الأخبار

مأساة فتاة تعيش بـ«نص راجل»

92

لا تعرف كيف تعيش ولا كيف تتعامل مع مأساتها، فالأوراق الرسمية تقول إنها «أنثى» عمرها 26 عاماً، وأسرتها تعاملها كأنثى، لكن «الحكومة» ممثلة فى مستشفى الزهراء الجامعى وقسم شرطة ونيابة الوايلى وجهوا لها تهمة التزوير فى أوراق رسمية وانتحال صفة «أنثى».

الشخصية، التى تحتفظ «الوطن» باسمها كاملاً ومحل إقامتها، دخلت مستشفى الزهراء لإجراء جراحة «تكبير ثدى» ولم يكتشف الأطباء أمرها إلا عندما رفضت توقيع الكشف الطبى على أعضائها التناسلية، بكت وهى تصرخ «بلاش»، ولما زادت الشكوك جرى توقيع الكشف الطبى بالإكراه، حسب قولها، وكانت المفاجأة التى بينت أن تلك الشخصية «فتاة بعضو ذكرى»، فجرى إبلاغ الشرطة ونقلها إلى قسم شرطة الوايلى، ثم النيابة التى قررت حبسها على ذمة التحقيقات.

البيانات الرسمية تكشف أنها «عاملة نظافة» فى مصنع للبلاستك بالقليوبية، بعد أن تركت منزلها منذ 5 سنوات بسبب رفضها 5 متقدمين لخطبتها، حسبما قالت للمستشار وليد البيلى رئيس نيابة الوايلى: «أنا بنت وعايشة لوحدى ومعرفش أهلى فين»، فيما أمر وائل الشامى وكيل أول النيابة بعرضها على الطب الشرعى للكشف عليها وتحديد نوعها، وتكليف المباحث بالبحث عن أفراد أسرتها واستدعائهم للاستماع لأقوالهم، وقررت النيابة التحفظ عليها داخل غرفة الانتظار بالقسم وعدم حبسها فى حجز النساء أو الرجال خوفاً من تعرضها للاعتداء.

«الوطن» التقت تلك الحالة العصيبة الاستثنائية وحاورتها واستمعت منها إلى تفاصيل مأساتها، فقالت إن البداية كانت بتوجهها إلى مستشفى الزهراء الجامعى، ترتدى ملابس منتقبة، وطلبت قطع تذكرة كشف داخل قسم النساء، لإجراء عملية «تكبير ثدى»، ثم توجهت إلى غرفة إحدى الطبيبات وهى ترتدى عباءة سوداء واسعة ومنتقبة، ثم أجرت الطبيبة كشفاً ظاهرياً على الجزء العلوى منها، وعندما سألت الطبيبة «هينفع يا دكتورة؟»، ردت عليها قائلة: «آه يا بنتى متقلقيش»، ثم طلبت منها «عينة بول لتحليلها، وهو ما قوبل بالرفض، وتسبب فى إثارة شكوك الطبيبة التى استدعت زملاءها، وبالكشف على الجزء السفلى من الجسد تبين وجود «عضو ذكرى».

جرى حجز «الحالة» داخل غرفة الكشف، وحضر رئيس الشئون القانونية همام عبدالصبور واصطحبها إلى قسم شرطة الوايلى، واتهمها بانتحال صفة «أنثى»، وأثناء تحرير المحضر فوجئ المأمور بأن الفتاة تحمل بطاقة رقم قومى باسم «أنثى»، ما أثار حالة تعاطف معها، ووجهت لها النيابة «انتحال صفة».

فى لقاء «الوطن» بتلك الحالة المثيرة للجدل وجدتها «خائفة وتبكى وتتحفظ على بعض الأسئلة وطلبت عدم نشر صورتها أو اسمها أو بلدتها القريبة من القاهرة». وقالت: «أنا بنت مش ولد، وطول عمرى بأحس إنى بنت، وإخواتى بيعاملونى على إنى بنت، عايزة طبيب عنده ضمير يتبنى حالتى ويجرى لى جراحة وأعيش حياة طبيعية كأنثى وأتزوج وأنجب».

وأضافت: «أعيش وسط أسرة فقيرة مكونة من 7 أشخاص فى إحدى القرى القريبة من القاهرة، انفصلت والدتى عن والدى قبل أن أكمل عامى الأول ولم تستطِع والدتى أن تدخلنى إلى مدرسة بسبب الظروف المادية، وعندما كنت فى سن 10 سنوات فوجئت بخروج جزء فى نصفى السفلى، فأخبرت والدتى وشقيقتى الكبرى، فقالوا لى إنها عيب خلقى ويتم إزالته بعملية جراحية، وتعايشت مع الأمر، حتى بلغت سن 18 سنة، وحضر أحد الجيران وتقدم لخطبتى، وفوجئت بوالدتى وأشقائى يخبرونهم أننى مخطوبة، فسألت والدتى عن سبب رفضها فقالت لى إن السبب هو العيب الخلقى، وأنى نصفى رجل والنصف الآخر أنثى».

وتكمل الفتاة روايتها قائلة: «التحقت بالعمل بأحد مصانع البلاستيك القريبة من المنزل، لأتمكن من الإنفاق على نفسى بعد أن تخلى والدى عنى وأقاربه وحتى أستطيع إجراء عملية جراحية خاصة بعد أن قال لى أطباء إن العيب الخلقى ينتج عنه أمراض مثل السرطان، ولم يلاحظ زملائى فى العمل أى اختلاف وتجنبت الظهور وسط الفتيات بملابس تكشف جزئى السفلى، وحاولت الانتحار أكثر من مرة بعد المعاملة التى تلقيتها من أقاربى، خاصة أنى توجهت إلى محل بيع مجوهرات وقمت بشراء خاتم وسلسلة حريمى، ففوجئت بكلام قريباتى لى: إنتى هتشترى دهب ليه؟ ومن بعدها راودتنى فكرت الانتحار مرة أخرى، خاصة أنى اكتشف أنه ينتابنى شعور بأنى أنثى من الجزء العلوى لجسدى، ولا أشعر بشىء فى الجزء السفلى، وانعزلت عن شقيقاتى واكتفيت بالجلوس داخل غرفة بمفردى، وتركت المنزل بدون علم أحد وأخبرت والدتى عن السبب فتفهمت الأمر، واستأجرت غرفة قريبة من المصنع، كنت على اتصال بوالدتى للاطمئنان عليها».

وعن معاناتها مع الأطباء، قالت: «مضى عام ونصف عام تقريباً أعيش بمفردى، زرت خلالها أكثر من 5 أطباء بمستشفيات حكومية وفوجئت بهم يحاولون المتاجرة بى ويطلبون منى إجراء العملية فى عيادتهم الخاص بمبالغ تتجاوز 10 آلاف جنيه، وأنا راتبى لا يتجاوز 700 جنيه شهرياً، وترددت على المستشفيات الحكومية على مدار 5 شهور أروى مأساتى لكل طبيب وممرضة، فمنهم من يشفق علىّ ومنهم من يقول لى إنى أجرى عملية تحويل جنسى بقصد الشهرة، أنا أنثى وما زلت أنثى وأوراقى وشهادة ميلادى مدون فيها اسم فتاة، رفضت الارتباط بعلاقات عاطفية أو الزواج بعد بلوغى 25 عاماً وأتعامل مع الفتيات مثل الأخوات والأولاد، لا أحد يعلم ما بداخلى من مأساة».

واختتمت حديثها قائلة: «أطالب الجميع بمساعدتى، وما بى ليس مجرد تشوه أو عيب خلقى، فالجزء السفلى عبارة عن عضو ذكرى بالكامل، وفى الجزء العلوى من جسدى أحمل جسد فتاة وثديها وشعرى طويل، ولا يوجد بجسدى أى تشوهات أخرى، أوجه استغاثتى لوزير الصحة والمجلس القومى لحقوق الإنسان لمساعدتى على أن أعيش حياة سوية».

 الوطن

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى