الأخبار

البحث عن 27 قانونًا مفقودًا فى 5 سنوات

14

 

نشرت الجريدة الرسمية فى عددها الصادر أمس، مرسوما بقانون أصدره المجلس الأعلى للقوات المسلحة فى مايو 2011، أى منذ 4 أعوام ونصف العام تقريبا، بالموافقة على اتفاق تمويلى بين الحكومة المصرية والاتحاد الأوروبى بشأن برنامج حوض البحر المتوسط التابع لمكون التعاون عبر الحدود فى إطار آلية الجوار والشراكة، التابع للمفوضية الأوروبية.

وتبين من المرسوم بقانون المرقم 43 لسنة 2011 أن الاتفاق تم توقيعه فى القاهرة بتاريخ 20 يناير 2010، أى منذ 6 سنوات، وقبل نحو عام من تولى المجلس الأعلى للقوات المسلحة حكم البلاد، ومثل مصر فى التوقيع وزيرة التعاون الدولى السابقة فايزة أبوالنجا، التى تتولى حاليا منصب مستشار رئيس الجمهورية للأمن القومى.

وتحدد الاتفاقية المناطق المصرية المؤهلة للمشاركة ببرنامج حوض البحر المتوسط، وهى مطروح والإسكندرية والبحيرة وكفرالشيخ والدقهلية ودمياط والشرقية والإسماعيلية وبورسعيد وشمال سيناء التى تم استثناؤها من المشاركة فى البرنامج حاليا.

وتشترك فى البرنامج 19 دولة ببعض مناطقها أو جميعها هى: الجزائر، قبرص، مصر، فرنسا، اليونان، إسرائيل، إيطاليا، الأردن، لبنان، ليبيا، مالطه، المغرب، السلطة الفلسطينية، البرتغال، إسبانيا، سوريا، تونس، تركيا، جبل طارق التابعة لبريطانيا.

وينص الاتفاق على أن تساهم المجموعة الأوروبية فى تمويل برنامج تشغيلى مشترك مع الحكومة المصرية، بقيمة 190 مليون يورو تقريبا، تساهم المجموعة بتمويله بواقع 174 مليون يورو تقريبا، وتبدأ مدة اتفاق تنفيذ التمويل من تاريخ دخول الاتفاق حيز النفاذ وينتهى فى موعد أقصاه 31 ديسمبر 2016.

أما مرحلة تنفيذ المشروعات الممولة من البرنامج التشغيلى المشترك فتبدأ بالتوقيع أيضا وتنتهى فى 31 ديسمبر 2014، ثم يدخل الاتفاق مرحلة الإقفال المالى وتشمل إقفال جميع العقود المبرمة كجزء أساسى من البرنامج وتقييم ما قبله وما بعده، وتقديم التقرير النهائى والدفعة الأخيرة أو التسوية الأخيرة بواسطة المفوضية، وذلك فى موعد أقصاه 31 ديسمبر 2016.

وتشير هذه المواعيد المذكورة فى الاتفاقية إلى أن جميع المشروعات الممولة من البرنامج يفترض أن تكون قد نفذت خلال السنوات الأربع الماضية، أى قبل نشر المرسوم بقانون ونفاذه فعليا.
وعلى الرغم من أن المرسوم ينص على «العمل به من اليوم التالى لتاريخ نشره» أى من اليوم الجمعة 25 ديسمبر 2015، إلاّ أن الجريدة الرسمية نشرت أيضا قرارا لوزير الخارجية سامح شكرى مؤرخ فى 12 نوفمبر الماضى ينص على «العمل بالاتفاق اعتبارا من 12 مايو 2011» مما يعكس تضاربا حول تاريخ نفاذ هذه الاتفاقية.

ويعتبر تأخر نشر القوانين فى مواعيد إصدارها أو تأخر نشرها فى الجريدة الرسمية لعدة أشهر أو سنوات؛ من الظواهر التى صاحبت العملية التشريعية بعد ثورة 25 يناير.

ووفقا لدراسة أجراها كاتب التقرير محمد بصل رئيس القسم القضائى بـ«الشروق» بالتعاون مع وحدة أبحاث القانون والمجتمع بالجامعة الأمريكية، فحتى الآن لم تنشر ولم يتم الكشف عن تفاصيل 27 قانونا على مدى السنوات الخمس الماضية؛ وذلك من واقع فحص جميع أعداد الجريدة الرسمية الصادرة خلال السنوات الأخيرة.

والقوانين غير المنشورة هى: 7 مراسيم بقوانين أصدرها المجلس العسكرى هى أرقام 29 و105 و113 و129 و133 و134 و135 لسنة 2011، وقانون أصدره الرئيس الأسبق محمد مرسى برقم 80 لسنة 2012، و19 قرارا بقانون أصدرها الرئيس عبدالفتاح السيسى هى المرقمة من 205 و206 و207 و208 و209 و212 و213 و214 و215 لسنة 2014 و107 و108 و109 و110 و111 و112 و116 و119 و120 و121 لسنة 2015، وذلك كله باعتبار أن آخر قرار بقانون أصدره الرئيس السيسى هو المرقم 122 لسنة 2015 بتعديل بعض مواد قانون التقاعد والتأمين والمعاشات للقوات المسلحة.

وقياسا بحالات سابقة، فإن معظم القرارات بقوانين التى لا يتم نشرها فى مواعيدها، وتنشر لاحقا بعد فترات طويلة، تكون تصديقا على اتفاقيات دولية وقعت عليها مصر بأغراض اقتصادية أو تمويلية، أو ترخيص لوزير البترول بالتعاقد مع شركات أجنبية للتنقيب عن الغاز والبترول فى مصر.

وتأتى هذه الفجوات الزمنية الواسعة بين إصدار القوانين ونشرها، على الرغم من أن المحكمة الدستورية العليا سبق لها أن قضت بعدم ترتيب صفة الإلزام على التشريعات قبل نشرها فى الجريدة الرسمية أو ملحقها «الوقائع المصرية» بالنسبة للقرارات الوزارية والأدنى مرتبة، وذلك حسب حيثيات حكمها فى الدعوى 131 لسنة 32 ق. دستورية الصادر فى 8 نوفمبر 2014.

كما أن الدستور الحالى ينص فى مادته 225 على أن «تنشر القوانين فى الجريدة الرسمية خلال 15 يوما من تاريخ إصدارها، ويعمل بها بعد 30 يوما من اليوم التالى لتاريخ نشرها، إلاّ إذا حددت لذلك ميعادا آخر. ولا تسرى أحكام القوانين إلا على ما يقع من تاريخ العمل بها…» وهو ما يتفق فى إلزامية النشر مع المادة 188 من دستور 1971 التى كانت تنص على أن «تنشر القوانين فى الجريدة الرسمية خلال أسبوعين من يوم إصدارها…».

وتطرح هذه النصوص تساؤلات حول مشروعية التصرفات التى تجريها الدولة وفقا لقوانين أصدرتها أو اتفاقيات عقدتها خلال الفترة بين توقيعها ونشرها فى الجريدة الرسمية.

ويقول المستشار د. محمد عطية، وزير الشئون القانونية والنائب الأول لرئيس مجلس الدولة سابقا، إن «القاعدة الأصلية فى التعامل مع التشريعات هو نشرها عقب إصدارها مباشرة، حتى تصبح معلومة للكافة، خصوصا القوانين التى تخاطب عموم المواطنين، لأن النشر هو الوسيلة الوحيدة ليتوافر علم الجميع بها، فيجب عليهم الالتزام بأحكامها، أو يتاح أمامهم الطعن عليها».

ويرى عطية أنه يجب «مساءلة الموظفين الحكوميين، أو الجهات المسئولة عن تأخر نشر قانون لشهور أو سنوات، لدرجة قد تربك المواطنين أو تعيق نفاذ أحكامه» واصفا هذا التأخر بـ«التقاعس غير المبرر، والمخالفة الواضحة لأحكام الدستور؛ التى لم تميز بين القوانين التى تخاطب العامة أو القوانين الصادرة باعتماد اتفاقيات دولية أو اتفاقيات بترول أو عقود تختص الحكومة بتنفيذها».

ويميز عطية فى هذا الإطار بين نوعين من التشريعات؛ الأول يبطل تفعيله قبل نشره لارتباطه بعموم المواطنين، والثانى قد تنفذه الحكومة مكتفية بإخطارها به دون نشره فى الجريدة الرسمية التزاما باتفاقيات دولية أو عقود وقعت مع شركات أجنبية، مشددا على «وجوب نشر القوانين فى الحالتين خلال المواعيد المحددة دستوريا، إعمالا لمبادئ الشفافية والحق فى المعرفة».

 

الشروق

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى