الأخبار

تحريك سعر الجنيه يعيد مصر لسياسات التعويم الموجه قبل ثورة يناير

157

قال خبراء اقتصاديون ومصرفيون، إن قرار البنك المركزي المصري بتحريك سعر الصرف يعيده إلى سياسة التعويم الموجه قبل ثورة الخامس والعشرين من يناير.

وخفضت مصر قيمة الجنيه 14% يوم الإثنين الماضي، كاشفة عن تبينها سياسات أكثر مرونة لتحريك سعر الصرف بدون إعطاء تفاصيل.

وقال “المركزي” إنه سيبذل قصارى جهده للحفاظ على استقرار الأسعار، وسط مخاوف بزيادة التضخم في أعقاب ذلك القرار، كما وعد بالحفاظ على النظام وليس الاستقرار في أسعار الصرف.

وتوقع مصرفيون واقتصاديون في تصريحات لـ”رويترز” أن يعود البنك المركزي لسياسة التعويم الموجه بالسماح لسعر الجنيه بالتقلب يوميًا في نظاق محدد وفقًا لظروف السوق .

وعلى الرغم من طرح المركزي عطاء دولاري للبنوك الأربعاء الماضي، بقيمة 1٫5 مليار دولار بسعر 8٫78 جنيه للدولار للقضاء على الديون المتراكمة على المستثمرين، أكد الخبراء أن المركزي سيسمح للدولار بالتحرك في مسار أضعف نسبيًا نحو 9 ، 9٫50 جنيهات للدولار الواحد.

وقال محسن خان، المدير السابق للشرق الأوسط وآسيا الوسطى بصندوق النقد الدولي: “من المحتمل جدًا عودتهم للنظام الذي يعرفونه، النظام السائد قبل ثورة الخامس والعشرين من يناير 2011” مضيفًا أن هذا النظام يعد تعويمًا مدار للجنيه، مؤكدًا ضرورة التوجه نحو تحريك سعر الصرف بدلًا من توجيهه.

ربح إعادة الثقة

وكان سعر الجنيه المصري مستقرًا أمام الدولار، حتى تم الإعلان عن تعويم الجنيه في عام 2003 ، وأنشأ البنك المركزي سوقًا لتبادل النقد الأجنبي بين البنوك، متدخلًا بشدة بين صانعي السوق من البنوك للإبقاء على سعر مريح للعملة الأمر الذي حافظ على توازن الأسواق.

لكن العملة المصرية أصبحت تحت الضغط بعد تدهور الودائع الأجنبية بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير التي قضت على حكم “مبارك” الذي استمر لمدة 30 عاما ، لذلك سمح البنك المركزي بالتخفيض المتزايد لقيمة الجنيه ثم بدء بضخ الدولار في مزايدات حكومية لتحديد سعر الصرف، مما ترتب عليه ظهور السوق السوداء نتيجة لزيادة اختلال التوازن.

وفي عام 2015، تم وضع قيود على عمليات السحب والإيداع للنقد الأجنبي مع السماح بانـخفاض قيمة الجنيه تدريجيًا أمام الدولار 10% والتي أدت إلى تفاقم أزمة نقص العملة وأفقدت المستثمرين الاجانب الثقة في السوق المصرية، نظرًا لعدم قدرتهم على تحويل أرباحهم أو الإفراج عن البضائع المحتجزة في الموانئ.

وبتعيين طارق عامر محافطًا للبنك المركزي في نوفمبر الماضي قام باتخاذ خطوات تدريجية لتخفيف حدة القيود على السحب والإيداع وتضييق الفجوة في الميزان التجاري.

بينما يرى اقتصاديون أن تخفيض قيمة الجنيه يوم الإثنين الماضي لم يكن كافيًا لاستعادة ثقة المستثمرين مطالبين المركزي بإنهاء مزادته الدولارية والرجوع إلى النظام المصرفي.

من جانبه، أكد سيمون ويليامز كبير اقتصاديين الشرق الأوسط وشرق ووسط أوروبا في بنك “إتش أس بي سي”، أن النظام الجديد من شأنه إعادة الثقة في قدرة الجنيه المصري على التحول، ويجب أن يكون هناك ضبط للأسواق بحيث يتوافر الدولار عند الشراء والبيع، مضيفًا أن البنك المركزي قد يتدخل للحد من تقلب الأسعار مع ضرورة السماح للأسواق بوضع سعر للتسوية.

التعويم على مرحلتين؟

بلغت احتياطيات النقد الأجنبي في مصر قبل ثورة الخامس والعشرين من يناير 36 مليار دولار، الأمر الذي سمح للبنك المركزي بتنظيم سعر الصرف، ولكن مع انخفاض هذه الاحتياطيات إلى 16٫5 مليار دولار في شهر فبراير والتي تكفي بالكاد تلبية احتياجات الاستيراد لمدة 3 أشهر لم تعد مصر تمتلك هذه الرفاهية.

وكشف طارق عامر محافظ البنك المركزي الشهر الماضي أنه لن يقوم بتعويم الجنيه قبل وصول احتياطيات النقد الأجنبي إلى 25 مليار دولار، متوقعًا تحقيق ذلك قبل نهاية العام لـكن دون توضيح كيفية تحقيق ذلك الأمر.

وأكدت البنوك التي حصلت على الدولار في العطاء الاستثنائي للبنك المركزي بقيمة 1٫5 مليار دولار يوم الأربعاء الماضي، انها طلبت بوضع تلك المبالغ في البنك المركزى مرة أخرى، في عملية يمكن وصفها بـ”تزيين الوضع المالي”، حسب رويترز.

وفي محاولة منها لجذب العملة الأجنبية استحدثت مصر أدوات استثمارية للمصريين في الخارج من شهادات دولارية إلى خيارات للتحوط بالنقد الأجنبي على أذون خزانة محلية، لكن لم يتضح بعد كيفية استقبال هذه العروض.

وكان هاني جنينة رئيس البحوث لدى “بلتون فاينانشال” بين قلة من الاقتصاديين توقعوا تعويمًا وشيكًا، وتنبأ بأن تخفيض قيمة العملة المنتظر منذ فترة طويلة سيحدث هذا الأسبوع.

وقال جنينة إن البنك المركزي سينتقل على الأرجح إلى تعويم محكوم على مرحلتين إذ يعمل في البداية على التخلص من متأخرات المستوردين ممن صدرت لهم خطابات اعتماد بسعر الصرف القديم وبدأوا الآن يلجأون إلى السوق السوداء لتغطيتها.

ثم يعود البنك المركزي بعد ذلك إلى نظام سوق ما بين البنوك والسماح لسعر الصرف بالتذبذب يومياً.

وقال “لذلك فهو يخفف الضغط عن السوق الموازية ثم يقيس التدفقات وبعدها يمكنه أن يعوم العملة بحرية في نطاق تغير 10 قروش أو 20 قرشًا كل يوم ولن يضارب أحد عليها”.

وأضاف جنينة “إذا حصلوا على مزيد من الأموال للاحتياطيات فسيشعرون بارتياح أكبر”.

التحرير

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى