الأخبار

«العزيز بالله».. شارع بنكهة أفغانية

 

 

 

88

انزل من محطة مترو الزيتون، خذ طريقك إلى شارع العزيز بالله، ستجد مظلة، تغطى جزءاً كبيراً من الشارع، وروائح مختلفة تفوح من حولك، وكتباً عن يمينك ويسارك، يتصدرها كتاب «معالم فى الطريق» لسيد قطب، المرجع الأول للتكفيريين، ومحلات تبيع ملابس باكستانية، يسمونها الزى الإسلامى، وتنشط تجارة بول ولبن الإبل والقباقيب والبخور والحجامة، وعن يسارك مسجداً شهد ميلاد أجيال من التكفيريين منذ سبعينات القرن الماضى، يحمل اسم «العزيز بالله». ذات صباح فى عام 2009، استيقظ الشعب المصرى، على خبر القبض على تنظيم إرهابى، عرف، آنذاك، بتنظيم الزيتون، وجاء فى التحقيقات أن هذا التنظيم، خرج من رحم مسجد العزيز بالله، المعروف منذ الثمانينات، بأنه أحد أهم معاقل التطرف فى مصر، حيث أسسه الدكتور محمد جميل غازى فى العام 1968، وهو أحد أهم قيادات السلفية فى حينها، وكان يهدف لنشر الفكر السلفى فى مصر، فى مجموعة من المساجد فى مصر، تولت نشر أفكار الدكتور عمر عبدالرحمن، الأمير السابق لتنظيم الجهاد.

سيطر السلفيون على هذا المسجد، منذ سبعينات القرن الماضى، بقيادة عمر عبدالرحمن، وبرروا سيطرتهم على المسجد بأنه حائط صد ضد المد المسيحى فى منطقة الزيتون، ففى نهاية الستينات شيدت كنيسة العذراء التى لا تبعد كثيراً عن مكان المسجد.

قبل ثورة 25 يناير، كان المسجد يستقطب فى صلوات الجمعة مئات من السلفيين من كل أنحاء القاهرة، يتوافدون إليه ليؤدوا أطول صلاة جمعة تبدأ من الحادية عشرة صباحاً وحتى قبل أذان العصر بدقائق، يتوقف فيها المرور بشارع العزيز بالله والمحاور المجاورة له، بل قد يستدعى الأمر وجود سيارات الأمن المركزى تحسباً لأى طارئ، خصوصاً مع نوعية الخطب التكفيرية التى اعتاد المصلون فى هذا المسجد سماعها. وساهم المسجد فى تخريج مجموعة كبيرة من دعاة السلفية ومنظريها ممن كانوا يعرفون بمشايخ الكاسيت قبل أن يتحولوا إلى الفضائيات، مثل محمد حسان وأبوإسحاق الحوينى. ويضم المسجد قسمين أحدهما للرجال وآخر للنساء، ويشمل مستوصفاً إسلامياً وعيادات وجمعيات لمساعدة الأسر الفقيرة، وقد استغل الإخوان العمل الأهلى هناك فى استقطاب مئات الشباب، بينما ساهم الجهاديون فى تسفير عشرات الشباب للقتال فى سوريا والعراق.

عقب ثورة يناير، كان المسجد بمثابة منارة السلفيين، للمطالبة بتطبيق الشريعة الإسلامية، واستغل المتطرفون الثورة، واستقطبوا مئات الشباب، لدعم حملة حازم صلاح أبوإسماعيل، ولطالما خرجوا فى مظاهرات حاشدة من المسجد، فى اتجاه قصر الاتحادية أو القبة، رافعين شعارات «الشريعة والشرعية». ومن هذا المسجد خرجت مسيرات تجاه الاتحادية، مستهدفة المتظاهرين، وهى نفس المسيرات التى خرجت صوب الاتحادية ضمن «الأهل والعشيرة»، التى تحدث عنهم الدكتور محمد مرسى، الرئيس المعزول.

وخلال اعتصام رابعة، كان مسجد العزيز بالله، محطة وصول المقبلين من المحافظات، وصولاً لمنطقة رابعة العدوية فى مدينة نصر، وكان قبلة الفارين من الاعتصام فى 14 أغسطس، خلال فض قوات الأمن الاعتصام.

وعقب عزل محمد مرسى، كانت مسيرات مسجد العزيز بالله، الأكثر عدداً والأشد عنفاً بين مسيرات الإخوان، حيث كانت تخرج كل جمعة، وتستمر من صلاة الجمعة حتى المغرب، وكان الإخوان يحشدون إليها من مختلف المحافظات، ولطالما شهدت أعمال عنف تجاه بعض الأقباط، فضلاً عن كتابة عبارات مسيئة على جدران الكنائس ضد قوات الجيش والشرطة. وفى أحد أيام الجمعات، تجمع العشرات من عناصر تنظيم الإخوان عند مسجد العزيز بالله بمنطقة الزيتون وأدوا صلاة الجمعة بداخله، وعندما تحدث إمام المسجد عن سماحة الإسلام وضرورة نبذ العنف ووقف المظاهرات، ثار عليه الإخوان داخل المسجد وحدثت حالة من الهرج والمرج تطورت إلى التعدى بالسب والضرب على الإمام وخلع عمامته، ثم تفاخر أحدهم بتصويرها وفر هارباً حتى تمكنت قوات الأمن من القبض عليه وأحالته للنيابة التى أمرت بحبسه وأحالته لمحكمة الجنح التى استندت فى حكمها على مقاطع فيديو وصور للمتهم أثناء حيازته لعمامة إمام المسجد.

بعد هذه الواقعة أدركت قوات الأمن، أهمية التعامل مع هذه المسيرة، التى طالما شهدت أعمال عنف تجاه المواطنين، وبدأت فى التصدى للمسيرة كل جمعة وتفريقها، ما دفع الإخوان إلى الانتقال لمسيرات المطرية وعين شمس.

 

الوطن

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى