الأخبار

صلاح منصور الفنان الذي حارب السرطان بالتمثيل

18

1- هاملت

ينهض الرجل المريض بالسرطان من على فراش المرض في وهن شديد، يؤدي للمرة الأخيرة دور هاملت أمام شقيقه في الغرفة المحتجز فيها في المستشفى، والتي رحل فيها عن الدنيا وهو يقول: ”لو أتيح لي أن أجسد الشخصية من جديد لقدمتها على هذا الشكل“.
كان أول أدوار صلاح منصور المولود في شبين القناطر سنة 1923، خلال المسرح المدرسي عام 1938، هو دور هاملت، وكذلك كان آخر أدواره حين كان يحارب المرض اللعين.

2- الصحفي

كانت خطوات صلاح منصور الشاب الأولى في حرم الصحافة، حيث عمل صحافياً في روز اليوسف وعمره لم يتعدَّ السبعة عشر عاماً، كان المهووس بالفن على استعداد لعمل أي شيء من أجله، وكان العمل في قسم الصحافة الفنية يمنحه القدرة على لقاء الفنانين الذين كثيراً ما قلّدهم وبرع في تقليدهم أمام رفاقه وعائلته وكان أول لقاء صحفي له بالفعل مع المطربة أسمهان.
إلا أن التحاقه بمعهد الفنون المسرحية سرعان ما حرمه من الصحافة ليمنحننا فناناً عبقرياً.

3- المسرحي

كان صلاح منصور أحد خريجي الدفعة الأولى مع المعهد إلى جانب فريد شوقي، وشكري سرحان، وحمدي غيث وعبدالرحيم الزرقاني، وكوّن مع زملائه المسرح الحر في تجربة غير مسبوقة في مصر في هذا الوقت، ليقدموا روايات زقاق المدق، وبين القصرين لنجيب محفوظ، والناس اللي تحت لنعمان عاشور والجريمة والعقاب وزيارة السيدة العجوز من المسرح العالمي، وغيرها من المسرحيات التي جعلت أستاذه زكي طليمات يعتبره ضمير المسرح الحي، وأسس معه المسرح المدرسي ليعود منصور من جديد إلى نقطة البدء على مسرح المدرسة ليعمل حتى وفاته مستشاراً لوزارة التربية والتعليم للتربية المسرحية.
قدر الكبار العودة إلى الأصول التي ينتمون إليها ولا ينكرونها أبداً.

4- الممثل

هناك أصوات كتب لها الله أن تمس القلوب، وصلاح منصور أحد أصحاب تلك الأصوات، يملك صوتاً يمنحه مساحات واسعة من التلون والتمثيل بنبرة خاصة جداً، جعلته أحد أهم ممثلي الإذاعة عبر تاريخها،  ليقدم مسلسلات مثل عوف الأصيل ورابعة شهيدة الحب الإلهي، وحصل لأكثر من مرة على جائزة أحسن ممثل إذاعي في المسابقة التي كانت تجريها إذاعة صوت العرب سنوياً.
أما في السينما فلقد تأخر بزوغ نجمه عدة سنوات بسبب حصره شاباً في أدوار الشرير التقليدية منذ فيلم غرام وانتقام عام 1944، وحتى أعاد كمال الشيخ تقديمه وأتاح له الفرصة في لعب هذا الدور خلال شخصية بدر في فيلم لن أعترف عام 1962، والذي حصل عنه على جائزة ليقود مع محمود المليجي بعد ذلك تغيير الشكل النمطي لأشرار السينما العربية خلال فترة الستينيات، ليقدم لنا العمدة عتمان في الزوجة التانية ووالد جميلة في البوسطجي وسليمان البقال في بداية ونهاية، مع مكتشفه الحقيقي سينمائياً صلاح أبو سيف وغيرها من الأدوار التي لا تنسى.

5- الرحيل

وفي نهاية السبعينيات وأثناء الاستعداد لتقديم مسرحية بكالوريوس في حكم الشعوب أمام النجم الشاب حينئذ نور الشريف، اعتذر صلاح منصور للمرة الأولى عن عمل تعاقد عليه بسبب المرض، صار الجسد لا يطيق الروح ولا يتحملها، ورشح بدلاً منه وعلى ضمانته الفنان الشاب في ذلك الوقت أيضاً يحيى الفخراني، وكأن النجم إذا قارب على النهاية يهب ما تبقى من طاقته لنجم على وشك البزوغ.
ورغم الألم الشديد وعلى عتبات الحزن الشهيرة بالمستشفى، قال لتلاميذه وعائلته: “لا تبكوا، فقد عشت عمري وأنا أكره أن أرى الدمع في عيونكم، ولن أحبها بعد موتي”.
رحل منصور يوم 19 يناير عام 1979، قبل أن يكمل عامه الـ 56، وفقدنا فناناً عالمياً يعد مدرسة كاملة في التمثيل الصوتي والتعبير الحركي -رحمة الله على روحه-
كسره

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى