الأخبار

كيف يبنى «السيسى» على بيان الألتراس؟

145

 

 

 

كيف يبنى «السيسى» على بيان الألتراس؟ بقلم : محمد فتحى

رد الألتراس على مبادرة رئيس الجمهورية ودعوته لهم لمتابعة ومراجعة التحقيقات المتعلقة بمجزرة بورسعيد ببيان حكيم ومحترم ومتزن، لا يهمنى أن المتربصين به سينتقون منه بعض العبارات لمعاودة الهجوم على الألتراس، والتشكيك فى نيتهم، ومواصلة شتيمتهم ونعتهم بالإرهابيين من قبل موتورين ومتطرفين وبذيئى اللسان، لكن كل ما يهمنى ثلاث نقاط يجب أن ينظر لها الرئيس ورجاله بمنتهى الدقة.
الأولى: استجابة الألتراس، وهو ما يعنى أننا أمام شباب يرحبون بالحوار، ويقدرون شخص ومنصب الرئيس.
الثانية: حكمة الألتراس فى عبارتهم البليغة «ننأى بأنفسنا أن نكون الخصم والحكم» ليرفضوا بشياكة انضمام عشرة منهم لمتابعة التحقيقات كما دعاهم الرئيس، وهو الرفض الذى يجب أن يُحترم ويتم تفهمه، كما أنه رفض ينقذ الرئيس من العديد من الانتقادات التى ستطاله لو وافقوا، لنخرج من حالة الدولة إلى حالة (قعدة العرب)، وهو ما أتفهم فيه نوايا الرئيس الطيبة، لكن لا أتفهم على الإطلاق ما يمكن أن يحدث بعدها من قبل نفس الموتورين والمتطرفين والساعين لهدم الدولة من المطبلاتية ودوائر المصالح الرافضة لوجود الألتراس.
أما النقطة الثالثة، والأهم من وجهة نظرى، هى العبارة الأخيرة التى اختتم بها الألتراس بيانهم ليقولوها صراحة: «نحن الآن نمد أيدينا إلى الوطن لعودة الروح إلى المدرجات والاستقرار للبلاد».
بعيداً عن هذه النقاط الثلاث، لا يجب الالتفات لكم غثاء السيل الذى سنسمعه فى بعض الأكشاك الإعلامية التى تستضيف أصحاب اللسان السليط من باعة السميط السياسى وساندويتشات الفتنة فى رغيف أو مداخلة، بل يجب أن نبنى، ولكى نبنى يسبق ذلك فهم لا بد من توافره.
– فهم لطبيعة الألتراس، فهم ليسوا كياناً واحداً، ومن رد هو ألتراس الأهلى، وهناك مشكلة أخرى مع ألتراس وايت نايتس فى الزمالك نابعة من أحداث الدفاع الجوى التى كان يجب أن يقدم للمحاكمة والمساءلة فيها رئيس نادى الزمالك -بصفته- عن تصريحاته التى سبقت الأمر، وعن استئثاره بالتذاكر والدعوات، وبعد الأحداث من هجوم وصل فى بعض الأحيان للتهديد بالقتل على الهواء مباشرة، وهو ما لا يحدث فى الدول المحترمة.
– فهم لطبيعة جماهير الكرة التى لا تريد أكثر من التشجيع، والتى يُزَج بها أحياناً فى صراعات سياسية ليس هذا مجالها، أو تصفية حسابات يجب أن تنتهى، فالألتراس جزء من جماهير الكرة لكن ما يحدث دوماً هو محاولة إقصائهم لتصويرهم كإرهابيين من جهة، ومحاولة اختصار الجماهير فيهم فقط من جهة أخرى.
– فهم لطبيعة سير القضايا وتطبيق العدل فى مصر، فهناك مسئولون، لا يغفل أى طفل صغير وجوب تقديمهم للمساءلة على أقل تقدير، عن أحداث كانوا يتولون موقع المسئولية فيها، وحين لا أجدهم يُساءلون أبداً، يتناقص رصيد المصداقية التى يجب أن تتحقق فى مثل هذه الأحداث.
– التحاور فى نقاط (الدم) من منطلق (أولياء الدم)، وفى مجال الأزمة، من منطقة الاعتراف الكامل بالعجز فى إدارة الأزمة ومحاولة البناء على المبادرة، وتوصيل نقطة مهمة للألتراس ترتكز على أهمية إقامة الدولة لا هدمها، وأعتقد أنهم، رغم كل من ينتقدهم، لم يسعوا لهدم هذه الدولة.
من هنا يمكن أن نبنى العديد من الخطوات التى أتمنى الإسراع فيها بعيداً عن بيروقراطية الدولة، فحين يتحدث الرئيس ويعد، يجب أن تتحطم بيروقراطية الدولة، وللأسف لا نرى ذلك كثيراً، ولذلك أتمنى:
1) قرار رسمى فورى بعودة الجماهير تدريجياً للملاعب.
2) عدم الدفع بالداخلية للمواجهة، فدور الداخلية هو حفظ الأمن العام وتأمين الاستادات من الخارج، أما تنظيم المباريات نفسها فيجب أن يسند لشركة محترفة يشارك الألتراس – لو وافقوا – فى إدارتها والمساعدة فيها.
3) الانتهاء الفورى من تأمين الاستادات بكاميرات مراقبة وبوابات دخول آدمية والاستفادة من تجارب العالم فى ترقيم التذاكر وتخصيصها.
4) التوسط فى تصالح بين الألتراس وأعدائهم يوضع بعده مدونة سلوك مهنى للإعلام الرياضى ورؤساء الأندية من ناحية، ومدونة سلوك أخلاقى للألتراس يصيغونها بأنفسهم.
5) إنهاء حالة الجدل والاشتباك والعداوة التاريخية بين الأهلى والمصرى بمبادرة يتم بحث خطواتها وتنفيذها برعاية مباشرة من رئيس الدولة.
6) تطبيق القانون على الجميع وإقامة العدالة الناجزة.
سيادة الرئيس.. كمل، ولتكن هذه المبادرة بداية لمبادرات أخرى تجمع ولا تفرّق، تبنى ولا تهدم، تحتوى ولا تشتبك، ولا عزاء للمتطرفين وبذيئى اللسان.
الموجز

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى