الأخبار

هل يمكننا التعدين في الفضاء قريبا؟

143

بينما تدور أرضنا ببطء حول الشمس، يمر قربها حوالي 13.000 كويكب.

هذه الكويكبات المعروفة باسم “الأجسام القريبة من الأرض” هي أكثر من مجرد أجرام سماوية مثيرة للفضول، إنها كنوز. إذ أن الموارد الكامنة فيها تعني أن لديها القدرة على توفير ثروات لا توصف، هي حقول نفط الفضاء في المستقبل.

والسؤال هو، هل تستحق هذه الثروات العناء؟ قد يتساءل البعض عن مدى واقعية تنظيم خطة تعدين في الفضاء تبدو مثيرة كهذه. بيد أن المختصين في صناعة التعدين على الكويكبات الوليدة يقولون إن هناك عددا من المفاهيم الخاطئة فيما يتعلق بجهودهم.

ويشرح كريس لويكي، رئيس شركة تعدين الكويكبات “بلانتري ريسورسز”، وكبير المهندسين فيها بالقول: “من الطبيعي أن يساورك الشك عندما لا تعرف الكثير عن الموضوع. معظم الناس يقرأ العنوان ويقدم افتراضات”.

ويضيف: “إننا فقط نكرر ما تم فعله على مر التاريخ، إنما في بيئة جديدة وحسب”.

لطالما سمحت لنا الموارد الطبيعية بالتوسع في آفاق جديدة. فعندما استقر الأوروبيون لأول مرة في أمريكا الشمالية، عاشوا على الموارد التي وجدوها على الأرض، ومن خلال ذلك أوجدوا واحدا من أكبر الاقتصادات في العالم.

لقد ساعد النفط خلال القرن العشرين على تشكيل وإعادة تحديد العالم؛ وكانت تغييرات هائلة كهذه قد بدأها عدد قليل نسبيا.

“المنقبون دائما يذهبون أولا، وذلك ما حدث عبر التاريخ،” كما يقول تشاد أندرسون، المدير التنفيذي لشركة “سبيس إينجل”، وهي شبكة عالمية للمستثمرين الأوائل تتيح دخول صناعة الفضاء الخاصة الناشئة.

ويعتقد أولئك المختصون في النظر إلى التعدين على الكويكبات أن له القدرة على تشكيل وتحديد القرن الحادي والعشرين.

ويقول ستيف أيزنهارت، النائب الأول لرئيس “سبيس فاونديشن” وهي مؤسسة عالمية غير ربحية تعمل على تعزيز الجهود المتعلقة بشؤون الفضاء: “قد تكون النتائج جذرية بالنسبة للفوائد التي سيجنيها مجال استكشاف الفضاء وبالنسبة لنا جميعا على الأرض”.

التعدين في الفضاء

Image copyrightScience Photo Library

الأمر الأول الذي يتعين فهمه عن التعدين الفضائي هو أنه لا يتعلق بتعدين الكويكبات، أو حتى القمر ومن ثم إعادة تلك الموارد إلى الأرض. فقيمتها أقل على الأرض حسب قول أندرسون. بل أن الأمر يتعلق بالحفاظ على الموارد في الفضاء واستخدامها لمواصلة استكشافنا للنظام الشمسي وغيره.

ولعل أهم مورد بالنسبة لعمال مناجم الفضاء المستقبليين هو الماء. والسبب هو أن السفر إلى الفضاء وفق المعايير الحالية يعادل القيام برحلة في الطرقات عبر أمريكا، شرط أن تحمل كل ما تحتاجه من وقود معك- بل وأسوأ من ذلك بكثير.

فتجاوز أول 300 كيلومتر من الأرض يتطلب طاقة أكبر من تجاوز الثلاثمائة مليون كيلومتر المقبلة. وحسب لويكي: “حالما تصل إلى مدار الأرض، فأنت في منتصف الطريق إلى أي مكان في النظام الشمسي”.

ولكن إذا تم تزويد الصاروخ الفضائي بالوقود من الفضاء أساسا، فيمكن تجاوز تلك المشكلة. عندما ينقسم الماء إلى مكوناته وهي الهيدروجين والأوكسجين يكون لديك اثنان من العناصر الأكثر استخداما في وقود الصواريخ.

الأمر الأكثر إثارة بالنسبة إلى المتطلعين لتعدين الفضاء هو أن الماء موجود في جميع أنحاء نظامنا الشمسي. فهو موجود على القمر والمريخ والكويكبات، وهذه هي فقط الأماكن التي نعلم بوجود الماء عليها.

تعتبر الكويكبات ذات أهمية خاصة بالنسبة لشركة “بلانتري ريسورسز”، ويقول لويكي: “نعلم أن الماء موجود على الكويكبات لأنه تم اكتشاف وجوده على النيازك التي سقطت على سطح الأرض. وهي أيضا لا تحتاج إلى الكثير من الوقود للهبوط عليها. بل أن الرحلة إليها أسهل من رحلة إلى سطح القمر”. وهذه الكويكبات القريبة من الأرض قد تعمل “كمحطات وقود” خارج العالم.

وبما أن البشر يغامرون خارج مدار الأرض، سيكون الماء ضروريا لدعم الحياة ولنمو الغذاء. وحتى يمكن استخدامه لحماية رواد الفضاء من الإشعاع. ولكن شحنه إلى الفضاء يكلف 50 مليون دولار (32.8 مليون جنيه إسترليني) للطن الواحد.

Image copyrightScience Photo Library

الكويكبات أيضا تمنحنا القدرة على صناعة أدوات في الفضاء. وحول هذا يقول لويكي: “الحديد وفير كما هو النيكل والكوبالت. وباستخدام تكنولوجيا مثل الطباعة ثلاثية الأبعاد، بإمكانك انتزاع مواد من الكويكبات وطباعة شيء بشكل ثلاثي الأبعاد، لا يتعين نهائيا أن يكون على متن الصاروخ”.

فمن الممكن صناعة الأدوات والآلات، وحتى مواطن طبيعية خارج الأرض، مما سيقلل تكاليف الاستكشاف إلى حد أبعد.

والتعدين خارج العالم لن يكون تماما كنزهة في الحديقة. ويقول أيزنهارت: “من المؤكد أنه سيكون هناك تحديات يتعين التغلب عليها، ولكن ذلك هو تاريخ الفضاء”.

تقول شركة بلانتري ريسورسز إنها تجني فعليا أموالا من التكنولوجيا التي طورتها، حتى قبل البدء في استخراج أي شيء خارج الأرض.

يقول لويكي: “من الهم أن نعرف أن التعدين أمر سيحدث- إنه يحدث فعلا”. لدى الشركة قمر واحد في الفضاء حاليا، والقمر التالي الذي سيطلق ستكون له القدرة على البحث عن الماء على الكويكبات القريبة من الأرض، باستخدام أجهزة استشعار للتصوير بالأشعة تحت الحمراء. وفي غضون ذلك، تتطلع شركات أخرى إلى استخراج الماء وموارد أخرى على القمر.

Image copyrightScience Photo Library

يمكن استخراج أول كمية من المياه من أحد الكويكبات خلال السنوات الخمس الأولى من عام 2020. وذلك سيشكل بداية لحقبة جديدة، تكون البشرية قد انتقلت فيها من كوكبنا وأصبح لها وجود في الفضاء إلى الأبد.

ويقول أيزنهارت: “أحب هذه الفكرة الجريئة، ولكن ذلك هو ما يلهم الخيال والابتكار”.

وبالطبع، فإن استخراج المعادن من الكويكبات يثير بعض المسائل القانونية. ففي الولايات المتحدة، يعترف القانون أنه بينما لا يحق لك امتلاك القمر أو الكويكبات، فإنه يحق لك امتلاك المواد التي تحصل عليها منهم- بنفس الطريقة، فليس بإمكانك امتلاك المحيط، ولكن يمكنك امتلاك الأسماك التي تحصل عليها منه.

وهذا يعني أن الشركات الخاصة يمكنها الذهاب إلى الفضاء وأخذ المواد التي تحتاجها منه، وسيكون ذلك قانونيا تماما. وينظر إلى الخطوة الأخيرة التي اتخذها الرئيس أوباما على أنها خطوة كبيرة إلى الأمام من حيث إيجاد إطار قانوني مستقر يبنى عليه.

فإلى أين يمكن أن يقودنا الفضاء بالضبط أمر يستحيل التنبؤ به حاليا. بيد أن مؤيدي تلك الخطوة يعتقدون بوضوح أن جهودهم الأولية هي استثمار لمستقبل جنسنا على المدى البعيد. وقد لا نعيش لنرى الفوائد، ولكن ذريتنا المنتشرة في جميع أرجاء النظام الشمسي قد تستفيد منها إلى حد بعيد.

BBC

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى