الأخبار

خطاب ثم انقسام وأخيرًا “عزل”.. هكذا يسقط “الرئيس”

180

 

 

“طول ما الدم المصري رخيص يسقط يسقط أي رئيس”، هكذا حدث، سقط رئيسين رغم اختلاف مدة الحكم والفترة التي ظلت الدماء تراق خلالها، فمن مبارك إلى مرسي لم يحدث العزل إلا بعد مشهد ينقسم فيه المصريون، يواجهون فيه بعضهم البعض؛ بالقتل، منقسمين بسبب ما يدعّون أنه “السياسة”.

قبل ثلاثة أعوام خرج “محمد حسني مبارك” في اليوم الثامن مِن هَبة الشعب بهتاف يشق الصدور “عيش حرية.. عدالة اجتماعية”، موقنين أن ذلك لن يحدث إلا “بإسقاط النظام”، لكن رأس النظام أبى أن تنقضي الأيام بلا محاولة، والخطوة الأمنية لم تصمد أمام الزحف، وما عاد مفر من الخطاب بكلمات “عاطفية” إن لم تفيد بالتراجع، تستثير آخرين.

“اليوم ده محستش إننا مصريين”، فرغم أن “ندى محمد” خرجت في الأول من فبراير لتأييد الرئيس “مبارك” حينذاك غير أن الوقوف بين طرفين يتبادلون إلقاء الحجارة، ما منحها غير ذلك الإحساس.

ففي الثامنة صباحًا لهذا اليوم، قررت الفتاة العشرينية الانطلاق من مدينة “السلام” حيث تسكن، والتوجه إلى ميدان “مصطفى محمود” حيث قرر مؤيدي “مبارك” التجمع في مظاهرة جراء الخطاب الذي ألقاه رافضين استمرار اعتصام متظاهري “التحرير”، لم تكن “ندى” شاركت يومًا بمظاهرة لكنها فعلت “الراجل طلع وعمل كل اللي الناس طالبته عايزين أكتر من كده إيه ولا لازم يتشال”.

بكت “ندى” طالبة الهندسة بحرقة وقت مشاهدتها خطاب “مبارك”، استشعرت أن “في حاجة غلط وخطر من كلامه”، فاندفعت للنزول وحيدة خاصة وأن أغلب أصدقائها “مع التحرير”، لم تحتمل أن ترى “الرمز اللي تربيت عليه” بهذا الشكل، كما لم يدر بخلدها وقوع “اشتباك” حتى بعد رؤيتها لخيول وجمل بينما تقف فوق كوبري “6 أكتوبر”.

وعلى الرغم من أن “موقعة الجمل” أصعب يوم في حياة “ممدوح زيكا”، ففضلًا عن استبداله كاميرته الكبيرة بأخرى صغيرة، غير أن صورة الشاب ابن السابعة عشر عامًا الذي “كان فاكر نفسه سوبر مان تقريبًا الله يرحمه”، وقفاً بثبات في مواجهة أحد الخيول المندفعة نحو الميدان بدرع أمن سقط وقت الاشتباك بالأيام السابقة، لا زالت بمخيلته، قدم الشاب التي بترها الاصطدام بالخيل فانفصلت عن جسده لتسقط جوار “ممدوح”، ذكرى لا تنسيها سنوات ثلاث.

“يا إما تشارك أو تصور أو تشيل الناس اللي بتقع إذا عرفت” هكذا كان الحال المختلف على المصور الشاب الذي أربكته الأمور خلاف ما وقع من اشتباكات حيث أن “الشرطة كنا عرفنا بيتعاملوا إزاي لكن المرة دي كانت ناس عادية”، فالأشخاص التي أبصرها الشاب العشريني وجد دافعها مالي بالأساس وليس سياسيًا وحبًا “لمبارك”.

“ممدوح” لم يخطر بباله وقوع اشتباك خاصة مع التعاطف الذي أبداه البعض عقب الخطاب الذي ألقاه “مبارك”، والذي يرى الشاب العشريني أنه كان “عارف بيعمل إيه” بينما “الرجالة بتوعه هم اللي بوظوا الموضوع.. ماكنوش يتوقعوا استجابة كبيرة”، فلولا موقعة “الجمل” ربما كانت الثورة انتهت منذ ذلك الوقت حسبما قال “ممدوح”.

الأول من فبراير 2011 كان الخطاب “العاطفي” كما وصفه البعض، وفي اليوم التالي كان الوقوف الأول للشعب المصري أمام بعضه البعض يتبادل إلقاء الحجارة بعد أن انطلقت خيول وجمال صوب ميدان التحرير، لم يستمر المشهد إلا ومعه بأيام قليلة كان “التنحي”، ينقضي العام ويأتي الثالث من ديسمبر يلقي “محمد مرسي” كلمة أمام الاتحادية موجهة للأنصار التي اجتمعت أمام القصر، فما أن مر يوم حتى شهد اللقاء الاشتباكي الثاني بين المصريين”، بينما ظل الأمن في خلفية المشهد.

من مسجد النور بالعباسية يوم الرابع ديسمبر 2012 في الثالثة عصرًا، خرج “علاء زغلول” متوجهًا إلى قصر “الاتحادية” في المسيرة الرافضة للإعلان الدستوري الذي أصدره مرسي، ووجد فيه كغيره من المشاركين يعطي صلاحيات “فرعونية”.

مخاطبة “مرسي” أنصاره أمام القصر في اليوم السابق 3 ديسمبر أكد ل”زغلول” إنه “رئيس لمجموعة الناس اللي انتخبته اللي سماهم بعد كده أهل وعشيرته”.

سياج أمنى على ما يقرب من 300 متر من القصر أثارت حفيظة الشاب الثلاثيني والمشاركين بالمسيرة الذين قرر بعضهم الاعتصام بعد حدوث احتكاك مع الأمن وانسحابه بشكل مفاجئ فيما رفض “زغلول” ذلك لأنه أمنيًا “غير متغطي”.

“إزاي أجيلك لغاية عندك وأنت تسيبني وتمشي وأنت بتقول أنك رئيس كل المصريين”، استاء “زغلول” من موقف “مرسي” الذي أخرجته العربات الأمنية بينما المعتصمون بالخارج، انصرف المحاسب الذي لا يربطه أي انتماء سياسي سوى المشاركة منذ ثورة 25 يناير، وفي الخامس من ديسمبر جاءه الخبر “أنصار الإخوان جت فضت الاعتصام”.

وقف “زغلول” مع رفاقه “بالاتحادية” أمام الحشد الغالب عليه السمت “الأقاليمي” مع صيحات “الله أكبر.. مرسي وراه رجالة”.

صدمة الشاب العشريني بوفاة صديقه “الحسيني أبو الضيف” أو “الشهيد الحي” كما يصفه، لا تقل عن المشهد الذي أبصره باقتتال بين مصريين بينما يقف الأمن بصف البعض ليتبادل الجميع اشتباك، وجده أشد مما حدث في “موقعة الجمل”.

بعد عام من الأحداث ينظر “زغلول” لشاشة التليفزيون فيرى خلف القضبان “مرسي” يمثل أمام القضاء، وإن كان المحاكمة في نظره “ضعيفة” لكنها تبقى حقيقة عزله من منصبه قائمة.
 

مصراوى

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى