الأخبار

“دولــة السفل!”

33

 

كيف أصبحت مصر تتكلم بأمعائها بدلا من عقلها ؟ .. كيف يحول حكم العسكر كل قيم البلد إلى حالة من “السفل” .. عن كيف يتسيد الجاهل ويستعبد العاقل في ظل بيادة العسكر !

أنس حسن يكتب : دولة السفل !

لم تخل المواقع الاجتماعية منذ الإنقلاب العسكري من التندر على الانقلاب ورموزه الإعلامية والسياسية والفكريـة ، و لكن هذا التندر هو مجرد مسكن لأسى كبير من تسلط دولة “السفلة” مجددا ، فدولة العسكر منذ نشأت اعتادت حين وصولها للسلطة أن تأتي “بسَفَل” المجتمع وحثالته ثم تصنع منهم رموزا وطنية لدولة “الأسافل” ، في حين يتوارى عن المشهد كل عاقل وشريف إما خلف جدران خوفه أو خلف قضبان سجنه أو خارج حدود بلده ، بينما يصعد على المنابر والكراسي “أسافل” المجتمع و أقذر ما فيه ، والسَفَلُ هنا ليس سفلا “ماديا” يقاس بالفقر والغنى ، بل سفلا نفسيا وفكريا وثقافيا يعكس أقذر ما في المجتمع عن طريق العسكر ونخبه التي يراها تخدمه .

إن العسكري حين يتسيد يشيع حقده على كل ما هو مدني متعلم “راق” ، فطبيعة التنميط العسكرية في مصر توهم “العسكري” أيا كانت رتبته أنه أرقى أبناء وطنه مركزا ومكانة ، و أن الناس تلهو وتلعب وتعبث بينما هو من يحمل الوطن على كتفه ، بينما الحقيقة أنه مجرد مستعبد في منظومة الأطماع الاقتصاديـة والسياسية لمؤسسة توظف الوطن نفسه و مفاهيمه لصالح منظومة مصالحها وأطماعها وتوكيلات “الخارج” والداخل ، إن عامل في شركة بلا أجر ، بينما يقتسم الحيتان الكبار ثروات الوطن و مراكزه خلف ستار الوطنية و الحماية الزائفة للوطن التي تقتل كل يوم العشرات من أبناءه وتسجن المئات !

إن “التسافل” الذي نراه اليوم من شحاذة البطاطين بشكل فج وقبيح وقميء ، و على أكبر الشاشات الإعلامية من مرتزقة يقبضون أموالهم ليس من “الوطن” بل من الخارج ليعكسوا أقبح ما في مصر في مقابل دريهمات إمراتية أو ريالات سعودية أو دنانير كويتية يبيعون بها عرض هذا الشعب وشرفه في سوق نخاسة “متصهيني الخليج” ليرضوا غرورهم ، هذا “التسافل” هو الإبن الطبيعي لحكم العسكر ، إن العساكر إذا حكمت إنقلب كيان المجتمع رأسا على عقب ولم يعد لذي كرامة كرامة ولا لذي شرف شرف ولا لذي مكانة مكانة ! .. إن كل مقاييس التقييم تنهار تحت عجلات جنازير “زمرة” ترى في نفسها أنها أطهر الموجود و العكس المطلق هو عين الصواب .

أن نستجدي الغيارات المستعملة والبطاطين المرقعة ، و أن نشحذ الدراهم الإمراتية على الشاشات مقابل خدمة مشروعها السياسي في مصر ، و أن يخرج اكبر مستشاري مصر بلغة “منحطة” متسافلة أقضت منام سيبويه في قبره ، و أن نرى إلهام تتحدث عن الدين ، و رعناء أخرى تتحدث عن رقص امرأة متحجبة في استفتاء الدستور بأنه هذا الدين الذي نريده ، و يتحدث “العلماني” عن الدين في حين يسجن الشيخ ويمنع ، إنها جوقة الأسافل تخرج من رحم عسكرية مقيتة لم تحكم مصر يوما إلا وأخرجت أسفل ما فيها !

إن مصر اليوم ياسادة تتحدث بما حوته أمعائها لا بما حوته “عقولها” و “قلوبها” ، فكل هؤلاء تواروا تحت تراب القبور شهداء أو خلف جدران الخوف أو أسواء الزنازين ، وبقيت حثالة كل ثقافتها “الشحاذة” و كل تجارتها بيع الضمائر ، إننا اليوم أصبحنا نسمع في كل موقع عمل أو شارع أو منزل علو صوت الجهلة وخفوت صوت العقلاء والشرفاء ، و أصبح الرويبضة ليسوا مجرد متحدثين بل سادة مقدمين ، وأصبح أهل الشرف مخونين منبوذين ..

إن مصر تتسافل حين يحكمها عسكري مراهق .. حيث إن هؤلاء لا يعيشون إلا في بيئة من هم على شاكلتهم .. إن فرصة شبابها الذي مازال يعول على بقية باقية من “نظافة” يد و طهارة قلب ورجاحة عقل لم تعد إلا في طريق نضال طويل لا يتوقف حتى يمحو كل تلك “السفالة” من وجه البلاد

 

أخبارك.نت

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى