الأخبار

تزوجته هربا من الفقر فطعننى بـ”سكين”

 

55

فى رواق خال من المتنازعين، جلست “أسماء” صاحبة الـ22 ربيعا صامتة لا تحرك ساكنا، وكأنها تمثال حجرى منحوت على قسمات وجهه علامات الوجوم واليأس، تمسك بيدها حافظة مستندات باهتة اللون بها أوراق دعوى نفقة صغيريها “محمد” و”مروان”، وتتنقل بعينيها العسليتين بين الحافظة وطفلها الذى يعبث بورقيات مبعثرة فى جنبات محكمة الجيزة لشئون الأسرة، ويملأ الدنيا بصراخه وبكائه، وكلما علا صوته الصافى كقلبه، تتوه بذهنها فى متاهات حياتها مع رجل “مدمن” تزوجته هربا من الفقر فأهانها وطعنها بسكين حتى كادت تفراق الحياة، ثم تركها هي وصغارها بلا نفقة ولا منفق.

تبدأ الزوجة العشرينية روايتها بصوت مجروح: “تزوجته ولم أكن أكملت عامى الثانى عشر بعد، حيث دفع الفقر أخى الذى تولى مسئوليتى أنا وشقيقاتى الثلاث بعد أن أنهك المرض جسدى والدى وأقعده عن العمل، لتزويجى فى تلك السن المبكرة من تاجر خردة يكبرنى بـ11 عاما دون أن يتقصى أثره أو يتحرى عن سيرته جيدا، واهما بأن رزق العريس الوفير سيضمن لى حياة كريمة لا يشوبها ضنك ولا هم، وسيخلصه من عبء كان يثقل كاهله، وطبعا لم يكن لى حق القبول أو الرفض، وكأننى لست إنسانة لى عقل يفكر وقبل ينبض، بل سلعة تباع لمن يدفع الثمن، ولم تمر فترة طويلة حتى كفنونى فى فستان أبيض، وأحاطونى بفتيات يمسكن فى أيديهن باقات الورود، ثم سلمونى إلى زوجى على طبق من فضة ليبدأ مسلسل تعذيبى وإهانتى”.

تواصل الزوجة العشرينية حديثها وهي ترتكن برأسها إلى جدار متهالك: “وبمجرد أن أغلق على أنا وزوجى باب بيت واحد، حتى اكتشفت وجهه القبيح الذى لا يفيق من تأثير المخدرات، ولا يقوى على الحركة، وكلما سار خطوة بدا كالذى يتخبط من المس، فكرت فى طلب الطلاق، لكن كيف ونقوش حنة العرس لاتزال آثارها مطبوعة على يدى! والأهم من ذلك هل سيقبل أهلى أن يستردوا لحمهم الذى باعوه؟! فصمت وتحملت، ويبدو أن صبرى علي زوجى جعله يزيد فى إهانته لى، فبات يوجه لى الصفعات واللكمات والركلات وينهال على جسدى الهزيل فى لحظات انتشائه حتى أنزف دما، وحينما يسترد وعيه يتعجب من الزرقة التى تزين وجهى وجسدى ويتساءل عمن فعل بى هذا؟! ليس ذلك فحسب بل صار يختلق المشكلات ويعتدى على حينما أعلن رفضى لممارساته، وفى النهاية يطردنى من البيت بملابسى الداخلية، وللأسف كنت فى كل مرة أعود إليه صاغرة، لأننى كنت أخشى من الرجوع إلى شتاء الغرفة القارس ونار صيفها الموقدة بعد أن أصبح لى بيت بمفردى”.

تشرد الزوجة العشرينية ببصرها وهي تقول: “تكررت وقائع الضرب وتعددت الإصابات، وأنا صابرة لعل الله يبدل حاله، حتى جاء اليوم الذى طعننى فيه زوجى فى قدمى بسكين بعد تناوله حصته اليومية من المخدرات، فأدركت أنه لا فائدة من الاستمرار مع هذا الرجل، فطلبت الطلاق وبالفعل حصلت عليه، ومكثت فى بيت أهلى مع طفلى، تقدم لخطبتى شاب، لم يسبق له الزواج من قبل، قبلت به بعد أن أبدى موافقته على بقاء طفلى معى، وأقام لى عرسا رغم أنى مطلقة، علم زوجى بخطبتى فثار، وأخذ يوسط الغريب والقريب لأعود إليه، وبعد تعهداته بحسن معاشرتى والكف عن تناول المخدرات، عدت إليه من أجل أن يربى ابنى بين أمه وأبيه”.

تختتم “أسماء” حكايتها بعين دامعة: “ويا ليتنى مافعلت، فبعد فترة قصيرة من الاستقامة الزائفة عاد زوجى لعادته القديمة، وفى آخر مرة، استحلفته أن يكف عن إهانتى، فانهال علي بالضرب، ولم يهتم بمصير الجنين الذى أحمله فى أحشائى، ثم طردنى بملابس الداخلية ليلا كعادته، ولم تحركه مشاهد الدماء المتفجرة من رأسى ووجهى وصراخ الصغير، مرت الشهور ولم يكلف زوجى خاطره بالسؤال على طفليه وتركنا بلا مال ولا مأوى، فلجأت إلى محكمة الأسرة وأقمت دعوى نفقة صغير، وحينما علم بأمر الدعوى، حاول أن يعيدنى إلى البيت مرة أخرى، لكنى لن أعود له حتى وإن وضعوا سكينا على رقبتىن ويكفى ما فعله بى”.

 

صدى البلد

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى