الأخبار

شبح تقسيم سوريا يطل برأسه

28

تمكنت روسيا من تغيير مسار الحرب الأهلية في سوريا ولم تسمح بسقوط دمشق على يد المتطرفين، وأصبح نظام الأسد قويًا وبإمكانه التفاوض، وجيشه يحقق الانتصارات في ساحات القتال.

وعلى الجانب الآخر، حققت روسيا أغلب أهداف تدخلها العسكري، ومنعت تنامي قدرات الإرهاب وأغلقنا الحدود التركية السورية خط الدعم الرئيس لهذا الإرهاب، وفرضت سقفاً سياسياً واقعياً للحل السياسي وبدأت مقدمات هدنة جدية للمرة الأولى في تاريخ الحرب.

لكن فى المقابل، وهناك سيناريوهات متوقعة أسوأها استمرار الحرب الأهلية لعدة سنوات أخرى، أما السيناريو الذي يعطي بصيصا من الأمل إنشاء اتحاد فيدرالي، بدعم وتأييد من القوى العظمى، وهو السيناريو الأقل ترجيحا.

وفى مقالة لمجلة “فورين بوليسي” الأمريكية، أصر جيمس ستافريديس قائد قوات حلف الناتو في أوروبا سابقًا، على أن سوريا لم تعد موجودة كدولة، واقترح خطة مفصلة لتقسيمها.

وكتب ستافريديس في مقالة نشرت الأربعاء 9 مارس أن اتفاق وقف الأعمال العدائية في سوريا قد يمتد فترة ما، لكن الحرب هناك لن تنتهي قريبًا.

ومن بين العراقيل أمام توصل المجتمع الدولي إلى حل الأزمة السورية، أشار ستافريديس إلى اختلاف الولايات المتحدة وروسيا حول مصير الرئيس السوري بشار الأسد، وانخراط السعودية وإيران في نزاع جيوسياسي وطائفي، بينما تختلف موسكو وأنقرة في الشؤون التكتيكية والاستراتيجية.

واعتبر أنه مع استمرار النزاع في سوريا يصبح واضحًا أن الدولة السورية الموحدة لم تعد موجودة، حيث قد قطعتها الحرب الأهلية، ويدير زعماء مفصلون أجزاء واسعة من البلاد.

وتمثل تصريحات المبعوث الأممي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا بارقة أمل، بعد صمود الهدنة، وضغوط الراعيين الروسي والأمريكي، لاستئناف المفاوضات السورية-السورية في جنيف.

دي ميستورا قال إن الانتخابات الرئاسية في سوريا يجب أن تُجرى خلال 18 شهرًا، مشددًا على أن العد العكسي سيبدأ في الـ14 من مارس الجاري مع انطلاق المفاوضات السورية. ويجدد هذا التصريح التأكيد على توافق دولي بشأن أهمية الالتزام بالجداول، التي تضمنها قرار مجلس الأمن 2254.

المبعوث الأممي أعرب عن أمله “في إحراز تقدم في مسألة تشكيل حكومة انتقالية في سوريا خلال الجولة الأولى من المفاوضات المرتقبة في جنيف”.

ومن الواضح أن موقف دي مستورا الضبابي بشأن الفترة الانتقالية يهدف إلى تلافي نسف جولة جنيف المقبلة قبل أن تبدأ؛ لكنها ستشكل محورًا مهمًا للخلافات بين دمشق وحلفائها من جهة، والمعارضة وحلفائها من جهة أخرى.

ومن الطبيعي أن يراعي الدبلوماسي الحصيف التوازنات والخلافات، ويبقي مسألة ترشيح الرئيس بشار الأسد، ودوره في الفترة الانتقالية معلَّقا، ورهنا للمفاوضات في جنيف، أو في عواصم أخرى، ربما لن يشارك فيها السوريون.

ومن الواضح، أن الظروف في سوريا باتت مهيأة أكثر من أي وقت مضى للدخول في عملية سياسية ذات مغزى، قد تشكل منعطفا مهما في المخاض العسير، الذي تعيشه سوريا للخروج من دوامة الحرب إلى تحقيق السلام.

وربما كان من حق السوريين وطالبي السلام في العالم رفع سقف آمالهم بتحقيق اختراق كبير في المفاوضات؛ لكن تفاصيل وخلافات كثيرة قد تسهم في تفجير الأوضاع، والعودة إلى نقطة الصفر؛ والأخطر من ذلك هو أنها قد تدخل البلاد في دوامة حروب أقسى وأكثر دموية لن تخمد نارها في سنوات.

ومن المؤكد، أن تقسيم سوريا سيدخل البلد والمنطقة في حقبة حروب دموية، ربما شكلت شرارة لحرب عالمية ثالثة؛ وفي المقابل، فإن بناء دولة المواطنة، وتقاسم سم السنوات الماضية، يمثل نقطة الانطلاق لإعادة إعمار سوريا وإبعاد شبح الحرب.

الوفد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى