الأخبار

السيسى وتجديد النخب

 

201

تلك التركة الثقيلة التى حملها الرئيس عبدالفتاح السيسى على كاهله منذ انتخابه وحتى الآن تفرض عليه التعامل مع واقع شديد الصعوبة فى كافة المناحى الاقتصادية والأمنية والثقافية والاجتماعية، والحق يقال إنه بعد تجاوز حكم السيسى المائة يوم بقليل نستطيع أن نعدد إنجازات الرجل التى حطمت الصندوق التقليدى للبيروقراطية الإدارية المصرية.. السيسى لم يغازل أحلام المواطن المصرى، بل إننى أعتقد أن أفضل إنجازات السيسى هو إعادة الحلم والأمل فى الغد لملايين المصريين. ولكن بعيداً عن كل ما نجح الرئيس فى أن يحققه خلال الفترة القليلة من حكمه والذى تمثل فى تدشين مشروعات تخص المستقبل مثل قناة السويس الجديدة والساحل الشمالى الغربى وإعادة ترسيم حدود المحافظات والمثلث الذهبى بالصحراء الغربية وزراعة أربعة ملايين فدان، فإن السؤال الذى يطرح نفسه هو هل النخب الحالية التى تصلبت شرايينها تستطيع أن تضخ دماء الحياة فى مستقبل يستحقه هذا الشعب؟ هل ستظل مصر أسيرة مدّعى الخبرة الذين تملّكوا مفاصل الدولة المصرية ومواقعها تحت ادعاء خبراتهم العتيدة التى لم أرها حققت نهضة ولا يحزنون لفترة تجاوزت النصف قرن؟! هل سيظل الرابضون فى الصفوف الأولى فى العمل التنفيذى والسياسى والثقافى كاتمين على أنفاس هذا الوطن؟! هذا الصف الأول الذى يتعامل بعداء شديد مع الصف الثانى والثالث لدرجة تجعلهم يتعاملون معهم على أنهم عار لا بد من محوه!!!

سؤالى للرئيس السيسى: هل تعتقد أن دولة المستقبل الذى تريد أن تصنعه من الممكن العبور إليها بدولة العواجيز؟!

سيادة الرئيس، لا أخفيك سراً أن شباب مصر أصبح محاصراً بهذا الفكر المحترف فى قتل أى طموح أو تطلع لديه، هل تعلم أن مصر ما زالت مؤمنة بأن الوزير الشاب هو الذى يتجاوز الخمسين بقليل، وأن السياسى الواعد هو من قارب الستين!! وأن معظم قيادات الأحزاب السياسية تجاوزوا المعاش بعشر سنوات على الأقل، وأن كثيراً منهم يعيد تقييم تجربته الفاشلة خلال عقود مضت ليبدأ مشواره من جديد على أنغام الدولة الحديثة، معتقداً أن تحديث فكره ليتواكب مع المرحلة الجديدة لا يتطلب سوى فتح حساب على الفيس بوك.

سيادة الرئيس، أعلم أنك تعلم، بل إننى حضرت أحد لقاءاتك التى أكدت فيها أهمية تغيير الصف الأول وإتاحة الفرصة لأجيال جديدة تقود مصر إلى مستقبل هى معنية به أكثر من غيرها.

سيادة الرئيس، مصر فى حاجة إلى تجديد حقيقى للنخب فى مختلف المجالات، لدرجة أننى أعتبرها معركتك الأهم فى إدارة الواقع والعبور إلى المستقبل.

هناك قاعدة إنسانية تؤكد أن من يتحفز لصناعة المستقبل هو الأكثر إيماناً بأن له مقعداً به. ومقاعد المستقبل قد لا تتسع لرواد دولة العواجيز الذين ما زالوا مقتنعين بأن سن الاعتزال لم يأت بعد وأن الملعب يحتملهم ما داموا قادرين على العطاء. وعن نفسى أرى أن عطاءهم قد يكون مجدياً فى حالة إيمانهم بنقل خبراتهم فى إطار وجود إرادة حقيقية لتحقيق التمكين الموضوعى للشباب، ومن الممكن أن يمثلوا الفرامل التى تكبح اندفاع الشباب وتصوبه، ولكن للأسف تتحول تلك الفرامل فى الأغلب لآلة توقف الدولة مكانها، بل تعود بها إلى الخلف أحياناً!

سيادة الرئيس.. سوف تكون أعظم رؤساء مصر إذا نجحت خلال فترة حكمك فى أن تترك خلفك مئات الأشخاص المؤهلين لرئاسة مصر وآلاف الأشخاص الصالحين لتولى مواقع قيادية فى الدولة، تلك هى الدولة المصرية الحديثة التى أثق أنك ذاهب بنا إليها.

ملحوظة أخيرة: على هامش إطلاق مشروع قناة السويس الجديدة، أعظم ما رأيته تلك الصورة والرئيس يدشن المشروع وبجواره أطفال معنيون بالمستقبل وجيش يحمى وشباب يبدأ أعمال الحفر.

الوطن

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى