الأخبار

مرسي لقمة “أديس أبابا”: النهضة في إفريقيا يجب أن ترتكز على التنمية وتحقيق الأمن

73721_660_15

أكد الرئيس محمد مرسي أنه حان الوقت للنظر فى تبنى إستراتيجية وقائية بإفريقيا تهدف إلى معالجة أسباب النزاعات والحيلولة دون اندلاعها، مؤكداً أن ركائز الوقاية تقوم على تدعيم أسس الحكم الرشيد وتفعيل الميثاق الإفريقي لحقوق الإنسان والشعوب، والقضاء على الفقر والتهميش، ومحاربة العنصرية والتمييز الظالم، والاهتمام بقيم التعاون والعدالة والسلام، وحماية حقوق الشعوب في حياة كريمة.

 

 

لابد من تدعيم أسس الحكم الرشيد وتفعيل الميثاق الإفريقي لحقوق الإنسان ومحاربة العنصرية والتمييز

وأوضح الرئيس، فى كلمة مصر أمام القمة الإفريقية العشرين التي عقدت اليوم فى العاصمة الإثيوبية أديس أبابا والتى ألقاها نيابه عنه وزير الخارجية محمد كامل عمرو، أن مصر ترى أن المؤسسات الفكرية والتعليمية والثقافية وفى مقدمتها الأزهر الشريف عليها مسؤولية مهمة فى نشر مفاهيم الإسلام الصحيحة ومواجهة وتغيير الفكر المتطرف ولذلك تسعى مصر لتفعيل هذه المؤسسات.

 

الأزهر والمؤسسات الفكرية والتعليمية والثقافية عليها مسؤولية لنشر مفاهيم الإسلام الصحيحة ومواجهة التطرف

وأكد مرسى أن مصر اليوم تستعيد روحها الإفريقية ويسعى شعبها إلى تعزيز علاقاته بالشعوب الإفريقية الشقيقة التي يرتبط بها إنسانيا وتاريخيا وجغرافيا، مشيرا إلى أن الدستور المصري الجديد الذي صاغه الشعب بنفسه لأول مرة في تاريخ مصر قد أكد على الاعتزاز المصري بالانتماء للقارة الإفريقية، فيما يشير وبكل وضوح إلى رسوخ العمق الإفريقي في القلوب والعقول المصرية.

وهنأ الرئيس محمد مرسى رئيس الوزراء الغثيوبى هايلى ماريام ديسالن على انتخابه رئيسا للاتحاد الإفريقى، وذلك فى الذكرى الخمسين لإنشاء منظمة الوحدة الإفريقية، مؤكدا ثقته فى حكمته وتفانيه فى قيادة الاتحاد الإفريقى ودعم مصر الكامل لجهوده فى رعاية العمل الإفريقى المشترك خلال فترة رئاسته.

وعبر الرئيس مرسى عن تقديره البالغ للدكتور بونى ياى رئيس جمهورية بنين لرئاسته الحكمية للاتحاد الإفريقى خلال العام الماضى، وللجهد البارز الذى بذله فى الدفاع عن مصالح القارة الإفريقية فى مختلف المحافل الدولية والإقليمية.

كما عبر الرئيس فى كلمته عن حزنه البالغ لغياب رمزين إفريقيين كبيريين عن الاجتماع هما رئيس جمهورية غانا جون أتا، ورئيس وزراء إثيوبيا ميلس زيناوى، وقال إنه رغم رحيلهما عن عالمنا لكن إسهامتهما الكبيرة فى نهضة شعبيهما ودعم جهود تحقيق الاستقرار والتنمية فى إفريقيا ستجعلهما دائماً حاضرين أمامنا.

وأوضح الرئيس، فى كلمته، أن اختيار موضوع الوحدة الشاملة والنهضة الإفريقية محورا رئيسيا لاجتماعتنا خلال العام الحالى هو اختيار بالغ الحكمة وصائب التوقيت، حيث يتزامن مع الذكرى الخميسن لتأسيس هذه المنظمة العريقة التى دعمت نضال شعوبنا الإفريقية من أجل الاستقلال والحرية والتقدم، ورعت الوحدة والتكامل بيننا ودافعت عن قضايانا ومصالحنا فى جميع المحافل الدولية .

وقال إن اليوم تقف هذه المنظمة شاهدا على عزمنا كشعوب وقيادات إفريقية وتمسكنا بالوصول إلى المكانة التى تليق بنا وعلى ما تم إنجازه خلال نصف قرن على صعيد الاستقلال والتنمية وإقامة نظم الحكم الديمقراطية وصون حقوق الإنسان.

وأشار إلى أن المنظمة لازالت تحتضن طموحاتنا ومساعينا لتحقيق الهدف الأسمى وهو الوحدة والنهضة الإفريقية.

وأكد الرئيس أنه على الرغم من كل ما تحقق عبر مسيرة النضال الذى بدأنه منذ عقود ولم يزل مستمرا فى سبيل الحرية والتنمية والكرامة الإنسانية، فإننا على وعى تام بأن التحديات التى تواجه شعوبنا اليوم لا تقل جسامه عن تلك التى واجهتها إبان كفاحها من أجل الاستقلال وسعيها نحو تحقيق الوحدة الإفريقية على أيد الآباء المؤسسين لمنظمتنا.

مضيفا أنه فى مقدمة هذه التحديات التنمية الاقتصادية والاجتماعية وتوفير الخدمات الصحية التعليمية والمعرفية للمواطنين وترسيخ مبادئ العدالة الاجتماعية وسيادة القانون، وتدعيم أسس الحكم الرشيد فى المجالين السياسى والاقتصادى وتعزيز المشاركة الشعبية والمجتمعية فى صنع القرار والحفاظ على الاستقلال السياسى للقارة وعدم التدخل الخارجى فيها فضلا عن بناء السلم وتعزيز الاستقرار فى ربوع القارة.

وشدد الرئيس مرسى فى كلمته على أن التنمية تعد التحدى الاكثر إلحاحا الذى يواجه شعوب القارة الإفريقية حيث ترتبط بها جميع التحديات الأخرى كما تعد أساسا لتحقيق النهضة المنشود للقارة، وأكد الرئيس على ضرورة تعميق العمل الجماعى الذى يستند إلى رؤية مشتركة، مؤكداً أن النماذج التى يحفل بها العالم من حولنا والتجارب التى خاضها العديد من دولنا على مدى العقود الماضية فى مجال التنمية الاقتصادية والاجتماعية تؤكد أنه لابديل عن الأخذ بنموذج الشراكة والتكامل والاندماج الإقليمى، ولا يرجع ذلك للاعتبارات التاريخية والوشائج الإنسانية التى تجمع بين شعوبنا فحسب، ولكن لضرورات اقتصادية وعملية أبرزها الارتقاء بقدرة القارة على تنويع منتجاتها وعلى المنافسة وزيادة حصتها فى التجارة العالمية وتعزيز قدرة دول القارة على مواجهة التقلبات والاضطرابات فى الأسواق العالمية وتحسين أسس اندماج الدول الإفريقية فى الاقتصاد العالمى.

وأوضح الرئيس أن استضافة مصر خلال العام الجارى لقمة رؤساء دول وحكومات التكتلات الاقتصادية الثلاثة “كوميسا” و”سادك” و”تجمع شرق إفريقيا” بمشاركة 26 دولة إفريقية لبحث المؤامة بين سياسات وبرامج التكتلات الثلاثة فى مجالات التجارة والبنية التحتية، وبما يصب فى صالح الأهداف الأشمل للاتحاد الإفريقى فى تحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة، والقضاء على الفقر وتحسين مستوى المعيشة وتعزيز الاندماج على مستوى القارة.

مشيرا إلى أنه، ومن ذات المنطلق تبزر مبادرة نيباد كبرنامج عمل إفريقى لتعزيز أسس الحكم الرشيد والقضاء على الفقر وتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية بالقارة، مؤكدا أنه برنامج يتميز بالملكية الإفريقية الخالصة له ويؤكد على مسؤولية أبناء القارة أنفسهم عن تطوير مجتماعاتهم وفقا لرؤى وإستراتيجيات إفريقية.

وشدد على التزام مصر وهى إحدى الدول الخمس المؤسسة لتلك المبادرة بمواصل الاضطلاع بدورها فى الدفع قدما ببرامجها ومشروعاتها وأضاف أنه وفى إطار مسؤولية مصر عن ملف النقل البرى والسكك الحديدية وإدارة مياه الانهار فى اللجنة المصغرة للمبادرة الرئاسية للبنية الأساسية، تطرح مصر مبادرة لتحقيق التنمية والتكامل الإفريقي من خلال مشروع للربط الملاحى النهرى من بحيرة فيكتوريا للبحر المتوسط وإنشاء مجموعة من مراكز التدريب والأبحاث بطول المجرى الملاحى، بما يسهم فى تعزيز التجارة البينية بين دول النهر ويسهل حركة التجارة مع دول العالم.

وأشار الرئيس مرسى إلى أن هذا المشروع تجرى مناقشته حاليا فى إطار اجتماعات نيباد وذلك بالتوازى مع استكمال محور التنمية من القاهرة إلى كيب تاون الذى سيفتتح جزؤه الخاص بالربط البرى بين مصر والسودان خلال شهر فبراير القادم.

وأكد الرئيس على ضرورة الاستغلال الأمثل لموارد القارة وتعزيز الملكية الإفريقية، وهما من أهم الركائز الضرورية لتحقيق التنمية المستدامة.

وقال الرئيس مرسى إنه على الرغم من وفرة الموارد الطبيعية والبشرية بالبلدان الإفريقية، إلا أن شعوبنا عانت من الفقر ولم تجن بعد نصيبها العادل من الرخاء والتقدم.

وأضاف أنه على الرغم من أن القارة الإفريقية كانت الأقل إسهاما فى انبعاث الغازات الملوثة للبيئة عالميا لكنها كانت الأكثر تأثراً بالتغيرات المناخية ذات التداعيات الخطيرة على بعض أقاليم إفريقيا ونمط سكانها.

وشدد الرئيس على ضرورة الموازنة بين معدلات استهلاك موارد القارة الطبيعية والتى يتجه معظمها إلى خارجها، وبين متطلبات التنمية المستدامة والحفاظ على البيئة.

وطالب الرئيس المجتمع الدولى بتحمل المسؤولية فى دعم جهود دول القارة لتحقيق معدلات أعلى للنمو وزيادة الإنتاجية والاستفادة من التقنيات الحديثة وتوطينها في إطار أوسع من إرساء أسس جديدة لنظام اقتصادي عالمي أكثر عدالة.

وقال الرئيس مرسي إن تحقيق النهضة فى إفريقيا يجب أن تستند أيضاً إلى منظور شامل يدرك العلاقة العضوية بين التنمية وتحقيق السلم والأمن.

وأضاف إذا كانت التنمية أحد أهم متطلبات السلام، فيصح أيضا التأكيد على أن النزاعات وغياب الاستقرار كانا من أهم معوقات التنمية فى العديد من البلدان الإفريقية الشقيقة خلال العقود الماضية.

وأكد الرئيس على ضرورة تضافر الجهود وحشد الموارد لتفعيل مبدأ “الحلول الإفريقية للمشكلات الإفريقية” وهو المبدأ الذي يحقق التعامل الأمثل مع مشكلات القارة، إضافة إلى الاستقلال السياسي والثقل الدولي الذي تستحقه القارة.

وأشار الرئيس إلى أن التجارب السابقة في تسوية النزاعات والأزمات سواء داخل القارة أو خارجها تؤكد على أن الخيارات العسكرية لن تكون وحدها قادرة على تحقيق الأمن والسلام، وأن غياب الحلول السياسية يؤدي إلى تعميق جذور الأزمات وانتشارها وإيجاد بؤر صراعية جديدة، كما يسبب تهديد المدنيين ويخلق مشكلة النازحين إضافة إلى ما يسببه من الإضرار بالبنية التحتية للدولة وتعطيل النمو الاقتصادي وغير ذلك من مشكلات عانت منها القارة لسنوات طويلة وحان الوقت لإنهائها.

وفيما يتعلق بالأزمة التى تشهدها مالي ومنطقة الساحل أكد الرئيس على ضرورة مواصلة جهود الحوار والمصالحة دون تفريط أو مساس بوحدة مالي وسلامة أراضيها مع ضرورة التحرك بمنظور شامل، يتعامل مع الأبعاد المختلفة للأزمة ويعالج جذورها سياسيا وتنمويا وفكريا وأمنيا في الوقت الذي يراعي فيه حقوق الإنسان للمواطن المالي وحقوق الأجيال القادمة في التنمية والأمن والاستقرار.

وأكد على أهمية دعم جهود التنمية فى منطقة الساحل، بخاصة فى مالى، حيث إن الاستثمار فى التنمية هو الخيار الأجدى لتحقيق السلام والاستقرار الدائمين والحفاظ على موارد القارة وحماية شعوبها.

وقال الرئيس إن الأزمة الإنسانية الحادة التى تشهدها منطقة الساحل والصحراء، نتيجة لموجات الجفاف المتكررة وارتفاع معدلات الفقر والتهميش وضعف الخدمات الطبية والتعليمية، هى أوضاع تغذى أنشطة الجريمة المنظمة، بما فى ذلك الاتجار فى السلاح والمخدرات والبشر، وتساعد على انتشار العمل المسلح بما يفاقم المعاناة الإنسانية ويدفع بموجات اللاجئين والنازحين ويزيد من تدهور الأوضاع فى المنطقة.

وأضاف إلى أنه في هذا الإطار، تعمل مصر على إطلاق مبادرة فى إطار النيباد لمواجهة الجفاف وتحقيق الأمن الغذائي بدول تلك المنطقة وذلك إيماناً بأن الأمن الغذائي هو ركن أساسى من أركان الأمن الشامل للشعوب.

وقال إنه لا ينبغى أن تنتقص الأوضاع الصعبة فى بعض مناطق القارة من تقديرنا للدور المهم الذى يلعبه مجلس السلم والأمن الإفريقى ولمبادرته خلال الفترة الماضية فى قيادة جهود تسوية عدد من الأزمات المؤثرة فى إفريقيا ومن بينها السودان وجنوب السودان والكونغو الديمقراطية ومالى وغينيا بيساو وإفريقيا الوسطى.

وأضاف أن مصر حرصت، من خلال عضويتها فى المجلس، على أن توظف كامل إمكاناتها فى دعم تلك الجهود لتحقيق السلام والاستقرار.

وأشاد الرئيس مرسي بجهود كلا من الرئيس السوداني عمر البشير ورئيس جنوب السودان سيلفا كير على ما أبدياه من شجاعة وحكمة تجاه شعبيهما وشعوب القارة فى إحلال السلام والوفاق بين شعبين إفريقيين لا انفصام بينهما، وأضاف أنه ينبغي هنا التأكيد على المسؤولية التى تقع على عاتق جميع الأطرف إفريقياً ودولياً فى تقديم الدعم والمساندة، للسودان ولجنوب السودان، بما يهيئ الفرصة لتحقيق التعايش والتعاون بين دولتين تنعمان بالاستقرار والنمو.

وأضاف الرئيس أنه يطلع إلى بداية عهد جديد من السعي نحو تحقيق السلام والاستقرار فى الصومال، مع تولى الرئيس حسن شيخ محمود رئاسة جمهورية الصومال فى هذه المرحلة المهمة من تاريخه إيذاناً بنهاية الفترة الانتقالية، وأؤكد حرص مصر على تقديم كل الدعم والمساندة فى بناء مؤسسات الدولة وتأهيل القيادات فى مختلف المجالات، بما يتيح للصومال بسط سيطرته على كامل ترابه الوطني وتحقيق آمال شعبه فى الأمن والاستقرار والتنمية.

وأعرب عن تضامن مصر مع الأشقاء فى جمهورية الكونغو الديمقراطية، ومع الجهود الحكيمة والحثيثة التى تبذلها الحكومة الكونغولية لتحقيق الاستقرار فى شرق الكونغو الديمقراطية، وتؤكد فى هذا السياق استعدادها التام لتقديم الدعم والمساندة اللازمين لتحقيق هذه الغاية، وللحفاظ على وحدة الكونغو وسلامة أراضيها ودعم كافة الجهود الإقليمية للوصول إلى حل ناجز لهذه الأزمة.

وأشاد الرئيس بموقف القارة التاريخى فى التضامن مع الشعب الفلسطينى وسعيه لنيل حقوقه المشروعة، مشيرا إلى إن تصويت الغالبية الساحقة لدول القارة لصالح قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 29 نوفمبر 2012، والذى منح صفة الدولة المراقب غير العضو لفلسطين، يؤكد انحياز إفريقيا الدائم لمبادئ العدالة والقيم الإنسانية السامية مؤكدا أن مصر على يقين من استمرار هذا الموقف الإفريقي المُشرف المُساند لنضال الشعب الفلسطينى حتى يُتوج بإقامة دولته المستقلة ذات السيادة وعاصمتها القدس الشرقية.

الوطن

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى