الأخبار

حكايات «رجل الصناديق» المتهم بقتل «فاروق»

25

«هل قتل إبراهيم بغدادي الملك فاروق عام 1965 بأن كلف إحدى عشيقات فاروق بوضع سُم الأكونتين له في كأس الشمبانيا مقابل مليون دولار؟

ولماذا عمل إبراهيم بغدادي جرسونًا لمدة 3 سنوات في المطعم الذي كان يتردد عليه الملك فاروق؟

وما هي تفاصيل الليلة الأخيرة في حياة الملك فاروق كما رآها بغدادي المعروف برجل الصناديق؟

وهل كانت مكافأة (بغدادي) على قتل الملك فاروق تعيينه محافظًا للمنوفية بعدها بشهور؟ ومن هن عشيقات الملك فاروق وما الذي عرفه (بغدادي) منهن عن العجز الجنسي للملك؟».

هذه الأسئلة المذكورة كانت محور اهتمام الكاتب الراحل محمود فوزي في كتابه: «كيف قتلت الملك فاروق!»، حيث طرحها على إبراهيم بغدادي، أحد «أخطر» الضباط الأحرار في ثورة يوليو 1952.

وتوفي «بغدادي» عام 2009، بعد رحلة معاناة مع المرض عن عمر ناهز 84 عامًا، وهو حاصل على بكالوريوس العلوم العسكرية من الكلية الحربية وليسانس آداب قسم صحافة‏، وعمل ملازمًا بسلاح المشاة بعد تخرجه ومراسلًا لـ«أخبار اليوم» في الفالوجا‏، ثم في المخابرات الحربية بالإسكندرية‏، ومحافظا للمنوفية‏، ثم كفر الشيخ‏، والمنيا وأخيرًا القاهرة‏.‏

ويقول «فوزي» إن هدفه من الكتاب «لم يكن الإساءة أو التشهير بشخص بعينه»، مؤكدًا أنه يريد «كتابة التاريخ بصدق ودون تزييف» لأنه وفقًا لرأيه «تاريخ الشعوب المتحضرة ليس بلازم أن يكون كارت بوستال جميل وأنيق مصقول أو تورتة تحلى بأجمل الفواكه والزهور».

ويعيد «المصري لايت» تقديم كتاب محمود فوزي، الصادر عن دار نشر «هاتييه» بمناسبة ذكرى ميلاد الملك فاروق في 11 فبراير 1920.

4a7e24e1-19bf-4268-886f-a46cf9fc5f4dفي الحلقة الماضية، احتفى «بغدادي» بالملك فاروق إلا أنه سيتحدث في السطور  التالية عن تغير سلوكه وانحراف سياساته بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، موضحًا: «يوم 21 فبراير 1946 حدث ما يشبه المذبحة في ميدان الإسماعيلية (ميدان التحرير الآن)، وكنت في ذلك الوقت ضابطًا في الكتيبة الأولى مشاة وكان مقرها منشية البكري بالقاهرة واستدعينا للطوارئ وذهبنا إلى ميدان الإسماعيلية فكانت القيادة البريطانية لمدينة القاهرة موجودة في نفس المكان الذي يشغله الأمن في الجامعة العربية وفندق الهيلتون».

ويواصل «بغدادي» سرد المشهد: «كانت هناك كنيسة على ما أذكر اسمها (كل القديسين)، هذه المنطقة من أول كوبري قصر النيل وحتى المتحف المصري كان اسمها (قشلاقات قصر النيل)، وكانت كلها قوات بريطانية وحدثت مظاهرات الطلبة وقتل بعض الطلبة وجُرح البعض الآخر وتم استدعاء قوات الجيش، وكان موقعنا يقابل مطعم إيزافيتش، الذي كان في ميدان التحرير».

5948291d-62ce-4919-883d-a7b372065827

كانت «مصر مشتعلة» كما يتذكر «بغدادي» ذلك اليوم، لافتًا إلى أن خروج الطلاب في مظاهرات يأتي بعد فشل مفاوضات وزارة أحمد ماهر باشا والإنجليز، حيث فشل أبناء القاهرة في طرد بريطانيا من قلب أرضهم.

«الملك قال للثوار على ظهر المحروسة: (أنتم اتغديتم بي قبل أن أتعشى بكم)».. يردد «بغدادي» العبارة السابقة ويضيف عليها أن «الملك ابتداءً من عام 1951 بدأ يشعر بأن الجيش لم يضبح جيش صاحب الجلالة بل بدأ يتحول إلى أن يكون جيش مصر، وأنا على ما أذكر تقريبًا في عام 1945 تقريبًا كان الشعار الذي ننادي به في الكلية الحربية كل يوم هو (الله.. الوطن.. الملك)، وعلى ما أذكر إن لم أكن مخطئًا كان إبراهيم باشا عطا، رئيس أركان حرب الجيش، وأمر بتغيير هذا الشعار ليصبح (الله.. الملك.. الوطن)».

ويعبر «بغدادي» عن رفضه لتغيير الشعار لأن «الفرد زائل والوطن باق، كما لا يمكن أن أقسم بالزائل قبل الدائم، لا أقسم بالملك قبل الوطن، أنا أقسم بالله ثم الوطن، ولكن لا أضع الملك أيا كان شخصه قبل الوطن، وقد أثار هذا التغيير الاستياء بين كل ضباط الجيش، ولكن مسألة تغيير الشعار كانت بالدرجة الأولى أوامر ملكية، وقد كان الاستياء مبنيًا على أننا لو فرضنا الملك قبل الوطن فإذا الوطن ذهب إلى الفناء أو الدمار، فلا شئ يهم ما دام الملك باق وهذا بالطبع كان وضعًا مغلوطًا».

ويضيف: «لكن هل تتصور أن تكون منتميًا إلى تنظيم عسكري وتصدر لك أوامر عسكرية أن تغير هذا الشعار ثم نقول لا.. لا أقسم بهذا اليمين وتعترض عليه!! طبعًا هذا شئ مستبعد ومستحيل، فقد كان الجيش مضطرًا أن يتقبل هذا التغيير الذي تم تعديله فيما بعد».

وينتقل «بغدادي» إلى قصة يحكيها على مسؤوليته الشخصية بشأن قيام «فاروق» بنقل أمواله إلى إيطاليا وسويسرا بسبب «عربجي»، مؤكدًا: «ثبت هذا وأنا أتحدث بكل علم ودراية بتحويل أمواله للخارج».

ويوضح: «كان الملك في قصر رأس التين عام 1946 تقريبًا، ونزل من القصر وركن سيارته خارج السرايا وسار على الكورنيش من رأس التين على الحجاري إلى السيالة إلى الأنفوشي فوجد عربة حنطور وكان يرتدي قميصًا وبنطلونًا».

ووفقًا لرواية «بغدادي» فلم تكن شخصية الملك معروفة للرجل العربجي، بل وطلب منه أن يسير به على الكورنيش حتى محطة الرمل، وقال «فاروق» للعربجي: «قل لي ما رأيك في الملك فؤاد؟»، فرد عليه العربجي: «الله (…..) مطرح ما راح.. ده كان راجل (…..)».

وصدمت «فاروق» كلمات العربجي، لكن الملك سيطر على أعصابه ثم قال له: «وما رأيك في ابن الملك فؤاد»، فرد صاحب الحنطور: «وهيطلع إيه.. ما هو زي أبوه ابن (…) برضه.. هيطلع إيه.. ما هيطلع (….) زي أبوه»، وفقًا لحديث «بغدادي»، الذي نقل الحكاية عن شخص لم يذكر اسمه لكن «فوزي» الذي كان يحاوره قال إنها جاءت على لسان سكرتير الملك، أمين فهيم، خلال جلسة عقدها الكاتب الصحفي عادل حمودة في فندق مينا هاوس بتاريخ 4 أغسطس 1991.

وبعد شتيمة العربجي، فكر «فاروق» في النزول من عربة الحنطور لضرب قائدها، قائلًا: «أنزل أخنقه.. أدوس عليه برجلي.. أو أجعله يمشي معي لغاية رأس التين وأسلمه للحرس يخلصوا عليه، إنما فكرت في الكلمتين دول وبعدين قلت: (أنا ماليش عيش في مصر.. إذا كان ده رأي الشعب فيا.. ده عربجي ما يعرفش إني راكب معاه.. فأنا ليس لي عيش في مصر)»، ثم يختتم  «بغدادي»: «بدأ الملك بعد هذه القصة يحول أمواله للخارج، وهذا أقوله على مسؤوليتي».

المصري اليوم

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى