة تقارير الجهات الرقابية.

الوطن

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى