الأخبار

أردغان عدو «حرية الإعلام»

25

في خطوة جديدة لقمع حرية الإعلام، فرضت السلطات التركية، اليوم السبت، الرقابة على صحيفة “توداي زمان” المعارضة التابعة لعبدالله جولن أشد أعداء الرئيس رجب طيب أردوغان.

واستخدمت الشرطة الغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه، لتفريق مئات من الأشخاص تجمعوا أمام الصحيفة في إسطنبول، واقتحمت مبنى الصحيفة، وأقفلت الطرقات المؤدية إلى الصحيفة بحواجز أمنية، كما اقتحمت قوات الأمن المبنى بعد أمر من محكمة تركية بفرض حراسة قضائية.

الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، أعربا عن قلقهما العميق حيال حرية الصحافة في تركيا، حيث قال المفوض الأوروبي لشؤون التوسيع يوهانس هان، إنه يشعر “بقلق بالغ إزاء التطورات الأخيرة في محيط صحيفة زمان، الأمر الذي يهدد التقدم الذي أحرزته تركيا في مجالات أخرى”.

وأضاف “سنتابع عن كثب ما يحدث، وعلى تركيا، المرشحة للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، أن تحترم حرية الصحافة الحقوق الأساسية غير قابلة للتفاوض”.

ونقلت وكالة أنباء “جيهان” عن رئيس تحرير صحيفة “زمان” عبدالحميد بيليسي، قوله قبل دقائق من اقتحام الشرطة للمكان إن “حرية الصحافة لن تسمح بإسكاتها، وستبقى حتى إذا اضطررنا للكتابة على الجدران، ولا يمكن إسكات وسائل الإعلام في العصر الرقمي”.

التجربة الديمقراطية تنتهي في تركيا

تركيا التي أشادت معظم دول العالم بديمقراطيتها كأول دولة إسلامية تحقق تقدما في الحريات السياسية والمدنية، بالإضافة لاعتبارها نموذج يحتذى به في النمو الاقتصادي، منذ تولي حزب “العدالة والتنمية” الحاكم سدة الحكم منذ ما يقرب من 15 عاما، إلا أنها بدأت بالتحول للنظام الديكتاتوري منذ ترك أردوغان لرئاسة الوزراء وتوليه كرسي الرئاسة، وتصاعدت الأعمال القمعية.

هذه ليست المرة الأولى التي يتم فيها إغلاق أو فرض حراسة على الصحف التركية، بل وصل الأمر لاعتقال عددا من الصحفيين أيضا، أو منعم من الكتابة، وهو ما دفع بعض المنظمات الحقوقية بوصف ما يحدث بأنها الفترة الأكثر قمعا منذ تولي الحزب الحكم.

أسباب القمع

وسائل الإعلام التركية، أرجعت أسباب القمع لعام 2013، بعد أحداث “جيزي بارك” في مايو وعقب الكشف عن أكبر فضيحة فساد في تركيا في 17 ديسمبر، إذ إن عقب هذه الفضيحة الكبرى تم إعداد قائمة لتصفية كل من نشر أخبارا عن هذه القضية، خاصة الأخبار التي تمس الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، حينما كان رئيسا للوزراء.

ذلك بالإضافة إلى معاقبة كل من قام بنشر أخبار عن قضية شاحنات جهاز الاستخبارات الوطني المحملة بالأسلحة، وموضوع الرهائن الأتراك المحتجزين لدى تنظيم “داعش” إثر اقتحام القنصلية التركية في الموصل، وإصدار تعليمات للصحف والقنوات ومواقع الإنترنت بعدم جعل الرئيس التركي السابق، عبد الله جول، في صدارة أخبارهم.

 2014 عام القمع

ازدادت حالات القمع خلال عام 2014، حيث أعلنت جمعية الصحفيين، أن 2014 كان عاما أسودا على الصحافة التركية، وذلك بعد قرارات الحظر وعمليات المراقبة والتعقب والفصل من العمل ومداهمة المؤسسات الصحفية وغيرها من السياسات القمعية ضد الصحافة.

من جانبه قال رئيس نقابة الصحفيين الأتراك، أوغور جوتش، إن مئات القضايا رفعت ضد صحفيين، كما وصل عدد الصحفيين المفصولين من عملهم إلى 981 صحفيا، هذا بالإضافة إلى استقالة عدد كبير من كبار الصحفيين ورؤساء التحرير وصل إلى 56 شخصا تقريبا وعلى رأسهم “أنيس بربر أوغلو” رئيس تحرير صحيفة “حرييت” والكاتب الصحفي، يلماز أوزديل، واستقالة الكاتب الصحفي والمراسل المشهور، فاتح ياغمور، الصحفي بصحيفة راديكال المعارضة.

وبالإضافة إلى منع صحفيي الصحف المعارضة من تغطية اللقاءات والاحتفالات الرسمية من بينها ” صحف زمان، وبوجون، وحرييت، وسوزجو، ويني تشاغ، ومحطة سماني يولو، ووكالة جيهان”، تعرضت مطبعة صحيفة “جمهورييت” وصحيفة”حرييت” التركية المعارضتين لمداهمة أمنية من قبل قوات الأمن التركية.

وكانت أشهر عمليات اعتقال الصحفيين في 14 ديسمبر، وتم خلالها اعتقال رئيس تحرير صحيفة “زمان” المعارضة، أكرم دومانلي، ورئيس مجموعة قنوات سمان يولو، هدايت قاراجا، وأطلق على هذا اليوم “الأحد الأسود”.

ومن بين حالات التضييق على الصحفيين، تم مداهمة منزل الصحفية، صدف كاباش، خلال شهر ديسمبر واحتجازها لمدة قصيرة والتحفظ على هاتفها وجهاز الكمبيوتر الخاص بها، بسبب تغريدة لها على موقع التواصل الاجتماعي تويتر.

استمرار مسلسل الاعتقالات

لم يتوقف مسلسل مداهمة الصحف واعتقال الصحفيين والتضييق عليهم عند هذا الحد، بل استمر خلال عام 2015 أيضا، ففي الأشهر الثلاثة الأولى من هذا العام وحده، أمرت تركيا بحظر أكثر من 6000 موقع على شبكة الإنترنت، فيما فقد العشرات من الصحفيين وظائفهم في أعقاب شكاوى تقدمت بها الحكومة لأصحاب وسائل الإعلام تتعلق بتغطيات هؤلاء الصحفيين، بحسب شبكة أخبار بلومبرج الأمريكية.

وفي شهر نوفمبرقررت محكمة تركية، اعتقال رئيس تحرير صحيفة جمهوريت جان دوندار، المعروف محليا ودوليا، إلى جانب زميله ممثل الصحيفة فى أنقرة أردم جول، بعد أن نشر تسجيلا مصورا يكشف عن شحنات أسلحة كانت تحملها شاحنات تابعة للمخابرات الوطنية، وتتجه نحو سوريا، لتسليمها إلى مجموعات إرهابية، وعلى وجه التحديد تنظيم داعش، بحسب الخبر الذى نشرته صحيفة جمهوريت بتوقيع دوندار.

ووجهت المحكمة التركية تهم الكشف عن الوثائق السرية للدولة، وقررت الدائرة السابعة لمحكمة الصلح والجزاء فى إسطنبول اعتقال الصحفى جان دوندار مع زميله جول.

2016 توقف قنوات واعتقال اكاديميين

يبدو أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، قد فتح جبهة جديدة في المواجهة مع المعارضة الرافضة للإجراءات الأمنية التي تسببت في تقييد حرية الحركة للمواطنين في عدد من المناطق خاصة في جنوب شرق البلاد.

فلم تمض ساعات قليلة من إعلان حملة “أكاديميون من أجل السلام” رفضهم تلك الإجراءات منتقدة سياسة الرئيس التركي، حتى قامت قوات الأمن التركية باعتقال 12 من هؤلاء الأكاديميين في يناير من هذا العام.

ووجه المدعي العام التركي في مدينة “كوجالي”، اتهامات بدعم حزب “العمال الكردستاني” وإهانة الدولة والبرلمان، والحكومة والمؤسسات القضائية.

كما أصدرت محكمة إسطنبول في نفس الشهر قرارًا بسجن فوزي باشاران، نائب سابق عن حزب العدالة والتنمية الحاكم لمدينة “إيلازيغ”، لمدة عامين و10 أشهر بتهمة تهديد رئيس الجمهورية رجب طيب أردوغان وإهانته، بالإضافة إلى أنه قضت محطمة أخرى بسجن معلمة لمدة عام تقريبا بسبب توجيه إشارة غير مهذبة للرئيس رجب طيب أردوغان في تجمع سياسي عام 2014.

وجدد أردوغان انتقاداته للأكاديميين، حيث وصفهم خلال تصريحات صحفية بـ” قتلة وظلمة وحقراء”، وقال”أنتقد من جديد الأكاديميين الذين نشروا البيان الأسود.فهم ليسوا أكاديميين بل قتلة وظلمة وحقراء “بحسب قوله.

وفي شهر فبراير الماضي، توقف بث محطة ” “آي إم سي تي في” المعارضة، عقب صدور أمر على ما يبدو من أحد المدعين، ومن جانب آخر أعد المدعي العام الجمهوري مذكرة قانونية بحق زعيم حزب الشعب الجمهوري كمال كليجدار أوغلو، لإهانته رئيس الجمهورية رجب طيب أردوغان.

وأصدرت محكمة في 12 من الشهر الماضي بسجن الصحفية التركية “هلال خلفات” بعد أن كتبت رسائل على صفحتها في (تويتر) اعتبرتها المحكمة إهانة للرئيس التركي رجب طيب أردوغان”.

وجاء فرض الحراسة على صحيفة “تودايز زمان” اليوم كآخر موجة للهجوم على الصحافة والحريات في تركيا والتي لا يبدو أنه قد يتوقف من قبل إدارة أردوغان.

التحرير

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى