الأخبار

تعقيدات الأقطاب تعرقل التسوية

146

بعد الاندفاعة التي شهدها ملف الشغور الرئاسي بعد مبادرة رئيس الحكومة السابق، سعد الحريري، بطرح اسم النائب سليمان فرنجية كمرشح تسوية لهذا المنصب، يبدو أن الأمور عادت إلى نقطة التعادل بين إمكانية إنجاز هذه التسوية وعدمها، خاصة في ظل مواقف مترددة لبعض قيادات تيار المستقبل وكتلته النيابية عن وجود عراقيل وتعقيدات “لم يتم تسويتها حتى الآن” تصدر عن حلفاء المستقبل من داخل القوى المسيحية، خصوصاً القوات اللبنانية، وغموض عميق في مواقف حزب الله من هذه التسوية وتمسك العماد ميشال عون بالصمت المطبق.

فعلى صعيد موقف القوات اللبنانية، أكد رئيسها سمير جعجع بشكل “مبطن” رفضه السير حتى الآن بالتسوية المطروحة من قبل حليفه الحريري بتسمية فرنجية لرئاسة الجمهورية، معيداً التشديد على أن العمل السياسي بالنسبة للقوات اللبنانية “يحمل هدفاً هو إيصال المشروع السياسي الذي نحمله”، مشيراً إلى أن “أي خطوة تخدم مشروعنا السياسي نسير بها والعكس صحيح”.

وحاول جعجع الالتفاف على تحديد موقف محدد من موضوع التسوية بالقول إنه “رغم كل ما يطرح لن نسير إلا بما نحن مقتنعون به وبشكل يخدم قضيتنا والمشروع الذي نؤمن به”.

وفي كلام خاطب به الأقطاب الذين عمدوا إلى ترويج تسوية فرنجية في الداخل اللبناني أكد جعجع أنه “تجاه كل ما يجري، لبنان ليس مزرعة وليس متروكاً بل هناك ثوابت معينة يجب أن يتصرف الجميع وفقها ليبقى لبنان”.

وفي إشارة إلى العلاقة التي تربط فرنجية برئيس النظام السوري، بشار الأسد، وكذلك الاتصالات التي أجراها الرئيس الفرنسي، فرانسوا هولاند، بفرنجية والبطريرك الماروني، مار بشارة بطرس الراعي، أعلن جعجع أنه “لن يقبل أحد منا عودة عهد الانتداب إلى لبنان أو أي عهد آخر من العهود الآفلة التي أفلت وانتهت”، مشدداً على أن “العهد القادم سيكون عهداً جديداً”.

موقف جعجع عبر عنه بشكل أكثر وضوحاً عضو قيادة القوات اللبنانية النائب أنطوان زهرا الذي قال إنه “حتى اللحظة جعجع لا زال مرشح القوات اللبنانية، وإذا أرادات قوى 14 آذار سحب ترشيحها له لا يعني سحبه من قبل القوات اللبنانية”، لافتاً في تعليقه على ترشيح فرنجية “إننا ننتظر التوضيحات، وبناء عليها نعلن تأييدنا أو رفضنا”.

زهرا وفي موقف دراماتيكي لا يصل حد تبني القوات اللبنانية لترشيح العماد عون للرئاسة، رأى أنه “في المفاضلة بين ميشال عون وفرنجية، عون لديه الأحقية بالترشح على فرنجية نظراً لنقاط عدة”، مؤكداً أن “القوات اللبنانية لن تذهب لترشيح عون للرئاسة. كما لفت إلى أن الجهود التي تبذلها القوات مع عون وتياره هدفت للوصول إلى “حل قد يتمثل بشخصية أخرى غيره وغير جعجع تريح كافة الأفرقاء”.

في هذا الوقت عممت الأمانة العامة لحزب القوات اللبنانية على قياداتها وعناصرها “عدم التعرض لقيادات 14 آذار وتحديداً الرئيس سعد الحريري على حساباتهم الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي”. في حين كشفت مصادر مطلعة أن “القوات اللبنانية وتيار المستقبل أكدا على التماسك والتحالف داخل القوى، القائم على قضايا استراتيجية ووطنية كبرى رغم الاختلاف في التسوية الرئاسية”.

وحول الدور الإقليمي وتأثيره في قرار القوات اللبنانية أكد زهرا أنه “مخطئ من يظن أن سمير جعجع والقوات والجمهور الذي يؤيده يسير بالاعتبارات الإقليمية والدولية والدليل تاريخه”.

الانقسام حول ترشيح فرنجية وصل إلى داخل أروقة حزب الكتائب، بين الليونة التي يبديها رئيس الحزب، النائب سامي الجميل، وإمكانية أن ينضم إلى تسوية فرنجية حتى لا يكون الرفض سبباً في خروج الحزب من الحياة السياسية، وبين موقف النائب نديم الجميل الذي رفض السير في هذه التسوية انطلاقاً من اعتبارات علاقة فرنجية مع النظام السوري وكونه أحد أقطاب قوى الثامن من آذار وعدم اتخاذ موقفاً واضحاً من سلاح حزب الله وتدخله في سوريا. وهو ما اعتبرته أوساط متابعة للنقاش داخل حزب الكتائب مؤشرات على إمكانية اتساع الهوة في الموقف داخل قيادة الحزب محورها التسوية الرئاسية.

وعلى الرغم من التأكيدات التي يطلقها أقطاب أساسيين كان لهم دور بارز في تسويق التسوية الرئاسية عن دور حزب الله وعلمه بهذه التسوية، إلا أن الحزب يلتزم الصمت التام والابتعاد عن أي موقف إيجابي أو سلبي من هذه التسوية، فيما ذكرت أوساط مقربة منه أن الحزب ما زال متمسكا بترشيح العماد عون لرئاسة الجمهورية، ولن يتخذ أي موقف يتعارض مع هذا الموقف طالما أن عون لم يعلن انسحابه من السباق الرئاسي. كما أوضحت أن الحزب أبلغ فرنجية أن التسوية الرئاسية تمر عبر الرابية من خلال البحث بالبديل مع العماد عون بعد إعلان انسحابه، ما يعني أن البديل عن عون ليس بالضرورة فرنجية بل من يمكن الاتفاق عليه بعد عون.

في هذا الوقت نفى مكتب عون المعلومات التي تحدثت عن إمكانية أن يقول النائب فرنجية بزيارة لمقر إقامته في الرابية لبحث التسوية المطروحة، وأكد أن “لا تغيير في جدول مواعيد العماد عون” في موقف يكشف عدم استعداد الأخير لبحث موضوع التسوية مع فرنجية في هذه المرحلة وقبل بلورة الأمور بشكل نهائي.

هذه المواقف، وما يدور عن شروط وضعها حزب الله حول التسوية، تعزز الاعتقاد بأن الجلسة المقبلة لانتخاب رئيس الجمهورية في الـ16 من الشهر الحالي لن تشهد انتخاب رئيس جديد للجمهورية، وأن هذه الشروط من قبل حزب الله تحدثت عن “الأهداف” التي دفعت أمينه العام حسن نصرالله لطرح مبادرته حول “سلة تسويات” وما يريده منها في المرحلة المقبلة.

كذلك تحدثت مصادر إعلامية عن أوساط مقربة من حزب الله عن شروطه قبل الدخول في التسوية الرئاسية والقبول بعودة الحريري إلى رئاسة الحكومة تدور حول اعتماد قانون انتخابي جديد يستند إلى النسبية، وانسحاب لبنان من المحكمة الدولية ووقف تمويلها، إضافة إلى أن ما قصده نصرالله من “مبادرة تبادل التنازلات ضمن سلة التسويات الكاملة”، هو إنشاء مقايضة بين عودة الرئيس سعد الحريري لرئاسة الحكومة، وموافقة الأخير على سلة تفاهمات تشتمل على انتخاب رئيس وقانون انتخابي جديد غير قانون الستين، وتوافق مسبَق على شكل الحكومة وتوزيع مقاعدها وضمان “الثلث الضامن” فيها لقوى 8 آذار، والاتفاق على بنود بيانها الوزاري، بحيث يتضمن إدراج بند “الشعب والجيش والمقاومة”، وأن يخلو من أي بند جديد يدعو الحزب، تصريحاً أو تلميحاً، إلى الانسحاب من سوريا، أو يغمز سلباً من قناة قتاله هناك.

 

العربية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى