الأخبار

«ازدراء الأديان» ذراع المحتسبين الذي يطارد المفكرين والصحفيين والمواطنيين العاديين والأطفال

49

من قضايا حرية الرأي والتعبير إلى حبس المبدعين والصحفيين.. تبقى تهمة إزدراء الأديان عنوانا عاما لهذه الهجمة خاصة، وأنها تحولت لاتهام يطارد الجميع مثقفين وكتاب وإعلاميين، ووصولا للأطفال.. فبينما تتعالى المطالبات بإلغاء المادة «98 و» من قانون العقوبات، التي فتحت الباب واسعا لاستهداف عدد كبير من المواطنين خاصة المنتمين لأقليات دينية فاجأت محكمة جنح أحداث بني مزار صباح اليوم الجميع بإصدار حكم بالحبس 5 سنوات على أطفال وإيداع الرابع بالمؤسسة العقابية، وهي العقوبة الأقصى للجريمة .. الحكم الأخير جاء امتداد لسلسة طويلة من الأحكام منها الحكم على المدرس المتهم بنفس القضية بالحبس 3 سنوات بخلاف الاحكام الصادرة بحق الباحث إسلام البحيري والكاتبة فاطمة ناعوت .. وهكذا تحولت تهمة إزدراء الأديان لسيف مسلط على رقبة كل من يختلف فكريا أو عقائديا مع الرؤية السائدة للدين على الرغم من كفالة الدستور لحرية الاعتقاد

وكانت محكمة  جنح أحداث بنى مزار بالمنيا قد قررت صباح اليوم الخميس حبس 3 أطفال 5 سنوات، وإيداع الطفل الرابع لدى مؤسسة عقابية بتهمة ازدراء الأديان، واتهامهم بالسخرية من شعائر صلاة المسلمين وتصوير مقطع فيديو بفرض إثارة الفتن وتكدير السلم العام كما قررت محكمة جنح بنى مزار، حبس مدرسهم القبطى 3 سنوات والمشترك مع الأطفال في نفس التهمة.

ويقول تقرير «حصار التفكير»، الصادر عن المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، إن المشرع المصرى اعتبر نقد الأديان جريمة، واصفاً إياها تارة بالازدراء، وأخرى بالتحقير، سواء بقصد الإخلال بالسلم العام، أو بقصد الإهانة.

وأوضح التقرير أن استخدام  تهمة الازدراء في الكثير من الأحيان يتم بغية تحقيق أغراض سياسية أو انتخابية، وتحصيل مصالح اقتصادية واجتماعية. ورغم اتساع نطاق اتهامات الازدراء هذه، إلا أن حظوظ الضحايا تتفاوت من التهديد والترهيب، فيزيد في مواجهة الأقليات الدينية والمذهبية وبدرجة أقل في مواجهة المفكرين والمبدعين، ثم يتراجع بشكل ملفت في مواجهة من تحميهم جماعاتهم الدينية والعشائرية ،مشيرين إلى إنه تغيب عن أجهزة الدولة صفة الحيادية عند التعامل في الجرائم التي تخص إزدراء الأديان، ورغم عدم تفرقة قانون العقوبات بين ”الأديان السماوية“، إلا أن واقع الحال يشير إلى رسوخ ممارسات التمييز بين الأديان. فنجد الإجراءات القانونية تتخذ بسرعة فائقة في حال كان الازدراء موجهًا ضد الإسلام، بينما تتباطأ إجراءات السير في البلاغات في حال وُجِّه الازدراء ضد المسيحية.

وقضت محكمة جنح أسيوط في 3 أبريل 2012 ً حضوريّا بمعاقبة الطالب بالثانوى جمال عبده جاد السيد بالحبس ثلاث سنوات مع الشغل و النفاذ بعد اتهامه  بالتعدى على الدين الإسلامي ونشرعمدًا  صورة كاريكاتورية (مجسمة) تسيء إلى الرسول على صفحته على فيسبوك والتحريض على التمييز بين طائفة من طوائف الناس (المسلمين والمسيحيين) .

وفي مطلع أكتوبر 2012 بقرية عزبة ماركو التابعة لمركز الفشن ببني سويف، تم احتجاز طفلين مسيحيين 9 سنوات و 10 سنوات ثلاثة أيام بعد أن واجها اتهاماً بازدراء الأديان على خلفية إدعاء أحد الأهالي أنهما قاما بتمزيق القرآن. وبعد عقد جلسات صلح أمضى الطفلان فترة خارج القرية ثم عادا إليها ، ويحرص ذووهم على عدم تحركهما بمفردهما.

كما أيدت محكمة جنح مستأنف إدكو،الحكم السابق بحق “مصطفي مصطفي محمد عبد النبي”، والذي قضى بحبسه 3 سنوات، لاتهامه بإزدراء الأديان وترديده عبارات من شأنها تحقير الذات الإلهية. وقالت أوراق القضية رقم 7 لسنة 2015، إن المتهم قام بذلك عن طريق نشر مواد تدعو لذلك عبر حسابه الشخصي بموقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك” وإعلان إلحاده على شبكة الإنترنت  .

وكانت 13 منظمة حقوقية، و4 أحزاب سياسية، و 84 شخصية بينهم صحفيين ومخرجين وحقوقيين ومحامين، قد أعلنوا استنكارهم الشديد خلال بيان لهم حمل اسم “مع حرية الرأي والتعبير ضد القهر وضد السجن”، لما لاحظوه من تزايد المحاكمات المرتبطة بتهمة ازدراء الأديان بدرجة كبيرة في الفترة الأخيرة ،وطالب الموقعون بإلغاء المادة 98و من قانون العقوبات المعروفة بمادة إزدراء الأديان .

ومن المواطنين العاديين إلى المفكرين والمبدعيين والصحفيين.. يقضي الإعلامى اسلام البحيري حكمه بالحبس لمدة عام وتغريمة مبلغ ألف جنيه وذلك بعد قبول الاستئناف وتخفيف الحكم من 5 سنوات ـوذلك على خلفية اتهامة بازدراء الأديان من خلال برنامجه “مع إسلام البحيري”.   كما عاقبت محكمة جنح الخليفة الكاتبة قطمة  ناعوت بالحبس لمدة ثلاثة سنوات وغرامة مالية قدرها 20 ألف جنيه ، لاتهامها بازدراء الدين الإسلامى للسخرية من شريعة إسلامية وهي “الأضحية”، من خلال تدوينة لها على موقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك”.

وللبحث عن توصيف دقيق لتهمة ازدراء الأديان قالت الدكتورة آمنة نصير أستاذ الفلسفة الإسلامية وعضو مجلس النواب إنه لم نجد تحديدًا دقيقا لتهمة ازدراء الأديان، ويصعب تحديده وتطبيقه، لكنه مصطلح من المتربصين فلابد أن نخرج من الإطار وعلينا أن نقدم فكرًا رشيدا، ولا أرغب أن يكون مصطلح ازدراء الأديان موجودًا وأطالب كل صاحب فكر وقلم أن يتكلم بأصول علمية منعًا للغرق ، مشيرة إلى أنه  سيتم طرح مطلب إزالة مصطلح ازدراء الأديان بمجلس النواب .

وأدانت 26 منظمة وحزبا الهجمة الشرسة على الحريات العامة وتصاعد قضايا إزدراء الأديان والتي وصلت لحد اتهام 4 أطفال بالمنيا بإزدراء الأديان بسبب مشاركتهم في عرض مسرحي قائلين أن الهجمة اتخذت خلال الفترة الأخيرة أشكالا متعددة منها تهم ازدراء الأديان وفقا للمادة  98 فقرة “و”  من قانون العقوبات، والتي تتقاطع بشكل واضح مع التمييز الديني والتحيز الطائفي وصولا إلى اتهامات خدش الحياء العام والهجمة على حرية الفكر والتعبير بصوره المختلفة.

وطالبت المنظمات بـ 9 مطالب رئيسية يأتي على رأسها إلغاء المادة «98 و»من قانون العقوبات المعروفة بمادة إزدراء الأديان واسقاط التهم عن أطفال المنيا الأربعة وإصدار القوانين المكملة للدستور في مجال الصحافة وحرية الاعلام والإبداع وعلى راسها إلغاء العقوبات السالبة للحريات في مجال النشر ووقف حبس المبدعين.

البدايه

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى